جرد حساب إسرائيلي للحرب.. أخبارها السيئة والجيدة بعد 500 يوم على نشوبها

حجم الخط
0

الناصرة – “القدس العربي”: يقول رئيس معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، الجنرال في الاحتياط تامير هايمان، إن مرور 500 يوم على اندلاع الحرب هو التوقيت المناسب لإجراء مراجعة بمفعول رجعي، مقدمًا جرد حساب للأخبار السيئة والأخبار الجيدة بالنسبة لإسرائيل.

يقول هايمان، في مقال ينشره موقع القناة 12 العبرية، إن النصف الممتلئ من الكأس منذ بداية الحرب يتمثل في التحرك المذهل ضد المحور الشيعي، بقيادة إيران، أما النصف الفارغ، فيتمثل في الإحراج الكبير أمام المنظومة الفلسطينية في غزة، لكن الأمر الأكثر أهمية هو أن الطاولة التي وُضعت عليها هذه الكأس تغيرت تمامًا مع دخول ترامب إلى البيت الأبيض.

هايمان: يجب أن نفهم أن سوريا كانت “محور المحور”، فهي التي مرّ عبرها سلاح “حزب الله”، بالإضافة إلى جميع الأموال التي تدفقت إلى أنحاء المحور. حتى أموال “حماس” مرّت عبر البنك المركزي السوري

ويبدأ هايمان بالأخبار الجيدة من وجهة نظره: نجحت إسرائيل في زعزعة المحور الشيعي وعقيدته الأساسية. وهنا يضيف: “إذا كانت إيران، قبل الحرب، ترى أنها أقوى من إسرائيل، فإن هذه الحال تغيرت اليوم. قبل ذلك، للأسف، كان التفسير الإسرائيلي مختلفًا: اعتقدنا أننا أقوى، وأنهم لا يدركون القدرات المذهلة التي نمتلكها (عملية البيجر، على سبيل المثال)، لكن الحقيقة هي أن هذا لا يهم، فما كان مهمًا هو وعي المحور الشيعي بقوته وإدراكه ما اعتبره ضعفًا إسرائيليًا. المأساة الأكبر كانت في الفشل في استيعاب أن “حماس” جزء من المحور الشيعي، فالغطرسة والثقة المفرطة اللتان أظهرتهما إيران كان ينبغي أن نسقطهما أيضًا على “حماس”. هذا هو الجانب الذي لم تتمكن الاستخبارات الإسرائيلية من رصده”.

وطبقًا لهايمان، كانت الإنجازات ضد إيران، في الميزان الأمني، مثيرة للإعجاب، فبالرغم من أن إيران لا تزال دولة على عتبة القدرة النووية، الأمر الذي يُفترض أن يردع الأعداء عن مهاجمة أراضيها، فإن إسرائيل هاجمتها مرتين.

ويتابع: “عملت أذرع إيران العسكرية من سبع جبهات في وقت واحد، ورغم ذلك، فإنها لم تتمكن من إيقاف إسرائيل، أو حتى تأخيرها، بل أكثر من ذلك، تفككت هذه الأذرع بسرعة، وكان حجر الزاوية “حزب الله” أول من انهار. حتى الجيش الإيراني نفسه لم يرقَ إلى مستوى التوقعات. وفي المقابل، ورغم وابل الصواريخ الباليستية الهائل، فإن منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية تمكنت من منع وقوع أضرار كبيرة”.

ويقول أيضًا إن “الضربة القاضية للمحور كانت الانقلاب في سوريا، وإن توقيت الانقلاب، الذي وقع في يوم تنفيذ وقف إطلاق النار مع “حزب الله”، يقول الكثير عن العلاقة الوثيقة بين عمليات إسرائيل وسقوط نظام الأسد”.

ويضيف: “يجب أن نفهم أن سوريا كانت “محور المحور”، فهي التي مرّ عبرها سلاح “حزب الله”، بالإضافة إلى جميع الأموال التي تدفقت إلى أنحاء المحور (حتى أموال “حماس” مرّت عبر البنك المركزي السوري، ومن هناك إلى لبنان في شاحنات مصفحة، ثم وصلت إلى غزة عبر شبكة تحويل أموال معقدة)؛ وبعد أن استمعت بعناية إلى خطاب وزير الخارجية السوري في مؤتمر ميونيخ، أنا مقتنع بأن إيران وروسيا لن تعودا إلى سوريا الجديدة”.

“تأثير غزة” يتردد صداه

ويوضح هايمان أنه في مقابل الأخبار الجيدة على جبهة المحور وإيران، فإن غزة والمواجهة ضد “حماس” قصة حزينة: حتى الآن، لم نحقق أيًا من أهداف الحرب في غزة بشكل كامل، حيث لا تزال “حماس” القوة العسكرية المسيطرة على القطاع، ولم تتغير قدرتها على الحكم هناك.

ورغم النجاح الكبير في تصفية سلسلة القيادات، فإن “حماس” ما زالت الجهة التي تحكم غزة، وكل ذلك يحدث في الوقت الذي لم ننجح بعد في استعادة مخطوفينا.

ويضيف هايمان : “القول إن ليس كل شيء قاتم صحيح، لقد عدت اليوم من مؤتمر الأمن في ميونيخ، والجميع هناك يتحدثون عن “تأثير غزة”، والدمار الذي نفذه الجيش الإسرائيلي هناك، والإنجاز التكتيكي في القتال داخل بيئة حضرية مليئة بالأنفاق؛ من الأمور التي يعتبرها الخبراء العسكريون إنجازًا مهمًا، هي القدرة على التعامل مع الأنفاق، وتفكيك الوحدات العسكرية لحركة “حماس”، ومستوى التحصين الذي مكّن الجيش الإسرائيلي من الحفاظ على عدد إصابات منخفض نسبيًا، رغم التحديات والتوقعات، هذه العوامل كلها تركت انطباعًا جيدًا خلال المئة يوم الأخيرة”.

ويتساءل هايمان؛ متى تعثرت العملية في غزة؟ ولماذا؟ عن ذلك يجيب بنفسه: “هذا غير واضح، وتبادل الاتهامات بين المستويين السياسي والعسكري لا يساعد على الوصول إلى إجابة. نأمل أن تلقي لجنة التحقيق، التي ستبحث في إدارة الحرب، الضوء على هذا الأمر، فلكل طرف استنتاجاته، ولي أيضًا استنتاجاتي، لكن هذا ليس هو المهم في الوقت الحالي”.

ترامب يدخل على الخط

ويرى أن التطور الإستراتيجي الأخير هو الأهم، أي دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فأسلوبه التجاري الجيوسياسي، وأفكاره غير التقليدية التي تدفع جميع اللاعبين إلى إعادة حساباتهم، تخلق فرصًا جديدة.

هايمان: وتيرة الأحداث مذهلة، ولا شك في أن العالم بأسره يرقص على وقع الإيقاع الجنوني القادم من البيت الأبيض، إذ نشهد الآن تغييرًا في كل مجال

ويقول إن “وتيرة الأحداث مذهلة، ولا شك في أن العالم بأسره يرقص على وقع الإيقاع الجنوني القادم من البيت الأبيض، إذ نشهد الآن تغييرًا في كل مجال شهد جمودًا إستراتيجيًا”.

ترامب يملأ الفراغ

ويعتقد هايمان أن “اليوم التالي”، هذا المفهوم المجرد الذي كان يجب مناقشته منذ اليوم الثاني للحرب، أصبح واقعًا، لكننا لا نزال نختلف بشأنه، والإنجازات التكتيكية المذهلة لم تُترجم بعد إلى مكاسب سياسية.

ويضيف: “لقد أصبحنا مجددًا جذابين لدول الخليج، بفضل القوة العسكرية التي أظهرناها، وأيضًا بفضل الدعم الذي نتلقاه من ترامب، والآن، هو الوقت المناسب لاستغلال هذه اللحظة من أجل بلورة إطار جديد لتحالف إقليمي”.

ويخلص هايمان للقول إن “الخطر في طرح ترامب هو أننا قد نتخلى عن خطة واقعية ومعقدة، مثل تطبيع العلاقات مع السعودية وإنشاء تحالف دفاعي إقليمي، في مقابل حلم غير قابل للتحقيق، يتمثل في اختفاء القضية الفلسطينية”.

ويضيف: “في نهاية المطاف، ما لن يختفي بالتأكيد هو مشكلة “حماس” في غزة، وعندما تنتهي الصفقة، سنجد أنفسنا مجددًا أمام هذه المشكلة، الخيارات المطروحة سيئة، سواء الحكم العسكري، أو سياسة “اجلس وانتظر”، أو لجنة مدنية فلسطينية، فهي كلها تتطلب استعدادًا مسبقًا، وفي هذه الحالة أيضًا، التسويف يؤدي إلى كارثة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية