تهديدات ايران للسعودية وعواقب «الحرب النفطية»

حجم الخط
42

في تصريحات غير مسبوقة، توعد الرئيس الإيراني حسن روحاني امس الأول الدول التي اعتبر انها تقف وراء انهيار أسعار النفط بانها «ستندم على قرارها»، وذكر تحديدا السعودية والكويت مؤكدا انهما «ستعانيان من تراجع الأسعار مثلما تعاني بلاده».
وتنكر السعودية والكويت اي دور لهما في انهيار الاسعار التي فقدت 60 في المئة من قيمتها منذ يونيو/ حزيران 2014، بسبب زيادة الانتاج، خاصة النفط الصخري في الولايات المتحدة، وتراجع الطلب في أوروبا وآسيا تحديدا.
وتفيد الهيئة الأمريكية للمعلومات النفطية بأن العقوبات المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي جعلت صادراتها تتراجع من 2.5 مليون برميل يوميا عام 2011 إلى حوالي مليون برميل يوميا. وعوضت إيران خسائر تراجع صادراتها بارتفاع الأسعار، ولكن الوضعية تغيرت الآن.وأشار روحاني في خطابه إلى تبعية اقتصاد السعودية والكويت إلى صادرات النفط.
ولا يمكن هنا التقليل من اهمية تصاعد التوتر الى حد التهديدات العلنية، كما لا يمكن تجاهل ان اندلاع حرب الخليج في العام 1990 جاء بعد خلافات بشأن اسعار النفط ايضا.
وتظهر البيانات الاقتصادية أن 80 في المئة من ميزانية السعودية ترتكز على إيرادات النفط، بينما يصل اعتماد ميزانية الكويت على النفط إلى نسبة 95 في المئة.
وشكلت مبيعات النفط في عام 2013 نسبة 90 في المئة من إيرادات السعودية و92 في المئة من إيرادات الكويت.
وفي المقابل، فإن ثلث ميزانية إيران فقط تعتمد على مبيعات النفط، ويشكل نسبة 60 في المئة من صادرات البلاد، حسب روحاني.
وقررت منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك) عدم خفض الانتاج لدعم الأسعار. وتقول السعودية إنها قادرة على تحمل تبعات انهيار أسعار النفط، وأعلنت برامج نفقات ضخمة هذا العام.
وعلى الصعيد الاقتصادي تجادل السعودية بأن الامر لا علاقة له باستخدام النفط كسلاح سياسي، وانها محقة في رفض خفض انتاجها سعيا الى الحفاظ على حصتها من السوق في مواجهة المنتجين الثانويين الذين يعتمدون على النفط الصخري، ويبدو ان استراتيجيتها تقوم على اخراج هؤلاء من السوق عبر السماح بهبوط الاسعار الى حد لا يستطيعون معه مواصلة الانتاج.
الا انه من الناحية الجيوسياسية لا يمكن تجاهل ان الانهيار في اسعار النفط يوفر ورقة ضغط قوية للسعودية ضد ايران وروسيا باتجاه دفعهما الى اعادة النظر في سياساتهما في عدد من الملفات الاقليمية وعلى رأسها سوريا. وبالفعل فقد ساهمت اسعار النفط في تعميق ازمة الاقتصاد الروسي مع انهيار الروبل مؤخرا، وهو الذي فشلت موسكو في انقاذه حتى بعد ان رفعت سعر الفائدة الى 17 بالمئة.
وبغض النظر عن حقيقة ما يحدث في سوق النفط، فانه يضيف بعدا جديدا الى صراع اقليمي يعصف فعلا بمنطقة الخليج، ومن ورائها الشرق الاوسط.
وحتى اذا كانت الاعتبارات الاقتصادية تستند الى حقائق واقعية في سوق النفط، فان الهيمنة ستكون غالبا للحسابات الجيوسياسية في معالجة هذا التصعيد الجديد للاحتقان على ضفتي الخليج. فايران قد تكون قوة نووية اقليمية مهمة، لكن «ايران النفطية» مازالت في مرمى السعودية القوة الاكبر في سوق النفط العالمي.
لكن على عكس السعودية التي اصبحت تملك خيارات محدودة، ابرزها سلاح النفط، فان الرئيس الايراني يستطيع ان يستخدم اوراقا عديدة بدءا من تحريك الحوثيين على الحدود الجنوبية للسعودية، مرورا بتعطيل التقارب بين بغداد والرياض، وليس انتهاء بزيادة الدعم لنظام بشار الاسد، ودفعه الى التشدد في مفاوضات تجميد القتال التي يقودها المبعوث الاممي دي مستورا.
وفي المقابل فان الرياض تأمل ان تجد ايران نفسها مضطرة الى تسريع التوصل الى اتفاق مع الغرب في المفاوضات بشأن برنامجها النووي لوقف النزيف الاقتصادي، لكنها سياسة لا تخلو من مخاطرة، اذ قد ترجح كفة المتشددين في طهران، ما قد يصلب موقفها في المفاوضات النووية لاجبار الغرب على التدخل لدى السعودية منعا للوصول الى حافة الهاوية.
وعلى اي حال، وبغياب حوار جاد بغية التوصل الى «صفقة شاملة» لن يغيب عنها النفطي والنووي والاقليمي، وعلى وقع حرب جديدة ضد «الارهاب» تأمل طهران ان تعظم الاحتياج الغربي الى تعاونها، وبالتالي تعزز من نفوذها الاقليمي، تبقى المنطقة مندفعة نحو هوة خطيرة من الصراعات الجيوسياسية وربما العسكرية والامنية ايضا.

رأي القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد + امريكا:

    هههههههههه….الولايات المتحدة دوخت ايران وخلتها في محنة كبيرة وخلتها في استنزاف ومخاض…وضربت الرئة الايرانية في المنطقة الا وهي سوريا ..بل اكثر من هذا ضربت اقتصاد ايران كليا…انا برئي الولايات المتحدة ستنجح في ابتلاع ايران ومن ثم تصبح نهاية روسيا والاشتراكية قريبة

  2. يقول فارس:

    ايران لديها تنوع كبير في الاقتصاد هي امبراطورية منذ آلاف السنين قبل ان يعرف العالم النفط. ايران لن تركعها السعودية إطلاقا و لن ترفع الراية البيضاء، ولن تجر الى مواجهة عسكرية غير محسوبة على طريقة صدام حسين التى لعبت السعودية دورا في العدوان عليه و ستصمد و تتحدى و ستخرج من الأزمة منتصرة باقتصاد لا يقوم على النفط و انما سيكون النفط محركا للآلة الزراعية و الصناعية و ستكون بفضل ذلك الصمود و عبقرية علمائها و خبرائها كحال تركيا و ماليزيا.. السعودية تحرق اخر ورقة لديها، وهي لا تستعدي ايران فقط و انما كل الشعوب العربية القائمة اقتصادياتها على النفط كالجزائر و ليبيا وعمان اضافة للدول غير العربية كفنزولا. السعودية تنفذ خطة أمريكية إسرائيلية لتدمير المنطقة.

  3. يقول عاول صومالى:

    انخفاض نفط وراءها عوامل اقتصاديه ولا ننسي عوامل سياسيه
    اما عوامل الا قتصاديه هى كثرة معروض من نفط في الاسواق العالميه مع اكتشاف امريكا نفط صخري ويقدر بان اميركا ستغغير من اكبر مستورد الى اكبر مصدر نفط فى العالم
    واما عوامل السياسيه فى انخفاض قيمة نفط هى معاقبة ايران و روسيا لمساندتهم اسد واحتلال روسيا لجزيرة القرم
    واهم من كل هذه انو سعوديه تريد ان يؤدي انخفاض قيمة نفط الى ثني اميركا من الاستثمار اكثر فى استخراج نفط صخري

    كتر خيركم يا اوبك لان رابح وحيد من هذه اللعبه هي الهند و الصين
    وليست سعوديه او ايران

  4. يقول سامح // الامارات:

    * أعزائي : إبتعدوا قليلا عن التعصب وانظروا للموضوع
    من زاوية أخرى .
    * هبوط أسعار النفط يشكل ( خسارة ) كبيرة للدول ( المنتجة )
    ولكنه في نفس الوقت يشكل ( فائدة ) ومكسب كبير للدول ( المستهلكة ) .
    * أقرب ما يكون لما يحدث عادة في ( البورصة ) :
    * ناس تخسر الملايين وناس تكسب الملايين .
    * طبعا هذا الكلام عن النفط يتطلب مني تحييد عنصر ( المؤامرة )
    ومحاولة تركيع المشاكسان ( روسيا وايران ) .
    * وكما يقال فعلا في الأمثال والحكم ( مصائب قوم عند قوم ..فوائد ) .
    حياكم الله وشكرا .

  5. يقول Hassan:

    الخليجيون ماذا ينتظرهم بعد عملية شارلي الإرهابية؟ ماذا يعني أن ترسل فرنسا سفينة حربية وبالذات تحمل إسم شارل ديجول؟ في إشارة الإذن بتحركها نحو الخليج
    أتى أولاند على ذكر سوريا وعلى التكفيريين؟ الخليجيون هلى يعلمون تحالف فرنسا مع إيران للتخلص من تبعات ما يحصل حول فلسطين بعد أن أعطت أمريكا الضوء الأخضر ربما لضرب الخليج على حين غرة؟ ما هو الدافع الأساسي لتكوين حلف إيراني فرنسي أمريكي صهيوني؟ أليس النفط الذي بدأ ينضب وكسر سوق الخام ورفع ثمن المكرر منه؟ كذلك شركات تزاحم فرنسا وبدأت تأتي على اقتصادها. أن تكون أولا تكون هذه هي أيديولوجيا المستقبل الإفتصادي لمن توضح لهم الإستشراف والسيطرة على العرب بطريقة أو بأخرى.

  6. يقول اليمن بن طايع:

    للاسف الخليجيين هم السبب في التغول الايراني والغطرسه الايرانيه تركوا ايران تعيث فسادا بعد الربيع العربي ودخلوا في حرب عبثيه مع الاخوان المسلمين الدين هم جزارئيسي من نسيج الوطن العربي واختيروا بانتخابات شفافه شهد كل العالم بنزاهتها لولا هالحرب العبثيه لكان تحالف قوي شرس يردع ايران وسيجبرها على التفكير الف مره في مثل هدا التدخل والتغول حلف مصر الخليج تركيا

  7. يقول جمال الدين الجزائر:

    الي كروي داودي
    عندما ترى اشقائنا و اخوتنا في ايران بمتون من الجوع او يرفعون الراية البيضاء للغرب اتمنى ان تفرح و تأتيك البهجة و الصرور هدا حالنا للاسف ادا لم اتفق معك في السياسة تصبح عدوي و لو انك مسلم و تقول لا اله الا الله و ان محمد رسول الله
    يا للاسف

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      حياك الله يا أخي جمال الدين من الحبيبة الجزائر

      أقسم بالله أن صديقي منذ عقدين مسلم ايراني شيعي يصلي ويصوم
      لكنه ضد نظام الملالي بطهران ويتمنى أن يزول حكمهم لأن الكثير من الايرانيين قد خرجوا من الاسلام بسبب سياستهم المكممة للأفواه

      أنا أحب شعب ايران وأتعاطف معهم كما أتعاطف مع شعب سوريا
      لكني أكره حكام ايران كما أكره حكام سوريا فالاجرام واحد

      ولا حول ولا قوة الا بالله

  8. يقول ناصر لندن:

    ماقاله ولي العهد السعودي عن سياسة نفطية حكيمة يدعوا الي البكاء والضحك معا لما وصلت اليه الأمة من حال سيّء. حتي طفل صغير يعرف ان ماتقوم به السعودية هو الغلط بعينه ولكن هيهات لمن يفهم منهم ويخاف علي ثروة الأجيال

  9. يقول جمال الدين الجزائر:

    يا اخي داوود اولا الله يجازيك خير علي سلوكك الحضاري نعم اتفق معك في كثير من الامور و انا اقرأ تعليقاتك الجميلة تقريب يوميا و لاكن ربما نختلف في بعض الاراء و اقول دائما الله يرزقنا بحكام شرفاء صالحين مخلصين لدينهم و شعوبهم
    و تحياتي لاخي داود الكراوي

  10. يقول أ.د. خالد فهمي - تورونتو - كندا:

    السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته

    لقد جاءت للاسف و بقضاء الله تعالى وقدره – ولا شماتة – الغارة الاسرائيلية على مجموعة حزب الله أول أمس على الجانب السوري من الجولان والتي أدت الى مقتل كبار القادة من الحزب ومنهم أبن مغنية كرسالة من أسرائيل لحزب الله ومن خلفه أيران مفادها أنه ما لم يتوحد العرب مع مسلمي المنطقة تحت راية
    ” لا أله ألا الله محمد رسول الله ” وتوجيه الموارد والامكانات والجهد نحو العدو الحقيقي…أسرائيل…فستضل أسرائيل تنال وتطال كل ما ترغب وكل ما تريد من دول المنطقة…فرادى أو جماعات وطبعاً هذا ما فعلته منذ تأسيسها عام 1947 من القرن الماضي حتى يومنا هذا !!!!

1 2 3

اشترك في قائمتنا البريدية