أنهيت مقالي الأسبوع الماضي في القدس العربي مؤكداً: «يستعدي ترامب الحلفاء بدبلوماسية الكاوبوي» ـ وكأنني تنبأت بأن سياسات وتصريحات ومواقف ترامب تستهدف وتتسبب بتآكل ثقة الحلفاء لدرجة الاستفزاز. ما يعمّق الشرخ بين الولايات المتحدة والحلفاء حول العالم-وتريح الخصوم والأعداء الذين يطربون لتقريع وانتقاد ترامب لحلفائه. خاصة أن الولايات المتحدة من شكلت وقادت النظام العالمي ما بعد الحرب العالمية الثانية وعلى مدى ثمانين عاما.
لتؤكد أحداث الأسبوع الماضي ما ذهبتُ إليه، حيث ازدادت وتعمقت الجراح التي يلحقها ترامب بالحلفاء-بدى الخلاف واضحا في لقاءات القمم بين ترامب والرئيس الفرنسي ماكرون على الهواء مباشرة في البيت الأبيض. عندما صحّح ماكرون معلومات ترامب الخاطئة حول دعم أوكرانيا بأنه ليس قروضا بل مساعدات تتحمل أوروبا 60 في المئة وربما تُخصم من أرصدة روسيا المجمدة في دول الاتحاد الأوروبي. وأحرج الرئيس ترامب رئيس وزراء بريطانيا الحليف الأوثق-عندما فاجأه بسؤاله على الهواء مباشرة أيضاً «هل يمكنكم مواجهة روسيا بمفردكم»؟!!
لكن الصدمة الأكبر كانت بتقريع ترامب ونائبه في البيت الأبيض الرئيس الأوكراني زيلنسكي الذي سبق ووصفه ترامب «بالديكتاتور» وتوبيخه وإهانته-أمام عدسات الكاميرات وعلى مرأى من الأمريكيين والأوكرانيين والعالم بأسره-باتهام ترامب وفانس زيلنسكي الذي قدم إلى البيت الأبيض لتوقيع اتفاقية شراكة المصادر الطبيعية الأوكرانية النادرة والتفاوض للتوصل لوقف إطلاق النار مع روسيا ليحقق حلمه بأنه «رجل يصنع السلام» والفوز بجائزة نوبل للسلام… وكذلك ليعوض ترامب أكثر من مئة وثلاثين مليار دولار من مساعدات مالية وعسكرية لأوكرانيا في عهد الرئيس بايدن منذ فبراير/شباط 2022 ـ للتصدي لغزو واحتلال وحرب روسيا على أوكرانيا.
فإذا بترامب يسخر عند استقبال زيلنسكي من ملابسه العسكرية وعدم ارتدائه اللباس الرسمي بدلة وربطة عنق. حتى أن صحافي سخر من زيلنكسي بسؤاله: لماذا لا ترتدي بدلة وهل تملك واحدة. ويتهمه بقلة الاحترام وعدم شكر أمريكا ولا يرغب بالسلام وناكر للجميل. ويصل إلى ممارسة الدبلوماسية العلنية بدلا من خلف الكواليس، ويطرد زيلنسكي بعد اتهامه بأنه يهدد بحرب عالمية ثالثة بمشادة حادة وغير مسبوقة لحليف دعمته أمريكا وأوروبا ودول الناتو!! لفرحة وسرور بوتين وخصوم وأعداء أمريكا وقلق حلفائها من سلوك ترامب ونائبه وإدارته!!
وصل الأمر لتكرار ترامب مطالبه بضم كندا-الولاية 51 ـ أو إعادة ترسيشم الحدود كما اقترح أحد مستشاريه! والسطو على غرينلاند من الدانمارك. والتصريح علنا أن الاتحاد الأوروبي تأسس للإساءة إلى الولايات المتحدة ونجحوا بذلك، ولكنني سأوقف ذلك ـ بتهديده بفرض رسوم جمركية على بضائعهم وسياراتهم المصدرة لأمريكا!! وبذلك يستعدي واحدة من أكبر وأهم منظمة عالمية للديمقراطيات الغربية الحليفة ولحوالي 500 مليون أوروبي-بمجمل ناتج قومي يقترب من الناتج القومي الأمريكي-وقبله قرّع وحاضر نائبه فانس في مؤتمر ميونيخ الأمني للتخلي عن قيمهم ـ وإقصاء اليمين المتطرف العنصري الذي يقترب من النازية وخاصة في ألمانيا الذي حل ثانيا في الانتخابات الأخيرة، ولم يخف ترامب وأداته دعمهم لليمين الأوروبي.
سلوك إدارة ترامب تجاه الحلفاء القربيين قبل الخصوم والأعداء يتسبب بقلق وخشية من اصطفاف وتصويت أمريكا مع الأنظمة الشمولية ويقرّب الولايات المتحدة أكثر من روسيا والأنظمة السلطوية ويبعدها أكثر من محيطها الغربي التعددي الديمقراطي
ويعلق خبير العلاقات الدولية الأمريكي آيان بريمير «أصبحت الولايات المتحدة المحرك الرئيسي للمخاطر الجيو بولتيكية وعدم اليقين العالمي»! وأضيف ما يعتقده الكثير من المسؤولين والمحللين الأوروبيين أن إدارة ترامب تبتعد عن المحيط الأوروبي وتقترب أكثر من روسيا بتبني موقف وسرديات والتصويت مع روسيا في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ـ وحتى بانتقاده للحلفاء الأوروبيين. ووصل الأمر، برغم تصويت الولايات المتحدة مع الدول الغربية والحلفاء على ستة قرارات في مجلس الأمن يدين الغزو والاحتلال الروسي لأوكرانيا!!، لكن في سابقة صوتت الولايات المتحدة للمرة الأولى الأسبوع الماضي في مجلس الأمن والجمعية العامة مع روسيا والصين على قرار يطالب بوقف الحرب، دون توجيه انتقاد لحرب روسيا على أوكرانيا وهو ما أيدته وصوتت معه روسيا والصين و8 دول أخرى برغم امتناع الحلفاء بريطانيا وفرنسا عن تأييد القرار! وذلك في تبني للموقف الروسي دون تحديد مسؤولية روسيا بالانسحاب من الأراضي الأوكرانية المحتلة وتقديم ضمانات أمنية أمريكية لأوكرانيا!
وفي سابقة أخرى امتنعت الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي عن التصويت على بيان سنوي تصدره منظمة التجارة العالمية يستنكر الهجوم الروسي على أوكرانيا. ما يؤكد اصطفاف إدارة ترامب مع روسيا-أكبر مهدد للأمن الأوروبي، والابتعاد عن موقف أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين.
كما ألغى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو اجتماعاً مع ممثلة الشؤون الخارجية الأوروبية كايا كالاس الأسبوع الماضي بحجة تضارب في الارتباطات!! ويكرر ترامب تهديد الحلفاء الأوروبيين بفرض 25 في المئة كرسوم جمركية على البضائع المستوردة إلى الولايات المتحدة!!
تنبع خطورة مواقف ترامب واستعدائه للحفاء منذ بدء رئاسته قبل خمسة أسابيع من الخشية من تقويضه النظام العالمي الذي أسسته وقادته الولايات المتحدة والتحالفات الاستراتيجية السياسية (الأمم المتحدة) والعسكرية (الناتو) والاقتصادية (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية) والمنظمات الإقليمية المتعددة.
لا شك أن سلوك إدارة ترامب تجاه الحلفاء القربيين قبل الخصوم والأعداء يتسبب بقلق وخشية من اصطفاف وتصويت أمريكا مع الأنظمة الشمولية ويقرّب الولايات المتحدة أكثر من روسيا والأنظمة السلطوية ويبعدها أكثر من محيطها الغربي التعددي الديمقراطي. والأخطر يسرّع تقويض وإنهاء النظام العالمي الذي شكلته وقادته الولايات المتحدة بإداراتها من الجمهوريين والديمقراطيين. والخشية من تراجع أمريكا بدعم وترسيخ الأمن الجماعي، والحريات، والديمقراطية، والتجارة والاقتصاد الحر، وتفعيل دور وعمل المنظمات الدولية!!
أكرر خاتمة مقالي الأسبوع الماضي، بانتقادي لدبلوماسية الكاوبوي والابتزاز والاستفزاز… وليس بالابتزاز والاستفزاز والتهديد تكون معاملة الحلفاء. ومواقف وسلوك ترامب بإلقاء المحاضرات وتقريع الحلفاء وتصعيده وتراجعه، يربك ويقلق حلفاء أمريكا بمن فيهم في منطقتنا، ليتداعوا لعقد قمة عربية طارئة حول غزة. ذلك كله، يعمّق تراجع الثقة بالتعويل على الحليف الأمريكي…خاصة في أوقات الأزمات والتهديدات.
أستاذ في قسم العلوم السياسية ـ جامعة الكويت
ترامب، من وجهة نظر أستاذ الطب النفسي الأمريكي المؤيد للحق الفلسطيني البروفيسور جو ستيف كما نقلت عنه بعض وسائل التواصل الاجتماعي، ليس سويا لأنه يصعب التكهن بسلوكاته(طلبه ترحيل اهل غزة من غزة مثالا)، وليس ذكيا لأنه أولا لا يحسب مسبقا وسلفا نتيجة أقواله وأفعاله وتصرفاته (نقله سفارة (اسرائيل) الى القدس مثالا) ولأنه ثانيا يكرر استخدام أساليب واجراءات وسياسات ثبت فشلها، ولكنه يتوقع نجاحها (تبنيه لصفقة القرن مثالا)، وليس متوازنا من الناحية الانفعالية لأنه يتحول من الرضا التام إلى النقمة العارمة والغضب الشديد في زمن قصير جدا (انقلابه على الكثيرين من المقربين اليه مثالا)، ونرجسي لأنه يعبد ذاته ويؤله نفسه(ادعاؤه بأن الفضل في وقف اطلاق النار الأخير في غزة يعود له فقط وحصرا مثالا)، ومنفصل تماما عن الواقع (مطالبته بضم كندا التي مساحتها أكبر من أمريكا الى أمريكا مثالا.
العالم كله يرتجف من ترامب والمنتن، وغزة طود أشم، ومارد عملاق، ونخلة باسقة، وعنقاء عنقها يلامس السماء.من حق بوب وودوارد أن يقول بأن مقاومة غزة غيرت قوانين العلوم في الأكاديميات العسكرية. من منا ترك غزة، وتآمر عليها، وفرح لمحرقتها، وساهم في حصارها واتهم المنتن في الخلوات باللين والتراخي والتردد منزوع الشرف والإنسانية والعروبة والإسلام .وكما ذكر توماس فريدمان الكاتب الأمريكي اليهودي في نيويورك تايمز فان خطة ترامب المجنونة والصبيانية واللاواقعية لتهجير أهل غزة التي ما يزال متمسكا بها لن تتحقق لأنها تبين (كم هي المسافة قصيرة بين التفكير خارج الصندوق والتفكير خارج العقل).
نرجسي يكره العرب و المسلمين و يقدس اليهود وإسرائيل له أفكار صبيانية مثل القدافي كيف قبلت بعض الدول العربية رأيه و طبعت مع العدو؟؟؟؟!؛!؛
إنني كنت أتمنى حدوث ذلك منذ زمن بعيد، و لا أخفيكم القول إنني سعيد بما يحدث الآن..!! حان لأوروبا أن تتحرر و تستقل بنفسها عن آمريكا.. حان لأوروبا أن تتحرر و تستقل بنفسها عن آمريكا.. حان لأوروبا أن تتحرر و تستقل بنفسها عن آمريكا، عندها سيكون العالم في حال أفضل..!!