الخامس والعشرون من يوليو/ تموز في تونس هو عيد الجمهورية التي أعلنت عام 1957، لكنه يحلّ هذه المرة ليكون ذكرى مرور عامين على وأد هذه الجمهورية على يد الرئيس قيس سعيّد.
عامان كاملان وسعيّد يحتكر كل السلطات بلا حسيب ولا رقيب، كما لم يحدث من قبل أبدا في تاريخ تونس المستقلة، وسط شعور عام بالتذمر دون قدرة على تغيير وضع يزداد سوءا كل يوم.
من هلّل لانقلاب سعيّد على الدستور قبل عامين، من قوى سياسية ونقابية وجمعيات مجتمع مدني وشخصيات عامة، عليها اليوم أن تدرك فداحة خطيئتها حين خٌيّل إليها أنه يمكن لخطوة كهذه أن تثمر ديمقراطية أفضل من تلك التي كانت متعثّرة، فيما بقي الرئيس طوال هذين العامين متمسكا بخطاب يلقي بكل شيء على مؤامرات واهية.
عامان مرّا على حكم مطلق لم «يرفل في نعيمه» أبدا رئيس سابق، ومع ذلك لم يفعل سعيّد به شيئا سوى إحكام طوق الاستبداد على رقاب الجميع. بدأ بحل برلمان بغير وجه حق، قبل المضي إلى كتابة دستور بمفرده في سابقة غريبة لم يشهدها بلد في العالم، ثم إقراره في استفتاء لم يشارك فيه سوى عشر الناخبين، ناهيك عن المرور إلى حل كل الهيئات الدستورية المنتخبة، من المجلس الأعلى للقضاء والهيئة المستقلة للانتخابات وهيئة مكافحة الفساد، وتنصيب أخرى معيّنة ومطواعة. علما أن سعيّد يحكم اليوم بدستوره الذي لم يقسم عليه بعد أن ألغى الدستور الذي كان أقسم عليه!!
عامان من التفكك التدريجي لهيبة الدولة ومؤسساتها بتعيين سعيّد لحكومة لا حول لها ولا قوة، ومنح الأولوية في المناصب لأنصاره الخٌلّص ولو كانوا بضحالة فاقعة، وإعفاء مسؤولين في الداخل والخارج بمزاجية غريبة، مع حل هيئات كل البلديات المنتخبة، وترك عديد الولايات (المحافظات) بدون والٍ، وسفارات وقنصليات بالخارج دون سفراء وقناصل. إنه خبط عشواء في كل الاتجاهات من هذا القادم من لا شيء، دون ماض سياسي أو نضالي، لكن صادف أن كانت أول مسؤولية يتحمّلها في حياته هي رئاسة الجمهورية!!
عامان بلا أي إنجاز مهما كان، عامان من تقسيم الشعب وبث الكراهية بين أبنائه، عامان عرّيا فشلا وعبثا وانعدام كفاءة وغيابا للحد الأدنى مما يسمى «عقل الدولة» حتى لدى مؤسستها العسكرية والأمنية، عامان أبانا المعدن الحقيقي للجميع
عامان من انحدار متواصل للوضع الاقتصادي والمالي إلى حد الهوان، والبلاد تسعى دون نجاح للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لا يتجاوز ملياري دولار، وما يصحبه طبعا من تعهّدات ستزيد من ضائقة الناس. تونس اليوم على حافة الإفلاس بعد التراجع الدائم في تصنيفها الائتماني الدولي، دون أن ننسى استمرار التضخم والبطالة وندرة المواد الأساسية كالخبز والقهوة والحليب والبنزين والأدوية، وتراجع الخدمات العامة المختلفة. يحدث ذلك وسط محاولات لرمي مسؤولية كل ذلك على «أطراف متآمرة» مجهولة. لم يوفّق الرجل في أي من «الحلول» التي اقترحها: لا ما سُمي «استرجاع الأموال المنهوبة» في الداخل أو الخارج، وشطحات أرقامها المضحكة المبكية، ولا تلك «الشركات الأهلية» الغريبة التي بعثها كـ «مشاريع تنموية».
عامان من التضييق على كل رأي معارض وفبركة للقضايا عبر تطويع غير مسبوق للقضاء بعد ترهيبه. زُج برئيس البرلمان الشرعي في السجن، وكذلك قيادات سياسية بارزة بتهمة التآمر على أمن الدولة رغم تأكيد كل المحامين أن الملف فارغ تماما، وأحيانا سريالي، مع منع المئات من السفر وإحالة صحافيين على التحقيق بسبب آرائهم والزج بالبعض في السجن بسبب تدوينة، مع توجه متواصل لخنق حرية الصحافة والتعبير بالذهاب إلى سنّ مزيد من قوانين تكتم أنفاس مواقع التواصل الاجتماعي، ما أعاد كابوس الخوف والرقابة من جديد، بعد أن ظن الجميع أنه ولّى دون رجعة.
عامان من تراجع مكانة تونس الدولية وسمعتها في الخارج، آخرها بسبب ما حدث من ممارسات عنصرية مشينة ضد اللاجئين الأفارقة، أطلق شرارتها الأولى الرئيس نفسه حين تحدث قبل أشهر عن مؤامرة لتغيير التركيبة السكانية لبلاده. ورغم «تورّم» الخطاب الرسمي بمفردات السيادة، إلا أن قدرة تونس على ضمان استقلالية قرارها سجّل تراجعا واضحا بفعل التدخلات الأجنبية المختلفة، وخاصة من الاتحاد الأوروبي في محاولة لاستغلال الوهن الحالي للبلاد، خاصة في قضية الهجرة وماذا سيترتب عن الاتفاق الأخير مع سعيّد الأحد الماضي.
عامان اتضح خلالهما كم كانت تجربة تونس الديمقراطية الواعدة هشة، وكم تكالب عليها الجميع في الداخل والخارج، وكم أبرزت إلى الواجهة «أبطالا» نراهم اليوم وقد بلعوا ألسنتهم بعد أن كان صراخهم يصم الآذان طوال سنوات «العشرية السوداء» كما يسمّونها. أبرز هؤلاء على الاطلاق «الاتحاد العام التونسي للشغل» الذي لم تكتف قيادته بدعم الانقلاب منذ البداية لكننا نراها اليوم وقد استكانت له بالكامل وخضعت.
الآن حصحص الحق: عامان بلا أي إنجاز مهما كان، عامان من تقسيم الشعب وبث الكراهية بين أبنائه، عامان عرّيا فشلا وعبثا وانعدام كفاءة وغيابا للحد الأدنى مما يسمى «عقل الدولة» حتى لدى مؤسستها العسكرية والأمنية، عامان أبانا المعدن الحقيقي للجميع.. في انتظار أن يعود ليوم 25 يوليو في تونس ألقه الأصلي والأصيل.
كاتب وإعلامي تونسي
مادام معظم الشعب لم يخرج بمظاهرات ,
فاللوم يقع على الشعب الساكت !!
ولا حول ولا قوة الا بالله
نعم صحيح ما قلته حول قيس سعيد … اول عمل خارج ايطار للجامعة من تدريس هو رشاشة الجمهورية. و للعلم انه لم يكن من الاساتذة اللامعين على الصعيد التونسي على حسب اراء كثير من الاساتذة التونسيين!
لكن ما وصلت اليه تونس هو نتيجة لتراكمات من الإخفاقات و تحمل النهضة و من عمل معها المسوولية. دفع بكثير من الوزراء و من ادار شؤون البلاد من لم يكن لهم التكوين العلمي و التجربة في ادارة شؤون البلاد! فكثرت الديون من دون انجازات تذكر بل وقع استعمالها في الاقتصاد السلبي في الاجور و الاستهلاك … و لا انجاز يذكر!
ادارة شؤون الدولة اها رجالها و نساءها و ليست حقايب يقع توزيعها لارضاء الاحزاب الفاعلة! كيف يمكن ان يكون الغنوشي رئيسا للبرلمان؟ او رفيق عبد السلام وزيرا للخارجية! او محمد عبو وزيرا … و القايمة تطول! أمر مدهش… وقع استغباء الشعب بالعواطف فوصلنا الى ما نحن اليه!
كيف يمكن للنهضة و الاحزاب الاخرى ان تدفع للتصويت لقيس سعيد دون ان يكون له رصيد معروف حتى يعرفونه! قلته هذا عند الانتخابات بان يقع التصويت للقروي لان سجله معروف و يمكن التضييق عليه و محاسبته! هذا كان كلامي! اما قيس فلا احد يعرفه!
لا نملك إلا أن نتمنى لتونس كل الخير، ولكن تألمنا كثيرا عندما قرر رجل القانون قيس سعيد، كغيره من البؤساء العرب، التضامن مع عصابة طبيب العيون ضد الشعب السوري االشقيق المغلوب على أمره، ولاحول ولا قوة إلا بالله!
*للأسف تونس في عصر الرئيس سعيد
ما زالت في متاهة لا يعلم نهايتها سوى رب العالمين.
حسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد وظالم ومضلل للحق والحقيقة.
رئيس بلا شرعية مايحكمش فيا
رئيس فاشل متحيل على الشعب
رئيس صفر خبره سياسية
رئيس بدون شعبية
…….نشكر الأخ محمد كريشان على هذه الصرخة في وجه الظُلم والإنتكاسة والظلام الذي أتى به شخص لا علاقة له بالسياسة وإنما خرجاته في التلفزة أيام الرئيس المرزوقي, كمستشار دستوري له, أعطى فكرة لجهات في الخليج وفي غير الخليج بإستغلاله في إسترداد الحكم ممن أرادوا الحرية لتونس ولشعبها…وعلى هذا الأساس أصبحنا نسمع عن خُطب بالفصحة وإستحذار لمواقف بعض الصحابة رضي الله عنهم, كل ذالك كان تنويم للشعب وللأسف حتى بعض الضالعين في السياسة سقطوا في هذا الفخ ورأوا في الشخص أنه يصلح وهنا بدأت الكارثة وبما أن التاريخ الحديث لمجتمعاتنا لا يوجد فيه من يُزاح عن السلطة قبل التعفن الكامل….والموالاة الشخصية تجذرت عند المنتفعين على حساب الصالح العام….الحل: إنتخابات اليوم قبل الغد لكسر أحلام من يُخططون لدمار تونس…
نعتقد أن الخيال العربي مازال مقيّداً بفكرة الرئيس- الحاكم بأمره، وجوماروي عنها في زمن الخلافة. وكلمة «رئيس» المشتقة من «رأس» تزيد الطين بلّة. فالرئيس -لغةً- في المفهوم العربي هو «العقل المدبّر» ؛ حقيقة لامجازاً، فهو، الآمر الناهي، الذي يتحكم بجميع بمفاصل الدولة كما يتحكم الرأس بمفاصل الجسد . وهكذا نجد رؤساء الدول العربية منذ الاستقلال، يجسدون المعنى الحرفي لمفهوم الرئاسة.
بينما نرى أن المفهوم الدلالي لكلمة president في اللغات اللاتينية-والتي عرّبوها مجازاً بكلمة «رئيس»- مختلف تماماً : الرئيس في المفهوم الغربي هو «من يجلس في الأمام» أو من يتصّدر المجالس ويقوم بإدارتها، فهو بمثابة منسّق عام أو «إمام» (بالمعنى المدني للكلمة وليس بالمعنى الديني). وليس حاكماً مطلقاً… لايمكننا فهم الأنظمة الجمهورية دون أن نعيد النظر بالمفاهيم النظرية للألقاب السامية. بتحليل دستور قيس قيس، نجد أنه مجرّد تعريف موسّع لدلالات الرئاسة، بمفهومها اللغوي العربي.
مقال رائع يصور الواقع المر 😥الذي تعيشه تونس بكل موضوعية