جدل حول «دبلجة» مسلسل «بنات العساس» المغربي إلى اللهجة السورية لعرضه على قناة إماراتية

عبد العزيز بنعبو
حجم الخط
1

الرباط – «القدس العربي» : تُوّجت صحوة الدراما المغربية خلال المواسم الأخيرة وخاصة من رمضان 2021 إلى العام الحالي، بعرض مسلسل «بنات العساس» على قناة خليجية وبدبلجة سورية.
المسلسل حقق إبان عرضه نسبة مشاهدة مرتفعة، كما أعاد للمغاربة دفء الفرجة من خلال قصة بسيطة لكن حبكتها الدرامية وأدوات الاشتغال عليها بالنسبة للمخرج احترمت المشاهد المغربي وأعطته ما كان يبحث عنه في دراما عربية مثل المصرية والسورية أو في الدراما التركية.
الاحتفاء بدبلجة «بنات العساس» إلى السورية وعرضه في قناة الشارقة، جاء من أجل تحقيق تواصل المشاهد العربي مع المسلسل، خاصة وأن اللهجة المغربية غير مفهومة كثيرا بالنسبة لباقي الدول العربية.
هذه النقطة أثارت بعض الجدل، وأعادت مسألة الدفاع عن اللهجة المغربية إلى الواجهة وكان هذا الموضوع محور تدوينات نشرها بعض المتتبعين الذين شكلوا أقلية أمام الأغلبية التي اعتبرت دبلجة المسلسل المغربي إلى السورية بداية انتشار للدراما المغربية عربيا.
بالنسبة للمخرج ادريس الروخ، فقد احتفى بحدث الدبلجة وقال في تدوينة نشرها على صفحته في فيسبوك مرفقة مع الفيديو الإعلاني للعمل «المسلسل المغربي بنات العساس لأول مرة في قناة خليجية الدراما المغربية تحلق عاليا». ولم يكن الروخ الوحيد الذي احتفى بهذا الحدث، بل جاوره في ذلك عدد كبير من الفنانين الذين شاركوا في المسلسل وعموم الرأي العام، إلى جانب الصحافة المغربية التي خصصت مساحات وافية للحديث عن واقعة الدبلجة إلى السورية لعمل مغربي، مثل التدوينة التي كتبها موقع «دبا بريس» على الفيسبوك، وقال فيها «في خطوة تعتبر الأولى في تاريخ الدراما المغربية، قناة الشارقة الاماراتية تعرض المسلسل المغربي (بنات العساس) الذي عرف إقبالا كبيرا من لدن المغاربة خلال رمضان سنة 2021، محققا نسبة مشاهدات كبيرة، و جاءت هذه الخطوة بعدما حصلت على حقوق توزيعه لتتم دبلجته باللهجة السورية».
وكبداية لتدوينات معاكسة للفرحة بواقعة الدبلجة، تساءلت صفحة تعود لـ «Télé Plus» على المنصة ذاتها «دبلجة مسلسل (بنات العساس) الى اللهجة السورية.. ضياع للهوية أم اكتساح للعالم العربي؟».
الموقع المذكور في خبر له عن الموضوع، وقف في الحياد وأكد أن الآراء منقسمة بين مؤيد ورافض لفكرة دبلجة مسلسل مغربي باللهجة السورية حيث اعتبرها البعض «نقطة مضيئة في مسار الدراما المغربية، وتحفيزا لجميع الأعمال المغربية للتوسع والانتشار في الوطن العربي»، بينما البعض الآخر اعتبرها «تدميرا وتضييعا للهوية والثقافة المغربية، على أساس أن اللهجة المغربية هي لهجة عربية ومن الممكن استيعابها من طرف الجمهور العربي ولا تحتاج الترجمة أو الدبلجة». موقع اخباري آخر «طنجة 7»، انتقد المخرج وواقعة الدبلجة، بقوله «احتفى المخرج ادريس الروخ بطمس قناة إماراتية اللهجة المغربية واللجوء إلى دبلجة مسلسل بنات العساس للهجة السورية حتى يفهمه سكان المشرق»، والملاحظة أن التعليقات على هذه التدوينة توزعت بين مناصر ومعارض.
وفي مقال مطول عبّر «راشيد آشك» عن رأيه في واقعة دبلجة مسلسل مغربي إلى اللهجة السورية لعرضه في قناة عربية، وأرفق المقال بمقطع فيديو في الموضوع نفسه.
واختار صاحب التدوينة/ المقال، كعنوان لما كتب «دفاعا عن دارجتنا الجميلة»، وكان واضحا موقفه منذ السطور الأولى حين قال «في بادرة غير مسبوقة (وغير محمودة في تقديري الخاص)، أقدمت قناة تلفزيونية خليجية، بداية من عيد الفطر الأخير، في بث حلقات مسلسل درامي مغربي مدبلج باللهجة السورية»!! وأضاف صاحب التدوينة/ المقال، «أظنّها المرة الأولى في تاريخ الدراما العربية أن تحدث مثل هذه الدبلجة (الماكرة) من لهجة عربية إلى لهجة عربية أخرى! فمنذ أكثر من نصف قرن والمشاهد العربي، من الخليج إلى المحيط، يستهلك أعمالا فنية عربية متنوعة (سينما، مسرح، غناء) بلهجاتها الأصلية، كالمصرية والسورية والعراقية والأردنية والفلسطينية. ولم تكن لديه أدنى حاجة إلى (وساطة لهجوية) حتى يستوعب ما تقوله هذه الأعمال، وذلك لجملة من الأسباب، منها أن لا لهجة عربية تعلو على أخرى إلا بكثرة التداول والاستئناس، وأنّ ما يجمع اللهجات العربية أكبر مما يفرّقها. وهذه حقيقة (لسانية) لا مجال للخوص فيها هنا».
وختم بقوله «صحيح أن الدارجة المغربية لا تزال تفتقد إلى الكثير من مقومات الصفاء المعجمي والمرونة التركيبية والسلاسة الإيقاعية التي تؤهّلها للتداول والانتشار عربيا على غرار أخواتها المصرية والسورية واللبنانية. لكن الأمر لا يحتاج سوى إلى مزيد من العمل الإبداعي الجاد على مستوى الكتابة الأدبية والسينارية».
ويبقى عيد الدراما المغربية حقا بخبر الدبلجة الذي صفق له المغاربة وأبرزوا الإيجابيات وامكانيات الانتشار التي يتيحها للأعمال المغربية في المستقبل القريب، بل هناك من اعتبر ذلك بمثابة باب يفتح على مصراعيه للتداول العربي للمسلسلات المغربية.
الجدير بالذكر، أن ادريس الروخ، مخرج «بنات العساس» الذي حقق النجاح في رمضان 2021، عاد ليبصم على نجاح آخر من خلال مسلسل «كاينة ظروف» الذي عرض خلال رمضان الأخير 2023، وحقق نسبة مشاهدة تضاهي ما حققه سابقه.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عابر:

    المسلسلات التركية بدأت بالدبلجة السورية و تلقفها بعض الجمهور و تعدى الترجمة إلى فهم اللغة التركية و متابعة الأعمال الدرامية التركية مباشرة من قنوات البث او اليوتوب

اشترك في قائمتنا البريدية