تحليلات لزيارة الغزواني المفاجئة للمغرب واستقراءات لتاريخ ومستقبل العلاقات ودعوات لاحترام سيادة موريتانيا في علاقاتها الخارجية

عبد الله مولود
حجم الخط
0

نواكشوط – «القدس العربي»: تحولت زيارة الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، التي عاد منها أمس الأحد إلى نواكشوط، من معايدة لحرمه النائمة في أحد المصحات المغربية، إلى زيارة ذات طابع رسمي قابله خلالها الملك محمد السادس، وخصصت له البروتوكولات المغربية المعروفة. غير أن هذه الزيارة التي جاءت بعد سنوات عدة لم يحدث فيها تبادل للزيارات بين البلدين على مستوى القمة، أسالت حبراً كثيراً، حيث انشغل بها وبتحليلها ساسة ومدونو موريتانيا، شأنهم شأن الإعلام المغربي الذي أحاطها بهالة كبيرة، بعكس الإعلام الرسمي الموريتاني الذي أبقاها في حدودها الخاصة.
وفيها فضل المكتب الإعلامي للرئاسة الموريتانية أسلوب التعميم في بيانه الخاص باللقاء الذي جرى بين الرئيس الغزواني والملك محمد السادس، حيث أكد أنه “تناول العلاقات الأخوية بين الشعبين والبلدين الشقيقين وقائديهما؛ وأنه كان فرصة لاستعراض سبل تعزيز هذه العلاقات من خلال مشاريع جديدة تعزز التبادل والتكامل بين البلدين؛ اتجه بيان الديوان الملكي المغربي للتفصيل حيث ذكر “أن الملك محمد السادس والرئيس الغزواني أكدا حرصهما على تطوير مشاريع استراتيجية للربط بين البلدين الجارين، وكذا تنسيق مساهمتهما في إطار المبادرات الملكية بإفريقيا، خاصة أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي”.
وفي جانب التحليلات التي أثارتها الزيارة وبخاصة وضعها على ميزان مقارنات تأرجح موريتانيا في علاقاتها مع جارتيها المتنافستين، أكد المحلل السياسي والإعلامي محمد محمود بكار “أنه من الصعب تفهم اللغط الكثير الذي يثار حول العلاقات الموريتانية المغربية بشكل دائم وبوتيرة متصاعدة عقب أي تقارب جزائري موريتاني، وكأنه على حساب المغرب أو لعله في ضوء تسمم الذهنية العامة لمسيري الصحافة المغربية من أحداث الماضي”.
كما أعاد في تحليل له مطول استقراءه لماضي العلاقات الموريتانية المغربية منذ دولة المرابطين التي أسست مراكش وتوسعت إلى الأندلس، إلى مطالبة المغرب بموريتانيا، التي أخرت اعتراف جامعة الدول العربية بها إلى سنة 1973، إلى حرب الصحراء وما تلاها من تطورات جعلت موريتانيا تتبنى الحياد الإيجابي من قضية الصحراء الذي لا يعجب الدولتين الجزائر والمغرب. وقال: “وفيما تفهمت الجزائر، يضيف الكاتب، مقاربة موريتانيا الحيادية هذه على أنها خيار استراتيجي لديها في هذا الصراع غير قابل للنقاش ولا للتنازل، ما زال المغرب، وخاصة نخبته الإعلامية، حبيساً في تلك الرؤية، لا يريد أن تكون لموريتانيا رؤيتها الخاصة والمستقلة من قضية الصحراء”.
وقال: “دون أي استقلالية في الرؤية، ظلت المغرب تقيّم علاقاتها بموريتانيا على خلفية التقارب بين موريتانيا والجزائر وموقفها من قضية الصحراء؛ وهكذا لا يتوقع أحد أن يتضمن اللقاء بين الملك المغربي والرئيس الموريتاني شيئاً جديداً أكثر من هذين الملفين”.
وقال “إن لقاء القادة في هذا الظرف بالذات وبعيداً عن بروتوكولات الزيارات المشحون عادة بالملفات المتنوعة أو المعدة مسبقاً، سيعطيهما فرصة لنقاش الأمور الأكثر دقة والأهم بصورة صريحة؛ والأهم من كل ذلك أن الملك محمد السادس سيكتشف أبعاداً مهمة في شخصية ولد الغزواني الذي لم يسبق أن حصل على لقائه بشكل متسع، سيكتشف البعد الأخلاقي والأمني للرجل، والقدرة على التحليل، ووضوح الرؤية والانفتاح ربما كانت غائبة في تقييمه أو مشوبة بتسمم التعاطي مع موريتانيا خلال الفترة الماضية بكل تأكيد”. وزاد: “لقد حان الوقت لطي صفحة معيقة ومشوشة للتكامل بين موريتانيا والمغرب البلدين والشعبين الشقيقين”. أما النائب البرلماني المعارض محمد الأمين ولد سيدي مولود فقد كتب عن لقاء الغزواني ومحمد السادس قائلاً: “يجب أن نُفهِمَ الإخوة المغاربة والجزائريين وبعض نخبتنا هنا، أن علاقتنا بهم كأشقاء لا يمكن أن تكون ارتهاناً لأي منهما ضد الآخر، وأننا حريصون على العلاقة معهم جميعاً لصالحنا وصالحهم، ولا ينبغي أن تكون أي زيارة أو اتصال بيننا وأي منهم سبباً للهجوم على بلادنا ولا لصناعة توتر بيني”. وتحدث الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني سلطان البان “عن حيرة المتابع للشأن الوطني أمام طابع زيارة الرئيس غزواني للمغرب فقد وسمها موقع الرئاسة أولاً بأنها زيارة خاصة وأنه تناول فيها مع جلالة الملك مجموعة من القضايا من بينها تعزيز علاقات التعاون المشترك ثم حذف الخبر واستبدل ببيان يوضح أنها كانت زيارة سلام وعيادة”.
وقال: “الدبلوماسية الموريتانية المرتبكة لا تريد أن تغضب الجزائر فهي تحاول التكتم على الزيارة وإظهارها في ثوب اجتماعي خاص في حين أن التكهنات تقول إن محاولة التعتيم والتبسيط تعني أن وراء الأكمة ما وراءها؛ فكما هو معروف في الإعلام فإن نفي الخبر لا يعدو كونه خبراً ثانياً قد يؤكد الخبر الأول”. وتوقف سلطان البان أمام مبادرة الأطلسي المغربية القائمة على تمكين دول الساحل الحبيسة من الوصول إلى المحيط الأطلسي، فأكد “أنها محاولة لتهميش دور الجزائر الإقليمي، الذي قد يتراجع، حسب المحلل، إذا نجح المغرب في بناء تحالف أطلسي قوي بزعامته”. “إن قبول الملك محمد السادس استقبال الرئيس الغزواني في الظرف الحالي بعد عزوف طويل عن ذلك، يضيف المحلل سلطان البان، يعتبر قبولاً موريتانياً ضمنّياً للدخول في دول الساحل الإفريقي المنضوية تحت مبادرة الأطلسي التي تقودها المغرب؛ وإذا لم يكن الأمر كذلك فما الذي يفسر عدم زيارة غزواني للمغرب وهو الماد يده للجميع ومستعد لحضور كل شيء؛ وما الذي يمنعه من زيارة المغرب إن لم يكن اشتراط المغرب انضمامه لمبادرة الأطلسي؟”.
وفي مقال تحليلي آخر للزيارة، أكد سيدي محمد، المشهور بـإكس ولد أكرك، أبرز مدون موريتاني “أن العلاقات الجزائرية الموريتانية شهدت تطوراً كبيراً في ظل رئاسة الغزواني، حيث زار الغزواني الجزائر وزار تبون نواكشوط أكثر من مرة؛ لكن على الجانب الآخر شهدت العلاقات مع المغرب فتوراً ملحوظاً، فنواكشوط تجد على الرباط استهدافها المتكرر بالمسيرات للمنقبين الموريتانيين؛ وفي المقابل تنظر الرباط بعين الريبة للتقارب الموريتاني الجزائري وترى أنه قد يكون على حساب قضية الصحراء”.
وزاد: “شعر غزواني بالحرج إزاء جار وحليف استراتيجي هو المغرب، فبادر مباشرة بالطيران إلى المغرب وهو ما يزال يسمع قرع نعال تبون مغادراً نواكشوط، جاعلاً السبب “عملية السيدة الأولى” التي لديها مشاكل في القلب لكن ملفها الصحي بيد الألمان، فلماذا الرباط؟”. “تم ذلك، يضيف الكاتب، لتبرير سرعة زيارة غزواني للرباط لإذابة جليد يتراكم يوشك أن يصبح جبلاً؛ ومما يعبر عن أهمية الزيارة استقبال الملك رغم حالته الصحية لغزواني ورغم الطابع غير الرسمي للزيارة؛ وفي هذا المشهد يواصل غزواني تقليب كفيه في التخير بين جارين لدودين”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية