تحرك برلماني في مصر لوقف بيع بنك القاهرة إلى مستثمرين إماراتيين

تامر هنداوي
حجم الخط
1

القاهرةـ “القدس العربي”:

وصلت أزمة بيع بنك القاهرة ثالث أكبر البنوك المصرية الحكومية إلى مستثمرين إماراتيين أروقة البرلمان.

وتقدمت عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، مها عبد الناصر، ببيان عاجل للحكومة بشأن أبعاد وملابسات استحواذ بنك الإمارات دبي الوطني على بنك القاهرة.

وقالت مها عبد الناصر إن الجميع تابع خلال الأيام الماضية الإجراءات الاستباقية التي قام بها البنك المركزي، والمتمثلة في منح الموافقة لصالح بنك الإمارات دبي الوطني لبدء الفحص النافي للجهالة، تمهيدا للاستحواذ على بنك القاهرة بمبلغ يقارب مليار دولار.

وأضافت: يأتي ذلك رغم تحقيق البنك أرباحا كبيرة ومعدلات نمو مرتفعة، كان آخرها خلال العام المالي 2024، ما يستدعي التوقف عند العديد من النقاط الجوهرية المتعلقة بهذه الصفقة، وأسس تقييم البنك، ومدى توافق هذه الخطوة مع المصالح الاقتصادية لمصر.

وأكدت النائبة أن البيانات المالية أظهرت تحقيق بنك القاهرة أرباحا صافية بلغت 12.4 مليار جنيه خلال العام المالي 2024، بنسبة نمو 86 في المئة مقارنة بعام 2023، كما ارتفعت أرباحه خلال الربع الثالث وحده بنسبة 90 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، ليحقق 8.6 مليار جنيه، فضلا عن زيادة الإيرادات التشغيلية بنسبة 56 في المئة.

ولفتت عضو مجلس النواب إلى أن هذه الأرقام تعكس أداء ماليًا قويا للبنك، ما يثير التساؤلات حول أسباب اتخاذ قرار بيعه بهذه القيمة التي تبدو بعيدة عن قيمته الفعلية.

وبينت، أن البنك قادر على تحقيق أرباح تتجاوز 12 مليار جنيه في عام واحد، ما يعني أنه قادر على جمع مبلغ الصفقة خلال فترة وجيزة، ما يطرح تساؤلا منطقيا حول الجدوى الاقتصادية من التخلي عن هذا الكيان المصرفي الناجح.

وأضافت أن القرارات المتعلقة ببيع المؤسسات العامة، لا سيما المؤسسات المصرفية الناجحة، يجب أن تستند إلى أسس اقتصادية شفافة وواضحة تضمن تحقيق أقصى منفعة للدولة المصرية.

وزادت: “في حالة بنك القاهرة نجد أنفسنا أمام سيناريو غير واضح المعالم، فلا نعلم كيف تم تحديد السعر المعلن عنه للبيع، ولا الجهة التي قامت بالتقييم، ولا الأسس التي استندت إليها هذه التقييمات”.

ووجهت النائبة أسئلة للحكومة: هل خضعت هذه الصفقة لدراسات اقتصادية دقيقة؟ وهل تمت مقارنة بنك القاهرة بمؤسسات مصرفية مشابهة في السوقين المحلي والإقليمي لتحديد سعره العادل؟ ولماذا لم يُطرح البنك في البورصة المصرية، بحيث يكون للمواطنين والمستثمرين المحليين الحق في امتلاك أسهمه بدلا من بيعه مباشرة لمستثمر أجنبي.

وأكدت أن تجربة بيع الأصول العامة لصالح مستثمرين أجانب تحتاج إلى مراجعة دقيقة قبل اتخاذ أي قرار مماثل، خاصة أن التجارب السابقة أظهرت أن بعض هذه الصفقات لم تحقق العوائد المرجوة للدولة، بل أدت أحيانا إلى نتائج سلبية على المدى الطويل.

وشددت على أن البرلمان والشعب المصري لهما كامل الحق في معرفة تفاصيل هذه الصفقة وأسبابها وجدواها الاقتصادية، متسائلة: لماذا تم اختيار البيع كخيار أساسي بدلًا من زيادة رأسمال البنك عبر طرح أسهمه في البورصة؟ وكيف تم تحديد المشتري؟ ولماذا لم يتم فتح المجال لمستثمرين آخرين؟ وهل هناك ضمانات فعلية تضمن استمرار البنك في أداء دوره التنموي والوطني بعد بيعه؟.

وأكدت أن الحفاظ على المؤسسات الوطنية الكبرى وتعزيز دورها في الاقتصاد يجب أن يكون من أهم الركائز التي تستند إليها سياسات الحكومة، لا سيما في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها الدولة المصرية. وإذا كانت هناك مبررات منطقية لبيع بنك القاهرة، فمن واجب الحكومة توضيحها للرأي العام، وألا يتم اتخاذ هذا القرار في غياب الشفافية والمحاسبة، فنحن لا نرفض بالضرورة فكرة جذب الاستثمارات أو الشراكات التي قد تسهم في تطوير المؤسسات الوطنية، لكن يجب أن تكون هذه القرارات مبنية على دراسات واضحة تثبت أنها تحقق الفائدة الفعلية لمصر أولا قبل المستثمرين.

وطالبت البرلمانية المصرية الحكومة بوقف إتمام هذه الصفقة حتى يتم تقديم مبررات واضحة حول أسبابها وجدواها، ومناقشتها بشكل موسع داخل البرلمان، مع ضمان وجود رقابة صارمة على أي عملية تخصيص لأصول الدولة، بما يحقق أقصى منفعة للاقتصاد المصري.

ودعت إلى فتح حوار جاد حول سياسات إدارة الأصول العامة، والتأكد من أن جميع القرارات المتخذة في هذا الإطار تراعي مصلحة الشعب المصري، وليس فقط في إطار سياسات قصيرة المدى لا تأخذ بعين الاعتبار الآثار الاقتصادية بعيدة المدى.

وتواصل الحكومة المصرية عمليات بيع الأصول تنفيذا للشروط التي فرضها صندوق النقد الدولي، مقابل منحها حزمة دعم مالي، لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.

وتشهد مصر أزمة اقتصادية، زادت حدتها خلال العام الماضي، ولجأت الحكومة خلال الأعوام الماضية للاقتراض 4 مرات من صندوق النقد الدولي، وكانت قد حصلت سابقا على قرض قيمته 12 مليار دولار من الصندوق بموجب اتفاق تم توقيعه نهاية 2016، وقرضين آخرين في 2020 بقيمة 5.4 مليارات دولار لتطبيق برنامج اقتصادي، و2.8 مليار دولار لمواجهة وباء كوفيد ـ 19.

وترفض أحزاب المعارضة سياسة الاقتراض وبيع الأصول التي تنتهجها الحكومة المصرية، وتعتبرها سببا في الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، التي أدت إلى انهيار الجنيه إلى مستويات غير مسبوقة، ودفعت إلى موجات متتالية من ارتفاع الأسعار خاصة السلع الغذائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابو سلامه:

    النظام المصري يلجأ لعمليات بيع الاصول للاقتصاد المصري لعجزه عن التخطيط لأي نمو اقتصادي حقيقي مع المحافظه على امتيازات الجيش الاقتصاديه . البرلمان المصري لا ولم يستطع يوماً التأثير على القرار الرئآسي المصري

اشترك في قائمتنا البريدية