جدل بعد تصريحات الرئيس تبون حول شروط التطبيع مع إسرائيل.. أكبر حزب إسلامي يتحفظ وآراء تعتبر ما قاله موقفا لتجنيب الضغوط

حجم الخط
27

الجزائر- “القدس العربي”:

أبدت حركة مجتمع السلم، أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، تحفظاتها على تصريحات الرئيس عبد المجيد تبون التي عبّر فيها عن استعداد بلاده للاعتراف بإسرائيل في اليوم الأول الذي تقام فيه دولة فلسطينية.

وعبّرت عدة آراء عن استغرابها لهذه التصريحات، فيما اعتبرها آخرون موقفا عاديا للجزائر التي تتبنى مبادرة السلام العربية منذ إطلاقها سنة 2002.

الضغوط الدولية المتزايدة، خاصة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، تهدف إلى جر الدول الصامدة، ومنها الجزائر، إلى مستنقع التطبيع

وجاء حديث الرئيس الجزائري في سياق حوار مطول من 3 صفحات، قال في أحد مقاطعه إن “الجزائر ستكون على استعداد لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل في اليوم ذاته الذي ستكون فيه دولة فلسطينية كاملة”. واعتبر أنه يسير على نهج أسلافه الرئيسان الشاذلي بن جديد وعبد العزيز بوتفليقة في هذا الموضوع. وتلا حديث تبون، موقفه من الإدارة الأمريكية الجديدة، ما جعل الكثير من القراءات تشير إلى أن الرئيس أراد توجيه رسالة ضمنية لنظيره الأمريكي دونالد ترمب.

وفي بيان لها وقّعه رئيسها عبد العالي حساني، قالت حركة مجتمع السلم، إنها تابعت التصريح الصادر في جريدة لوبينيون، مشيرة إلى أن الجزائر لها مواقف ثابتة تجاه القضية الفلسطينية، قائمة على رفض مشاريع التسوية والتطبيع مع الكيان الصهيوني المعتدي. وأوضح بيان الحركة أن رئيس الجمهورية سبق له أن وصف مسار التطبيع بالهرولة المرفوضة نحو كيان لا يعترف بحق الشعب الفلسطيني، ويسعى إلى تصفية قضيته وتهويد مقدسات الأمة، مؤكدة أن الجزائر كانت ولا تزال داعمة للحق الفلسطيني، ومدافعة عن القضية باعتبارها قضية تحرر وعدالة.

وأضافت حركة مجتمع السلم أن الضغوط الدولية المتزايدة، خاصة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، تهدف إلى جر الدول الصامدة، ومنها الجزائر، إلى مستنقع التطبيع، مشددة على أن الموقف الجزائري يجب أن يظل ثابتًا في دعمه للحقوق الفلسطينية المشروعة، ورفضه لكل أشكال التطبيع.

وأكدت الحركة أن الشعب الجزائري يرفض بشكل قاطع أي مسار يمكن أن يؤدي إلى القبول بالتطبيع مع الاحتلال، لافتة إلى أن الممارسات الصهيونية من إبادة جماعية، وتهجير قسري، وحصار ظالم، تتطلب مواقف صلبة تعزز صمود الفلسطينيين، بدل الحديث عن أي شكل من أشكال التسوية.

الشعب الجزائري يرفض بشكل قاطع أي مسار يمكن أن يؤدي إلى القبول بالتطبيع مع الاحتلال

كما شددت على أن الجزائر ستبقى حصنا منيعا أمام أي محاولات لاختراق مواقفها الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، مضيفة أن الدول التي قبلت بالتطبيع ساهمت في تمكين الاحتلال من مواصلة انتهاكاته وجرائمه، في وقت ترفض فيه الشعوب الاستسلام والخضوع لهذه الضغوط.

وختمت الحركة بيانها بالتأكيد على أن الجزائر، التي قدمت تضحيات جساما نصرة لفلسطين، وظلت لعقود تدافع عن قضايا التحرر، يجب أن تبقى وفية لهذا النهج، باعتباره جزءا من هويتها ومصدرا لاحترامها بين الأمم.

وبدا موقف حركة مجتمع السلم، محرجا في إبداء معارضة واضحة لكلام الرئيس على الرغم من أدبيات الحزب الرافضة للاعتراف بإسرائيل، مكتفيا بإبداء إيحاءات تظهر مخاوف من أن يكون هناك تحول في الموقف الرسمي للجزائر، بدفع من التحول الحاصل في الإدارة الأمريكية.

وفي تلميح صريح لحديث الرئيس تبون، علّق عبد الرزاق مقري الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم والذي ينتقد منذ فترة قصور الموقف الجزائري عن مواكبة طوفان الأقصى، قائلا: “حينما نسمع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب ومستشاريه يتحدثون عن توسيع دولة الكيان ثم إعطاء الفلسطينيين دولة صغيرة بعد تهجير جزء كبير من الفلسطينيين، يصبح حديث الحكام العرب عن التطبيع مع الكيان في حالة قيام دولة فلسطينية أمرا مخيفا ومستقبلا محيرا”.

وأوضح مقري في تدوينة على فيسبوك، أن الجزائريين سيظلون أوفياء للثورة النوفمبرية المباركة، مشيرا إلى أن أبطال الجزائر من المجاهدين والشهداء الذين رفضوا عرض ديغول بقبول استقلال الجزائريين على جزء فقط من أرضهم، وثباتهم على الجهاد والاستشهاد حتى تحرير كامل الأراضي الجزائرية، هم القدوة في القضية الفلسطينية وليس غيرهم كائنا من كان. وأضاف أن الجزائريين، أينما كانوا، لن يقبلوا بأي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الغاصب المحتل الذي لا يملك أي حق في فلسطين. واختتم مقري تصريحه بالإشارة إلى شعار طلبة الجامعات الأمريكية: “Palestine will be free from the river to the sea.”

وتبدي عدة أحزاب في الجزائر تحفظاتها على مبادرة السلام العربية التي تتخذها الجزائر مرجعا في التعامل مع القضية الفلسطينية، كونها تكرس التنازل عن جزء من فلسطين التاريخية. وإلى جانب الأحزاب الإسلامية، كان حزب العمال المحسوب على أقصى اليسار قد دعا في أكثر من مناسبة إلى التخلي عن المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل، واصفا إياها بـ”مخطط الاستسلام الجماعي للجامعة العربية”.

وذكر الحزب في موقف له تزامن مع زيارة محمود عباس للجزائر سنة 2022، بأن هذه المبادرة، تتعارض كليا مع تطلعات وكفاح الشعب الفلسطيني ويعد احتقارا لتضحياته، مشيرا إلى أن الموقف الجزائري بالنسبة لا يمكن أن يكون دون تطلعات الشعب الفلسطيني وبالتالي لا يمكنه أن يتماشى أو يتكيف مع موقف الجامعة العربية التي طبعت أغلبية أعضائها العلاقات مع الكيان الصهيوني.

وعكس هذه الآراء، هناك من رأى تصريحات تبون ذكية، من ناحية أنها تقدم تصورا واضحا للحل للإدارة الأمريكية، مع الاعتقاد الجزائري العميق بأن إسرائيل لن تقبل من الأساس بالحل القائم على أراضي 67،  بما يجنب الجزائر مستقبلا أي ضغوط للتطبيع وفق النظرة المفروضة على بقية الدول العربية التي انخرطت في صفقة أبراهام. وسبق للرئيس الجزائري، لما استقبل وزير الخارجية الأمريكي السابق أنطوني بلينكن، أن أدلى بنفس التصريحات تقريبا، عندما ذكر أن بلاده ليس لها مشكل مع إسرائيل في حال أقيمت الدولة الفلسطينية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول غزاوي:

    مجرد تساؤل(1)
    متى تنتهي العداوة مع الكيان؟
    موقف الجزائر لا علاقة له بغطرسة ترامب ولا باتصال ماركو روبيو بعطاف كما يزعم البعض. رؤساء الجزائر، ثابتون على نفس الموقف ولم يبدلوا ولم يغيروا منذ الاستقلال، وأكده تبون لبلينكن سنة 2022.
    لا عداوة مع إسرائيل ولا اليهودية، بل عداوة الجزائر مع الكيان المحتل لفلسطين. وحرمان الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره كما أثبتته وأكدته محكمة العدل الدولية يوم:19/07/2024.
    غير أن المطبعين داسوا عليه جبنا وطمعا، ولم يحصلوا لا على الأرض ولا على السلام، بل فتحوا شهية الكيان لالتهام مزيد من الأرضي وسفك الدماء.
    في مقال نشرته “القدس العربي”، يوم:03/04/2022،جاء فيه:
    “وبخصوص القضية الفلسطينية، استبق الرئيس الجزائري أي حديث عن مسألة التطبيع التي ترعاها الولايات المتحدة، مؤكداً لبلينكن أن الموقف الجزائري لم يتغير، وهو داعم لقرار الجامعة العربية بالتوصل إلى سلام مع إسرائيل، في إشارة إلى مبادرة السلام العربية في بيروت لسنة 2002، التي تنص على سلام مع إسرائيل مقابل الاعتراف بدولة فلسطين على أراضي 1967 وعاصمتها القدس، وهي مقاربة تختلف كلياً مع اتفاقات أبراهام التي تبنتها دول عربية. وشدد الرئيس الجزائري على أن “المشكلة الوحيدة التي لدينا هي فلسطين، ولا شيء آخر على الإطلاق”انتهى

    1. يقول غزاوي:

      مجرد تساؤل(2)
      ما معنى شرط تبون!!!؟؟؟
      1-توافق موقفه مع الشرعية والقانون الدوليين.
      2-أحياء مبادرة السلام للملك عبد الله.
      3-“تحذير” لابن سلمان في حالة التخلي عنها.
      4-رسالة لترامب، بأن الجزائر تدين اتفاقية أبرهة، وتدين الهرولة ولا تباركها.
      5-صفعة للمطبعين الموقعين عنها وداسوا عليها جبنا وطمعا بدون الحصول لا على اّلأرض ولا على السلام.
      6-تجنيب الجزائر الضغوطات عليها في هذا الموضوع.
      7-دفع الفلسطينيين لعدم التخلي عن شبر واحد من أراضي 1967، لا سيما القدس الشرقية التي يعتبرها ترامب والصهاينة عاصمة أبدية للكيان.
      8-استحالة العودة لحدود 1967، مما يعني استحالة التطبيع.
      9-تصريح تبون جاء في أخر عهدته، وهو غير ملزم له ولا لمن يخلفه، ويمكن أن يضيف لشرطه شرطا استقلال الصحراء الغربية، والانسحاب من الجولان، لأنه في نفس الحوار أشار إليهما، منددا بازدواجية المعايير. حيث قال بكل وضوح ما نصه:
      “الجزائر كلٌ متكامل وترفض الكيل بمكيالين في السياسات الدولية”، منتقدا ازدواجية المعايير حول هذه القضايا، حيث تُطبَّق معايير في أزمة أوكرانيا لا تُطبَّق في قضايا أخرى مثل قضية الجولان السوري وقضية الصحراء الغربية، وتتم إدانة روسيا بينما يُلتزم الصمت تجاه الاحتلال الإسرائيلي للجولان، وتجاه قضية الصحراء الغربية.” انتهى

1 2 3

اشترك في قائمتنا البريدية