تنظيم الدولة الإسلامية يصف الانتفاضة العشائرية في سوريا: صراع مصالح داخل «قسد»

منهل باريش
حجم الخط
0

يشير الهجوم القريب من حقل الضبيات إلى ازدياد قوة التنظيم، ما يعني أنه سيستغل فصل الشتاء لقطع خطوط الإمداد بين شرق سوريا وغربها.

بعد مرور قرابة الثلاثة أشهر على انتفاضة العشائر العربية ضد قوات سوريا الديمقراطية «قسد» في شرق الفرات، ما زال تنظيم «الدولة الإسلامية» يحافظ على ابتعاده عن التوتر الحاصل على الضفة اليسرى للنهر بين العشائر العربية وقوات سوريا الديمقراطية «قسد».
حيث أعلن تنظيم «الدولة الإسلامية في الشام والعراق» أن ما يحدث هو صراع مصالح بين المكون العربي والكردي ضمن «قسد». وطالبت افتتاحية العدد 406 من صحيفة «النبأ» الناطقة باسم التنظيم المسلمين بتجنب المشاركة في هذا الصراع. وذكرت افتتاحية العدد الصادر في 31 أب (أغسطس) الماضي «من الناحية الشرعية، القتال الذي يجري في مناطق شرق الفرات اليوم، بين شقي (بي كي كي) العربي والكردي، هو قتال جاهلي في سبيل الطاغوت، يجب على المسلمين في تلك المناطق بذل الوسع في تجنبه، صوناً لدينهم أن يضيع ولدمائهم أن تسفك في ميتات جاهلية».
ميدانيا، استمرت وتيرة الاستهدافات على حالها المعتادة إذ لا يلحظ أي تغيير يشير إلى هجمات كبيرة على غرار تلك الحاصلة في البادية السورية قرب مدينتي السخنة وتدمر، ولا يظهر تسلل عناصر التنظيم ضمن المقاتلين العشائريين المنتفضين ضد «قسد».

ثلاث هجمات

وتبنى تنظيم «الدولة» ثلاث هجمات خلال العشرة أيام الماضية (حتى يوم الخميس الماضي) وأشار الانفوغرافيك الأسبوعي الذي ينشر على معرفات التنظيم الرسمية على وسائط التواصل الاجتماعي، أن التنظيم شن 26 عملية في مختلف مناطق نشاطه في قارتي أفريقيا وآسيا. و كانت نسبة العمليات الأكبر في أفريقيا، أو ما يسميها التنظيم ولاية غرب أفريقيا بمعدل 11 هجوما، إضافة إلى 43 قتيلا وجريحا وهي النسبة التي تبلغ ثلثي القتلى والجرحى من مجمل عدد الهجمات البالغ 26 هجوما خلال أسبوع واحد.
ويوضح الانفوغرافيك المسمى «حصاد الأجناد» أن العمليات في سوريا والعراق بلغت ثلاث في كل دولة، تركز هجوما العراق في محافظتي كركوك والأنبار، فيما نفذ عناصر التنظيم ثلاث هجمات في محافظة دير الزور شرق البلاد.
وفي مصدر آخر، تبنى التنظيم ثلاث هجمات، أولها يوم الاحد في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، حيث استهدفت خلية تابعة للتنظيم عنصرا يتبع إلى «قسد» وهو يركب دراجة نارية بواسطة مسدس كاتم للصوت، ما أدى لمقتله على طريق أبو حمام شرقي دير الزور.
كما هاجم مقاتلو التنظيم، السبت الماضي، دورية للشرطة العسكرية التابعة لـ«قسد» قرب حاجز الجرس في منطقة البصيرة شرق دير الزور أيضا، بواسطة الرشاشات دون تأكيد لحجم الخسائر الواقعة بالدورية المذكورة.
وعلى الضفة الغربية لنهر الفرات، هاجم مقاتلو التنظيم آلية لجيش النظام السوري، حيث أوقعوا آلية دفع رباعي بكمين محكم قرب بلدة موحسن شرق دير الزور وأدى الهجوم لمقتل العنصرين الذين يستقلا سيارة الدفع الرباعي.
والجمعة، هاجم عناصر مجهولون سيارة شحن نوع هونداي-انتر عسكرية تتبع لقوات سوريا الديمقراطية جنوب بلدة الشدادي بريف محافظة الحسكة، وأدى الهجوم لمقتل عنصر من «قسد» وجرح آخرين، ورجح مصدر محلي في الشدادي لـ«القدس العربي» أن يكون عناصر تنظيم «الدولة» هم من نفذ الهجوم حيث اعترض رجلان يركبا دراجة نارية الشاحنة وفتح العنصران نيران رشاشيهما قبل أن يلوذا بالفرار.
إلى ذلك، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عناصر التنظيم هاجموا مجموعة من رعاة الأغنام في منطقة جزل في بادية حمص. لافتا إن المرتزقة قتلوا راعياً واختطفوا آخرين، وسرقوا أكثر من 1000 رأس من الأغنام، ولاذوا بالفرار.

الهجوم القريب من حقل الضبيات

فجرت خلايا التنظيم عبوة ناسفة بسيارة تتبع للفرقة 25 – مهام خاصة التي يقودها اللواء سهيل الحسن الملقب بالنمر قرب حقل الضبيات للغاز شرق تدمر، وأدى التفجير لمقتل عدة عناصر وجرح آخرين اسعفوا إلى مستشفى مدينة تدمر العسكري. وبلغ عدد هجمات التنظيم قرابة 60 هجوما خلال الشهرين ونصف الأخيرين، ليبلغ عدد القتلى الذين أعلن مسؤوليته عن مقتلهم نحو 90 قتيلا عدا عن الجرحى.
الهجوم القريب من حقل الضبيات دفع القوات الروسية للتدخل السريع خشية المس بمصالح بلدها الاقتصادية والتي تقوم بتشغيل الحقل وتولي قوات فاغنر ومجموعات أمنية محلية مسؤولية حمايته. ونفذت القاذفات الجوية الروسية عدة غارات استهدفت محيط حقل الضبيات بعد أن شن مقاتلو التنظيم هجومها آخر ضد عناصر الدفاع الوطني الذين جاؤوا لإسعاف زملائهم في الفرقة 25 والذين جرحوا في تفجير الآلية المذكورة أعلاه.
وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان 149 عملية قامت بها خلايا تنظيم «الدولة الإسلامية» ضمن مناطق نفوذ «الإدارة الذاتية» منذ مطلع 2023 تمت عبر هجمات مسلحة واستهدافات وتفجيرات، ووفقاً لتوثيقات المرصد السوري، فقد بلغت حصيلة القتلى جراء العمليات آنفة الذكر 104 قتيلا، هم: 22 مدنيا و77 من قوات سوريا الديمقراطية ومن قوى الأمن الداخلي وتشكيلات عسكرية أخرى عاملة في مناطق الإدارة الذاتية.
وفي البادية السورية، أكدت شبكة البادية 24 الإخبارية المحلية، أن حزب الله اللبناني أخلى مجموعة من عناصره من إحدى المواقع بالقرب من حاجز البصيري على طريق تدمر، وتبين ان عمليات نقل العناصر هي باتجاه القلمون دون أن تحدد الشبكة الموقع الجديد على وجه التحديد.
وفي تطور لافت، هاجمت إسرائيل نهارا مزرعة تتبع للميليشيات الإيرانية في محيط السيدة زينب جنوب دمشق، وأدى الهجوم إلى مقتل عنصرين سوريين في مزرعة يسيطير عليها حزب الله ويتخذ منها مقرا عسكريا.
ويشير شريط فيديو صوره أحد المسعفين والذين دخلوا إلى المزرعة المدمرة بحثا عن ناجين، أن المكان شبه خال ولا آثار واضحة لكونه مقرا عسكريا يوميا وانما على الأرجح يستعمل كمستودع للأسلحة المنقولة عبر مطار دمشق الدولي سابقا أو عبر العراق وصولا للبنان وجنوب سوريا. وتقع المزرعة المستهدفة بين مدينة السيدة زينب ومنطقة معامل الدفاع ومطار دمشق الدولي المعطل وخارج الخدمة حاليا. ويقول المرصد السوري إن مجمل عمليات القصف الإسرائيلي ضد الأراضي السورية بلغ نحو 54 مرة دمرت 110 أهداف بينها مستودعات للأسلحة والذخائر والصواريخ إضافة لمقرات سيطرة وتحكم وتصنيع حربي.
التطورات الميدانية والتصعيد في المنطقة دفع تركيا إلى استغلال الانشغال بغزة، ورفعت من وتيرة استهدافاتها في كل من العراق وسوريا. حيث نفذت الطائرات المسيرة التركية عدة هجمات في مناطق مختلفة واقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
واستهدفت طائرة مسيرة تركية موقعا لـ«قسد» بغارة جوية في قرية البوغاز غربي مدينة منبج. كما قصفت طائرة بيرقدار مرآب للآليات العسكرية التابعة لمجلس منبج العسكري الموالي لـ«قسد» في بلدة صرين بريف حلب الشرقي.
تشير الهجمات المتكررة وزيادة نشاط خلايا تنظيم «الدولة الإسلامية» في البادية السورية إلى أن خلايا التنظيم أصبحت قادرة على توسيع دائرة ضرباتها في عدة مناطق وما الهجوم القريب من حقل الضبيات إلا بمثابة مؤشر واضح إلى ازدياد قوة التنظيم، ما يعني أنه سيستغل فصل الشتاء لتعقيد المشهد الأمني في البادية السورية وبالأخص من ناحية قطع خطوط الإمداد بين شرق سوريا وغربها.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية