ترقب وحذر أمني في بغداد بعد التوتر بين الكاظمي و«العصائب»

 مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ«القدس العربي»: تشهد العاصمة العراقية بغداد، وضعاً أمنياً حذراً، بالتزامن مع التوتر الأخير بين حركة “عصائب أهل الحق”، بزعامة قيس الخزعلي؛ من جهة، والحكومة العراقية، من جهة ثانية، على خلفية اعتقال مسؤول “القوة الصاروخية” في “العصائب” لتورطه بالقصف الصاروخي الأخير الذي طال السفارة الأمريكية.
وكثفت قوات الأمن من انتشارها وتعزيز تواجدها في أغلب الشوارع والمناطق في العاصمة بغداد، منذ مطلع الأسبوع الجاري.
ويأتي تعزيز ذلك الانتشار، تزامناً مع تلويح “العصائب” بالنزول إلى الشارع للضغط على الحكومة والإفراج على “المعتقل”، كما يتزامن أيضاً مع قرب حلول الذكرى السنوية الأولى لمقتل قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة “الحشد الشعبي” أبو مهدي المهندس، بغارة جوية أمريكية في محيط مطار بغداد الدولي، مطلع العام الماضي.

مقاطع مصورة

وانتشرت مقاطع مصوّرة على مواقع إخبارية وحسابات على صلة بـ”فصائل المقاومة الإسلامية”، تظهر، مجموعة من الرجال يرتدون الزي العسكري، وهم يتوعدون الحكومة في حال عدم الإفراج عن مسؤول القوة الصاروخية في “العصائب”، المدعو حسام الزيرجاوي.
غير أن مسؤولين في “العصائب” نفوا علاقتهم بهذه المجاميع، وشككوا بصدقيتها.

«مشروع معاد للعراق»

كما جددت “حركة عصائب أهل الحق” بزعامة قيس الخزعلي، إعلانها البراءة من عمليات قصف المنطقة الدولية “الخضراء” وسط بغداد. عضو المكتب السياسي للحركة، محمود الربيعي، قال في تصريحات صحافية، إن “ما حدث (في إشارة إلى اعتقال الزيرجاوي) ضمن سلسلة استهدافات متكررة للحركات السياسية المنبثقة من المقاومة، وهو خطأ ارتكبته الأجهزة الأمنية”. الربيعي كرر أيضاً اتهام “وسائل إعلام أمريكية وسعودية وصحافيين باستهداف الحشد الشعبي، وحركة العصائب في مشروع معادٍ للعراق”.
وأضاف: “نحترم الدولة ونحرص على تطبيق العدالة والقانون لأنه السبيل الوحيد لبنائها، كما نرفض استهداف السفارة الأمريكية مع تحفظنا عليها ودورها في التجسس وتخريب المجتمع”.
وألقى الربيعي باللائمة على “شخصيات سياسية أطلقت تغريدات وتصريحات شنجت الوضع في بغداد”.
وسبق للربيعي أن أكد “انتهاء مرحلة الهدنة مع القوات الأمريكية في العراق”.
وأضاف في تصريح متلفز، أن “السفارة الأمريكية في بغداد بل سفارة أي دولة أخرى تعتبر تحت حمايتنا كوننا نحترم السيادة العراقية”.
وأضاف أن “الهدنة مع القوات الأمريكية انتهت، لكن لا يعني ذلك أننا دخلنا مرحلة الضرب مع تلك القوات”، مبينا أن “الهدنة اتخذناها نتيجة للظروف الراهنة التي يشهدها العراق، كالأزمة المالية وتفشي فيروس كرونا، وكذلك من أجل منح الحكومة العراقية فرصة لتنفيذ قرار البرلمان المتضمن إنهاء التواجد الأجنبي في العراق”.
وكان الربيعي نفى، الجمعة الماضية، وجود استعراض عسكري في العاصمة بغداد، لعناصر “العصائب”.
وقال في “تدوينة له”، إن “لا يوجد أي استعراض عسكري لرجال العصائب في بغداد، وكل ما ينشر إما مقاطع فيديو قديمة أو لاشخاص لا نعرفهم. هناك من يريد إثارة فتنة وضجة إعلامية فارغة”.
وزاد: “‏نحن نحترم القانون وندعو لتطبيقه بكل حزم وشفافية، وندعو وسائل الإعلام المحترمة إلى توخي الدقة في نشر الأخبار”.

«تهمة كيدية»

وبعد يوم واحد من تلك “التغريدة”، علق زعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، على الأحداث التي شهدتها العاصمة بغداد ابتداءً من مساء الجمعة.
وقال الخزعلي في بيان مقتضب عبر حسابه الرسمي، إن “‏ما حصل من اعتقال أحد أفراد الحشد الشعبي بتهمة كيدية جرت معالجته بالعقل والحكمة”.
وأضاف: “نجدد التزامنا بالدولة ومؤسساتها، وفي الوقت نفسه نؤكد حق المقاومة في إنهاء تواجد القوات العسكرية الأمريكية مع الحفاظ على هيبة الدولة بعدم استهداف البعثات الدبلوماسية”.

معلومات كاذبة

يتزامن ذلك مع انتشار كتابٍ رسمي يفيد بتسليم وزارة الداخلية المعتقل الزيرجاوي إلى مديرية “أمن الحشد”، غير أن الوزارة سارعت بنفي تلك الأنباء.
وذكرت في بيان صحافي، “ننفي نفيا قاطعا ما تم تداوله من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام بخصوص تسليم أحد المتهمين بعد تداول كتاب مزور جملة وتفصيلا تضمن معلومات كاذبة حول عزم الوزارة تسليم المطلوب”.
وأضاف البيان، أن “وزارة الداخلية تؤكد أن ظاهرة انتشار الكتب المزورة عن عمل تشكيلاتها وقراراتها هي حالة ليست بجديدة تهدف إلى محاولة إضعاف ثقة المواطنين والرأي العام بعزم أبطال الداخلية في قيامهم بواجبهم وحرصهم على أمن واستقرار العراق وسوف لن ندخر جهدا في تقديم أولئك المزورين إلى القضاء لينالوا جزائهم العادل”.
في الموازاة، نفذ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي جولة ليلية في عدد من مناطق العاصمة بغداد.
وظهر الكاظمي وهو يتجول بسارة (تويوتا لاندكروز بيضاء) في مناطق المنصور والكاظمية، متجولاً في ساعة متأخرة من الليل، برفقة للواء الركن حامد الزهيري، الذي كلّفه مؤخراً بتسلم مهام حماية المنطقة الخضراء.
وأكد الكاظمي، أن حكومته أعادت الثقة بين الشعب والأجهزة الامنية بعد أن “اهتزت” بفعل الخارجين عن القانون، معلناً استعداد الدولة “للمواجهة الحاسمة”.
وكتب الكاظمي في “تدوينة”، أن “أمن العراق أمانة في أعناقنا، لن نخضع لمغامرات أو اجتهادات، عملنا بصمت وهدوء على إعادة ثقة الشعب والأجهزة الأمنية والجيش بالدولة بعد أن اهتزت بفعل مغامرات الخارجين على القانون”.
وتابع رئيس الوزراء: “طالبنا بالتهدئة لمنع زج بلادنا في مغامرة عبثية اخرى، ولكننا مستعدون للمواجهة الحاسمة إذا اقتضى الأمر”.
في حين، أكدت قيادة العمليات المشتركة، أن العاصمة بغداد آمنة، ولا يوجد أي تهديد عليها.
وقال المتحدث باسم العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي، للوكالة الرسمية، إن “قيادة العمليات المشتركة ومن خلال قيادة عمليات بغداد والقطاعات المتجحفلة معها، ومن خلال ما تمثله العاصمة بغداد من وضع أمني مستقر، لديها الإمكانيات والقدرات على إيقاف أي حالة تدهور للوضع الأمني”، لافتاً إلى أن “العاصمة بغداد تتمتع بأمن من خلال قيادة عمليات بغداد والقطعات المنتشرة من وزارة الدفاع والداخلية وهي تعمل بجهد كبي، وأيضاً قطعات الحشد الشعبي، والقطعات التابعة إلى وزارة الأمن الوطني، وكذلك المخابرات والأجهزة الأمنية الأخرى، التي تعمل بكفاءة وإمكانيات عالية جداً”، مؤكداً أن “بغداد آمنة، ولا يوجد تهديد عليها”.
وأضاف أن “قيادة العمليات المشتركة كثفت الجهد الاستخباري بملاحقة مطلقي الصواريخ، ومتابعة التنظيمات التي تحاول أن تسيء إلى الوحدات والأهداف الحيوية”.
في مقابل التطمينات الحكومية، دعا القيادي في كتائب “حزب الله” العراقي، أبو علي العسكري، الكاظمي، إلى عدم اختبار “صبر المقاومة”، فيما هدده بالقول “لن تحميك الاطلاعات الإيرانية ولا الاستخبارات الأمريكية”.

«ضباط النفس»

وقال المسؤول الأمني لـ”كتائب حزب الله”، في تغريدة نشرها مساء أول أمس، على حسابه في موقع “تويتر”، “إن المنطقة اليوم تغلي على صفيح ساخن، وإن احتمال نشوب حرب شاملة قائم، وهو ما يستدعي ضبط النفس لتضييع الفرصة على العدو، بأن لا نكون الطرف البادئ لها”. وأضاف أن “لعل عمليات القصف في الأيام الماضية لا تصب إلا في مصلحة عدونا (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب الأحمق وهذا ما يجب أن لا يتكرر”.
وتابع أن “تحالفنا مع الإخوة في فصائل المقاومة سواء المحلية منها أو الخارجية تحالف متين، وما يمسهم يمسنا، ونحن ملتزمون بالدفاع عنهم ضمن الأطر المحددة والمقررة بيننا”.
وأردف قائلا: “من هنا ندعو كاظمي الغدر أن لا يختبر صبر المقاومة بعد اليوم، فالوقت مناسب جدا لتقطيع أذنيه كما تقطع آذان الماعز”، حسب قوله.
وزاد مخاطباً الكاظمي: “لن تحميه حينها الاطلاعات (الاستخبارات) الإيرانية، ولا الـسي آي إي الأمريكية، ولا المزايدون على مصلحة الوطن”.
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، دعا إيران وأمريكا إلى إبعاد صراعاتهما عن العراق، محذراً في الوقت ذاته ما وصفه بـ”الاحتلال” من تماديه في ذلك الصراع.
وقال الصدر في “تغريدة” على “تويتر”، الجمعة الماضية، إن “العراق الحبيب وقع ضحية الصراع (الأمريكي – الإيراني) وقد تضرر بصورة لا يصح السكوت عنها، وكأنه ساحة لصراعاتهم العسكرية والأمنية والسياسية والفايروسية وذلك لضعف الحكومة وتشتت الشعب”.
وأضاف: “لذا، أوجه ندائي للجمهورية الإسلامية الايرانية (الجارة العزيزة) أن تبعد العراق عن صراعاتها ـ ولن نتركها في شدتها إذا ما حفظت للعراق وحكومته الهيبة والاستقلال”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية