انفجرت أكثر من 350 مدينة أمريكية في مظاهرات سلمية واسعة النطاق احتجاجا على مقتل جورج فلويد على يد البوليس. وبينما طالب المتظاهرون باعتقال قاتل جورج فلويد، وقد تم هذا، إلا أن مطالبهم امتدت لأعضاء البوليس الثلاثة الذين أحاطوا بجورج فلويد لحظة قتله.
كما طالب المتظاهرون بمحاكمة خاصة للقاتل وشركائه. لكن الاضطرابات والاحتجاجات لن تهدأ في حالة تلبية المطالب. فهناك حالة في المجتمع الأمريكي وفي ظل إدارة الرئيس ترامب ستجعل من هذه الحركة أكثر زخما وتنظيما. لقد فتح مقتل جورج فلويد ( الأفريقي الأمريكي) في مينيابوليس بابا كبيرا في الولايات المتحدة، هذا الباب لن يغلق بدون تغييرات سياسية وهيكلية وقانونية واجتماعية.
إن خطاب الرئيس الأمريكي مساء يوم الاثنين الأول من حزيران/ يونيو، لم يقدم شيئا يذكر عن العنصرية وسوء المعاملة وسلوكيات متكررة لقوات الأمن. لقد تحول خطاب الرئيس لدعوة لممارسة الحلول الأمنية وللخلط بين الحراك السلمي والشغب والعنف الذي عم المدن في فترات الليل. بل إن ترامب، كما وصف الخطاب أحد المعلقين الأمريكيين، «يحمل الرئيس فكرة الاستقرار في يد ويحمل في اليد الأخرى حاوية مليئة بالبنزين». إن الرئيس لا يفرق بين الاحتجاج السلمي وبين السرقات، كما أنه لا يريد التحدث عن مقتل فلويد والعنصرية أو إصلاح النظام القضائي والبوليس.
وقد أثار تصرف الرئيس ترامب بعد الخطاب الكثير من الاستغراب، وذلك عندما تم استخدام القنابل المسيلة للدموع من قبل قوات الأمن المرافقة له لإبعاد المتظاهرين السلميين ليتسنى له زيارة الكنيسة القريبة من البيت الأبيض. لقد رفع الرئيس الإنجيل وأخذ بعض الصور، مما يثبت أنه يعيش هاجس الحملة الانتخابية وليس هاجس حل المشكلة. وقد دفع هذا الوضع برجل الدين المسؤول عن الكنيسة للاحتجاج على الزيارة بهذا التوقيت. لقد كانت الكنيسة، رغم التخريب الذي أصابها ليلا، تقدم المياه والخدمات للمتظاهرين طوال اليوم.
إن مقتل جورج فلويد تحول لعملية كاشفة لكل التناقضات الكامنة في الواقع الأمريكي. فغضب الأمريكيين الراهن هو نتاج لعملية تراكمية في المجتمع الأمريكي ووسط مناطقه الفقيرة ووسط فئات من الملونين واللاتينيين والنساء وبقية الأقليات، كما أن غضب الأمريكيين نتاج تراجع فرص وأوضاع الطبقة الوسطى وسيطرة الأقلية على الاقتصاد. لقد أصبح الرئيس ترامب وأسلوب إدارته وتصريحاته رمزا معلنا للعنصرية ولعدم الاكتراث بهموم واحتياجات الناس. وقد تأثر بهذا الوضع الإعلام الأمريكي وحركات الحقوق المدنية والجامعات والطلبة والطالبات.
مقتل جورج فلويد تحول لعملية كاشفة لكل التناقضات الكامنة في الواقع الأمريكي. فغضب الأمريكيين الراهن هو نتاج لعملية تراكمية في المجتمع الأمريكي ووسط مناطقه الفقيرة ووسط فئات من الملونين واللاتينيين والنساء وبقية الأقليات
لم تنقسم الولايات المتحدة في السابق على نفسها كما هي منقسمة اليوم، بل يشبه هذا الانقسام انقسام الأمريكيين الكبير في أواسط القرن التاسع عشر الذي أدى للحرب الأهلية. إن هجوم الرئيس اللفظي الدائم على الرئيس الملون الوحيد في التاريخ الأمريكي هو خير تعبير عن العنصرية الشعبوية التحريضية وامتداداتها في المجتمع الأمريكي.
ان لوم الرئيس لتحالف أنتيفا، وهي اختصار لتجمع عريض يركز على «معاداة الفاشية» لن يغير المعادلة. فأنتيفا منظمة شعبية وشبابية، لا تمتلك هيكلا واضحا أو قيادة موحدة، وهي منتشرة في المدن الأمريكية، وهدفها الأساسي التصدي للعنصرية والفاشية المتصاعدة في الولايات المتحدة. بالطبع شاركت أنتيفا في المظاهرات، ويوجد بينها فئات فوضوية أقلوية تريد صداما أكبر مع قوى البوليس، لكن أنتيفا ليست منظمة إرهابية، وأعدادها صغيرة، ولا يمكن تحميلها مسـؤولية النهب التي عم العديد من المدن. وإن كان الرئيس الأمريكي عادلا، لأعلن موقفا واضحا من اليمين الفاشي العنصري الذي يحمل السلاح علنا ويمارس التفوق العنصري الأبيض في العديد من الولايات الأمريكية. إن السعي لضرب اليسار وترك اليمين سيؤجج الوضع. والملاحظ بوضوح بأنه لا يوجد أحد من ملايين الأمريكيين ممن نزلوا للشوارع منذ مقتل جورج فلويد ممن يؤيد إعادة انتخاب ترامب.
لقد أضافت جائحة كورونا، التي عطلت الاقتصاد الأمريكي ووضعت ملايين الأمريكيين في منازلهم على مدى اسابيع وشهور طويلة، على حالة العنف المتراكم في المجتمع الأمريكي. فبسبب الجائحة وصلت الخسائر الاقتصادية لمئات المليارات، كما أن البطالة وصلت لأكثر من أربعين مليون مواطن، إذ تجاوزت البطالة 14 في المئة. هذه الأوضاع ضاعفت الضيق الأمريكي.
إن التظاهر السلمي مكفول في الولايات المتحدة، لكن العنف والشغب وسرقة المحلات وحرقها والنهب ليس محميا بالقانون. لكن هذا الشغب والعنف هما تعبير عن واقع الولايات المتحدة الراهن. فهناك مناخ مشحون نما بسبب عنف العنصرية وعنف البطالة كما وسوء إدارة الرئيس، وقد امتد هذا الوضع لأغلبية فئات المجتمع الأمريكي. إن الفئات الضعيفة والمهمشة في المجتمع عادة ما تخزن آلامها واضطهادها وإهانتها وحرمانها لأطول مدة ممكنة قبل أن تقرر تدمير القانون والمـؤسسات والأبنية والأعمال التي تشعر بأنها سبب شقائها. هذا مشهد متكرر في التاريخ الإنساني. إن حرق المباني والسرقات الجماعية، تؤكد بأن قطاعا من المجتمع يعتقد بأنه بهذه الطريقة يعيد للدولة عنفها. ومهما انتقدنا العنف الراهن، إلا أن فهم هذه المعادلة هام للعلاج والخروج من المأزق.
إن عدم مقدرة الرئيس الأمريكي على التعامل مع هذا الوضع أو حتى مع الوباء هو أساس الضعف الراهن في الولايات المتحدة. لن تكون عودة الثقة في الولايات المتحدة ممكنة بدون تهدئة الناس وإجراءات تشمل تغييرات في الهرم السياسي والاقتصادي والحقوقي الأمريكي. من حسن حظ الولايات المتحدة أنها ستخوض انتخابات مفصلية في تشرين الثاني/نوفمبر القادم. بفضل هذه الحركات الشعبية بدأت الحملة الانتخابية الأهم في تاريخ الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت
عقلية إلغاء كل ما أنتجته ثقافة الآخر، أولاً، لبناء شيء خاص به، هو سبب فشل ترامب في إدارة وحوكمة أمريكا وقت الأزمات،
وبالتالي تم هدر الموارد الإقتصادية بلا منطق ولا موضوعية ولا أي أسس علمية،
هو أول ردّة فعل على ما جمعه (د شفيق ناظم الغبرا) بشكل رائع تحت عنوان (ثورة الأمريكيين: انفجار التناقضات) والأهم هو لماذا؟!
في عام 2005 اجتمع بيل غيت مع مسؤولي الأمن في الدولة، للتنبيه على موضوع الأوبئة،
على ضوء هذا الاجتماع في نفس العام، أعلن (جورج بوش الإبن) في خطاب رسمي خطته لتحضير الإقتصاد الأمريكي، ليكون هو الأكثر استفادة منه من بقية أعضاء الأمم المتحدة،
بعد ذلك استغل (باراك أوباما) أدوات العولمة ودول شرق آسيا لترشيد والخروج من أزمة انهيار النظام الربوي والتأمين عليه في عام 2008، على حساب توزيع التكلفة على الجميع، في الخروج بنظام أتمتة التأمين الصحي (أوباما كير)،
بعد وصول ترامب إلى كرسي السلطة في نهاية 2016، كان على شعارات هدم كل ما له علاقة ب(أوباما كير) من أول يوم، لتنفيذ مفهوم (أمريكا أولاً) ومن بعدي الطوفان،
فكانت النتيجة نجاح دول شرق آسيا في صد ومكافحة كورونا، بشكل رائع، مقارنة مع فشل حوكمة وإدارة أمريكا والغرب بشكل عام،
إشكالية التغطية على فساد موظف النظام البيروقراطي، بواسطة زميله، هي سبب الأزمة الأمنية بعد 11/9/2001 في كل مكان في العالم،
والدليل ما حصل في هونغ كونغ يوم 1/7/2019، دليل على فشل حتى دولة بنظامين (الديمقراطية والديكتاتورية)،
ولذلك نحن في حاجة إلى نظام إقتصادي جديد، يتجاوز (مفهوم العصمة) لتبرير عملية التغطية، على فساد زميله الموظف، في النظام البيروقراطي.
السؤال المهم بعد إحالة مواطن أو أجنبي للقضاء بأية دولة: هل خالف المتهم قوانين سارية معلنة بتلك الدولة وثبت عليه بأدلة وقرائن وشهود فتم إحالته للقضاء؟ فإن توصل القضاء أنه خالف قوانين سارية معلنة بشكل قطعي وصدرت أحكام قضائية قطعية بتطبيق عقوبات نصت عليها القوانين بعد المرور بكل مراحل تقاضي فعندها يتحمل المتهم مسؤولية مخالفاته ويبقى مجال ندم وإعتذار وطلب عفو الحاكم لتخفيف عقوبة. فبدون قوانين تدخل الدول بفوضى ويتوالد أمراء بكل حي وقرية ويفرض كل منهم شريعة غاب تخصه، ولا عصمة لأحد ولا يغني تعدد جنسيات