أحد أهداف أنقرة من وجودها في ليبيا هو السعي لتأمين موارد جديدة للطاقة، لا سيما بعد فوزها بدعم الحكومة الليبية لاتفاق بحري يزيد من حقوقها في منطقة شرق المتوسط.
استطاعت تركيا خلال السنوات الأخيرة الفوز بمشاريع كبيرة في ليبيا، بالتوازي مع تزايد نفوذها السياسي والعسكري في البلد. ولدى انهيار النظام السابق، تريث الأتراك في دعم السلطات الجديدة، التي حكمت ليبيا بعد انتفاضة 17 شباط/فبراير 2011. ويُعزى صمت الأتراك إلى أنهم استأثروا بقسم مهم من مشاريع البنية التحتية، قبل سقوط دولة معمر القذافي، ما يُفسر ترددهم في الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي. غير أن التطمينات التي تلقوها من الجانب الليبي لاحقا، جعلتهم يستأنفون العمل في المشاريع المعطلة، ومن بينها عدة مطارات. أكثر من ذلك، لوحظ طيلة السنوات الأخيرة، لجوء فئات عديدة من النخبة الليبية إلى الإقامة في اسطنبول، والتي انتقلت إليها كذلك قنوات تلفزيونية خاصة. ويُعزى ذلك الإقبال إلى التجاوب الذي لقيته «حكومة الوفاق الوطني» برئاسة فايز السراج، من أنقرة.
وبلغ التطابق بين المصالح درجة متقدمة، مع حكومة الوفاق السابقة، خلال المواجهة المشتركة للهجوم العسكري الذي شنه الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، للسيطرة على العاصمة طرابلس في العام 2019. وتمكن الخبراء والضباط الأتراك آنذاك من رد المهاجمين على أعقابهم، باستخدام الطائرات التركية المسيرة، من طراز «بيرقدار» للسيطرة على الأجواء. وتعزز الدور التركي في ليبيا، بالتوقيع على اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين البلدين في شرق المتوسط، وهو اتفاق أثار ردود فعل غاضبة من إسرائيل ومصر واليونان. ويسمح الاتفاق بالتعاون في التفتيش عن الغاز في شرق المتوسط، بالإضافة إلى اتفاق خاص بالتعاون العسكري. ولوحظ في الفترة الأخيرة اتساع رقعة النفوذ العسكري التركي في مناطق مختلفة حول العالم، على رأسها ليبيا.
في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 أعلن فتحي باشاغا، وزير الداخلية السابق بحكومة الوفاق، عن التوقيع على اتفاقيتين بين الجانبين الليبي والتركي. وتتعلق الاتفاقية الأولى بمكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية، وتخص الثانية السيادة على المناطق البحرية. ووفقا لتصريحات باشاغا آنذاك، وقعت حكومة الوفاق على الاتفاقية الثانية من أجل فرض سيطرتها على الأراضي الليبية، مُعتبرا أن الاتفاقية غطت كل الجوانب الأمنية التي تحتاجها حكومة الوفاق، من دون إعطاء تفاصيل.
وذكرت تقارير إعلامية أن تركيا تملك وجودا عسكريا في أربع دول بالشرق الأوسط، وتخطط لزيادة عملياتها في العراق وسوريا. كما حافظت على وجود ملحوظ في الصومال، حيث تعهدت بتحسين الأمن البحري، بناء على اتفاق موقع مع الحكومة الصومالية بداية العام الماضي. وبعد ما كان شعار السياسة الخارجية التركية، على أيام رئيس الحكومة الأسبق أحمد داود أوغلو «صفر مشاكل مع الجيران» تعدد الخصوم والأعداء من بين الجيران. وسعت أنقرة إلى الاستفادة من نفوذها في طرابلس، لتأمين موارد جديدة للطاقة. إلا أن القضاء الليبي ألغى اتفاقية التنقيب عن النفط والغاز بين تركيا وحكومة الدبيبة. مع ذلك تعددت المؤشرات على الاهتمام التركي المتزايد بتطوير العلاقات الثنائية، إذ أدى وزير الخارجية التركي هاكان فيدال زيارة إلى طرابلس هي الأولى في نوعها منذ سنوات. وأعلن أن أنقرة قرّرت إعادة فتحِ قنصليتها في مدينة بنغازي قريبا، بعدما كانت أغلقتها في حزيران/يونيو 2014 بسبب اندلاع حرب أهلية بين «عملية الكرامة» التي قادها خليفة حفتر من جهة، والجماعات المسلحة التابعة لـ«فجر ليبيا» من جهة ثانية.
في غضون ذلك تدهورت علاقات أنقرة مع بعض الجوار وتحسنت مع البعض الآخر، فقد أثرت حربا العراق والصراع في أفغانستان والأزمة مع إيران في تسميم العلاقات بين أنقرة وجيرانها. ولم يكن واضحا ما إذا كانت تركيا راغبة في معاودة النظر في خياراتها الإقليمية، وقادرة على التأقلم مع التغييرات الاستراتيجية، التي عصفت بالنظام الاقليمي القديم. إلا أن الرئيس التركي اردوغان محا كثيرا من نقاط الخلاف مع الدول التي كانت من أشد غرمائه، إذ لم يتوان عن زيارة كل من القاهرة وأبو ظبي، في شباط/فبراير الماضي، لإصلاح العلاقات معهما، وهو ما تحقق فعلا.
وقبل اندلاع انتفاضات «الربيع العربي» ساءت علاقات أنقرة مع عدة دول عربية، فما كان من الرئيس التركي اردوغان إلا أن بذل جهودا كبيرة لإصلاح العلاقات مع تلك البلدان. كما أرسل قوات بحرية وبرية إلى ليبيا لدعم حكومة الوحدة الوطنية، أمام قوات «القيادة العامة» التي تأتمر بأوامر حفتر. واعتبرت صحيفة «ديلي صباح» التركية، في تقرير لها أخيرا، أن سياسة تركيا تجاه ليبيا دخلت مرحلة جديدة، بعد عمليات تطبيع العلاقات مع العديد من الدول، التي كانت في خصومة معها. ومن المصالحات البارزة في هذا السياق استئناف العلاقات مع مصر، التي تشترك مع ليبيا، في حدود يبلغ طولها 1115 كيلومترا، وكذلك عودة العلاقات الطبيعية مع الإمارات، ما كانت له آثار كبيرة على الرؤية المستقبلية للبلدان الأربعة.
وتحرص أنقرة على الإبقاء على مدربين ومستشارين في العاصمة طرابلس، في الوقت الذي ما زالت فيه الأطراف المتنافسة في شرق البلاد وغربها، تُركز جهدها على تذليل الخلافات السياسية. ويجوز القول إن أحد أهداف أنقرة من وجودها في ليبيا هو السعي لتأمين موارد جديدة للطاقة، لا سيما بعد فوزها بدعم الحكومة الليبية لاتفاق بحري مثير للجدل، يعزز من مطالبة أنقرة بمزيد من الحقوق في منطقة شرق المتوسط.
يأتي ذلك وسط مؤشرات اقتصادية سلبية في ليبيا، في مقدمها تراجُعُ إنتاج النفط الخام، جراء الاحتجاجات الاجتماعية والمناكفات السياسية، والتأخير المُسجل في تنفيذ بعض المشاريع، وخاصة في معاودة بناء المدن والمناطق السكنية، التي دمرتها السيول في أيلول/سبتمبر من العام الماضي في درنة ومدن صغيرة مجاورة. واستطرادا تراجعت أيضا تقديرات وكالة التصنيف العالمية «فيتش سوليوشن» للنمو الاقتصادي في ليبيا العام الجاري، بنسبة 7.7 في المئة. وأكدت تقارير اقتصادية مختلفة أن إنتاج النفط الخام تراجع فعلا بنسبة 3.5 في المئة جراء الانزلاق السنوي، كما تراجعت الصادرات من المحروقات، التي تمثل 95 في المئة من مُجمل صادرات البلد، بنسبة 97 في المئة.
يشكل الفساد أحد معوقات النمو الاقتصادي وقد نخر بعض القطاعات وجعل منها مركزا لغسيل الأموال. وسبق أن تحدثت قناة «الجزيرة» عن محاولات تبذل لنقل «الأموال المتسخة» إلى تركيا. وذكرت القناة أن مصادرها كشفت أن تلك الأموال كانت تنقل على عدة أقساط إلى تركيا، حيث جرت محاولات لتبادلها، قبل إرسالها إلى أوروبا. وهكذا بدأ إخراج الأموال من ليبيا، في إطار عملية غسيل أموال واسعة، وظهرت اتهامات للمافيا التركية بالضلوع في تلك العملية، وشملت الاتهامات المافيا الروسية أيضا. وفي هذا المناخ المُدلهم تواجه حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة موجات من الاحتجاجات الاجتماعية، وتقول إنها تسعى إلى الترفيع من رواتب العاملين في القطاع العام للحد من تلك الاحتجاجات، وتشجع على تكثيف الاستهلاك لتنشيط الاقتصاد. وتسترعي هذه التطورات اهتماما متزايدا من القوى الكبرى، ومن بينها أمريكا، التي تعتزم توسيع حضورها السياسي والعسكري والاقتصادي في ليبيا، وجعلها منصة لمراقبة التطورات في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء. ويمكن أن يُستشف ذلك من الطلب الذي تقدمت به وزارة الخارجية الأمريكية إلى الكونغرس، والذي حدد الموازنة المطلوبة من أجل استئناف عمل سفارتها في ليبيا، بعد عقد من التعليق، بـ 12.7 مليون دولار للسنة المالية 2025.
أما في الجانب الروسي فتُشير تقارير إعلامية إلى نشر 1800 جندي روسي في ليبيا، مع نقل بعضهم إلى النيجر المجاورة، بالإضافة إلى وصول سفينة شحن، يبدو أنها نقلت معدات روسية إلى شرق ليبيا، حيث تتصاعد التوترات بين موسكو وواشنطن على وقع الحرب في أوكرانيا. وأقر الأمريكيون بأن هذه التطورات تشكل خطرا على مصالحهم في المنطقة، وخاصة تمدُد القوات الروسية، ولذلك فهم يأخذونها مأخذ التهديد الجدي. ويُعزى ذلك الشعور إلى بداية فشل الاستراتيجيا الأمريكية، التي تقوم على الإبقاء على الدب الروسي بعيدا عن منطقة البحر المتوسط. ومن هنا تسعى الولايات المتحدة إلى احتواء التقدم العسكري الروسي وحصر مداه في سوريا (قاعدة طرطوس) وشرق ليبيا (تسهيلات في طُبرق). وعليه فإن الأمريكيين والغربيين عموما يحتاجون إلى تجديد خططهم الاستراتيجية، بعد التغييرات الكبرى التي عصفت بالمنطقة، وفرضت وضع أهداف استراتيجية مُعدلة، لا تتعلق بشرق المتوسط فقط، وإنما بالقارة الأفريقية برمتها.
تمتلك تركيا الآن قاعدة عسكرية كبيرة في مقديشو، وتدير الشركات التركية مطار المدينة وميناءها. وتشير التقديرات إلى أن تركيا قامت بتدريب أكثر من 16 ألف جندي صومالي، أي ما يعادل ثلث الجيش، سواء على الأراضي التركية أو في قاعدتها في مقديشو، المعروفة باسم توركسوم. واستثمرت حكومة الرئيس التركي اردوغان مبلغًا كبيرًا من المال في الصومال منذ العام 2011 وأنشأت أكبر سفارة تركية في العالم في مقديشو، وقدمت أكثر من مليار دولار من المساعدات الإنسانية للبلاد، استجابة لموجة الجفاف القاتلة. وأتى هذا المنحى «الإنساني» الجديد بعد اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقائد قوات شرق ليبيا اللواء حفتر في أواخر أيلول/سبتمبر الماضي، حيث جرى وضع اتفاق دفاعي، من شأنه أن يؤدي إلى توسيع وجود روسيا العسكري في شرق ليبيا. ويُؤمل الكرملين أن يؤدي هذا التحالف إلى تيسير إنشاء قاعدة بحرية في ميناء طبرق. ولا تُخفي العواصم الأوروبية قلقها الشديد من هذا السيناريو، لكونه سيمنح روسيا القدرة على التجسس على أعضاء الاتحاد الأوروبي بأكملهم.
ويستخدم حاليا الأمريكيون والأوروبيون ورقة سيف الإسلام نجل معمر القذافي، المُتواري عن الأنظار منذ العام 2011 للضغط على موسكو في الملفات الأخرى. وفي هذا الإطار أتت مطالبة واشنطن السلطات الليبية بتسليم سيف الاسلام إلى المحكمة الجنائية الدولية. ويعتبر بعض المراقبين سيف الاسلام، وهو الجواد الذي تُراهن عليه روسيا، أبرز شخصيات النظام السابق فرصا للفوز بالرئاسة في انتخابات حرة وشفافة. لكن الأحكام الصادرة في حقه من القضاء الليبي وسعي المحكمة الجنائية الدولية إلى ضبطه وتوقيفه، تجعل تلك العملية في حكم المستحيل، وبالتالي فإن الأمر يتعلق بورقة ضغط على الكرملين وليس أكثر من ذلك.
شيخنا مفتي الديار العلامة الشيخ الصادق الغرياني اين انت من هدا … وكذلك اين انت من تهريب الذهب من مصراتة الي تركيا شيخنا مفتي الديار هل حان وقت التحرك
قولها يا شيخ قولها قول انها ضاعت قول لا وجود لا للأخلاق ولا الاداب ولا للثقافة … قولها ياشيخ لقد كثر الخبث … ولقد حان وقت عقاب الخبث والخبثاء كما قال الحق و رسوله الصادق الامي صلي الله عليه وسلم وعلي اله وصحبه اجمعين