لندن – “القدس العربي”:
نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا حول إغراءات المرحلة الحالية لإسرائيل وسعيها لتبني الأقليات في الشرق الأوسط، مستفيدة من تجربة الاستعمار الغربي مع الأقليات في القرن التاسع عشر وإيران مع شيعة المنطقة في العقود الماضية. وتبدو التجربة مغرية لها وبخاصة بعد 18 شهرا من الحرب ضد أعدائها وحلفاء إيران بالمنطقة.
وإذا كانت ستبدأ بالتجربة فعليها أن تدق باب الجيران. وبعد هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، منعت إسرائيل العمال الفلسطينيين من الأراضي المحتلة من العمل في إسرائيل. وقد تعفن محصول الزيتون على أشجاره وتوقفت الرافعات عن العمل فوق مواقع البناء التي كان يعمل بها فلسطينيون. ولكنها قد تدخل مرحلة تجريبية، فعلى الحدود السورية، تنظر إسرائيل إلى حشد من العمالة الرخيصة المتعطشة للعمل.
يقول آفي ديختر، وزير الزراعة الإسرائيلي، إنه سيكشف قريبا عن “مشروع تجريبي” لجلب عمال زراعيين دروز من سوريا للعمل في الأراضي التي تديرها إسرائيل
ويقول آفي ديختر، وزير الزراعة الإسرائيلي، إنه سيكشف قريبا عن “مشروع تجريبي” لجلب عمال زراعيين دروز من سوريا للعمل في الأراضي التي تديرها إسرائيل. أما محمود شنان، وهو محام درزي وضابط سابق في الجيش الإسرائيلي يعمل على بناء مركز تراث درزي في إسرائيل بالقرب من الحدود اللبنانية فيقول: “سيكونون بدائل مستعدة”.
وتعلق المجلة أن إسرائيل لا تسعى فقط إلى تحقيق مكاسب اقتصادية بعد سقوط بشار الأسد في سوريا وكبح طموحات إيران الإقليمية، بل أصبحت الآن قوة منتصرة تسعى إلى بناء تحالفات قديمة وجديدة. حتى قبل تغيير النظام في سوريا، كان وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، يتحدث عن الدروز السوريين والجماعات الكردية المختلفة كحصن منيع ضد الأغلبية العربية السنية.
وتتباهى وزارة الخارجية الإسرائيلية بأن المساعدات الإسرائيلية للأقليات في المنطقة تتدفق بالفعل عبر حدود إسرائيل. ويشير المحلل الإسرائيلي، أوري غرينوت، إلى أن هذا يشمل الأسلحة. وتحدث ساعر عن ترسيخ “تحالفات طبيعية” مع خليط الأقليات العرقية في المنطقة.
ويرى التوسعيون الإسرائيليون الأكثر طموحا أهمية دق إسفين يضم أكثر من 100 مليون شخص من الأقليات، بما في ذلك الأذريون والبربر والشركس والأكراد واليزيديون، ينتظرون تعليمات قيادة إسرائيل.
ويعتقد دان ديكر من مركز القدس للشؤون السياسية، وهو مركز أبحاث إسرائيلي، أن هذه المجموعات يمكن أن تكون بمثابة نقاط انطلاق لبسط نفوذ إسرائيل من شمال غرب إفريقيا إلى إيران.
يرى التوسعيون الإسرائيليون الأكثر طموحا أهمية دق إسفين يضم أكثر من 100 مليون شخص من الأقليات، بما في ذلك الأذريون والبربر والشركس والأكراد واليزيديون، ينتظرون تعليمات قيادة إسرائيل
وبعد سلسلة من الانتصارات الميدانية، يفرح بعض الإسرائيليين بالقوة الجديدة. ويتحدثون عن القرن التاسع عشر، عندما تبنت العديد من الدول الأوروبية أقليات الشرق الأوسط، بمن فيهم اليهود، لتكوين نفوذ استعماري، تماما كما بسط حكام إيران نفوذهم مؤخرا من خلال تحويل الأقلية الشيعية المسلمة في المنطقة إلى وكلاء، مثل الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان.
وتعلق المجلة أن طموح إسرائيل في السعي إلى تحالفات إقليمية ليس بالأمر الجديد. فقد أقام الصهاينة الأوائل علاقات وثيقة مع المزارعين المسيحيين الموارنة في لبنان، الذين – كما يقال – كان من الممكن سماعهم وهم يرعون ماشيتهم باللغة اليديشية. وبعد قيام إسرائيل عام 1948، اقترح ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لها، إقامة “بريت” – وهي كلمة عبرية توراتية تعني “عهدا” – مع أقليات المنطقة لمواجهة القومية العربية التي عززها السنة إلى حد كبير.
ودافع إيغال ألون، وهو جنرال إسرائيلي، عن تحالف مع الدروز لتوسيع نطاق نفوذ إسرائيل إلى جنوب سوريا. وكان هناك جنرال إسرائيلي آخر قاد المتمردين الأكراد في العراق. وسعت رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة، غولدا مائير، إلى استمالة المسيحيين في السودان لمواجهة النفوذ المصري.
وقد ترى بعض الأقليات فوائد في التحالف مع إسرائيل اليوم. فسوريا يحكمها الآن زعيم سابق لتنظيم القاعدة. وقد تركتهم المذبحة الأخيرة التي طالت الأقلية العلوية على ساحل البلاد يبكون طلبا للحماية. ويدرك العديد من العمال السوريين، الذين أصبحوا معدمين بعد الحرب الأهلية، أنهم يستطيعون كسب أضعاف ما يكسبونه في إسرائيل.
وللدروز أيضا جاذبية روحية. فالعديد من أقدس المزارات الدرزية موجودة في إسرائيل. ولأول مرة منذ عقود، عبر شيوخ الدروز ذوو القبعات الحمراء والبيضاء مؤخرا من سوريا للعبادة في قبر النبي شعيب، نبيهم، المعروف أيضا باسم يثرون التوراتي، حمو موسى، على تلة تطل على بحر الجليل. ويميل الدروز في إسرائيل إلى مناصرة قضية الأقليات الإقليمية. ويقول موفق طريف، الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل، الذي بدأ في تلقي طلبات عمل من الدروز السوريين: “جميع الأقليات قلقة من الإرهابيين الجهاديين المتطرفين وتريد الحماية”. وأضاف ناشط درزي إسرائيلي آخر: “إذا كانوا سيحموننا، فليكن لهم إسرائيل موسعة”.
ومع ذلك، يتذكر العديد من الإسرائيليين أن ما يبدأ غرورا في المنطقة غالبا ما ينتهي بالإذلال. عندما زحفت إسرائيل إلى لبنان عام 1982، نصبت مسيحيا مارونيا رئيسا، وتوقعت إبرام معاهدة سلام. لكنه اغتيل، وتزايدت المقاومة لإسرائيل، واضطرت إسرائيل إلى الانسحاب.
وسرعان ما بدأت الأقلية الشيعية التي رحبت بإسرائيل في إلقاء القنابل اليدوية. يقول ديختر، الذي كان آنذاك ضابط مخابرات متمركزا في مدينة صيدا الساحلية اللبنانية: “لم يلعبوا الدور المتوقع منهم”. وبالمثل، سلّحت إسرائيل الشيعة الزيديين في اليمن في الستينيات؛ والآن يهتف أحفادهم الحوثيون “الموت لإسرائيل” ويطلقون عليها الصواريخ الباليستية.
يمكن أن تتدهور التحالفات في لمح البصر. فقد تخلت إسرائيل عن أصدقائها الأكراد في السبعينيات بعد أن عرض شاه إيران وجنرالات تركيا شروطا أفضل
ويمكن أن تتدهور التحالفات في لمح البصر. فقد تخلت إسرائيل عن أصدقائها الأكراد في السبعينيات بعد أن عرض شاه إيران وجنرالات تركيا شروطا أفضل، وفي عام 1999، ساعد عملاء إسرائيليون الأتراك في القبض على الزعيم الكردي عبد الله أوجلان. وفي عام 2000، تخلت إسرائيل عن جيش لبنان الجنوبي، وهو ميليشيا من الأقليات كانت تدعمها عبر حدودها الشمالية، على الرغم من أنها عرضت الجنسية على بعض أعضائها وعائلاتهم.
لا يزال بعض الدروز حذرين. على الرغم من أن إسرائيل استولت على مرتفعات الجولان من سوريا قبل نصف قرن، إلا أن معظم الدروز هناك ما زالوا يترددون في قبول الجنسية الإسرائيلية. حتى إن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، وعد بحماية الدروز والمسيحيين في ضواحي جنوب دمشق، حيث يتركز الكثير منهم. ويقترح وزير ماليته، بتسلئيل سموتريتش، الاستيلاء على المدينة بأكملها. وإذا كان الماضي دليلا، فقد يتبين أن هذا تهور.
وهذا هو التهور الذي حذرت منه “إيكونوميست” في افتتاحيتها مشيرة إلى أن الغطرسة قد تتحول إلى كارثة.
وأضافت أنه وبعد 18 شهرا تغيرت إسرائيل، فمن دولة عرضة للخطر محاطة بأعداء وفي مناكفة دائمة مع حليفتها الأمريكية وتترنح من أكبر هجوم تتعرض له في تاريخها، بعد الهجوم الذي نفذته حماس. وبالمقارنة، فهي اليوم هائجة، ما زالت تقاتل، أحيانا في لبنان وسوريا، وبشكلٍ أكثر ديمومة ضد الناشطين الفلسطينيين في الضفة الغربية وعلى نطاقٍ أوسع في غزة، حيث انهار وقف إطلاق النار الذي ترعاه الولايات المتحدة. وفي هذه المرة، تقاتل إسرائيل بشروطها الخاصة وبدعم أمريكي كامل.
وربما اعتقدت إسرائيل أن هذا سيجعلها آمنة مرة أخرى. لكن التفوق العسكري يأتي بمخاطر التوسع المفرط والصراع المرير في الداخل. وبينما تمضي حكومتها قدما، فإنها تخاطر بتحويل الغطرسة إلى كارثة. وعددت المجلة إنجازات إسرائيل ضد حماس وإيران وحزب الله.
وقالت المجلة إن إسرائيل توصلت إلى استنتاجين مقلقين من هذا الإنجاز. الأول هو أن الأساليب الوحشية تجدي نفعا، فبعد أن قتلت عشرات الآلاف من المدنيين في غزة، عادت لحجب المساعدات وقطع الخدمات الأساسية، فيما يبدو انتهاكا للقانون الدولي. وفي غزة، تستعد لاحتلال جديد في إطار ما قد يصبح عملية برية ضخمة. وتكتسب خطط التطهير العرقي المشينة رواجا. وقد شجعت رؤية الرئيس دونالد ترامب “للسيطرة” الأمريكية وإعادة توطين سكان غزة حيث وافقت الحكومة الإسرائيلية على إنشاء وكالة لتشجيع الهجرة “الطوعية” للفلسطينيين. ومنذ بداية العام الماضي، وهي منشغلة بعمليات ضم واسعة للضفة الغربية وتوسيع المستوطنات وإجبار عشرات الآلاف من الفلسطينيين على ترك بيوتهم وسمحت للمستوطنين بالعبث بدون محاسبة. ويتزايد الزخم من أجل الضم الرسمي.
أما الاستنتاج الثاني للحكومة هو أنه يجب عليها بعد انهيار الردع في 7 تشرين الأول/أكتوبر، حماية نفسها بإنشاء مناطق عازلة وضرب التهديدات المتصورة في أسرع وقت ممكن. وعليه، يهاجم الجيش لبنان، حتى لو أضر ذلك بمصداقية الجماعات اللبنانية التي تعمل على إقصاء حزب الله عن السلطة. وبدلا من انتظار ما إذا كانت الحكومة الجديدة في دمشق قادرة على إعادة توحيد سوريا، تقصفها إسرائيل. وربما قاد نفس المنطق لعملية وقائية ضد المنشآت النووية الإيرانية، وبخاصة أن الدفاعات الجوية للجمهورية الإسلامية باتت ضعيفة نتيجة للضربات الإسرائيلية.
وتعتقد المجلة أن المسار الذي تسير فيه إسرائيل خطير في المنطقة ومع الفلسطينيين والداخل. ففي المنطقة، ستواجه إسرائيل مشكلة في الحفاظ على تفوقها العسكري، نظرا لعدم توفر القوة العسكرية الكافية واعتمادها على جنود احتياط يخدمون في وقت الخطر ولا يستطيعون القتال للأبد، فلديهم عائلات ومصالح تجارية بحاجة للعناية.
علاوة على ذلك، لا تزال إسرائيل تعتمد على أمريكا في استعراض قوتها. ودونالد ترامب ليس حليفا يعتمد عليه، خاصة إذا طال أمد الحرب ضد إيران. حتى لو استمر دعمه، فقد يعود الديمقراطيون إلى السلطة عام 2029، وسيكونون أقل تسامحا مع الضم. ومع الضربات الإسرائيلية المتكررة في المنطقة، والتي تسبب رد فعل شعبيا عنيفا، سيواجه القادة العرب تدريجيا عداء شعوبهم. وهو ما سيهدد تحالفات إسرائيل الإقليمية، مع مصر والأردن، ومع العديد من الدول العربية الأخرى من خلال اتفاقيات إبراهيم.
وبالنسبة للفلسطينيين، فلا يمكن لإسرائيل ببساطة أن تلغي حنينهم إلى وطن. ورغم معارضة الإسرائيليين إقامة دولة فلسطينية أو دمج الفلسطينيين كمواطنين كاملي الحقوق داخل إسرائيل، إلا أن الخيارات الأخرى صعبة، فالضم الرسمي للأراضي الفلسطينية سيؤدي إما إلى التطهير العرقي أو إلى جعل الفلسطينيين غير مواطنين بلا حقوق كاملة، أو إلى مزيد من حصر الفلسطينيين في دويلات صغيرة غير قابلة للحياة.
وربما بدا التوسع أشد ضررا داخل إسرائيل. فقد كان من المفترض أن توحد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر المجتمع الإسرائيلي. إلا أنه منقسم، حيث أغلبية واضحة من الإسرائيليين تؤيد المفاوضات مع حماس والانسحاب من غزة لإعادة الأسرى المتبقين. ويعتقدون أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يواصل الحرب لاسترضاء اليمين المتشدد، الذي يحتاج إلى دعمه لمنع انهيار حكومته. وفي الوقت الذي تبدو فيه إسرائيل قوية، إلا أن جيشها منهك وسياساتها منقسمة.
ولسنوات عديدة، اعتمدت إسرائيل على حليفها الأمريكي ليخبرها متى تتوقف عن القتال، إلا أنه مع وجود ترامب في البيت الأبيض، لم تعد تلك الأيام موجودة، وهي بهذا تحتاج إلى الحكمة لممارسة ضبط النفس.
ههه لن تجني عصابة الأشرار الفجار النازيين الفاشيين الصهاينة الملاعين إلا الخزي والعار والبوار والانكسار والهزيمة النكراء بجاه المنتقم الجبار الذي سينتقم لدماء أطفال غزة العزة منهم جميعا شر انتقام ✌️🇵🇸☹️☝️🔥🐒🚀