بوادر على إنهاء الصدر مقاطعته العمل السياسي والإيعاز لاتباعه خوض انتخابات نوفمبر

مشرق ريسان
حجم الخط
0

تحركات الصدر الأخيرة تتزامن مع تضارب التصريحات السياسية بشأن إمكانية تعديل قانون الانتخابات المختلف عليه بالأساس، ففيما يرحب زعيم ائتلاف «دولة القانون» بالتعديل، يرفضه قادة سياسيون في «الإطار التنسيقي».

بغداد ـ «القدس العربي»: أبدى زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في الأيام القليلة الماضية، تواصلاً جديداً مع أتباعه وأعضاء جناح التيار السياسي، في خطوة من شأنها أن تُنهي عزلته التي دامت نحو ثلاثة أعوام، وتمهّد لمشاركة أتباع التيار في الانتخابات التشريعية المقبلة، المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
الصدر حثّ في خطبة الجمعة الماضية، أنصاره على تحديد من سيكون مرشحا لهم لخوض السباق الانتخابي.
وفي الخطبة المطولة التي ركّزت على أمور دينية، تطرق الصدر إلى الانتخابات بقوله: «الانتخابات السياسية تحتاج كثرة الأصوات»، فيما خاطب أتباعه قائلاً: «انتخابك من ليس أهلا للانتخاب سيوصلك للفقر والفساد، وانتخابك للصالح سينتج عليك الخير الوفير».
وليست هذه المرة الأولى التي يُبدي فيها الصدر «تواصلاً سياسياً»، إذ سبق أن أقام أيضاً، مأدبة إفطار لجميع نواب التيار الصدري في الدورات النيابية السابقة، بواقع أكثر من 200 نائب ينحدرون من كتل «الأحرار» و«سائرون» و«الصدرية» في منطقة الحنانة، محلّ إقامته في محافظة النجف.
وشارك الصدر الذي يتزعم «التيار الوطني الشيعي» أيضاً، نوابه مأدبة الإفطار وتحدث مع الحضور بموضوعات عامة من دون التطرق إلى الانتخابات، حسب مصادر.
في أواسط حزيران/يونيو 2022، وافق رئيس البرلمان العراقي المعزول، محمد الحلبوسي، على استقالة 73 نائباً يمثّلون «الكتلة الصدرية» في البرلمان، بناءً على توجيه الصدر لأعضاء كتلته بتقديم الاستقالات إلى رئاسة البرلمان، على خلفية الانسداد السياسي بتشكيل الحكومة حينها، قبل أن يقرر اعتزال العمل السياسي في 29 آب/أغسطس 2022.
غياب الصدر عن المشهد فتح الباب واسعاً أمام خصومه الشيعة، الذين استثمروا غيابه بتعزيز ثقلهم داخل المؤسسة التشريعية.
وكان زعيم التيار الصدري قد ألّف تحالفاً ثلاثياً «إنقاذ وطن»، ضمّ «الكتلة الصدرية» بزعامته، وتحالف «السيادة» بزعامة كل من الحلبوسي وخميس الخنجر وقتها، و«الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود البارزاني، شكّل 175 مقعداً من أصل 329 مقعداً في البرلمان، غير إن الاعتزال السياسي للصدر أسهم في فرط عقد التحالف.
وحسب السياسي السنّي، القيادي في تحالف «العزم»، حيدر الملا، فإن إيران تقف خلف تفكّك التحالف، وإنه فُسر «تحالفاً انقلابياً»، حسب تصريحات صحافية.
تحركات الصدر الأخيرة تتزامن مع تضارب التصريحات السياسية بشأن إمكانية تعديل قانون الانتخابات، المختلف عليه بالأساس، ففيما يرحب زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي بالتعديل، يرفضه قادة سياسيون في «الإطار التنسيقي» الشيعي، على حدّ وصف الملا.
الوزير العراقي السابق، زعيم تحالف «مستقبل العراق»، باقر الزبيدي، يعتبر التصريحات الداعمة لتعديل القانون الانتخابي، بأنها تضرّ العملية الديمقراطية، وتقف خلفها مصالح شخصية.
ويقول في بيان صحافي، إنه «مع كل دورة انتخابية نشهد حديثا عن تغيير قانون الانتخابات وطرح دائم حول الدوائر المغلقة والمفتوحة»، مبيناً أن «مثل هذه التصريحات مضرة بالعملية السياسية والديمقراطية بشكل كبير، والجميع بات يعلم أن من يطلقونها يبحثون عن مصلحة شخصية فقط دون أي اعتبار لمصلحة الوطن».
ورأى أن «البرلمان العراقي في 2023 أقر تعديل قانون الانتخابات، وهو التعديل الثالث والذي شمل انتخابات مجالس المحافظات والانتخابات النيابية»، معتبراً أن «هذا الإقرار يعني أن جميع الكتل توافقت داخل قبة البرلمان في وقتها وأقرت هذا القانون، ومحاولة تعديل القانون الآن هو التفاف على هذا الإجماع».
وأفاد بأن «محاولة تعديل قانون الانتخابات لا تتم بطريقة شفافة أو طريقة تشمل حوارات وجلسات، بل تتم عبر الغرف المغلقة المظلمة ذاتها التي قادتنا إلى الكثير من الأزمات وبأسلوب الوعود بالمكاسب»، معتبراً أن «الأجدر بمن يطرحون فكرة التعديل أن يجتمعوا بالقوى السياسية وتتم مناقشة أسباب التغيير ومدى فائدته للجميع».
ودعا الزبيدي جميع القوى الوطنية إلى أن «تدرك خطورة المرحلة الراهنة واختلافها عن السنوات السابقة، لأن الكثير من الدول الداعمة للعراق باتت لا تنظر بنفس النظرة إلى العملية السياسية، خصوصا مع كثرة التعديلات التي تطال القوانين التي يجب أن تكون ثابتة من أجل مصلحة الديمقراطية لا من أجل مصلحة فئوية أو حزبية».
ويتفق النائب مهند الخزرجي، مع رأي الزبيدي في أن تعديل قانون الانتخابات بشكل متكرر يؤدي إلى «إرباك العملية الديمقراطية» في البلاد، ويُضعف ثقة المواطنين بالنظام السياسي.
وذكر أن «القوانين الانتخابية يجب أن تكون راسخة ومستقرة، لا أن تخضع للمساومات السياسية أو تتغير وفقاً لمصالح أطراف معينة»، مشيرًا إلى أن «الاستقرار القانوني عنصر أساسي في تعزيز الديمقراطية وضمان نزاهة الانتخابات»، حسب تصريحات لمواقع إخبارية محلية.
وأضاف أن «القانون الحالي جاء بعد نقاشات موسعة واستند إلى مبادئ العدالة والتمثيل المتوازن لجميع شرائح المجتمع، وأي تعديل غير مدروس قد يؤدي إلى إقصاء فئات معينة أو خلق اختلالات سياسية تؤثر سلبًا على تماسك الدولة»، مشددًا على أن «المحافظة على القانون بصيغته الحالية يعزز التعددية السياسية ويحافظ على حقوق جميع المكونات دون تمييز».
وأوضح أن «بعض الدعوات لتعديل قانون الانتخابات تنطلق من مصالح حزبية ضيقة، حيث تسعى بعض الأطراف إلى تغيير قواعد اللعبة الانتخابية بما يخدم أجنداتها الخاصة»، مبينًا أن «الاستمرار في تعديل القانون قبل كل استحقاق انتخابي يؤدي إلى عدم استقرار المشهد السياسي ويعطل مسار الإصلاحات الحقيقية التي يحتاجها العراق».
وأكد الخزرجي أن «المرحلة الحالية تتطلب الحفاظ على قانون الانتخابات من دون تعديل لضمان استقرار العملية السياسية وحماية الإرادة الشعبية»، لافتًا إلى أن «الأولوية يجب أن تكون لترسيخ القواعد الديمقراطية وتعزيز مشاركة الناخبين، بدلاً من إدخال تغييرات غير مدروسة قد تضر بمستقبل البلاد».
وحسب بيانات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فإن عدد العراقيين الذين يحق لهم المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة بلغ أكثر من 28 مليون ناخب.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية