بكل عنصرية وتقزز، رفض أنصار نادي حركة «بيتار» «تحالف الشباب الصهيوني» صفقة حمد بن خليفة آل نيهان، الذي اشترى50 في المئة من أسهم الفريق، فقد نشرت صحيفة «أوبزيرفر» تقريرا لمراسلها في القدس كشف فيه عن وجود حالة من الرفض داخل القطاع المتشدد من مشجعي نادي «بيتار» القدس ضد المالك الخليجي الجديد.
الأذرع السياسية
فريق نادي «بيتار» القدس يمثل حركة فكرية، لها أذرعها السياسية، وهذا الحركة تأسست سنة 1923 في شمال أوروبا، في دولة «لاتفيا» ومؤسسها الأول هو المتطرف الصهيوني زئيف جابوتنسكي، المرشد الروحي لنتنياهو، وأستاذ كل من مناحيم بيغن وإسحق شامير، أصحاب القلوب المتحجرة في مذابح دير ياسين، وأصحاب العصا الغليظة على ظهر العرب.
وللعلم، فإن اسم «بيتار» جاء اختصاراً للحروف العبرية الأولى «لحركة تحالف الشباب العبري» الحركة التي سعت إلى التطبيق العملي لمبادئ الفاشية الصهيونية، معتمدة على التكتيكات السياسية المدعومة بالعسكرية المتطرفة، مع توليفة من الأعمال الدعائية، لتحقيق أقصى حالة من القوة العسكرية، والوحدة الاجتماعية الهادفة إلى تأسيس الدولة اليهودية، وقد تجلى ذلك في شعار الحركة الذي يتضمن لوحة زرقاء، في منتصفها شمعدان سداسية الشكل، وأعلى الشمعدان لفظة «بيتار» بالعبرية، وأسفلها لفظة بيتار بالإنكليزية، ويردد النادي نشيده الوطني الذي يقول: «للنهر ضفتان، هذه لنا، وأيضاً تلك» يقصد شرق الأردن.
ضمن هذا المنطق الصهيوني المتطرف، فلا غرابة أن يهدد أنصار الفريق بمقاطعة التدريبات، وإقامة الاحتجاجات، خلال تدريبات الفريق، لقد تقززوا علانية من شراء أمير عربي 50 في المئة من أسهم النادي المعروف بكراهيته للعرب، وهذا التقزز هو التعبير العلني عن خزان الأحقاد والكراهية التي تربى عليهما أعضاء حركة بيتار، وفريقهم الذي يهتف قبل كل مباراة، بشعاره المحبب «الموت للعرب» فكيف يطالب الفريق بالموت للعرب، في الوقت الذي يمتلك نصف أسهم الفريق أمير عربي؟
قد يظن البعض أن الأمير العربي يهدف إلى محاربة العنصرية، ومهاجمة التطرف في عقر داره، واختراق الفريق من الداخل، ومن ثم التحول بالسياسة الإسرائيلية من معاداة الفلسطينيين إلى الاعتراف بحقوقهم السياسية والتاريخية، والتوقف عن محاصرة غزة، وكف يد المستوطنين اليهود عن نهب الأرض في الضفة، لذلك نشر حمد بن خليفة آل نهيان إعلاناً على موقع نادي بيتار، يقول فيه: إنه سيستثمر 70 مليون جنيه استرليني في النادي، على مدى العقد المقبل، فهل سينجح هذا المبلغ الضخم في شراء روح الفريق، وثنيه عن مبادئه وأطماعه؟ وتقديم صورة للعالم عن نجاح المسلمين واليهود في إنجاز أشياء جميلة معاً، تلهم الأجيال المقبلة، كما يزعم حمد آل نهيان؟
لم يتأخر الرد الصهيوني، فمجرد تنامي خبر الصفقة، تخلى الكثير من المشجعين عن النادي، وظهرت مجموعات متشددة داخل النادي ترفض الصفقة، وراحوا يكتبون شعارات بذيئة على جدران النادي ضد حمد بن خليفة، وضد العرب عموماً، وضد النبي محمد،، فكتبوا: القدس لليهود فقط، المال لا يشتري المبادئ» وكتبوا: :الهيكل لنا» و «بيتار طاهر إلى الأبد» وهذه ليست تعابير لفظية متطرفة، هذه أيدولوجية الفريق؛ الذي تأسس على احتقار العرب كافة، لذلك يجيء رفض وجود حمد بن آل نهيان شريكاً في النادي، من منطلق رفض الوجود العربي نفسه على الأرض الفلسطينية، التي يعتبرها شباب النادي أرضاً يهودية خالصة.
معاندة الحقائق
كل هذا الحقد الصهيوني على العرب، وكل هذا الاحتقار العلني للشعوب العربية ولتاريخهم ولمعتقدهم، لم تردع بعض قادة العرب الذين عشقوا العلاقة مع الإسرائيليين، ولما يزل يراهنون على نجاح مشروع السلام من خلال الصداقة، والمبايعة بلا شروط، والترويج للتطبيع، والتسليم أن حل القضية الفلسطينية لا يمر إلا من بوابة حسن الجوار مع العرب، وسعة الحوار مع الإسرائيليين، وهذا ما شجع حمد آل نهيان ليعاند الحقائق، فيدّعي أن نادي بيتار القدس مفتوح على كل المواهب، ومن كل الأديان والأعراق، متجاهلاً الواقع الذي فضح احتقار شباب النادي لأحد لاعبي كرة قدم من نيجيريا، غير مسلم، ولكن اسمه محمد، حاول أن ينضم إلى النادي عام 2004، فتعرض للاحتقار، وللتحرشات العنصرية، لأن اسمه محمد فقط، فترك النادي، ولاذ بالفرار، ولمزيد من التأريخ، فقد وقع النادي قبل سنوات عقدا مع لاعبيْن مسلمين من الشيشان، فكانت النتيجة أن تعرضا للشتائم وهما وسط الملعب، وقام المتطرفون بحرق مكاتب النادي، فاضطر اللاعبان إلى النجاة بنفسيهما.
«نادي بيتار» هو النادي الوحيد من نوادي الدرجة الأولى في إسرائيل، الذي لم ينضم إليه أي لاعب عربي، وقد اشتبك جمهور نادي بيتار مع جمهور نادي «أبناء سخنين» العربي في مباراة كأس الدوري الأوروبي، حين هتف مشجعو «بيتار»: «الموت للعرب» فرد عليهم مشجعو الفريق العربي: «بالروح بالدم نفديك يا أقصى» لينتهي الأمر إلى اشتباكات بين الجمهورين، أصيب فيها بعض المشجعين، وقد تكررت الاشتباكات في عام 2013 حين أحرق مشجعو فريق «بيتار» القرآن الكريم، وأساؤوا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم خلال مباراة مع فريق «أبناء سخنين» وفي عام 2016 بث التلفزيون الإسرائيلي تقريراً مصوراً لمشجعي فريق بيتار القدس داخل الملعب، وكانوا يهتفون: «محمد مات محمد مات، وخلّف بنات» ووجهوا إساءات للعرب والدين الإسلامي.
لا أظن أن الأمير العربي الذي اشترى نصف أسهم النادي كان يجهل تلك الحقائق، ولا أظن أنه أقدم على تلك الخطوة دون استشارة ولي العهد محمد بن زايد، وحصل على موافقته لتنفيذ الصفقة، التي تعبر بشكل عام عن سياسة دولة الإمارات، في سعيها لأن يكون لها رصيد لدى أوساط اليمين المتطرف، فالإمارات لا يهمها تحقيق الربح المالي من خلال شراء نصف أسهم في نادي، وإنما تسعى إلى بناء رأسمال سياسي مع الحليف الجديد، مع زعماء إسرائيل، ومع داعميهم في واشنطن، ولاسيما أن داعمي النادي العنصري المتطرف، هم من أعضاء النخبة السياسية، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والرئيس الإسرائيلي الحالي رؤوفين ريفلين، الذي شغل قبل ذلك منصب مدير نادي بيتار.
كاتب فلسطيني
لماذا لا يتم دعم الفرق الفلسطينية؟ ولا حول ولا قوة الا بالله