«Juniper» للنيوزلندي ماثيو جيه سافيل: فيلم يستكشف الحياة وجمالها

حجم الخط
0

«جونيبير» Juniper هو الفيلم الروائي الأول لكاتبه ومخرجه النيوزيلندي ماثيو جيه سافيل، والمستوحى من تجربته الشخصية أثناء نشأته في نيوزيلندا، حيث يقول.. إن (روث) تجسيد لشخصية جدتي لأبي التي انتقلت من أوروبا للعيش مع عائلتي في نيوزيلندا، عندما كان عمري 17 عاما، كانت شخصية حقيقية، كانت تحب «مشروب الجن» وذكية بشكل لا يصدق، لم ألاحظ ذلك حقا عندما كنت طفلا، لقد افترضت الكثير من خصائصها، حيث كانت صريحة للغاية، وقلت بالضبط ما اعتقدت أنه جاء من شخصيتها، وأعتقد أنه حدث، لقد مرّت أيضا ببعض الأحداث المذهلة، حيث كانت حاضرة في الحرب الأهلية في إسبانيا».
كذلك تبدو (روث) صورة لجدته التي توازي صور بعض الصحافيات الحربيات في ذلك الوقت، مثل (مارثا جيلهورن)، كما يقول «لقد بحثت عن أوجه تشابه بين هذه الشخصيات، وشخصية روث الخاصة بها، لكنها تستمد من جوانب هاتين الشخصيتين في ذهني وجوانب أخرى من النساء العظميات من هذا القبيل».
استعان سافيل في دور البطولة (الجدة) بالممثلة البريطانية المخضرمة شارلوت رامبلينغ ـ مواليد عام 1946 ـ وعنوان الفيلم بالعربية (العرعر)، ويشير إلى نوع من الأشجار الكبيرة والمعمّرة والنادرة، شجرة ظليلة جذابة وتفرز باستمرار زيوتاً طيارة، باعثة رائحة عبقة وجذابة. وتوت العرعر هو النكهة الرئيسية في مشروب (الجن) وهو الذي اكتسب الفيلم منه العنوان.

الحكاية

يدور الفيلم عن العلاقة التي تنشأ بين الجدة المتسلطة والحفيد المحبط، مراهق متمرد ومحطم بعد وفاة والدته. وبعد طرده من المدرسة طلب منه والده رعاية جدته الصلفة كعقوبة، فجأة وجد نفسه مع جدته (روث) التي تلعب دورها شارلوت رامبلينغ، المرأة التي تعشق الحياة وشرب الجن بإفراط، وقد كانت مهنتها كمصورة حربية لها أكبر الأثر في شخصيتها وسلوكها تجاه الآخرين. ولا أدل من ذلك موقفها من رجل الدين ـ وقد رأت الموت كأمر معتاد في الحرب ـ الذي طردته، حينما جاء تحت رغبة الممرضة سارة (إديث بور)، وهي شابة متدينة، وإيمانها يُتحدى من قِبل الجدة روث، التي عندما يطلب منها الاعتراف في أواخر أيامها، تحتقر القس وتقدم له شيكا بمبلغ كبير ثمنا لصك الغفران، ما دعا القس إلى الخروج غاضبا من إهانتها له.

أما الحفيد سام (جورج فيرير) فيعيش في دوامة مدمرة للذات، فلم يكن مع والدته عندما توفيت، وانتابه منذ ذلك الوقت شعور دائم بتأنيب الضمير، يقوده للتخطيط لإنهاء حياته. ويأتي والد سام (مارتون كاسوكاس)، المحكوم عليه بمحاولاته الفاشلة في التواصل مع ابنه المراهق بسبب انعزاله ومشاعره المكبوتة، وهي المشاعر نفسها التي أصبحت تنتقل إلى سام، فكان لا بد من وجود شخص يحوّل مشاعر الخوف والكبت هذه إلى أخرى أكثر إيجابية، حتى يستطيع أن يعيش الحياة ويعي معناها. وقد حلّ هذا الشخص بالمصادفة غير المتوقعة، متمثلاً في الجدة الإنكليزية، التي جاءت قعيدة على كرسي متحرك إلى منزل ابنها، بمصاحبة ممرضتها، حتى تقضي أيامها الأخيرة بجوار ابنها ومشاعره الباردة، وحفيدها الذي لا يعرف كل منهما الآخر.

الحياة رغم كل شيء

ومن خلال وجود روث في البيت، يبدأ الصراع بينها وبين حفيدها، شخصيتان متباينتان إلى أقصى حد. ولا تتورع المرأة عن أن تتعايش وفق منطقها مهما حدث، فتستخدم جرساً لجذب الانتباه، وعند حاجتها للمساعدة في الغالب من أجل جلب المزيد من أباريق الجن، أو حملها إلى المرحاض. وتأتي المفارقات منذ اللقاء الأول بينهما، كالسخرية من الفتى، أو حتى العنف، حينما رمت بوجهه الكأس الزجاجي. وتزداد الأمور سوءا عندما يجد الفتى نفسه عالقا بمفرده معها ومع ممرضتها في العطلة المدرسية، وهو المضطرب الذي يخطط للانتحار. تلت ذلك مباراة تفوقت فيها روث في النهاية عند دعوتها له للشرب معا. يضع سام خططه للموت جانبا، ويبدأ في العثور على الإلهام والمعنى في رغبة جدته الجامحة للحياة، وبعد كشفه لجانب من حياتها من خلال ألبوم صورها، حين كانت تعمل مصورة حربية. روث المصممة على أن تعيش الحياة بشروطها الخاصة والحفيد المراهق سام اليائس من الحياة، بوجود أب غير آبه بوجوده واحتياجاته، خاصة بعد أن تخلى عن الجميع بعد مجيء روث. تشتري روث ملابس جديدة لسام، وتطلب منه أن يُحضر أصدقاءه لإقامة حفلة في الحديقة، شريطة تنظيفها وترتيبها، وتشارك الأولاد رقصهم وغناءهم ويحملها الحفيد للرقص معه وتحكي لهم قصصا عن ماضيها. وتتغير حياة سام ويعدل عن فكرة الانتحار. وقد نشأت صداقة ورابطة قوية جميلة مع جدته.

كما تهوى

ووفق منطق روث، فإنها تختار طريقة موتها حين تشعر بقرب رحيلها، تختار وقت شروق الشمس، لأنها تعشق وقت الشروق وعلى ربوة تتأمل الطبيعة تغمض عينيها وهي تودع الابن والحفيد الذي أحبها وتعلق بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية