تقليص الحدود التي يتطلع اليها يقلل من احتمالات نشوب الحرب القادمة
علي شارون أن يسعي لمنح الفلسطينيين دولة مستقرة مستفيدا من عِبرة اوروبا طالما أنه تعلم الدرس الاول بوجوب فك الارتباطتقليص الحدود التي يتطلع اليها يقلل من احتمالات نشوب الحرب القادمة قبل أكثر من ثلاثين عاما قام بنحاس سفير بتوبيخ نواب حزب العمل الذين أيدوا الاستيطان. سفير قال في حينه انه اذا سيطرت اسرائيل علي المناطق وتواصلت الهجرة بالوتيرة التي تجري فيها خلال سنوات الدولة الخمسين، فستكون نسبة السكان العرب 48.5 في المئة من مجموع الناس الذين يعيشون تحت سيطرة اسرائيل. وحتي اذا ازدادت وتيرة الهجرة بصورة ملموسة، أضاف سفير، فسيبلغون 40 في المئة علي الأقل.فكيف حينئذ يريد مؤيدو الاستيطان ـ موشيه ديان بالتحديد، ولكن ايضا شمعون بيريس وايغال ألون ويسرائيل غليلي ـ أن تكون هنا دولة يهودية اذا عززنا وثبّتنا سيطرتنا في المناطق؟ سأل بنحاس سفير.توقعات سفير كانت شبه كاملة ومثالية. خلال سنوات الدولة الخمسين بعد الهجرة الروسية كانت نسبة السكان العرب بين البحر والنهر في منتصف المسافة بين الأرقام التي ذكرها. اليوم أصبح عدد السكان بين النهر والبحر منقسما تقريبا الي نصف بنصف (نسبة السكان العرب داخل الدولة وراء الخط الاخضر تبلغ خُمس عدد السكان).اذا حكمنا علي الامور حسب وثيقة مباديء لخطة سياسية التي طرحها حزب كديما والتي نشرت في معاريف في الاسبوع الماضي، فقد أدرك شارون في عام 2003 ما كان سفير قد تحدث عنه قبله بثلاثة عقود. الامر الذي دفع شارون الي التوجه نحو فك الارتباط والذي وقف من وراء رغبته في تحديد حدود اسرائيل الشرقية علي مسافة قريبة من الخط الاخضر ليس حقيقة أن نظام الاحتلال هو غير اخلاقي ووحشي وفاسد.هذه أمور لم تقلقه أبدا في أي وقت من الاوقات. ولكن شارون كان وما زال صهيونيا، وعليه، تقول الوثيقة: التنازل عن جزء من ارض اسرائيل ليس تنازلا عن الايديولوجيا وانما تحقيقا للايديولوجيا التي تسعي لضمان بقاء دولة يهودية وديمقراطية فوق ارض اسرائيل .ضمان هذه الأهداف العليا للصهيونية، كما توضح الوثيقة، يستوجب وجود اغلبية يهودية في دولة اسرائيل . هذا منطق العودة نحو الخط الاخضر.ولكن من الأجدر أن نضيف شيئا ما آخر لهذه الخطة. الافتراض بأنه كلما كان الفلسطينيون أضعف كان وضعنا أفضل علي المدي البعيد، ليس بالأمر الدقيق. يتوجب تحديد الحدود ليس وفقا لمقياس يقول أنه كلما كانت المساحة الموجودة لدينا أكبر كان ذلك أفضل. الحدود يجب أن توضع بصورة تُمكّن الدولة الفلسطينية من الحفاظ علي بقائها بصورة راسخة ومستقرة. لأنه اذا لم تكن الحياة هناك حياة، فلن تظهر في المستقبل ايضا قيادة راغبة في الاستقرار.هذا الدرس تعلمناه في اوروبا عندما كان كل ما أرادت الدول العظمي المنتصرة فعله بعد الحرب العالمية الاولي هو الانتقام من الألمان. بعد اتفاق فرساي بعقد ونصف اتضح في الحرب العالمية الثانية أن هذه كانت فكرة سيئة جدا. نفس الشيء يُقال هنا: اذا لم تكن للفلسطينيين دولة تسمح بالعيش فيها، فستكون لديهم دافعية أكبر للموت من اجلها.بكلمات اخري، يجدر بشارون أن يتعلم المزيد من بنحاس سفير، عدا عن الأرقام التي تبينت صحتها. والدرس هو: من الأجدر أن ينظر للمستقبل وليس تحت أنفه فقط. من الأجدر ايضا توقع الحرائق وليس فقط القيام باطفائها في اللحظة الأخيرة. أي من الأجدر علي المدي الأبعد أن تُقلص الحدود التي يتطلع اليها شارون احتمالات نشوب الحرب القادمة.غادي تؤوفكاتب في الصحيفة(معاريف) 4/1/2006