جيش الاحتلال في حالة طوارئ: دببة ترقص و«بسكويتة» مسلحة!

عندما يُذكر الجيش الإسرائيلي في الأخبار، نتوقع دائماً قصصاً عن المذابح والمجازر والتعذيب والسرقة، لكن في هذه المرة، وجدنا أنفسنا أمام مشهد يبدو كأنه مشهد من فيلم كوميدي بميزانية منخفضة: مجموعة من الجنود «الأشداء» في جنوب إسرائيل، عيونهم تلمع بالحماسة – أو ربما بشيء آخر – وهم يقضمون بسكويت يبدو لذيذاً، لكنه يخفي سراً صغيراً… سراً أخضر.
كان اليوم مشمساً عندما قدم بعض المدنيين الإسرائيليين المحبين والداعمين لجنودهم، حاملين سلالاً من الطعام. هكذا أرادوا رفع معنويات الجنود. هؤلاء المتبرعون الكرماء، الذين اعتقدوا أن الطريق إلى قلب الجندي يمر عبر معدته، لم يعرفوا أنهم كانوا يحملون بسكويتا من نوع آخر، بسكويتا سيجعل هؤلاء الجنود يرون النجوم في وضح النهار!
تم نقل الجنود إلى المستشفى، ليس بسبب جروح المعركة أو الإرهاق، بل لأنهم، وببساطة، كانوا «مسطولين» من بسكويتهم. بدا المشهد كأنه حلقة من برنامج كوميدي، فالجنود، الذين يُفترض أنهم يدافعون عن الأمة بحزم، وجدوا أنفسهم يشكون للأطباء مما اعتبروه «مؤامرة كونية» ضدهم.
بدأت الشكاوى بتخيلات غير متوقعة، أحد الجنود كان يصرخ قائلاً إنه يرى دببة ملونة ترقص فوق رؤوسهم، في حين أصر آخر أنه قد رأى فيلا يرتدي نظارات شمسية يحاول قراءة خريطة القاعدة. جندي آخر، بدا في حالة فلسفية عميقة، كان يقفز من سرير إلى آخر متسائلاً: «ما معنى الحياة إذا كانت البسكويتة يمكن أن تخوننا؟!»
ثم ظهر جندي آخر، وقد اكتست عيناه بنظرة حنين غريبة، وأخذ يعترف للأطباء بأنه يشعر برغبة ملحة في عناق الأشجار وتقبيل عواميد الكهرباء، وبأنه قد خطط لكتابة قصيدة غزل في عمود إنارة رآه أمام بوابة المستشفى. وأما صديقه في السرير المجاور، فقد كان يغني أغنية رومانسية لعربة قمامة مرَّت خارج النافذة، قائلاً إنها «تفهم مشاعره على نحو لم يفهمه أحدٌ من قبل».
لم يتوقف الأمر هنا، بل أضاف جندي آخر شكوى ذات طابع درامي، قائلاً إنه مقتنع تماماً بأن حذاءه العسكري قد بدأ يتحدث إليه بلغة الطيور، ويطالبه بأن يأخذه في نزهة رومانسية على الشاطئ. بينما كان جندي آخر يصرخ بأن سرواله العسكري بدأ في تقليده والسخرية منه أمام زملائه.
وكان هناك جندي آخر، عيونه متسعة وكأنها شاهدت العجب، يهمس بصوت خافت لطبيب يضع السماعة في أذنه: «دكتور، أعتقد أن ثلاجتي الشخصية تحاول الفرار مني. إنها لا تريد البقاء هنا، أرجوك امنعها!»
وبينما الجنود يغوصون في عالمهم السريالي، حاول الأطباء العسكريون الحفاظ على وجوههم الجادة، لكن بين الحين والآخر، كان أحدهم يختنق بضحك مكبوت أو يسعل ليخفي ابتسامته.
هكذا انتشرت الأخبار عن حالة الجنون الغريبة التي أصابت الجنود. كما سادت حالة من الفوضى داخل القيادة العليا للجيش. كيف يمكن للجنود «الشجعان» قاتلي الخدج أن يسقطوا هكذا؟ هم لم يسقطوا تحت نيران العدو، بل تحت تأثير بسكويت منزلي؟! الجنرالات، الذين كانت وجوههم تبدو كأنها نحتت من حجر الغرانيت، وجدوا أنفسهم أمام معضلة لم يتدربوا عليها في أي أكاديمية عسكرية: كيفية التعامل مع «هجوم البسكويت».
في محاولة لاستعادة هيبة الجيش، تم الإعلان عن إجراءات جديدة صارمة للتبرعات الغذائية. نعم، منذ اليوم، كل قطعة بسكويت، كل شطيرة، وكل قطعة شوكولاتة يجب أن تمر عبر الفحوصات. هل تحتوي على مواد غريبة؟ هل تبعث رائحة غريبة؟ هل تجعل الجندي يتحدث مع طائر وهمي؟ إذاً، فهي غير آمنة للاستهلاك!
لكن مهلاً، هذا ليس كل شيء. في خضم هذه الكوميديا العسكرية، لم ننس أن هناك بطلا وهو الطباخ الخفي» ذلك الشخص الذي قرر الانتقام بأسلوب جديد ومبتكر. تخيلوا رجلاً يقف في مطبخه، يرتدي مئزر الطهاة، وهو يهمس لنفسه: «سأجعلهم يدفعون ثمن ما يشعر به أطفال غزة من ألم، لكن بطريقتي».
بيديه الماهرتين، بدأ في إعداد خلطة البسكويت «المعزز» ضاحكاً في سرّه على الجنود الذين سيأكلون هذه الحلوى وهم لا يعلمون أن وجبتهم ستكون رحلة روحية إلى كوكب المريخ.
هذا الطباخ، الذي ربما لا يحمل بندقية ولا يرتدي الزي العسكري، قد أثبت أن هناك أساليب جديدة للانتقام، أقل دموية وأكثر تسلية. من يعلم؟ ربما البسكويت بالحشيش هو الذي سينتصر على جيش الاحتلال.
وبينما تجري الشرطة العسكرية تحقيقاتها الجادة وتنشغل بعملية «البسكويت بالحشيش» نكتشف أن الحرب ليست دائماً نيراناً ودخاناً، بل يمكن أن تكون أحياناً مجرد قطعة حلوى. هل انتهت الحكاية هنا؟ لا نعتقد ذلك. فالطباخ البطل لا يزال طليقاً، وربما يعد الآن وصفة جديدة. وقد تكون «براونيز بالكوكايين» هذه المرة، ليساعد الجنود على الغوص في نومهم الأخير.
لننتظر الفصل الثاني من سلسلة «البسكويت الحشيش».. قد يكون العنوان المقبل: «الجندي الذي اعتقد أنه سحابة»!

آمال لا تموت

بينما كان الجنود الإسرائيليون يشكون للأطباء من دببة ترقص وفيلة تقرأ خرائط، كانت هناك قصة أخرى تجري على بعد أميال، في قطاع غزة، لكنها قصة بطعمٍ مختلف تماماً.
في غزة، تلك الأرض التي يعرف أهلها جيداً معنى الصمود تحت أصعب الظروف، تم افتتاح مدرسة جديدة بدعم من الأونروا. ليس مجرد مبنى من الطوب والأسمنت، بل هو رمزٌ للأمل والمستقبل. المدرسة التي أُعلن عنها وسط حفلٍ بسيط، لكن مليء بالروح، تضمنت فقرات موسيقية وأنشطة ترفيهية للطلاب، كانت أشبه بمهرجان صغير في مدينة أنهكتها الحرب.
وسط التصفيق والزغاريد، رقص الأطفال وغنوا، ورغم أن عيونهم الصغيرة قد رأت من الألم ما يكفي لعمرٍ كامل، إلا أنهم لم يفقدوا القدرة على الفرح. لقد قفزوا على إيقاع الطبول، ملوحين بأيديهم في الهواء وكأنهم يحتفلون بحياةٍ جديدة، حياةٍ فقدتها مدارسهم المحطمة التي ما زالت تخشى الصواريخ.
المدرسة الجديدة لم تكن مجرد مكان للتعليم، بل مساحة لاستعادة الطفولة المسلوبة، حتى ولو للحظات قصيرة. في تلك اللحظة، كانوا أقوى من كل الظروف، رقصة هنا، ضحكة هناك، كانت هذه هي لغة التحدي الحقيقية، اللغة التي لا تعرف الحدود.

*كاتبة لبنانيّة

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    العرب يعيشون مرحلة الذل بسبب طغاتهم !
    المقاومة الفلسطينية أحرجتهم !!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول قمر الحبيب:

    من أجمل ما كتبت يا أستاذة مريم.

  3. يقول سميرة بنت البلد:

    ضحكت كثيراً وأنا أقرأ المقال. حسبي الله ونعم الوكيل في كل ظالم وقاتل.

  4. يقول محي الدين احمد علي رزق:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تحياتي لطباخ البسكويت المعجون ب الكوكايين وليس الحشيش هذه الموصفات المهلوسة موصفات الكوكايين ولكن للمحترمة مريم مشتاوي لان نختلف عن نوع المخدر المهم انها امتعتنا بمقال جيد وجد جدا بنهكة كوميديا تحياتي لحضرتك الشيء الذي اريد ذكره انا كنت في حرب 1967 والكل يعلم هذه الحرب كانت نكسة علينا الجنود وانا كنت جندي احتياط والصحراء نار جهنم في الصباح وفي المساء الجو مائل للبرودة ونحن في شهر 6 المهم خطر على بالي وانا راجع مشي على الاقدم 23 يوم حتى الوصول لخليج السويس فكرة جهنمية لكي عندما اقع مع وردية تفتيش من عساكر الصهاينة لا يتم تفتيشي وخلعت البس الميري يعني البس العسكري بنهار وبليل ارجع البسه مرة اخرة من برودة الجو وكده بفهلوة المصري وكمان من شبرا يعني ب الداخلي فقط وفجأة وردية امامي 3 بنات و 4 رجال رفعت يدي فوق وكده مفيش تفتيش ومن حسن حظي تم تفتيشي والحمد لله عن طريق البنات والرجال في وضع استعداد لماذا لا اعلم بعد الموقف ده طول السكة ببحث عن وردية تقوم بتفتيشي مرة اخرة والأسف لم اعثر. عمري الان 82 عام رجائي ان امكن نشره بدون حذف شيء منه. وشكرا

اشترك في قائمتنا البريدية