بغداد ـ «القدس العربي»: أثار توجه البرلمان العراقي، إجراء تعديل على قانون الأحوال الشخصية، موجة ردود فعل غاضبة قادها سياسيون وأحزاب مدنية حذروا مما وصفوه «تكريس الطائفية» وسلطة الدين، ومنح أحزاب السلطة نفوذاً أكبر، وسط انتقاد منظمات حقوقية ولخبراء في القانون أيضاً.
ورفع مجلس النواب، فقرة القراءة الأولى لمقترح قانون «تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المادة (2)» من جدول أعمال جلسته المعقدة أمس الأربعاء، استجابة لطلب تقدم به عشرات النواب.
ويقضي العديل في إحدى فقراته بمنح الزوج الأحقية في اختيار المذهب الذي يتم على أساسه عقد القران.
وينص القانون المعمول به حاليا على أن للأم الحق بحضانة الولد وتربيته حال الزواج وبعد الفرقة، ولا تسقط حضانة الأم المطلقة بزواجها، في حين أن التعديل، يسلب الأم حق حضانة الولد إذا تزوجت، وللولد المحضون حق الاختيار عند بلوغ الخامسة عشرة من العمر، في الإقامة مع مَن يشاء من أبويه إذا أنست المحكمة منه الرشد في هذا الاختيار، بينما التعديل الجديد على القانون هو تخييره بعمر سبع سنوات فقط.
كما ينص القانون المعمول به حاليا، على أن يكون التفريق وفقا للقانون المدني، لكن التعديل يقضي أن يتم وفقا للفقه السني أو الشيعي حسب اختيار الزوجين، وفي حال لم يكن للزوجة مذهب فقهي، للاحتكام إليه، تعتمد المحكمة مذهب الزوج في التفريق بينهما، بما يتعلق بالحقوق.
ويتضمن التعديل أيضا، إدخال الوقفين السني والشيعي في قضايا الخلع والتفريق، وهو ما اعتبره الرافضون للقانون ترسيخاً للطائفية في إدارة الدولة والقضاء، وابتعاداً عن الدستور الذي نص على مدنية الدولة العراقية.
وأوضح «المرصد العراقي لحقوق الإنسان» أن «التعديل يستند إلى التشريع الإسلامي بمذهبيه الشيعي الجعفري والسني بشكل عام دون تحديد أحد مذاهبه الأربعة، مما يثير مخاوف جدية بشأن تقييد الحريات الأساسية للمواطنين العراقيين».
واعتبر أن «التعديل قد يؤدي إلى انتهاك الحقوق الدستورية والقانونية للطوائف المتعددة التي تتبع الدين الإسلامي في العراق» مؤكداً أن المادة 41 من الدستور العراقي تنص: «العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم، أو مذاهبهم، أو معتقداتهم، أو اختياراتهم».
وأفاد بأن «التزامات العراق بموجب الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) تفرض حماية حقوق الأفراد في اختيار وتحديد أحوالهم الشخصية دون تمييز».
وطبقاً للمرصد الحقوقي فإن «الفقرتين (ب) و(ت) من المادة الأولى، اللتين تشير إلى اعتماد (مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية) قد تفتح المجال لتفسيرات فقهية واسعة تؤدي إلى تطبيقات غير متساوية وغير عادلة. النصوص القانونية يجب أن تكون مرجعية ثابتة وواضحة لضمان حقوق جميع المواطنين دون تمييز».
بالإضافة إلى ذلك، تُنيط الفقرتان (ث) و(ج) من المادة الأولى مهمة بناء المدونة إلى رأي المرجع المشهور في المذهبين الشيعي الجعفري والسني، مما يثير التساؤلات حول معايير الشفافية والتطبيق العادل للمعايير الفضلى في حقوق الإنسان، «لذا يجب أن يكون اختيار المرجعيات الدينية بناءً على معايير واضحة وشفافة لضمان تطبيق القانون بشكل عادل ومنصف» حسب التقرير.
وعبّر المرصد أيضاً عن قلقه من إن «المادة الثانية من التعديل تجيز تصديق عقود الزواج الشرعية خارج الهيئات القضائية، مما يشجع على الزواج خارج المحاكم المختصة دون ضمانات قانونية كافية لحماية حقوق الزوجين» مشدداً على وجوب أن «تكون جميع عقود الزواج مصدقة أمام المحاكم المختصة لضمان حماية حقوق جميع الأطراف المعنية ولضمان توفر ضمانات قانونية يمكن الرجوع إليها في حالات النزاع».
قوى مدنية تحذّر من تكريس الطائفية وتعزيز نفوذ أحزاب السلطة
المحامي والحقوقي محمد جمعة في «تدوينة» له، قال إن التعديل «يعني سن الزواج في تسع سنوات (زواج الأطفال) وحرمان النساء من الإرث في العقارات، والنفقة بشرط الاستمتاع، إذ أن الزوجة التي لا تمكن الزوج من الاستمتاع بها لا نفقة لها. هذا القانون هو رصاصة الرحمة في جسد المجتمع العراقي».
ووفق القانوني أحمد الزيادي، «يتضمن نص المادة (1) قيوداً على الحرية الشخصية للأفراد في اختيار المذهب، حيث يفرض على الزوجين اختيار مذهب معين لتطبيقه في جميع مسائل الأحوال الشخصية، مما يعارض مبادئ الحرية الدينية والفكرية. إذا اختلف الزوجان على المذهب بعد الزواج سيتعين عليهم اللجوء إلى المحكمة لحل الخلاف، مما قد يسبب تعقيدات قانونية وتأخيراً في حل النزاعات».
وأضاف: «تنص المادة (2) على أن يكون تصديق عقود الزواج بيد من لديه تخويل شرعي أو قانوني من القضاء أو من ديواني الوقفين السني والشيعي، مما يعني تفضيل المؤسسات الدينية السنية والشيعية، وهذا قد يتعارض مع مبادئ العدالة والمساواة بين جميع المذاهب والأديان. تأكيد تصديق عقود الزواج بهذه الطريقة قد يعرض حقوق المرأة للانتهاك إذا لم يكن هناك توازن في تطبيق القوانين الشرعية بشكل يضمن حقوقها بالكامل. الاعتماد على رأي المجلس العلمي في الفقه في حل الخلافات القانونية دون تحديد واضح لصلاحياته وآلياته قد يفتح الباب للتأويلات المتباينة مما يعقد عملية تطبيق القانون».
قالت السياسية والناشطة النسوية آلا طالباني، إن «التعديل سيقسم العراق أكثر، وسيولد انفلاتاً كبيراً في القانون وستتحول قضايا الأحوال الشخصية إلى خارج المحاكم الرسمية».
أما النائبة نور نافع الجليحاوي، فعلقت: الغاية من التعديل «تفكيك الأسرة العراقية والسماح للعقود خارج الأطر القانونية بأن تكون أوسع وإعطاء الشرعية الواضحة لزواج القاصرات، وبالتالي دعم زيادة حالات الطلاق وتعميق النفس الطائفي بين أفراد المجتمع».
في الأثناء، عبّر المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، عن رفضه للتعديل الذي «يتعارض مع (المادة 14) من الدستور، التي تكفل مساواة العراقيين أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس، أو العرق، أو القومية، أو الأصل، أو اللون، أو الدين، أو المذهب، أو المعتقد، أو الرأي، أو الوضع الاقتصادي، أو الاجتماعي».
ورأى أن «التعديل المقترح يقسم العراقيين وفقاً للمذهب، بما يكرس النزعة الطائفية المقيتة، التي ألحقت أضراراً جسيمة بالمجتمع العراقي، وأشعلت الحروب والانقسامات التي ما زلنا نعاني من آثارها لغاية يومنا هذا».
كذلك، حذّرت حركة «نازل أخذ حقي الديمقراطية» من خطورة فتح الباب أمام زواج القاصرات وزيادة حالات الطلاق والعنف الأسري في حال إجراء التعديل على القانون.
وذكرت في بيان صحافي، إنه «في الوقت الذي يعاني فيه العراق من حالة لا استقرار مجتمعي بسبب ازدياد حالات الطلاق والعنف الأسري دون وجود حلول ومعالجات واقعية لهذه المشاكل، نستغرب من اقتراح اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي تعديل قانون الأحوال الشخصية من خلال تبني التوجه المذهبي والطائفي في معاملات الزواج، مما يفتح الباب أمام زواج القاصرات واليافعين».
وأفادت بأن «هذا الاقتراح يشكل سابقة خطيرة تهدد الوضع المجتمعي الذي يعاني كثيراً، حيث سيؤدي إلى تزايد حالات الطلاق والتفكك الأسري في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يمر بها المجتمع العراقي».
واعتبرت الحركة المنبثقة عن حراك تشرين/ أكتوبر الاحتجاجي، إن «إلغاء العقوبة المترتبة على عقود الزواج الخارجية سيسمح بتعدد الزواجات، مما سيزيد الأزمات الأسرية تعقيداً» مبينة إن «من المفترض أن تكون الأولوية لتشريع وتعديل قوانين تضمن حماية الأسرة والطفل وتحد من العنف المتزايد تجاه هذه الشرائح المجتمعية الهشة».
وأكدت أن «التعديلات المقترحة ستخضع البنية المدنية الحديثة للأسرة العراقية للاجتهادات الفقهية، مما يهدد حضانة الأم والأسر الناتجة عن زواج أبناء طائفتين مختلفتين، ويحد من قدرة قانون الدولة على حماية حقوق وحريات مواطنيها، ويضعف مفهوم الوطنية لصالح الجماعة والفئة».
وختمت بيانها بالقول: «لا يخفى على أحد أن حرية التعبير والرأي مكفولة للجميع في تبني الآراء أو التوجهات العقائدية أو المذهبية، ولكن تعديل القانون دون مراعاة النتائج المترتبة على ذلك سيخلق مشاكل وأزمات جديدة، لذا، ندعو مجلس النواب العراقي لتحمل مسؤوليته تجاه المجتمع وضمان أمنه وسلامته وعدم تمرير التعديل بصيغته الحالية، كما نعلن رفضنا القاطع لصيغة التعديلات المقترحة وندعو القوى الوطنية للتصدي لها بكافة الوسائل الدستورية والقانونية».
كما رأى تحالف «قيم المدني» إن التعديل يكرّس الطائفية في البلاد ويعزّز سطوة أحزاب السلطة.
وقال في بيان أصدره تعليقاً على الحراك البرلماني لتعديل القانون، بأنه «محاولة جديدة لتكريس الطائفية والعبث في المجتمع، بعدما عبثت به تلك المحاصصة المقيتة في العملية السياسية وأفرغتها من تأثيرها الديمقراطي، حيث تعمل قوى المحاصصة الطائفية على فرض هيمنتها وسطوتها على المجتمع».
وتأتي هذه المحاولة، حسب البيان، في وقت «يستمر فيه مجلس النواب بغض النظر عن قوانين أخرى، تصب في مصلحة الشعب والبلد، ولم نشهد حتى الآن صوتاً مدافعاً عن حقوق الناس، فيما غاب تماماً دوره الرقابي، وهو لم يحقق حتى الآن مهمة انتخاب رئيس له وانتخاب رئاسة بعض لجانه، والسبب هو نهج التحاصص الذي تعمل فيه القوى السياسية، فاذا كانت المحاصصة تعطل انتخاب رئيس مجلس النواب العراقي ورئاسة لجانه الدائمة، فكيف له أن يشرع قانونا يكرس المحاصصة مجتمعياً».
وأكد التحالف، رفضه إدراج مسودة مشروع التعديل في جدول أعمال المجلس، معتبراً أنها «تقوض سلطة القضاء وتجعله شيئا ثانويا، وهذا ما يتناقض مع النهج الديمقراطي في تعزيز دور القضاء» فيما دعا النواب «الذين يعز عليهم بلدهم ويرفعون شعار المواطنة واحترام حقوق الناس، الضغط بكافة الوسائل لرفض إدراجه».
كما دعا الجماهير الرافضة للمحاصصة الطائفية والمذهبية، ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات النسوية إلى «توحيد جهودها للوقوف بوجه قوى التخلف والفساد التي تحاول فرض هيمنها المذهبية والطائفية والتصدي لأي محاولة لضرب الوحدة الوطنية».
ابو علي
انا مع التعديل لان من الخطاء نسمح للمطلقات بحضانة طفل مع زوج جديد بعد ما الزوجة افتعلت الازمات واخذت كل الحقوق بامر قضائي ليس لها الحق به ( الحاضر والغايب والطفل ) اضافة مصاريف الزوج من خطوبة وعزائم وبالتالي يدفع نفقة علما ٩٠٪ المتزوجين من عمر ١٥ الى ٢٢ في بداية الطريق يدفع كل هذا سوف يبقى مثقل بديون لا تنتهي يمكن لغاية عمر ٤٠ سنة سببها تهور الزوجة ومن وارائها الام الى اخره من المشاكل وتهديم اسره
في موضوع الحضانة النسبة الكبيرة تؤيد ان يكون الطفل لدى الام وعند البلوغ يعني ب١٥ سنه يختار لان بعمر ٧ سنوات بعده مايميز .أما إذا تزوجت المطلقة ولديها اطفال فالاب يكون هو واجبه او بكون اتفاق وتنحل المشكلة