“جون أفريك” تصف تبون وروتايو بالعدوّيْن.. ودبلوماسي: الرئيس الجزائري أفضل من يروّج لوزير الداخلية الفرنسي

حجم الخط
9

باريس- “القدس العربي”: واصفةً الرئيس الجزائري ووزير الداخلية الفرنسي بالعدوّين اللّدودين؛ قالت مجلة “جون أفريك” الفرنسية إنه رغم أن الرئيس الجزائري يؤكد مراراً أن محاوره في فرنسا هو إيمانويل ماكرون، إلا أن وزير الداخلية هو من يتصدر المشهد يومياً، ويغذي التصعيد بخلفيات سياسية واضحة.
ففي الأزمة السياسية التي تعصف بالعلاقات بين باريس والجزائر، منذ قرار إيمانويل ماكرون، في يوليو عام 2024، دعم سيادة المغرب على الصحراء الغربية، يتواجه وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بكلمات قاسية ومواقف هجومية، في مواجهة شخصية غير مسبوقة في سجلات العلاقات الجزائرية الفرنسية.

وزير الداخلية الفرنسي يسعى للفوز برئاسة “حزب الجمهوريين”، وقد جعل من الملف الجزائري محوراً لحملته ودليلاً على صلابته

دخل روتايو الحكومة الفرنسية في سبتمبر 2024، عقب حل فاشل للجمعية الوطنية.. ومنذ ذلك الحين، فرض نفسه كفاعل أساسي في الملف الجزائري، رغم أن هذا الملف يُدار تقليدياً من قبل دبلوماسيي وزارة الخارجية الفرنسية، وبالطبع من قبل رئيس الجمهورية ومستشاريه.

وتابعت مجلة “جون أفريك” القول إن روتايو، الكاثوليكي الممارس، واليميني المتشدد، يدافع عن سياسة صارمة في إدارة الملفات الخلافية مع الجزائر. وهو بذلك يستلهم مواقفه من ناقد آخر للنظام الجزائري، السفير السابق في الجزائر كزافييه دريانكور، الذي تربطه به علاقة صداقة، إلى جانب الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، المسجون في الجزائر منذ نوفمبر 2024، ما زاد من توتر العلاقات بين البلدين.
وقد أصبح دريانكور، الذي تحرر من واجب التحفظ، من المؤثرين في سياسة وزير الداخلية.
تنعكس هذه التأثيرات في خطابات روتايو ومواقفه: إعادة النظر في اتفاقيات عام 1968، وإلغاء اتفاق عام 2007 بشأن إعفاء حاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية من التأشيرة، وإغلاق القنصليات الجزائرية في فرنسا، واستهداف ممتلكات النخبة الجزائرية، والتقليص الحاد في منح التأشيرات للجزائريين… هي كلها إجراءات انتقامية مستوحاة مباشرة من دريانكور.

وواصلت المجلة الفرنسية التوضيح أن روتايو، الذي لم يسبق له أن زار الجزائر- خلافاً لسلفه جيرالد دارمانان- يعلن بكل وضوح عن سياسته القائمة على “الرد التدريجي”، إلى درجة أثارت انزعاج وزارة الخارجية وقصر الإليزيه. وفي هذا الصراع، يقدّم نفسه كضحية.

روتايو يستعد لرئاسيات 2027

لكن مشاركة وزير الداخلية الفرنسي في هذه الأزمة ليست من أجل الجزائر فقط، بل لدوافع سياسية داخلية، تقول مجلة “جون أفريك”، موضّحة أنه يسعى للفوز برئاسة حزب الجمهوريين (LR) في انتخابات 17 و18 مايو، بمواجهة لوران فوكييه. وقد جعل من الملف الجزائري محوراً لحملته ودليلاً على صلابته. وطموحه يتعدى رئاسة الحزب، فهو يطمح للرئاسة في 2027. ولهذا، يركز على مواضيع ستطغى على الحملة الانتخابية: الجزائر، والهجرة بشكل أوسع.

ويقول دبلوماسي فرنسي ساخرًا: “أفضل من يروج لبرونو روتايو هو الرئيس الجزائري. إنه يدفعه نحو رئاسة الحزب وتصدر استطلاعات الرأي”، كما تنقل عنه مجلة “جون أفريك”.

من جهته، يتبنى الرئيس الجزائري مقاربة مختلفة تمامًا.. فمنذ زيارة ماكرون إلى الجزائر في أغسطس 2022، نسج تبون علاقات صداقة وثقة واحترام مع نظيره الفرنسي.
وإذا كانت العلاقات الجزائرية- الفرنسية تعتمد سابقاً على الانسجام بين الرئيسين، فإن تبون اليوم يجد نفسه في مواجهة معارضة شرسة من قبل برونو روتايو، تقول المجلة الفرنسية.

ورغم أن تبون يحرص على التأكيد، في العلن والسر، أن محاوره الوحيد هو ماكرون، فإنه لا يخفي احتقاره وعداوته لوزير الداخلية الفرنسي.
وقد قال لزواره إن التعاون الأمني مع جهاز المخابرات الداخلية الفرنسي (DGSI)، التابع لوزارة الداخلية، لن يُستأنف ما دام روتايو على رأس الوزارة.

تبون، الذي يتبع نظام حكم رئاسي قوي، ويشارك سلطاته مع عدد محدود من المستشارين، يحتكر إدارة العلاقات الدولية، لا سيّما مع فرنسا، لدرجة أن وزارة الخارجية تحولت إلى مجرد ملحق لقصر المرادية، تقول مجلة “جون أفريك”، مضيفة أنه عندما يصرح روتايو بأن تبون يسعى لإقالته، أو حين يشتكي من ظهوره المتكرر في الإعلام الجزائري، فهو لا يجانب الحقيقة، إذ تخضع الصحافة الجزائرية لتوجيهات المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية، التي يشرف عليها أحد المقربين المخلصين لتبون، والتي تحدد مضمون المقالات التي تستهدف وزير الداخلية الفرنسي روتايو.

الصحيفة: روتايو، الكاثوليكي الممارس، واليميني المتشدد، يدافع عن سياسة صارمة في إدارة الملفات الخلافية مع الجزائر. وهو يستلهم من ناقد آخر للجزائر، السفير السابق دريانكور

وقال تبون، في 22 مارس، أمام وسائل الإعلام: “مرجعي الوحيد هو الرئيس ماكرون”.
وقد أراد من هذا التصريح استبعاد وزير الداخلية من إدارة الأزمة وتداعياتها.
وبعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر، في 6 أبريل، استأنف الطرفان الحوار، واعتُبر ذلك، وربما بتسرّع، نهاية للأزمة.
لكن هذا الانفراج أضعف نهج روتايو المتشدد لصالح مقاربة أكثر دبلوماسية من قبل الإليزيه ووزارة الخارجية.

ومضت مجلة “جون أفريك” قائلة إن الجزائريين اعتقدوا أنهم نجحوا في إخراج روتايو من الملف، إن لم يتمكنوا من إقصائه.
لكن قضية الاختطاف المفترض للناشط أمير دي زد، الذي يُعتقد أن عملاء من الاستخبارات الجزائرية الخارجية نفذوه، ثم طرد الجزائر لـ12 عنصراً من جهاز DGSI كانوا يعملون في السفارة الفرنسية بالجزائر، كردٍّ على سجن عنصر قنصلي جزائري يشتبه بتورطه في العملية، أعادت الأزمة إلى نقطة الصفر، وبدّدت النوايا الحسنة المعلنة بشأن “عودة الحوار المثمر”.

في هذه القضية، تتهم الجزائر برونو روتايو بـ”استخدام أساليب استخباراتية لأهداف شخصية”.
هذه القطيعة الجديدة أعادت وزارة الداخلية الفرنسية إلى صميم الملف.
ويبدو أن عقيدة “الرد التدريجي” لم تمت، بل عادت إلى الواجهة بقوة.
وهو ما يشكل فرصة سياسية ذهبية لروتايو، الذي يكرر أنه لا يريد الحرب مع الجزائر، بينما يخوض مواجهة معها منذ قرابة عشرة أشهر، تقول مجلة “جون أفريك”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول جنادي امبارك:

    الرئيس عبد المجيد تبون اكثر حنكة من كل الساسة الفرنسين فقد ابان على قوة شخصيته في الاسراع في اتخاذ قرارات جد حاسمة

  2. يقول تاوناتي-فرنسا:

    سياسة الجزاءر بخصوص قضية الصحراء المغربية أضعفتها و عزلتها إقليميا و دوليا. و تأثيراتها السلبية لم تعد تنحصر على الداخل; بل صار حتى المواطن الجزائري في الخارج يدفع ثمن هذه السياسة.

    1. يقول ابو رحاب:

      رغم ذلك لا الجزائر ولا المواطن الجزئري سيتخلون عن مبادئهم بهذا الشأن.

    2. يقول سعيد البرهوش:

      الجزائر ليست ضعيفة ولا معزولة ..فهي أقوى دول المنطقة سياسيا وعسكريا واقتصاديا وتحظى باحترام دولي كبير ولست أدري لماذا تروجون بأنها تعيش عزلة وانتم ترون وفودا رايحة واخرى جاية …تحيا عمي تبون

  3. يقول محمد - الجزائر:

    جون أفريك تريد أن تظهر بوجه الناصح وكأن ديبلوماسية تبون هي التي تغذي سياسة روتايو العنصورية أي تعطي الذرائع لتصرفاته العدوانية اتجاه الجزائر والجزائرين

  4. يقول S.S.Abdullah:

    لا يمكن، أن يكون هناك حياد، في أي إعلام، ومن يظن غير ذلك، ليس له علاقة في تسويق أي شيء، على أرض الواقع،

    ومن هنا، من وجهة نظري، هناك شيء (غير صحيح) أو إهانة ما، مقصودة في عنوان (“جون أفريك” تصف تبون وروتايو بالعدوّيْن.. ودبلوماسي: الرئيس الجزائري أفضل من يروّج لوزير الداخلية الفرنسي) https://www.alquds.co.uk/?p=3481599

  5. يقول السيراج / الجزائر:

    – يعتبر تبون الرئيس المحبوب ، والمفضل لدى الجزائريين ، فهم يلقبونه ب ” عمي تبون ” بدل الرئيس تبون ، لذا فقراراته لها سند شعبي كبير ..

  6. يقول بشير ز:

    اول رئيس فعلي للجزائر هو عمي تبون بعد وصوله عن طريق انتخابات حرة ونظيفة

  7. يقول فداء الجزائر:

    روتايو مجرد دمية قراقوز يمسك بخيوطها اللوبي الصهيوني داخل فرنسا ، عمله الوحيد هو نفث السموم و محاولة لي ذراع الجزائر القوي ، الجزائر كانت ولا زالت الحصن المنيع الذي يحمي المنطقة من التدخلات الاجنبية ، ضعف فرنسا الرهيب ظهر جليا عندما عجز ماكرون رغم محاولاته في السيطرة ولجم روتايو الذي يسعى لتخريب العلاقات مع اكبر الدول الافريقية لحسابات سياسية ضيقة ، الايام ستثبت ان روتايو لايصلح وزيرا او حتى رءىيس بلدية في فرنسا المترهلة .

اشترك في قائمتنا البريدية