جدل حول غياب الإبادة في فلسطين من أجندة مؤتمر السلم المنعقد حالياً في موريتانيا بقيادة الشيخ عبد الله بيه مفتي الإمارات

عبد الله مولود
حجم الخط
1

نواكشوط ـ «القدس العربي»: أثار غياب حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني عن أجندة النسخة الخامسة من “المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم”، المنعقد حالياً في نواكشوط برئاسة العالم الموريتاني عبد الله بي مفتي الإمارات العربية المتحدة، انتقادات واسعة من طرف عدد من علماء وساسة ومدوني موريتانيا.
وتواصلت أمس في نواكشوط جلسات مؤتمر السلم التي تناقش مواضيع بينها الوضع الراهن في إفريقيا و”دور الذكاء الاصطناعي في بناء السلم”، دون أن يكون بين نقاط جدول أعمال المؤتمر ما يتعلق بالأوضاع في فلسطين.
ودون التطرق للأوضاع في فلسطين، ركز رئيس منتدى السلم الشيخ عبد الله بن بيه، في مداخلته الافتتاحية، حديثه على “ضرورة الحوار لتجنب الحروب وإعادة السلم للمجتمعات الإفريقية التي تعاني اضطرابات داخلية وصراعات دولية أثقلت كاهلها في السنوات الأخيرة”.
غير أن هذه القضايا وهذه الأهداف قوبلت بعاصفة من الانتقادات الموجهة للشيخ عبد الله بن بيه، والمسار الذي يتركز عليه نشاطه، واعتبرها الكثيرون تحضيراً للتطبيع مع الكيان الصهيوني بشكل لا يتسق مع مسلمات وثوابت الأمة الخاصة بالقضية الفلسطينية.
وكتب المفكر الإسلامي محمد جميل منصور في مساهمة منه في هذا الجدل: “لا أخفي أنني أختلف مع العلامة الشيخ عبد الله ولد بيه سياسياً، وليس هذا من باب الندية فهو من هو، أختلف معه في تحالفاته وفي تقديراته ذات الصلة بالصراع في فلسطين، وأستغرب أن العدوان على الأمة والإبادة في فلسطين والسياسة الأمريكية العدوانية لا تحضر لا كلياً ولا جزئياً في مداولات ومخرجات مؤتمرات السلم، ولا يخفى على أحد أن تهديد السلم بالحروب العدوانية والإبادة الجماعية، داخل دخولاً بينا في موضوع السلم والسلام”.
وقال: “انتقاد التطرف الديني وتجريده من أسلحته وأدلته مهمة نبيلة وواردة بل ومتعينة، فمخاطر الغلو والتشدد لا تخفى على أحد، وتفكيك منظومته الاستدلالية يخدم إنقاذ أجيال من الشباب المتدين من استسهال التطرف والعنف، ولكن لكي تكون هذه المهمة ناجحة ولكي ينظر إليها بثقة واطمئنان، يلزم أن يسمع من أهلها نقد وتشنيع على دعاة الميوعة والمتصالحين مع الانحراف والاستلاب، فذلك مقتضى التوازن وشرط الوسطية الصحيحة”.
وأضاف محمد جميل: “القول بأن الشيخ عبد الله ولد بيه يدعو إلى خلط الديانات ويبشر بديانة جديدة هي الإبراهيمية، قول لا سند له من مكتوب الرجل ولا منطوقه، وقد استظهر أحد منتقديه بفقرة عن العائلة الإبراهيمية واستشهاده بفقرات من التوراة والإنجيل يدعم بها دعوته للتسامح”.
وزاد: “هناك وصاية مبالغ فيها، وحتى إنها لا تمارس على المعنيين بالملاحظات النقدية والموجهة إليهم، بل إنها تمارس على من لم يشارك في الحملة ضد هؤلاء، ولم ينتقدهم بالطريقة المفضلة عند البعض، لا أحد يملك التمثيل الحصري للإسلام، ولا أحد يستطيع احتكار الدفاع عنه وعن ثوابته، فخففوا على الناس قليلاً، وإياكم والعجب”.
أما الشيخ محفوظ إبراهيم فال، نائب رئيس مركز تكوين العلماء، فقد كان أكثر حدة حيث قال: “الذي يعلمه كل صادق مع ربه ومع نفسه أن خطاب منتدى السلم تحريف للإسلام لا يكتفي بتحريف مفهوم الجهاد ولا مفهوم العزة ولا مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل يحرف مفهوم الدين نفسه ويحاول طمس معالم تميز الدين الصحيح الذي جاءت به أنبياء الله تعالى من الأديان التي حرفها المحرفون وبدلها المبدلون”. وقال: “هذا الخطاب خيانة لهذه الأمة في ساعة حاجتها إلى النصرة، والاصطفاف مع أعدائها وعملائهم، وسعي إلى إخماد كل سبيل يقود إلى وعيها بما يمكر لها بالليل والنهار، وبالسعي إلى تجريدها من كل أسباب صدها لأعدائها من جهاد وعزة لتبقى مغلوبة مقهورة، ولا يكتفى منها بذلك بل يراد لها أن تقنع بأنها الظالمة وأن جيوشها تغزو الآخرين وتسفك دماءهم وتنهب خيراتهم وتتحكم في سياستهم”.
“إن مجاملة هذا التحريف للدين، يضيف العالم محفوظ، ومداهنة هذه الخيانة للأمة في هذا الوقت من أعظم المصائب؛ ولكن مهما سار السائرون في هذا الفلك المشحون بالمظالم والمساوئ وسكت الساكتون وداهن المداهنون فلن يغير ذلك من الحقيقة شيئاً، فسيظل الباطل باطلاً والحق حقاً ويظل الظالم ظالماً والمظلوم مظلوماً ويظل الخائن خائناً مهما رفعتم أصواتكم وبذلتم أموالكم وجمعتم جموعكم”.
وتحت عنوان “مؤتمر السلم المنكر في أوضح تجلياته”، كتب الدكتور الندى الشيخ محمد فاضل: “علينا أن نعترف بأنّ الشيخ عبد الله بن بيه مبتلى، وإذا رأيتم أهل البلاء فاسألوا الله العافية”.
وقال: “إنّ دفاع البعض عما يُعرف بمؤتمر السلم جرأة على الله، واستسهال لحرمات المسلمين، فما فيه أمّة الإسلام اليوم من تكالب الأعداء، وتحالفاتهم على القتل والتدمير وسلب الحقوق في غزة لا يتطلّب مؤتمرات وندوات وتنظير عن السلم: فمع من تناقشون السلم، أو تتفقون معه على السلم؟ ، فالسلم مع المحارب، والمحارب بالمفهوم الفقهي اليوم تمثّله إسرائيل وأمريكا: فهل أنتم طرف في المقاومة على الأقل في الدعم المالي؟ وهل إسرائيل وأمريكا يطالبون بالسلم مع من يحاربونهم في فلسطين على أيديكم؟ وماذا قدّمت راعية السلم والمدافعة عنه (دولة الإمارات) من أجل المستضعفين من المسلمين في غزة بعد سنة وأربعة أشهر تقريباً من القتل والتدمير والتجويع؟”.
وكتب المدون عبد الله الحسين: “اللاعبون في تنظيم مؤتمر السلم والفاعلون الحقيقيون هم سفهاء أبو ظبي، والمفعول به والضحية هو الشيخ عبد الله بن بيه”.
وزاد: “هذا المؤتمر خرجت فكرته من صهاينة الغرب، وينفذه صهاينة العرب، وقد اختاروا له شيخاً لم يعد يملك من أمره شيئاً، ليُضلوا شعوب المسلمين عن واقعهم ويصدوهم عن حقوقهم في مواجهة أعدائهم. وللأسف الشديد، سمحت موريتانيا (بلاد السيبة) لإقامة مشروع هو في صالح العدو وليس في صالح الأمة الإسلامية”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول متابع:

    المثير للجدل هو ان تحدث طوفانا ولم تفكر في صناعة مركب لنجاة اهلك

اشترك في قائمتنا البريدية