إسطنبول ـ «القدس العربي»: قدم حزب العدالة والتنمية الحاكم رسمياً، امس الثلاثاء، رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان مرشحاً للحزب في أول انتخابات رئاسية بالاقتراع الشعبي العام، ستشهدها البلاد في العاشر من آب/أغسطس المقبل.
وسينافس أردوغان كل من المرشح التوافقي للمعارضة التركية «أكمل الدين إحسان أوغلو» الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي، ومرشح حزب الشعوب الديمقراطي الكردي المعارض «صلاح الدين دميرطاش»، حيث يعتبر أردوغان الأوفر حظاً من بين المرشحين للنيل بمنصب الرئيس الثاني عشر للجمهورية التركية.
وفي حال فوزه، سيعتبر أردوغان أول رئيس تركي مدني منتخب لمدة خمس سنوات من قبل الشعب، على عكس باقي الرؤساء الذين كان يتم اختيارهم من قبل البرلمان أو من قبل المجالس العسكرية التي قادت عدداً من الانقلابات عبر تاريخ تركيا، وسيكون ثاني أطول شخص يحكم تركيا بعد الزعيم التاريخي مصطفي كمال أتاتورك. أردوغان أكد في كلمة له في المؤتمر الضخم الذي عقده «العدالة والتنمية» في العاصمة أنقرة أن انتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب مباشرة، «ليس مجرد تغيير إجرائي، أو تغيير لشكل الإدارة، وإنما هو نهاية لتاريخ الوصايات.. علينا أن ندرك الأمر على هذا النحو».
وشدد أردوغان في خطابه أمام 4 آلاف من كبار الشخصيات السياسية في تركيا، على انه سوف يعمل جاهداً لأن يكون رئيسا للجهورية التركية، وليس رئيسا لحزب أو فئة معينة، وقال: «لا داعي لأن يقلق أي أحد، سأكون رئيسا لجميع المواطنين، سواء صوتوا لي، أم لا»، معرباً عن «إحساسه بعظمة المسؤولية».
وأكد على التماسك الذى يتمتع به حزبه، قائلاً «من يعتقد أن حزب العدالة والتنمية، سيزول عقب غياب أردوغان، لم يستوعب جيدا القضية التي نمضي في سبيلها»، مشدداً على ضرورة مواصلة مسيرة السلام الداخلية مع الأكراد.
وسيتوجب على أردوغان أن يتخلى عن منصبه بمناسبة الانتخابات التشريعية عام 2015 بموجب قانون داخلي لحزب العدالة والتنمية يحظر على أعضائه تولي أكثر من ثلاث ولايات متتالية.
واعتبر أن أهم وظيفة تقع على عاتق رئيس الجمهورية هى «القضاء على كافة المحاولات التي تستهدف وحدة الأمة، وأمنها الوطني»، قائلاً: «لن نتهاون على الإطلاق حيال الكيان الموازي المتغلغل داخل الدولة، بل سنواصل مكافحة هذا الكيان، الذي يُستخدم كأداة لاستهداف استقلال بلادنا، سنقضي على هذا الكيان القذر تماما وبسرعة في إطار القانون».
ويشن أردوغان منذ أشهر حملة واسعة للقضاء على نفوذ جماعة «خدمة» وزعيمها الداعية فتح الله غولن التي تمتلك نفوذاً واسعاً في مفاصل الدولة التركية، وخاصة في جهازي القضاء والشرطة، ويتهمها أردوغان الذي يطلق عليها مصطلح «الكيان الموازي» بالسعي إلى الانقلاب عليه واسقاطه.
وصوت على قرار ترشيح أردوغان، جميع أعضاء الحزب ونوابه في البرلمان، وقال نائب رئيس الحزب «مهمت علي شاهين»: «كل نواب الحزب دون استثناء وقعوا على استمارات لترشيح أردوغان للرئاسة، وذلك بالإضافة إلى مختلف مكونات الحزب في كل المستويات وفي كل المحافظات». وسيستمر أردوغان في مناصبه الحالية برئاسة الحكومة والحزب إلى حين عقد الانتخابات، لكنه سيكون ملزماً بالإستقالة من رئاسة الحزب في حال فوزه بالرئاسة، بحسب ما ينص عليه القانون التركي.
ويتمتع أردوغان الذي يشغل منصب رئاسة الوزراء منذ 12 عاماً بقاعدة شعبية واسعة نتيجة الإصلاحات، التي شملت الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقضائية، بالإضافة إلى تعديل دستور 1882، وإنهاء الوصاية العسكرية على الحياة السياسية في البلاد.
وهو يسعى الى وضع تركيا في مصافي العشر قوى العظمى عالمياً، بحلول عام 2023 من خلال خطة واسعة شملت النهوض بكافة مناحي الحياة، وسعيه للوصول الى حل شامل ونهائي للقضية الكردية والمسألة القبرصية، وتعزيز الحريات الدينية للعلويين في البلاد.
المعارضة التركية متمثلة بأكبر أحزابها الشعب الجمهوري والحركة الديمقراطية يواجهان مشاكل داخلية واسعة نتيجة عدم قبول شريحة واسعة من القاعدة الشعبية لهما عن مرشحها التوافقي «إحسان أوغلو»، في ظل أنباء عن نية نواب من حزب الشعب الجمهوري ترشيح أحدهم للانتخابات، مما يهدد بحدوث انشقاق داخلي كبير داخله.
وفي أول تعقيب له على ترشح أردوغان، قال «إحسان أوغلو» إنه يتمنى التوفيق لمنافسه ويتمنى ان تجرى الانتخابات في أجواء ديمقراطية وأنه يحترم إرادة الناخب التركي، معتبراً أن «على الرئيس الجديد للبلاد العمل على إرساء الاستقرار، وتوحيد فئات المجتمع وإعادة اللحمة». وكان حزب «الشعوب الديمقراطي» الكردي المعارض، أعلن الإثنين، رئيسه «صلاح الدين دميرطاش»، مرشحاً للإنتخابات.
ويرى مراقبون أن المحافظين الأكراد سيصوتون لصالح أردوغان، في حين سيصوت القوميين للمرشح الكردي «دميرطاش».
وفاز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية السابقة التي جرت في الثلاثين من آذار/مارس الماضي بنسبة 46% من أصوات الناخبين، على الرغم من الحملة الواسعة التي تعرض لها الحزب وزعيمه أردوغان من قبل تحالف المعارضة وما يعرف بـ «الكيان الموازي».
وكشفت دراسة أجراها معهد «جينار» الأيام الماضية أن أردوغان سيحصل على 55% من أصوات 52.6 مليون ناخب تركي، بينما كشفت دراسة أخرى لمعهد «ماك كونسلتنسي» أنه سيحصل على 56.1% متقدما على كافة منافسيه.
إسماعيل جمال