ابتداء من الاثنين من الأسبوع الجاري، يشهد البيت الأبيض الأمريكي تغييرا في رئاسة البلاد بتولي الجمهوري دونالد ترامب مقاليد السلطة، وهو القادم في مظهر الانتصار الكبير، مقابل مغادرة الديمقراطي جو بايدن كرسي الرئاسة، ويغادر من الباب الخلفي بسبب الأضرار التي ألحقها بحزبه وبصورة بلاده في الخارج، لاسيما بسبب القضية الفلسطينية.
ولا يمكن تفادي المقارنة بين الرئيسين في هذه اللحظة التاريخية، من جهة، يوجد ترامب الذي نجح بمناوراته وسجله الإجرامي المليء بالمخالفات المالية والتحرش الجنسي، في مراوغة الدولة العميقة، بفضل تسلحه بترسانة كبيرة من شعارات ومطالب شعبوية تعكس نبض الشارع، خاصة الأمريكي البسيط وأحسن استعمالها، ومن جهة، أخرى يوجد جو بايدن الذي عرض عليه هذا الشارع ترسانة كبيرة كذلك من المبادئ أكثر من الشعارات، ومن الإجراءات أكثر من النوايا الحسنة، لكنه فشل في التصرف والتسيير.
تولى جو بايدن رئاسة البيت الأبيض في وقت كانت فيه الولايات المتحدة في أشد الحاجة الى رئيس مسلح بالمبادئ الحقيقية التي يقوم عليها روح الدستور الأمريكي، لأن القوة تمتلكها في مختلف المجالات، والنفوذ تتمتع به أكثر من أي دولة أخرى عبر تاريخ البشرية. وكان المجتمع الأمريكي في حاجة الى رئيس يمنح البلد بوصلة داخلية من أجل الانسجام الجماعي نتيجة أربع سنوات من حكم ترامب، التي انتهت بانقسام خطير في أعقاب حادثة مقتل الأمريكي جورج فلويد خلال مايو/أيار 2020 في حادث أمني عنصري، جعل المحللين يتحدثون عن قرب الحرب الأهلية، وكذلك نتيجة تأثيرات جائحة كورونا، ثم بوصلة خارجية لمواجهة النفوذ الصيني الآخذ في التعاظم على حساب الولايات المتحدة. غير أن بايدن لم يكن في المستوى، ويمكن الاقتصار على مثالين، الأول وهو إضعاف الصف الديمقراطي، ونعني الحزب الديمقراطي، والناخب الذي يصوت للحزب، ثم تعميق الصورة السلبية للولايات المتحدة في أعين العالم، لاسيما في القضية الفلسطينية نتيجة دعمه، إن لم يكن تورطه المباشر في حرب الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني. وهكذا، عادة ما يتم تقييم ولاية أي رئيس على ضوء تعامله في الظروف الحرجة، التي تمر منها البلاد. وعليه، سيحتفظ المؤرخون لدى كتابتهم سيرة جو بايدن والحقبة التي تولى فيها رئاسة البلاد بأنه كان السياسي الذي ألحق أكبر هزيمة بالديمقراطية الأمريكية وربما الغربية، وذلك من خلال عدم انسحابه في الوقت المناسب من السباق الرئاسي، ليفتح المجال أمام جيل جديد من السياسيين الشباب لتولي مقاليد البلاد، جيل يفهم عمق تغيرات المجتمع الأمريكي، ويساير التطورات التي تجري في العالم. اعتاد محللون وصف جو بايدن بأنه السياسي الأكثر دهاء، لأنه انخرط في المشهد السياسي الأمريكي منذ السبعينيات، ونجح في الاستمرار بتولي مقاليد مناصب متعددة على مستوى الولايات، والفيدرالي حتى رئاسة البيت الأبيض. لكنه سيبقى السياسي الذي ساهم في تسليم الحكم الى رئيس شعبوي يتوفر على شهادة «حسن سيرة» مشكوك فيها، بسبب الجرائم الجنسية والمالية التي ارتكبها..
سيحتفظ المؤرخون لدى كتابتهم سيرة جو بايدن والحقبة التي تولى فيها رئاسة البلاد بأنه كان السياسي الذي ألحق أكبر هزيمة بالديمقراطية الأمريكية وربما الغربية
لقد ذهب محللون إلى القول بأن ترامب نجح في استمالة الناخب الأمريكي، خاصة اللاتينيين والسود بوعوده الرنانة، لكن هذه الأحكام التي تلت فوز ترامب أبانت أنها محدودة للغاية، كما يقول الفيلسوف الفرنسي إيمانويل تود صاحب كتاب «هزيمة الغرب» بأن الناخب الديمقراطي تخلى عن مرشح حزبه، في هذه الحالة كامالا هاريس، بسبب خيبة أمل شريحة الناخبين الممتدين من اليسار إلى الليبراليين في سياسة بايدن. وفي المحور الآخر المتعلق بصورة الولايات المتحدة في الخارج، شكلت رئاسة ترامب للبلاد في الولاية الممتدة ما بين يناير/كانون الثاني 2017 إلى يناير 2021 دعما كبيرا للخطاب الشعبوي في العالم، حيث بدأت تشهد الأحزاب السياسية من اليمين القومي المتطرف حقبة ذهبية في أوروبا وتراجعت حقوق الإنسان. وكان جزء من الرأي العام الدولي ينتظر من جو بايدن سياسة إنصاف في القضايا العادلة، وتقوية الفعل الديمقراطي العالمي، بحكم ريادة الولايات المتحدة للغرب، الذي يحمل قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان. غير أن جو بايدن يرحل من البيت الأبيض وقد ترك صورة الولايات المتحدة في الحضيض بشكل لم يسبق له مثيل، وساهم في عودة ترامب الذي سيزيد من قوة اليمين القومي المتطرف في العالم. ومن ضمن الأسباب الكثيرة حول تراجع صورة الولايات المتحدة في العالم، نجد أساسا موقفه الداعم سياسيا وعسكريا لحرب الإبادة، التي تعاملت بها إسرائيل مع الشعب الفلسطيني بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. حدث هذا في وقت شهد الحزب الديمقراطي أكبر تحول في موقفه السياسي بظهور تيارات يسارية أبرزها تيار بيرني ساندرز المتفهم للقضية الفلسطينية. ولعل هذا التحول قد تجلى في منعطف تاريخي بارز في تفكير المرتبطين بالحزب الديمقراطي، ذلك أن مؤسسة غالوب الأمريكية المكلفة باستطلاعات الرأي وطنيا وعالميا حول القضايا الكبرى كشف خلال مارس/آذار 2023، أنه لأول مرة في تاريخ النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، أصبح ناخبو وأعضاء الحزب الديمقراطي الأمريكي يميلون أكثر لتأييد حقوق الفلسطينيين. وكشف الاستطلاع أن 49% من الديمقراطيين يؤيدون حقوق الفلسطينيين، بينما نسبة الذين لا يؤيدون أي طرف تصل الى 11% بينما مؤيدو إسرائيل تراجعوا إلى 38%. ورغم كل هذا التطور، أبى جو بايدن بدل الاستماع الى ناخبيه، إلا أن يطبق سياسة مختلفة سجينة اعتقاده بخرافة دينية تتجلى بضرورة تأييد إسرائيل لتصبح قوة كبرى في الشرق الأوسط، لتسريع عودة المسيح. لقد تصرف مثل حاكم من حكام جمهوريات الموز.
لقد حذّر بايدن في خطاب الوداع الأسبوع الماضي من عزلة الولايات المتحدة، بسبب السياسة التي سيطبقها ترامب، ولم يدرِ أنه هو الذي عزل بلاده عن الشعوب عندما فضل الانخراط في دعم حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
لهذه الأسباب وأخرى، يغادر بايدن البيت الأبيض والرئاسة من الباب الخلفي.
كاتب مغربي
جو بايدن إلى مزبلة التاريخ
( جو بايدن يغادر من الباب الخلفي ).لطيفة هذه التورية أخي المحترم حسين مجذوبيّ…في أحد الأفلام الصامتة بالأسود والأبيض…هناك مشهد صورة من عنوان مقالك؛ إذْ يفتح الممثل الباب الخلفي بسرعة للهرب؛ فجأة يجد أمامه حفرة عميقة فيقع فيها؛ وهو يضحك على نفسه من هذا المقلب!؟ فيبادر كلبه إلى مساعدته لإخراجه من هذا الحيص
بيص.
سيذكره التاريخ أنه مجرم دموي سفاح أطفال ونساء غزة بلا منازع يا فازع هو وبلينكن الصهيوني اليهودي يا دودي سفاحو العصر وقتلة أطفال ونساء غزة العزة للأسف الشديد حقيقة بشعة جدا جدا ✌️🇵🇸😎☝️🔥🐒🚀