بيروت – «القدس العربي»: تستمر الغارات الإسرائيلية المعادية على مختلف المناطق اللبنانية بعدما بلغت وسط بيروت للمرة الأولى وتحديداً منطقتي النويري ورأس النبع في محاولة لاستهداف مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا الذي نجا من الاغتيال حسب مصادر «الحزب» في وقت ارتفعت حصيلة الضحايا.
وكان لافتاً أمس تواصل بلينكن هاتفياً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وبحث الأوضاع الراهنة في لبنان بحسب الوكالة الوطنية اللبنانية للأنباء.
وفي وقت استمر التحرش الإسرائيلي بقوات «اليونيفيل» في الناقورة، فقد شهد الجنوب غارات جديدة طالت أطراف الزرارية والناقورة وقانا وعلما الشعب وطيرحرفا وعيتا الشعب وبلاط. كما استهدفت زبقين وحولا وبرج قلاويه ودير قانون النهر وشقرا وبيت ليف ومعروب وطيرفلسيه وعين بعال والبازورية بالتزامن مع قصف مدفعي طال اللبونة والشعيتية والجبين وأطراف برج قلاويه.
مقتل إسرائيليين… وشهداء في البقاع والجنوب… والحزب يستهدف قاعدة الدفاع الجوي في حيفا
وأدى العدوان على مبنى في بلدة جبشيت إلى استشهاد 4 مواطنين وإلحاق أضرار بعشرات المنازل المجاورة. كما أسفرت غارة على بلدة رشكنانيه في قضاء صور عن وقوع إصابات، فيما استشهدت سيدة في صور بعد غارة على منزلها.
وشن الطيران الحربي الاسرائيلي غارتين على بلدة الكرك التي كانت شهدت مجزرة قبل يوم واحد بسقوط 8 شهداء و18 جريحاً. وطالت الغارات بلدات بوداي حيث سقط 5 شهداء، الخضر، دورس، سهل النبي شيت، ضهور العيرون في سهل سرعين التحتا، ومنطقة الكيال في بعلبك وحوش السيد علي الحدودية بين الهرمل وسوريا.
في المقابل، أعلن حزب في سلسلة بيانات «ان مجاهدي المقاومة الاسلامية استهدفوا تجمعاً لجنود الجيش الإسرائيلي في ثكنة «يفتاح» ومحيطها برشقة صاروخية كبيرة، وتجمعاً آخر في مستعمرة «يعرا» و»تل شعر» مقابل رميش وتجهيزات فنية موضوعة على رافعة في موقع «العباد» بصاروخ موجه وحققوا إصابة مباشرة وتحدث إعلام عبري وجيش الاحتلال عن مقتل جنديين منه. كما استهدفوا تجمعات لجنود العدو الإسرائيلي في مستعمرة «كفرسولد» بصلية صاروخية كبيرة، وشنوا هجوماً جوياً بسرب من المسيرات الانقضاضية على قاعدة قيادة الدفاع الجوي في «كريات إيلعيزر» في حيفا.
نواب الحزب يتفقدون النويري ورأس النبع: لا وجود لأي قيادي في المنطقتين
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية عن تسجيل إطلاق نحو 30 صاروخ من لبنان وإصابة مباشرة لمبنى في المنطقة الصناعية في «كريات بياليك» في خليج حيفا نتيجة صواريخ من لبنان، كما أصيب شخصان بصاروخ مضاد للدروع في بلدة «يارؤون» في الجليل الأعلى، فيما سقطت صواريخ في منطقة «الكريوت» في خليج حيفا، بالتزامن مع دوي صفارات الانذار في «زرعيت» تحذيراً من سقوط صواريخ، وإغلاق شوارع رئيسية في شمال إسرائيل خشية عملية تسلل إلى عدد من البلدات.
ونفت العلاقات الإعلامية في «حزب الله» تأسيس قيادة جديدة لإدارة الحرب، وذكرت في بيان «نشرت وكالة «رويترز» تقريراً عما أسمته بالقيادة الجديدة للحرب البرية في «حزب الله» وعن تفاصيل متعلقة بطبيعة هذه الحرب وخططها وأسلحتها، إن هذا التقرير هو محض خيال كتّاب «رويترز» وصحافييها ومستشاريها الأمنيين ليس إلا، وبالتأكيد أن ما نسبته إلى قائد ميداني في «حزب الله» عار من الصحة جملة وتفصيلاً، وإن سياستنا كما بات معلوماً وقد يكون من الضروري التأكيد عليه مجدداً، أنه لا توجد مصادر في «حزب الله»، فضلاً عن مصدر قائد ميداني يقدم مثل هذه المعلومات الخطيرة المنسوبة إليه».
وفي المواقف، تفقد ثلاثة من نواب «حزب الله» ضم أمين شري وحسين الحاج حسن وحسن عز الدين منطقتي النويري ورأس النبع اللتين استهدفتا بغارة يوم الخميس وتقدموا بالتعازي من عائلات الشهداء، ووصف شري بيروت بأنها «مدينة المقاومة»، ونفى «وجود أي شخص قيادي من «حزب الله» في رأس النبع أو النويري أو أخذ الناس دروعاً بشرية»، متهماً «العدو باستهداف المدنيين انتقاماً لفشله على الحدود»، وأضاف «نحن نحزن ولكن لا ننكسر».
وقال النائب عز الدين «إن الميدان هو الذي يحسم المعركة، وحتى هذه اللحظة الجبهة قوية ومتماسكة وتحكمها القيادة والسيطرة من أعلى الهرم حتى أسفله»، مشيراً إلى «أننا وراء المقاومة وأولويتنا هي وقف العدوان على لبنان وفلسطين وبالتالي عندما يتوقف العدوان نستطيع أن نتحدث عن مفاوضات أو تسويات اذا أراد العدو أن تكون هناك مفاوضات، ولكنه يتمادى في عدوانه ظناً منه أنه يستطيع أن يحسم المعركة».
واعتبر الحاج حسن «أن العدو يتعمد استهداف المدنيين بهدف كسر إرادة المقاومة، ولكننا ازددنا عزيمة وإرادة وقوة ولم ترهبنا المجازر لا في قانا ولا في هذه المجازر، وقال «إن المقاومة رغم التضحيات الكبيرة مازالت مقتدرة والميدان يشهد على ذلك من خلال الصواريخ والمواجهات الميدانية».
وعما إذا كان «حزب الله» يفصل بين جبهة لبنان وغزة، أجاب النواب «أن بيانات المقاومة أكدت الإسناد على غزة، وعندما نقول إننا فوّضنا الرئيس نبيه بري فلنا ملء الثقة به وبرئيس الحكومة، وهذا الأمر لا يُناقش على الهواء». وأضافوا «فليتوقف العدوان وعندها لكل حادث حديث. نحن لا نُسأل عن الأمر لأننا ندافع ويجب سؤال من يهاجم».
على الخط الرسمي، تلقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاً من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، يصب في إطار التنسيق الحاصل والسعي الجدي لوقف اطلاق النار، وقال ميقاتي بعد ترؤسه جلسة مجلس الوزراء «وجدت من خلال الاتصال التضامن الكامل مع لبنان على الصعد كافة، وأنهم يسعون بكل جهد لاتمام وقف اطلاق النار. وهذا كان مطلبي، وعلى الاقل وقف قصف المدنيين وهذه الاضرار الحاصلة على المدنيين».
وأكد أنه «في كل المحافل الدولية والاجتماعات التي عقدناها مع موفدين رئاسيين ومسؤولين دوليين، قلنا إن لبنان ملتزم ومصرّ على تطبيق القرار 1701 بحذافيره، وأن على المجتمع الدولي ان يلزم العدو الاسرائيلي بالتقيد بمضمون القرار والالتزام به، تحقيقاً للأهداف التي من أجلها صدر هذا القرار».
وكشف «أننا اتخذنا في الجلسة القرار الآتي: الطلب من وزارة الخارجية والمغتربين تقديم طلب إلى مجلس الأمن الدولي ندعوه فيه إلى اتخاذ قرار بالوقف التام والفوري لإطلاق النار، مع التشديد على التزام الحكومة اللبنانية تنفيذ القرار رقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة لا سيما في شقه المتعلق بنشر الجيش في جنوب لبنان وتعزيز حضوره على الحدود اللبنانية بما من شأنه أن يضمن تنفيذ هذا القرار». ولفت إلى «أن هذا الموقف الذي نعلنه ليس مستجداً، بل اكدناه على منبر الجمعية العمومية للأمم المتحدة السنة الفائتة وأعلناه أيضاً منذ بدء حرب غزة والمواجهات في الجنوب. والقاصي والداني يعلم ان العدو الاسرائيلي هو الذي رفض التجاوب مع ما طرحناه في هذا الاتجاه».
وأضاف «رغم كل الجهود التي بذلناها عربياً ودولياً للحؤول دون وقوع المحظور تستمر الحرب الاسرائيلية على لبنان، وتتصاعد اغتيالاً وقتلاً وتدميراً وانتهاكاً جوياً لسيادتنا واجتياحاً برياً لأرضنا، وكأننا متروكون للقدر، وكأنه محرّم علينا ان ندافع عن حقنا وارضنا و كرامتنا»، معتبراً أن «ما يشهده العالم من تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية وتجاوز لكل الحدود والاخلاقيات، وما تخلفه يومياً من تدمير وما توقعه من شهداء وضحايا، يجعل لبنان كله ضحية للغطرسة الاسرائيلية التي لا ترتدع ولا تزال تنتهك سيادتنا على عيون العالم، مستقوية باللامبالاة العالمية وبالصمت المريب عن مجازرها الإبادية. كأن لبنان خارج أي حصانة مجتمعية وحماية إنسانية، وبعيداً عن منطق احترام القوانين والمواثيق الدولية وكرامة الإنسان وحق الشعب باسترجاع أرضه والحفاظ على حريته».
ورداً على سؤال عن إمكانية تطبيق القرار 1701 وموقف «حزب الله» منه، قال ميقاتي: «يبقى الحل الدبلوماسي مطروحاً على الطاولة من خلال القرار1701 الذي لا يزال صالحاً. و«حزب الله» موافق ايضاً، وهو شريك في هذه الحكومة، ووافق اليوم على هذا الموضوع ولا اعتقد انه يوجد أي تردد».
وأضاف: «أنا رئيس وزراء لبنان، ولا أتكلم باسم «حزب الله» مع احترامي له. أنا أتكلم باسم لبنان، وما يهمني هو سلامة بلدي، ووقف اراقة الدم والدمار».
وعما اذا كان لبنان لا يزال مرتبطاً بغزة، اجاب: «اولويتنا اليوم ألا نكون مع أحد او ضد أحد، أولويتنا هي السلامة والامن في بلدنا، وهذا ما نعمل عليه».
وعما اذا كانت الولايات المتحدة الامريكية تعتبر انتخاب رئيس للجمهورية شرطاً للوصول إلى وقف إطلاق النار، قال:»لقد أثار الوزير بلينكن هذا الموضوع، وقبل انتهاء المكالمة معي قال إن هناك أمراً واحداً بعد وهو ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية»، مشيراً إلى أنه «سيتصل بالرئيس بري لحثه على المضي قدماً بخطوته لانتخاب رئيس شرط ألا يكون رئيس تحد لأحد، بل رئيساً مقبولاً من جميع اللبنانيين، ويجمع ولا يفرّق».