لندن ـ «القدس العربي»: فوجئ المصريون بتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي عن الزيادة السكانية في بلاده وعن تنظيم عمليات «هجرة شرعية» لنقل المصريين إلى الدول الأوروبية أو الدول ذات الكثافة السكانية المتدنية، وهو ما أثار موجة من الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي والتي تباينت بين الاستهجان والاستنكار والسخرية.
وحذر السيسي من آثار الزيادة السكانية في مصر والتي وصفها بالكارثية، واقترح أن تكون هناك هجرة مشروعة للعمالة من الدول ذات الكثافات السكانية المرتفعة، إلى دول أخرى مثل أوروبا، أو الدول ذات الكثافات السكانية المنخفضة.
وأكمل السيسي قائلاً إن «الدولة المصرية طورت بنيتها الأساسية في مجابهة النمو السكاني، وبذلت جهوداً ضخمة في كل المجالات، كالتعليم والصحة والزراعة والمياه والكهرباء، وهو جهد لا يتناسب مطلقاً مع قدرات مصر، بل أعلى من قدراتها».
وأضاف: «لدينا فرصة كبيرة في تنظيم الهجرة الشرعية إلى الدول الأوروبية التي تعاني نقصاً في أعداد المواليد، لأنها طاقة عمل ستحقق عوائد للاقتصاد في هذه البلدان. الهجرة الشرعية هي الحل لمواجهة نقص العمالة في أي دولة، وسيكون ذلك بالتنسيق والتفاهم بين الدول وبعضها، وتقديم العمالة لها لمدد محددة سلفاً».
وسرعان ما أثار حديث السيسي موجة من الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي، كما أطلق النشطاء جملة من الوسوم المرتبطة بهذه التصريحات، أو بأداء السيسي في الحكم، ومن بينها الهاشتاغ «#السيسي_خربها» والذي تصدر الوسوم الأكثر تداولاً على شبكة «إكس» (تويتر سابقاً) في مصر، كما تصدر الوسم «#الدولار» و«#الدولار_الأمريكي» قائمة الوسوم الأوسع انتشاراً أيضاً مع تزايد القلق من هبوط جديد في سعر صرف الجنيه المصري.
وفقد الجنيه المصري أكثر من 80 في المئة من قيمته مقابل العملات الأجنبية، منذ إطاحة الجيش – تحت قيادة السيسي- بأول رئيس مدني منتخب للبلاد في الثالث من تموز/يوليو 2013 حيث كان يبلغ سعر صرف الدولار نحو 7.05 جنيه في البنوك المصرية، و7.60 جنيه في تعاملات السوق الموازية، مقارنة بـ30.95 جنيه في البنوك الآن، و39.50 جنيه للدولار في المتوسط في تعاملات السوق غير الرسمية.
وعلق الإعلامي محمد ناصر على تصريحات السيسي بالقول: «السيسي طلع يقولك: الناس زمان كانت بتقبض جنيهات ومبسوطة، دلوقتي بيقبضوا آلافات وزعلانين.. السيسي ساقط الابتدائية ومادة الحساب مش عارف حتى يفرق بين اختلاف الأزمنة وقيمة الجنيه مقابل الدولار، وسعر السلع الرئيسية والتضخم زمان ودلوقت!».
وكتبت لبنى درويش تسخر من تصريحات السيسي بالقول: «وزير الصحة بيعمل تقديم لاستراتيجية السكان الجديدة في مؤتمر دولي وبيحاول يقول كلام منضبط، فيطلع السيسي في تعليق غير منظم على كلامه يدي نموذج بسياسة الطفل الواحد في الصين ويقول كل حاجة عكس كلام وزير الصحة ويقول إنه ضد الحرية المطلقة والحضور طبعاً يصقفوا. رائع».
أما محمد رمضان فعلق قائلاً: «طيب ما ترحل. طالما لا تقدر تقديم تعليم كويس للشعب ارحل.. طالما لا تستطيع تقديم خدمات صحية كويسة ارحل.. طالما لا تستطيع توفير فرص عمل ارحل.. طالما لا تستطيع النهوض بالاقتصاد ارحل.. إنت قاعد بتعمل ايه؟».
وكتب طارق عبيد يقول: «كلنا عارفين المعلومة لكن الإجراءات في ايد الدولة مش في ايد الناس، والعشرين سنة المطلوبين لخفض معدل المواليد فات منهم 10 سنين تحت حكم حضرتك، والناس تعبت من كتر الكلام على اجراءات حاسمة توقف حالة الانتحار القومي اللي عايشينها، كنتوا اعتبروها زي قانون وقف البناء واللاجئين».
أما نبيلة السيد فقالت: «احييه.. ده عايزنا نسيبله البلد ونسافر عشان نجيبله فلوس.. طب ما تغوروا انتم في داهية.. ما بدل ما يسافروا وينموا دول تانية ارفعوا ايديكم عن الاقتصاد وسيبوا القطاع الخاص يشتغل وينتج ويصدر».
وعلق ناشط يُدعى أحمد بالتذكير بفيلم كوميدي شهير، وكتب يقول: «أحمد عيد وأحمد رزق في اوعى وشّك وهم بيسفروا الصعايدة».
وكتب آخر يقول: «مش قادر يثبت على سردية واحدة متماسكة. يعني الأنظمة السابقة وحشة وكانت سبب في انحدار البلد وانت جاي تصلح اللي بوظوه؟ ولا الثورة في 2011 كانت غلط لأن الأنظمة السابقة كانت بتعمل ما في مقدورها ولم يكن في الإمكان أفضل مما كان؟».
وكتبت أميرة الهواري: «في 2016 قال خسرت الدولة 100 مليار دولار، وفي 2019 قال مئات المليارات بس هاعمل قصور، والسنة دي 400 مليار، والسنة الجاية هايقولكوا تريليون دولار، هو الكلام بفلوس؟ ماهي مكلمة وهري».
وعلقت داليا بالقول: «فاحنا ماعندناش دولار وعايشين في الضلمة والحر وعلينا ديون متلتلة والغلا بيقرقش فينا نعمل ايه؟ ننظم مؤتمر عالمي علشان نفك عن سياته شوية بدل الخنقة دي».
وكتب حساب يُطلق على نفسه اسم «مصري غلبان» يقول: «يخرب بيت الحشيش المضروب، هي شماعة الإخوان دي والزيادة السكانية مش هتخلص ولا إيه؟ مافيش إبداع، مافيش حاجة جديدة.. السيسى خربها.. يسقط حكم العسكر».
واستدعى سمير العليمي مقطع فيديو يعود إلى العام 2008 ويظهر فيه العلامة الراحل إبراهيم الخولي وهو يرد على ادعاءات «الزيادة السكانية في مصر» حيث يقول الخولي في المقطع: «إن مصر يعيش سكانها على 4 في المئة من مساحتها، وأن ثرواتها مطمورة بسبب فشل الدولة والحكومات والأنظمة المتعاقبة في استثمار ما أودع الله من ثروات في الأرض والسماء». ويضيف الخولي: «كثرة النسل نعمة إن أحسننا استثمار الناس». ويلفت إلى أن «اليابان تضاعف عدد سكانها بعد الحرب العالمية من 40 مليون إلى 120 مليون، واليابان ليس فيها مواد خام وتستورد كل شيء، ومع ذلك وصلت إلى ما وصلت اليه بفضل سكانها».
وكتب أحد المعلقين: «عدد سكان اليابان 139 مليون، أمريكا 334 مليون، تركيا 85 مليون، بريطانيا 68 مليون، البرازيل 221 مليون نسمة، وكثير من الدول تشجع على زيادة السكان والهجرة إليها، وسبقوا مصر في التعليم. الفشل لا علاقة له بعدد السكان لكن السيسي حريص على تحويل ثروتنا البشرية إلى شماعة لفشله».
وعلق الدكتور ياسر الديسطي قائلاً: «شكراً معتوش تتضغطوا وياريت توصلوله رسالة من كافة أطياف وفئات الشعب المصري: ارحل يا فاشل.. وكفاية أوي كفاية مدتين وعليهم سنتين زيادة، 10 سنين كفاية مشفناش فيهم غير الذل والاستعباد والتجويع.. ارحل يا سيسي البلد لا عاد فيها ثروات تتنهب ولا شركات تتباع عشان السيسي خربها».
وكتب «أسير الرعد» مغرداً على «تويتر» يقول: «مليارات الدولارات تم تهريبها بنجاح والشعب المقهور مش عارف يشتري حتى رغيف العيش.. السيسي لازم يتعدم».
وقال أحد المغردين: «الشعب من أهم الموارد في أي دولة عشان كده مصر قدرت تكون أغنى دولة في العالم بعد ثورة 1919 عشان الاهتمام انصب على الصحة والتعليم وكذلك امريكا واوروبا واليابان حينما تم الاهتمام بالموارد واستغلالها جيداً وعندما توقف في مصر بعد انقلاب العبيد العسكر ولازال تخربيهم مستمر».
وغرد حساب يُدعى «قوتنا في وحدتنا» يقول: «أسوء مرحلة بنعيشها واحنا شايفين شركاتنا واصولنا واراضينا بتتباع واحنا عاجزين ومش عارفين نحافظ على بلدنا.. كله اتباع مفيش غير الشعب اللي منتظر يتباع في المزاد العلني عشان يسدد الديون وياخد غيرها».
يشار إلى أن الحكومة المصرية سرعان ما تعهدت بتنفيذ رؤية السيسي لتنظيم «هجرة شرعية» إلى الخارج، حيث قالت وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج سها جندي إن الوزارة تعمل على تنفيذ مقترح تنظيم الهجرة إلى بعض الدول، عبر المبادرة الرئاسية «مراكب النجاة» في إطار برنامج يستهدف «تدريب المصريين على أعلى المستويات، وتأهيلهم للعمل في السوق الأوروبية والغربية».
وأضافت جندي أن «البداية كانت مع المركز المصري الألماني، الهادف إلى تدريب العمال والمهنيين والفنيين المصريين في جميع التخصصات، وتأهيلهم لاحتياجات المجتمع الألماني»، وقالت إن «الوزارة حريصة على مكافحة الهجرة غير الشرعية، وخلق بدائل لتوظيف وتدريب المصريين الذين يلجؤون إلى (مراكب الموت) في البحر المتوسط، وذلك تحقيقاً لحلمهم بالعمل في دول أوروبا».