لقاء أمس بين ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع تاريخي، ليس لأنه أول لقاء منذ 25 سنة بين رئيسي الدولتين، بل لاعتراف الأمريكيين بزعيم منظمة إرهاب (هيئة تحرير الشام). فالأخير استولى على الحكم في سوريا بانقلاب عنيف فيما كانت جائزة بمبلغ 10 مليون دولار معلقة فوق رأسه. في المرة الأخيرة التي عقد فيها لقاء رفيع المستوى كهذا بين الأمريكيين والسوريين كانت في جنيف في آذار 2000 في المحاولة الأخيرة للرئيس بيل كلينتون لإنقاذ محادثات السلام بين حكومة إيهود باراك وحافظ الأسد.
عقد اللقاء بوساطة سعودية – تركية. القوتان الأقوى الآن في الشرق الأوسط، واللتان تحركان الحجارة على لوحة الشطرنج الإقليمية. بقيت إسرائيل جانباً كطفل تلقى بلاغاً أخرجه من مجموعة الواتساب الصفية. كلهم تلقوا الدعوة لحفلة الرياض وبقينا في الخارج، نحاول جمع المعلومات عن الحراكات التكتونية في الساحة الشرق أوسطية دون أي قدرة على التأخير.
ردت إسرائيل في غزة ولبنان وسوريا وإيران واليمن دون أن تبادر بخطوات سياسية. ففي الجانب العسكري، حققت استراتيجية القتال نتائج مهمة. فحماس وحزب الله تلقيا ضربة شديدة، وهناك من سيقول إن قوتهما العسكرية والسياسية ضعفت جداً عما كانت عليه قبل الحرب. بالفعل، أدت النجاحات في لبنان وغزة إلى سقوط طوق النار الإيراني حول إسرائيل وانهيار نظام الأسد. لكن بينما أدى النجاح العسكري إلى إنجازات في هذه الساحة بدا وكأن إسرائيل سعت للعمل بقوة القصور الذاتي، ولم تبن أي خطة استراتيجية تعطيها ثماراً سياسية.
بأي قدر نحن في الحدث؟ العرابان الهامان للقاء ترامب – الشرع هما السعودية وتركيا. أما الأولى فتحاول إسرائيل مغازلته منذ سنوات طويلة دون نجاح، وثمة علاقات تجاه الثاني على شفا انفجار في ظل مظاهر عداء دائم من جانبها. إذا كانت تركيا تعتبر كدية، فقد كان ممكناً العمل مع السعوديين وبلورة جدول أعمال واضح لغزة ولسوريا. خطة إطار لـ “اليوم التالي” ما كانت فقط لتقرب الرياض من القدس، بل كانت ستقلل الضغط من جانب الولايات المتحدة وأوروبا والعالم العربي على إسرائيل. إضافة إلى ذلك، كان ممكناً ان ربط مصر والأردن أيضاً بالعربة، القلقتين بنفسيهما من النجاح الإسلامي في سوريا، والمخاوف على أمنهما بسبب أزمة اللاجئين في القطاع.
كان محظوراً ترك الساحة السورية لمعالجة أردوغان الذي سيحاول الآن، بإسناد أمريكي، أن يفرض نظاماً جديداً في الأراضي الإقليمية المدمرة لجارتنا الشمالية. فضلاً عن ذلك، فإذا كانت التقارير الصادرة عن الجانب العربي صحيحة، فإن رفع ترامب العقوبات عن سوريا رغم مطالب نتنياهو، تشير إلى رؤية أمريكية مختلفة تماماً بالشرق الأوسط عن رؤية إسرائيل: مصالح مختلفة، استراتيجية أخرى، جدول أعمال جديد.
حتى لو بدا ظاهرياً أن الفرصة قد أفلتت الآن من أيد إسرائيل فثمة احتمال لإصلاح الوضع. مع بلورة منحى سياسي لغزة ومع إعلان نوايا واضح بالنسبة لموقفنا في سوريا يمكنها الانخراط مرة أخرى في الخريطة الإقليمية التي يحاول ترامب تصميها الآن في الشرق الأوسط.
يهودا بلنجا
إسرائيل اليوم 15/5/2025
أمريكا هي إسرائيل وإسرائيل هي أمريكا نقطة إلى السطر ✌️🇵🇸😎☝️🔥🐒🚀