جنرال إسرائيلي: اتفاقية مع «حماس» ستؤجل حرباً واسعة لكنها ستمنح نصر الله صورة المنتصر

وديع عواودة
حجم الخط
1

الناصرة ـ «القدس العربي»: تزامنا مع استئناف مداولات صفقة جديدة يحذر جنرال إسرائيلي في الاحتياط نائب رئيس مجلس الأمن القوني سابقا يعقوب نيغل من أن اتفاقية مع حماس ستؤجل حربا واسعة لكنها تمنح صورة انتصار لحزب الله. ويقول نيغل في مقال نشرته صحيفة «معاريف» إنه بعد تسعة أشهر من القتال في غزة، وعلى الحدود الشمالية، وبعد الهجوم المباشر الذي نفّذته إيران، وبعد العمليات «الإرهابية» داخل الضفة الغربية وإسرائيل، باتت إسرائيل تواجه عدداً من القرارات والمفترقات الصعبة، وعليها الحسم بشأنها كيلا تضيع جهودها وتضحياتها هباء. ويتابع «الآن، تتمثل التحديات الرئيسية التي تعترضنا في نجاحنا في الإدارة الذكية للانتقال من حرب عالية الشدة إلى حرب مستمرة ومنخفضة الشدة في غزة، والدفع في اتجاه التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن، وتحويل مركز الثقل نحو كلٍّ من الشمال (إمّا عن طريق تسوية، أو حرب) وإيران (وقف قفزتها في اتجاه العتبة النووية)».

ويزعم أن جيش الاحتلال بات يقترب من تحقيق الهدف الأول الذي رسّمه المجلس الوزاري المصغر، وهو القضاء على قدرات «حماس» العسكرية وتهشيم بنيتها التنظيمية التي تتيح لها العمل كجيش. ويقول إن الأهداف المتمثلة في تدمير قدراتها السلطوية والتنظيمية، وقتل جميع زعمائها، فلا يمكن استكمالها، على الرغم من الإنجازات المبهرة التي حققها الجيش، في حين أن هدف استعادة جميع المختطفين والجثامين بعيد عن التحقق، على الرغم من الحملات المنفردة والمحدودة الناجحة، ومن صفقات التبادل التي تم التوصل إليها في بداية الحرب.

صفقة جديدة

منوها أنه في الآونة الأخيرة، ازدادت الأحاديث، وكثرت عناوين الصحف المتعلقة بالصفقة الجديدة وسِماتها المتوقعة. ويتابع: «لسوء الحظ، فإن بعض ما يُنشر في الإعلام، بغض النظر عن صحته، وخصوصاً ما يسلط الضوء على التوترات والخلافات بين المستويَين العسكري والسياسي في إسرائيل، يصبّ في مصلحة أعداء إسرائيل، ويبعد عنّا إمكان التوصل إلى صفقة، ويدفع السنوار وحماس إلى التشدد في مواقفهما». ويتحفظ من تشكيك الكثيرين في قدرة إسرائيل على تحقيق نجاح في التحديات الثلاثة، ويقول أنها مسألة تكامُل وثيق فيما بينها. تتمثل حجته الأساسية هنا في أنه يُحتمل أن إسرائيل باتت أقرب إلى التوصل إلى صفقة بسبب نجاح نشاطها العسكري في رفح وجنوب القطاع، في موازاة استمرار النشاط في وسط القطاع وشماله. كما يقول إن الضغط العسكري المتواصل يقود أغلبية مقاتلي «حماس» وقوتها العسكرية المتبقية في غزة إلى الفوضى، وإلى الرغبة اليائسة في التوصل إلى صفقة. مدعيا أن قوة «حماس» العسكرية فقدت شكلها العسكري التنظيمي. وما من شك في أن رغبة المقاتلين اليائسة في التوصل إلى صفقة تصل إلى آذان السنوار، حتى لو كان في الأنفاق العميقة التي يختبئ بداخلها، وإلى جانبه بعض المختطفين.

الضغط العسكري

طبقا لنيغل فانه إذا كانت هناك فرصة في التوصل إلى صفقة يمكن لإسرائيل التعايش معها، فإن الأمر لن يتحقق إلا بواسطة زيادة الضغط، وليس من خلال تخفيفه. والحجة المنطقية هنا تقول إنه إذا كانت حالة «حماس» بائسة إلى هذا الحد، فهذا ليس الوقت المناسب للتوصل إلى صفقة، بل هو وقت زيادة الضغط، لكن، من جهة أُخرى، يبدو أن حالة المختطفين لا تسمح لإسرائيل بتبنّي مثل هذا التوجه. ويتابع «ما دام السنوار مقتنعاً بأنه سيتمكن من تحقيق كامل أهدافه من دون تنازلات، وما دام هناك، للأسف الشديد، إسرائيليون وآخرون في العالم يساعدون السنوار في التوصل إلى مثل هذا الاستنتاج، فلن نتمكن من التوصل إلى صفقة مقبولة، بالنسبة إلينا».
ويرى أنه يجب أن يكون مطلب إسرائيل الرئيسي في الصفقة، في موازاة التنازلات المؤلمة التي ستقدمها والموافقة على بعض مطالب «حماس» هو إطلاق سراح المختطفين جميعهم. وغير هذا الخيار (الذي يبدو الآن غير قابل للتحقق) سيعرّض حياة الدفعة الأخيرة من الأسرى في حال تم إطلاق سراحهم على دفعات للخطر، «إلّا إذا احتفظنا بما يكفي من أوراق المساومة حتى ذلك الحين».
ويعتبر أن المطلب الرئيسي لـ«حماس» والسنوار، والمتمثل في العودة إلى ما كانت الحال عليه في 6 تشرين الأول/أكتوبر، فيعني وقفاً كاملاً ودائماً للقتال، بوجود ضمانات دولية، إلى جانب انسحاب كامل لجميع قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع، مع التركيز على المحاور الرئيسية الثلاثة: محور فيلادلفي ممر واسع في نيتساريم، والقطاع العازل على امتداد الحدود الفاصلة بين غزة ومستوطنات غلافها.

محور فيلادلفي

ويقول إنه من أجل ضمان إطلاق سراح الرهائن، سيتعين على إسرائيل التخلي عن بعض إنجازاتها، ومن المهم أن تحسم رأيها فيما يمكن التنازل عنه من هذه الإنجازات. ويضيف في هذا المضمار: «بحسب تقديري، يُحظر علينا، تحت أيّ ظروف، التخلي عن سيطرتنا على محور فيلادلفي إلى أن نتمكن من كشف وتدمير جميع الأنفاق التي تصل بين رفح ومصر. كما يُحظر علينا السماح بدخول قوات معادية إلى الحزام الأمني الذي قمنا بإنشائه في داخل حدود القطاع». ويتساءل ما الذي يمكننا فعله من أجل التوصل إلى إطلاق سراح الرهائن؟ وعن ذلك يقول إن التخلي موقتاً عن محور نيتساريم (مع الاحتفاظ بحقنا وقدرتنا على الدخول إليه مستقبلاً، إذا دعت الحاجة) وربما أيضاً نسمح بتخفيف عديد قواتنا في الحزام الأمني، من دون سحب هذه القوات تماماً.
ويرى أيضا أنه يجب على إسرائيل ألّا ترخي من قبضتها، تمهيداً للمرحلة التالية من المفاوضات و«اليوم التالي» وأن تكون لديها القدرة على السيطرة الكاملة على الأمن في غزة، وحرية العمل العسكري الإسرائيلي الكاملة المتمثلة في الدخول إلى مناطق في القطاع والتمركز فيها، من أجل المواجهة الفورية للتهديدات «الإرهابية» وكذلك محاولات «حماس» إعادة بناء قدراتها التي تهدد المستوطنات في المنطقة المحيطة بالقطاع، وتهدد العمق الإسرائيلي أيضاً.
كذلك يقول نيغل إن تصريحات من النوع الذي ظهر في صحيفة «نيويورك تايمز» ومفاده أن «على إسرائيل أيضاً أن تسمح باستمرار حُكم حماس في غزة من أجل ضمان إطلاق سراح المختطفين، ليست تصريحات مسؤولة، وهي بالتأكيد لا تتوافق مع رأي المستوى السياسي الإسرائيلي، كما أنها، بحسب رأيي، لا تتسق أيضاً مع أغلبية آراء قادة المنظومة الأمنية الإسرائيلية، وستؤدي إلى نتيجة عكسية».
أمّا التحدي الكامن على الحدود الشمالية برأيه، فهو الأكثر تعقيداً على الإطلاق، ويرتبط بالمعركة في الجنوب والمحور الإيراني. ويعلل رؤيته بالقول :»صحيح أن حزب الله يعيش معضلة خطِيرة، في ضوء الضربات الخطِرة التي تلقاها، والقضاء على عدد كبير من قادته ومقدراته، والدمار الذي انتشرت مشاهده من قطاع غزة والجنوب اللبناني، وعدم الرغبة في تحويل لبنان إلى غزة، لكن يُحظر علينا تضليل أنفسنا، فلدى حزب الله القدرة على ضرب العمق الإسرائيلي لفترة طويلة».
طبقا لنيغل فإنه من أجل ضمان عودة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان، ربما يتعين على إسرائيل السعي لتأجيل الحرب الواسعة ضد حزب الله، وهو ما سيتيح للجيش الإسرائيلي الاستعداد بصورة أفضل للمواجهة. أمّا التوصل إلى صفقة توافق عليها «حماس» فسيتيح لنصر الله التمتع بصورة المنتصر، إلى جانب التفاخر بأنه ساعد إخوته في الجنوب، وتمكن من تأجيل القتال في الشمال، حتى لو اضطر إلى التنازل وإبعاد قواته عن الحدود. و«من المهم أن ندرك أنه يمكننا أن نضمن للسكان إبعاد قوات الرضوان ووقف مراقبة منازلهم على امتداد الحدود، لكن لا يمكننا، بأيّ طريقة، ضمان إنهاء التهديد المتمثل في إطلاق نار مباشر (سواء بالصواريخ المضادة للدروع، أو غيرها) من منازل الجنوب المليئة بالصواريخ، التي ستظل على مقربة من الحدود، نحو منازلهم التي ستظل تحت مرمى النار». ويخلص نيغل للقول إن هذا بالإضافة إلى أن السعي الإيراني لامتلاك القنبلة النووية لم يتغير، وهو ما زال يشكل التهديد الوجودي الرئيسي لإسرائيل، في ظل رغبة خامنئي في مواصلة حرب التشتيت

من أجل تطوير سلاح التدمير

ويضيف «ينبغي أن يتم التركيز هنا على ضرب القدرة الإيرانية على بناء منظومات السلاح، وإضعاف نظام الحكم هناك، ثم يأتي الهدف الثاني المتمثل في ضرب قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم.
أمّا التسوية الأمريكية – الإسرائيلية – السعودية، والانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، والتحدي الاقتصادي، والنزاعات الداخلية، فهي برأيه أمور يجب على إسرائيل تركها جانباً الآن. على إسرائيل التركيز على استكمال إنجاز مهمتها في غزة، ومحاولة التوصل إلى صفقة، لكن ليس بأيّ ثمن، كما عليها السعي للتوصل إلى حل موقت في الشمال، يضمن عودة السكان إلى منازلهم، حتى من دون شنّ معركة واسعة النطاق وقصيرة الأمد. لا يمكننا مواصلة العمل في الشمال بالطريقة نفسها التي نعمل بها الآن في القطاع وفي المقابل، علينا التأكد من أن إيران لن تستغل الفرصة لتحقيق قفزتها في اتجاه امتلاكها القنبلة النووية».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول زين:

    جنرالات اسراءيل سؤاء داخل او خارج الخدمة عنصريون حاقدون ينظرون إلى أهل فلسطين وبقية الدول المجاورة نظرة متعالية تنم عن حقد دفين واحتقار غير محدود والجميع يحاولون بشتى الوسائل التقليل من نجاحات المقاومة في غزة وتضخيم انتصارات وهمية للكيان الصهيوني. في نهاية الأمر ما يهمهم هو مصلحتهم الشخصية وتقديم انفسهم على أنهم بديل افضل لمن يقودون اسراءيل الان. متناسين ان المشروع الصهيوني ما هو إلا قاعدة استعمارية متقدمة للغرب لا يمكن استمرارها إلا من خلال تبني ودعم مستميت من هذه الدول.

اشترك في قائمتنا البريدية