لندن: في السابع من أيار/مايو الجاري، تم تنصيب فلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لولاية خامسة. وأقيمت المراسم في سياق مختلف تماماً عن مراسم التنصيب السابقة، مع استمرار الحرب وتهديد الجيش باستخدام سلاحه النووي.
وقال المحللان نيكولاي بيتروف، الزميل الاستشاري في برنامج روسيا وأوراسيا والدكتور بين نوبل، وهو زميل مشارك في نفس البرنامج بمعهد تشاتام هاوس البريطاني (المعهد الملكي للشؤون الدولية)، إن فريق نافالني وبرويكت (وهو موقع روسي مستقل للصحافة الاستقصائية) عَرَضَ لقطات جديدة لقصر بوتين على البحر الأسود، لتتزامن مع الحدث، إلا أن تأثيرها سيكون ضعيفاً. ومع تدمير شبكتهم، ومقتل نافالني، واستمرار الحرب في أوكرانيا، فقدت تحقيقات مكافحة الفساد فعاليتها منذ فترة طويلة.
لقد ظهر بوتين كقيصر أكثر من أي وقت مضى. ولكن هناك فرقاً كبيراً: القياصرة كانت لديهم خطط واضحة للخلافة، إلا أن بوتين ليس لديه مثل هذه الخطة
وأوضح المحللان، في تقرير نشره معهد تشاتام هاوس، أنه عند مشاهدة مراسم التنصيب، حيث كان بوتين محاطاً بنفس الوجوه القديمة في الفخامة الرائعة لقاعات الكرملين، بدا أن الزمن قد توقف.
لقد ظهر بوتين كقيصر أكثر من أي وقت مضى. ولكن هناك فرقاً كبيراً: القياصرة كانت لديهم خطط واضحة للخلافة، إلا أن بوتين ليس لديه مثل هذه الخطة.
ويقوم نفس الرؤساء الروس- أصحاب الوجوه القديمة بتعيين حكومات جديدة في بداية ولاياتهم الرئاسية- بما في ذلك رئيس وزراء جديد. ولم يكن الأمر مفاجئاً أن نرى بوتين يعيد تعيين ميخائيل ميشوستين في منصب رئيس الوزراء.
ورأى المحللان أن ميشوستين وفريقه كانوا فعالين للغاية بالنسبة لبوتين، خاصة في وقت الحرب. وأيضاً، الدائرة السياسية لم تنته بهد، ومن المنطقي أن يستمر ميشوستين لينهي المهام التي يمكن أن تعتبر بمثابة انتصارات له وللرئيس. ومع ذلك، لم تكن إعادة تعيينه أمراً مؤكداً، حيث إن الكرملين غالباً ما يضع الأولوية للسيطرة وتغيير رؤساء الحكومات والإدارة الرئاسية بشكل دوري.
وقال المحللان بيتروف ونوبل إن ميشوستين وسّع نفوذه بشكل كبير خلال الأربعة أعوام التي قضاها في المنصب، وربما كان من المنطقي أن ينقله الكرملين إلى منصب آخر لمنعه من أن يصبح قوياً أكثر مما ينبغي. ولكن الآن، وبعد أن تمت إعادة تعيينه، ستحتاج إدارة بوتين لاستخدام آليات أخرى للحفاظ على السيطرة عليه.
وربما كان الإبقاء على ميشوستين هو الخيار الأسهل على الأرجح. وفي هذا السياق، فإن هذا دليل على أن نموذج بوتين الأوسع لاتخاذ القرارات بشأن العاملين معه قد توقف عن العمل، خاصة في أعقاب الغزو الشامل لأوكرانيا.
وغالباً ما يختار بوتين الإبقاء على المسؤولين الذين يتولون المناصب بالفعل، أو يعتمد على معارف من كبار السن لشغل المناصب العليا. على سبيل المثال، تم تعيين زميلة بوتين في الدراسة، إيرينا بودنوسوفا (70 عاماً) لتحلّ محل رئيس المحكمة العليا فياتشيسلاف ليبيديف (80 عاماً)، والذي توفي وهو ما زال في منصبه.
وفي حالات أخرى، لا يتحرك الكرملين على الإطلاق: حيث لا يزال منصب رئيس مجلس الحسابات شاغراً منذ أكثر من عام ونصف العام، ويتولى المنصب قائم بأعمال الرئيس، منذ نهاية عام 2022 .
ويرى المحللان أن قضية العاملين الأكثر أهمية- في ما يتعلق بخليفة بوتين- ما زالت قائمة. ويمكن أن يكون لقاء الرئيس مؤخراً مع أليكسي ديومين، وهو حارس خاص سابق يشار إليه غالباً كخليفة محتمل، أمراً مهماً. ولا يكشف الكرملين بشكل علني عن كل لقاءات الرئيس بوتين، لذلك من الواضح أن الإعلان عن اللقاء كان بمثابة إشارة على الدور المركزي لديومين.
وكان يعتقد أن ديومين ربما يحل محل سيرجي شويغو كوزير للدفاع، إلا أن اعتقال عضو مهم في فريق شويغو مؤخراً، وهو نائب الوزير تيمور إيفانوف، أشار إلى أن فريق شويغو يتعرض لهجوم.
وعلى الرغم من أن ديومين ليس رجلاً عسكرياً، فقد خدم كنائب لوزير الدفاع لفترة قصيرة، وهو حالياً يحمل رتبة جنرال. بالإضافة إلى ذلك، فإنه، منذ عام 2016، يشغل منصب حاكم منطقة تولا، وهي واحدة من المراكز الرئيسية للمجمع الصناعي العسكري.
إن إقالة وزير الدفاع الروسي شويغو، وتعيين أندريه بيلوسوف، النائب الأول لرئيس الوزراء المنتهية ولايته، والمستشار الاقتصادي لبوتين منذ فترة طويلة في منصبه، لن يغير أي شيء، نظراً لأن بيلوسوف، مثل شويغو، ليس له خلفية عسكرية. وهذا يجعل من السهل بالنسبة للكرملين أن يسيطر عليهما. وفي الوقت نفسه، يظهر تعيين بيلوسوف كوزير للدفاع الأهمية التي يوليها بوتين للكفاءة الاقتصادية في المجهود الحربي. وسيفسح تعيينه المجال لشخصيات مثل فاليري جيراسيموف، رئيس هيئة الأركان العامة، لزيادة نفوذها. فمن ناحية أخرى، تظل المرحلة التالية من مستقبل ديومين غير واضحة. وأكد المحللان بيتروف ونوبل أن ولاية بوتين المقبلة ستظهر ما إذا كان النظام الذي بناه يمكن أن يستمر ويتطور، معه أو بدونه.
بحلول الانتخابات الرئاسية المقبلة، سيكون بوتين في الـ77 من عمره. وقد بدأ بالفعل المسؤولون من جيله في الاختفاء من المشهد، ولم يعد أمام الرئيس أحد ليحل محلهم
وبحلول الانتخابات الرئاسية المقبلة، سيكون بوتين في الـ77 من عمره. وقد بدأ بالفعل المسؤولون من جيله في الاختفاء من المشهد، ولم يعد أمام الرئيس أحد ليحل محلهم، باستثناء الشخصيات المقربة منه وأبناء رجال الحاشية الموثوق بهم.
في الوقت نفسه، يعمل نظام آخر على مستوى أدنى نظام تكنوقراط وأكثر حداثة ومؤسسي. والشخصيات الرئيسية في هذا النظام هم أشخاص مثل ميشوستين وسيرجي كيريينكو، النائب الأول لكبير موظفي الإدارة الرئاسية.
ومن المنتظر أن تظهر هذه الولاية الرئاسية المقبلة ما إذا كان بوتين قادراً وراغباً في السماح للنظام بالانتقال من نموذجه الأكثر شخصنة إلى هذا النموذج الثاني الأحدث. إن الأعوام الستة المقبلة ستظهر ما إذا كان بوتين مستعداً للسماح لأشخاص تكنوقراط خارج دائرته الشخصية بتحمل المسؤولية في النظام الذي أسسه.
وفي ما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، فإن بوتين غير مهتم بإنهائها في أي وقت قريب. إلا أنه لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، بسبب الموارد المحدودة، البشرية والعسكرية التكنولوجية. هذه القيود تمنح بوتين نحو عام ونصف العام لخفض شدة الحرب ونقل المواجهة مع الغرب إلى صيغة أقل إرهاقاً لروسيا.
واختتم المحللان تقريرهما بالقول إنه من السهل بالنسبة للكرملين أن يصمّم حفل تنصيب رائعاً، إلا أن التعامل مع تداعيات الحرب، وكذلك خلافة رئيس عازم على سحق المعارضة، والمهام العديدة الأخرى التي تحتاج إلى التصدي لها خلال الفترة الرئاسية المقبلة، هي أمور مختلفة تماماً.
(د ب أ)
مضمون التقرير بآس…لكن ما يهمني كقاريء على دراية بلغة الشرق والغرب؛ أنّ شفرة اللغة المكتوب بها التقرير واحدة…ولا تختلف عن مئات التقارير التي كتبها بيادق الإعلام الغربيّ والأمريكيّ ضد الشخصيات القياديّة في العالم الثالث من قبل؛ لغة واحدة فقط تغيير الأسماء.وأستيطع استحضار مثل هذا المقال كتب عن الرئيس الصينيّ والرئيس الكوريّ الشماليّ وغيرهما بالنمط نفسه والرؤيا ذاتها مع بعض التقديم والتأخير.الغرب أصبح مكشوفًا ولن تغطيه الأسماء الرنانة: المركز الفلانيّ والجامعة الفلانيّة والبروفسور العلانيّ والمؤسسة العلانيّة.الغرب أهون مما كنا نتوقع؛ لقد سقطوا في بئر الفضيحة خاصّة بعد طوفان الأقصى وغزّة المدفع…فكم يحتاج نهايّة التاريخ يا فوكياما حتى الشّمس تسطع؟