بين الصحافة والواقع… ما حقيقة بحثنا في سيرة السيسي؟

حجم الخط
1

يتفهم عامة المصريين “فقر المعلومات” الشديد الذي ابتلوا به حول ما يخص ماضي الجنرال عبد الفتاح السيسي، تمامًا مثلما يفهمون كيف أصيبوا به؟ فحكمهم (وما يزال) بالمدفع والرصاص والدبابة، فيما لا حول لهم ولا قوة أمام أسلحة مكره وخداعه وتباهيه بالمغالطات والبلطجة، وزجر كل مَنْ تسول له نفسه مراجعته، أو مجرد الاستفسار عمَّا يقول، على طريقة أبدع في التعبير عنها الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور في مسرحيته “مسافر ليل” خاصة في قوله: “ماذا أفعل؟ ماذا أفعل؟ فى يده خنجر وأنا مثلكم أعزل؟!”، لكن ما لا يمكن تفهمه أو هضمه فضلا عن استساغته ـ في هذا السياق ـ فهو اندفاع البعض في “القول” أنهم استطاعوا معرفة أكثر من المعلومات القليلة المتاحة عنه من مولده عام 1954م في حي الجمالية في “حارة اليهود” تحديدًا، وهي حارة متسعة مكانيًا بالمناسبة، على طريقة تشعب حارة الأديب الراحل نجيب محفوظ، إذ أنها ليست مسلكًا أو مسارًا واحدًا، وحارة اليهود باتساعها وتنوعها تضم ـ عمومًا ـ جميع الذين شاءت الأقدار أن يجيئوا للحياة أو ينشأوا فيها، بالإضافة عن معلومة عمل أبيه في التجارة.

الكلية الحربية الأمريكية

كتب صحافي مصري معروف مهاجر على مواقع للتواصل الأربعاء 13 من يوليو/ تموز الماضي أن موقعًا معروفًا خاصة بمعارضته الجنرال، حصل أحد محرريه على “خبطة صحافية” ثم وصف الموقع أنه “الجريدة رقم 1″، فإن بادر المتابع للكلمات بدخول الموقع (بغير الرابط المرفق مع التدوينة)، فسيجد الحوار المشار إليه في ركن في أسفله تحت اسم: “خاص”
تم إجراء حوار إذن مع “أستاذة السيسي في الكلية الحربية الأمريكية” الدكتورة شريفة زهور، حسب تعريف الموقع لها، الذي غفل عن وصف الكلية الرسمي بـ(العليا) فضلا عن تخرج السيسي بها عام 2006م؛ وبعيدًا عن إمكانية تحمل اللغة بشكل دقيق لكونه موقعا إلكترونيا فحسب يمكن أن يصبح “جريدة” وهل المقصود أنه جريدة على الفضاء الأزرق؟
وبعيدًا عن وصف الصحافي المادح للحوار بتدوينته؛ فإن لفظ “أستاذة السيسي” على إطلاقه يحتاج وقفة أشد من سابقيها، فلا يُعتقد أبدًا في صحة قصر تعليم السيسي في الكلية الحربية للجيش الأمريكي على زهور ذات الأصول العربية وحدها، كما يقطع عنوان الحوار، وكان من الأنسب في هذا السياق التعديل لـ”أستاذة للسيسي” لإشراك التعبير اللغوي الأخير غيرها من الأساتذة معها في تعليم الجنرال في الكلية، لا وصفها بـ”أستاذة السيسي” وكأنها وحدها التي علمته.
ثم هل يعتبر الحوار معها أتى بشيء جديد يضاف لما يعرفه المصريون من معلومات قليلة عن رجل كان من مهام عمله إدارة المخابرات الحربية أيام حكم المخلوع “حسني مبارك” ويعرف كيف يسبر أعماق وأغوار الآخرين، فيما لا يعرف عنه من معلومات إلا الرسمي وأقل القليل مما يقوله بنفسه؟
بالطبع لم تدرس زهور السيسي وحده في فرقته في مقر الكلية في بنسلفانيا، وإنما درست آخرين معه، ولم تكن إذ تفعل (سابقًا) ـ إذ انتقلت لعمل آخر الآن ـ تتفرس في وجوه طلبتها من كبار الضباط العسكريين بالإضافة لمدنيين من بلدان مختلفة، كما أن السيسي لم يكن مميزًا ليلفت الانتباه إليه، وكذلك لم يكن وزير الدفاع السابق صبحي صدقي الذي درست له السيدة من قبله، ولكن من المفهوم أننا يجب أن نرى صورتنا في عين الخبراء الغربيين ونترجمها لنعرف مقدار الهوة التي ترزح تحتها بلادنا عن مفهمومهم للديمقراطية والحرية وما إليهما، مما نحلم به ونتمناه لأنفسنا، ولكن ذلك يُشترطُ أن يكون مع “محايد” مهتم بوصف الواقع ومحاولة قراءته واستشراف الغد، فإن كانت الحيادية المطلقة مثالية فإن “محاولتها” جديرة باهتماماتنا؛ فماذا حينما تقول الأستاذة التي استضافها الموقع (ووُصِفت “الخطوة” أنها “خبطة وشغل تقيل”): (حسب نصه): أنها قدمت مؤخرًا طلبا رسميا لإجراء مقابلة مع السيسي، “لأنني اعتقدت أنه قد يكون من الجيد أن أكتب سيرة ذاتية عنه، ولم أرغب في فعل ذلك دون معلومات من شخص على قيد الحياة، لكنه رفض طلبي، وربما السبب هو التوقيت”

سيرة ذاتية

أي أن الضيفة المفترض حسب عناوين جزء الحوار الأول أنها سبرت أغوار وأعماق السيسي، ولو علميًا، هي نفسها تريد أن تكتب سيرة ذاتية عنه، وتعاني مثلنا من قلة المعلومات عنه، بعيدًا عن ثلاجة المياه الفارغة لـ10 سنوات، ورئيسه الذي وصفه بلفظ غير مناسب لأنه وضع دبوسًا في الممحاة (الأستيكة)، والصورة الهزلية التي يحب الجنرال رسمها لنفسه، وإن كانت في جزء منها صحيحة لكن هناك ما هو أكثر مخفيا عنه وعنها، لذلك أرادت السيدة كشف أغواره، ثم إن شغفها بدراسة سيرته الشخصية لا يخلو من إعجاب يتناقض مع الهدف الذي أجرى الموقع حواره معها (مع احترامنا له) ويبقى أن إخراج جزء الحوار الذي ذكرناه في العناوين الفرعية على هذا النحو: “قدمت مؤخرًا طلبًا رسميًا لإجراء مقابلة مع السيسي لكنه رفض طلبي” يدعو لمزيد من الأسئلة فالسيدة بررت الرفض باحتمال التوقيت، بما يعني أنها قد تعيد الطلب، عوضًا عن وجود أمل لديها في إجابته، فأين هذا من صياغة العنوان، بالإضافة لغيره من العناوين مما يقصر عنه المقام هنا؟

مسيرة الثورات العربية

إننا من أسف ما زلنا منذ نحو 9 سنوات ندور (بدرجات) في فلك أمنيات بتحقيق “نصر” ولو قليل، في أغلب مسيرة الثورات العربية الأخيرة، خاصة في مصر، مع مأساوية الأوضاع في الكنانة وتغلب السيسي بقدراته التي تبدو محبطة للآمال، ومع ذلك ما يزال ناجحًا في احتواء المشهد وإدارته، والمساهمة في تفريق مقاوميه السلميين وبعثرة مجهوداتهم، بل سابق خداعه مكونات الحياة السياسية قبل 3 يوليو/تموز 2013م، واستمرار اجتيازه المسيرة المؤسفة حتى اليوم لم تُعرف تفاصيلها، ولا كيفية إدارتها من جانبه ومن جانب داعميه كأفراد ودول حتى وصلنا لمصير؛ لعلنا لا نكون مبالغين إذا ما قلنا إنه بالغ الانحطاط لم تبلغه مصر من قبل، ثم بعد كل هذا يصف بعض مقاوميه السلميين أفعالًا لأصدقاء لهم، أو ربما أقل أو أكثر، بمبالغة شديدة، أو أقل أو أكثر، لكي نشعر أنفسنا أننا نفعل شيئًا أكثر وأفضل من بقائنا محلك سر (بدرجات) لسنوات مؤلمة لا يدري أحدنا نهاية لها، أو كيف يصفها التاريخ أو يصف مجمل أفعالنا فيها؟!

كاتب مصري

بين الصحافة والواقع… ما حقيقة بحثنا في سيرة السيسي؟
محمد ثابت

يتفهم عامة المصريين “فقر المعلومات” الشديد الذي ابتلوا به حول ما يخص ماضي الجنرال عبد الفتاح السيسي، تمامًا مثلما يفهمون كيف أصيبوا به؟ فحكمهم (وما يزال) بالمدفع والرصاص والدبابة، فيما لا حول لهم ولا قوة أمام أسلحة مكره وخداعه وتباهيه بالمغالطات والبلطجة، وزجر كل مَنْ تسول له نفسه مراجعته، أو مجرد الاستفسار عمَّا يقول، على طريقة أبدع في التعبير عنها الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور في مسرحيته “مسافر ليل” خاصة في قوله: “ماذا أفعل؟ ماذا أفعل؟ فى يده خنجر وأنا مثلكم أعزل؟!”، لكن ما لا يمكن تفهمه أو هضمه فضلا عن استساغته ـ في هذا السياق ـ فهو اندفاع البعض في “القول” أنهم استطاعوا معرفة أكثر من المعلومات القليلة المتاحة عنه من مولده عام 1954م في حي الجمالية في “حارة اليهود” تحديدًا، وهي حارة متسعة مكانيًا بالمناسبة، على طريقة تشعب حارة الأديب الراحل نجيب محفوظ، إذ أنها ليست مسلكًا أو مسارًا واحدًا، وحارة اليهود باتساعها وتنوعها تضم ـ عمومًا ـ جميع الذين شاءت الأقدار أن يجيئوا للحياة أو ينشأوا فيها، بالإضافة عن معلومة عمل أبيه في التجارة.

الكلية الحربية الأمريكية

كتب صحافي مصري معروف مهاجر على مواقع للتواصل الأربعاء 13 من يوليو/ تموز الماضي أن موقعًا معروفًا خاصة بمعارضته الجنرال، حصل أحد محرريه على “خبطة صحافية” ثم وصف الموقع أنه “الجريدة رقم 1″، فإن بادر المتابع للكلمات بدخول الموقع (بغير الرابط المرفق مع التدوينة)، فسيجد الحوار المشار إليه في ركن في أسفله تحت اسم: “خاص”
تم إجراء حوار إذن مع “أستاذة السيسي في الكلية الحربية الأمريكية” الدكتورة شريفة زهور، حسب تعريف الموقع لها، الذي غفل عن وصف الكلية الرسمي بـ(العليا) فضلا عن تخرج السيسي بها عام 2006م؛ وبعيدًا عن إمكانية تحمل اللغة بشكل دقيق لكونه موقعا إلكترونيا فحسب يمكن أن يصبح “جريدة” وهل المقصود أنه جريدة على الفضاء الأزرق؟
وبعيدًا عن وصف الصحافي المادح للحوار بتدوينته؛ فإن لفظ “أستاذة السيسي” على إطلاقه يحتاج وقفة أشد من سابقيها، فلا يُعتقد أبدًا في صحة قصر تعليم السيسي في الكلية الحربية للجيش الأمريكي على زهور ذات الأصول العربية وحدها، كما يقطع عنوان الحوار، وكان من الأنسب في هذا السياق التعديل لـ”أستاذة للسيسي” لإشراك التعبير اللغوي الأخير غيرها من الأساتذة معها في تعليم الجنرال في الكلية، لا وصفها بـ”أستاذة السيسي” وكأنها وحدها التي علمته.
ثم هل يعتبر الحوار معها أتى بشيء جديد يضاف لما يعرفه المصريون من معلومات قليلة عن رجل كان من مهام عمله إدارة المخابرات الحربية أيام حكم المخلوع “حسني مبارك” ويعرف كيف يسبر أعماق وأغوار الآخرين، فيما لا يعرف عنه من معلومات إلا الرسمي وأقل القليل مما يقوله بنفسه؟
بالطبع لم تدرس زهور السيسي وحده في فرقته في مقر الكلية في بنسلفانيا، وإنما درست آخرين معه، ولم تكن إذ تفعل (سابقًا) ـ إذ انتقلت لعمل آخر الآن ـ تتفرس في وجوه طلبتها من كبار الضباط العسكريين بالإضافة لمدنيين من بلدان مختلفة، كما أن السيسي لم يكن مميزًا ليلفت الانتباه إليه، وكذلك لم يكن وزير الدفاع السابق صبحي صدقي الذي درست له السيدة من قبله، ولكن من المفهوم أننا يجب أن نرى صورتنا في عين الخبراء الغربيين ونترجمها لنعرف مقدار الهوة التي ترزح تحتها بلادنا عن مفهمومهم للديمقراطية والحرية وما إليهما، مما نحلم به ونتمناه لأنفسنا، ولكن ذلك يُشترطُ أن يكون مع “محايد” مهتم بوصف الواقع ومحاولة قراءته واستشراف الغد، فإن كانت الحيادية المطلقة مثالية فإن “محاولتها” جديرة باهتماماتنا؛ فماذا حينما تقول الأستاذة التي استضافها الموقع (ووُصِفت “الخطوة” أنها “خبطة وشغل تقيل”): (حسب نصه): أنها قدمت مؤخرًا طلبا رسميا لإجراء مقابلة مع السيسي، “لأنني اعتقدت أنه قد يكون من الجيد أن أكتب سيرة ذاتية عنه، ولم أرغب في فعل ذلك دون معلومات من شخص على قيد الحياة، لكنه رفض طلبي، وربما السبب هو التوقيت”

سيرة ذاتية

أي أن الضيفة المفترض حسب عناوين جزء الحوار الأول أنها سبرت أغوار وأعماق السيسي، ولو علميًا، هي نفسها تريد أن تكتب سيرة ذاتية عنه، وتعاني مثلنا من قلة المعلومات عنه، بعيدًا عن ثلاجة المياه الفارغة لـ10 سنوات، ورئيسه الذي وصفه بلفظ غير مناسب لأنه وضع دبوسًا في الممحاة (الأستيكة)، والصورة الهزلية التي يحب الجنرال رسمها لنفسه، وإن كانت في جزء منها صحيحة لكن هناك ما هو أكثر مخفيا عنه وعنها، لذلك أرادت السيدة كشف أغواره، ثم إن شغفها بدراسة سيرته الشخصية لا يخلو من إعجاب يتناقض مع الهدف الذي أجرى الموقع حواره معها (مع احترامنا له) ويبقى أن إخراج جزء الحوار الذي ذكرناه في العناوين الفرعية على هذا النحو: “قدمت مؤخرًا طلبًا رسميًا لإجراء مقابلة مع السيسي لكنه رفض طلبي” يدعو لمزيد من الأسئلة فالسيدة بررت الرفض باحتمال التوقيت، بما يعني أنها قد تعيد الطلب، عوضًا عن وجود أمل لديها في إجابته، فأين هذا من صياغة العنوان، بالإضافة لغيره من العناوين مما يقصر عنه المقام هنا؟

مسيرة الثورات العربية

إننا من أسف ما زلنا منذ نحو 9 سنوات ندور (بدرجات) في فلك أمنيات بتحقيق “نصر” ولو قليل، في أغلب مسيرة الثورات العربية الأخيرة، خاصة في مصر، مع مأساوية الأوضاع في الكنانة وتغلب السيسي بقدراته التي تبدو محبطة للآمال، ومع ذلك ما يزال ناجحًا في احتواء المشهد وإدارته، والمساهمة في تفريق مقاوميه السلميين وبعثرة مجهوداتهم، بل سابق خداعه مكونات الحياة السياسية قبل 3 يوليو/تموز 2013م، واستمرار اجتيازه المسيرة المؤسفة حتى اليوم لم تُعرف تفاصيلها، ولا كيفية إدارتها من جانبه ومن جانب داعميه كأفراد ودول حتى وصلنا لمصير؛ لعلنا لا نكون مبالغين إذا ما قلنا إنه بالغ الانحطاط لم تبلغه مصر من قبل، ثم بعد كل هذا يصف بعض مقاوميه السلميين أفعالًا لأصدقاء لهم، أو ربما أقل أو أكثر، بمبالغة شديدة، أو أقل أو أكثر، لكي نشعر أنفسنا أننا نفعل شيئًا أكثر وأفضل من بقائنا محلك سر (بدرجات) لسنوات مؤلمة لا يدري أحدنا نهاية لها، أو كيف يصفها التاريخ أو يصف مجمل أفعالنا فيها؟!

كاتب مصري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول alaa:

    كل افعاله تدينه وقد فرض علي البلد ليدمرها ويسرقها ويهين شعبها وحسبنا الله ونعم الوكيل

اشترك في قائمتنا البريدية