واشنطن- خاقان جوبور:
قال جيمس جيفري، الممثل الأمريكي الخاص السابق لسوريا، إن العلاقات التركية الأمريكية تمر الآن بفترة هدوء، وإنه متأكد من أنها سوف تتحسن خلال الفترة المقبلة.
وأضاف جيفري أن الرؤى بين البلدين وكذلك العلاقات ليست متقاربة، إلا أنها تشهد فترة من الهدوء في هذه الأثناء، وأنها سوف تتجه نحو التحسن خلال الأشهر الـ6 المقبلة.
وأشار جيفري إلى أن الولايات المتحدة وتركيا تمتلكان تاريخاً من التحالف داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) يزيد عن 70 عاماً.
وأوضح أن البلدين الحليفين واجها مرحلة صعبة وقضايا أثرت سلبا على العلاقات، مشددا على ضرورة زيادة الثقة بين حكومتي البلدين.
وتابع: “هناك علاقات متشعبة للغاية بين تركيا والولايات المتحدة. هذه العلاقات سوف تستمر. لم يلتق الرئيس جو بايدن ونظيره التركي رجب طيب أردوغان بعد، إلا أنهما يعرفان بعضهما البعض جيدا”.
وتابع: “ليس هناك هامش كبير للخطأ الآن. ستستمر هذه العلاقات لكونها مهمة، لكن بمستوى أقل مما رأيناه في الفترات السابقة”.
الدعم الأمريكي لتنظيم “ي ب ك/ بي كا كا” الكردي
وحول سؤال عن سبب كون دعم واشنطن لتنظيم “ي ب ك/ بي كا كا” الكردي من أهم المشاكل التي تعكر العلاقات التركية الأمريكية، وعن سبب هذا الدعم للتنظيم، قال جيفري، إن وجود الولايات المتحدة في سوريا في سياق محاربة تنظيم “الدولة” يصب في مصلحتها الوطنية، وأنه لا يمكن القيام بذلك بدون شريك موجود على الأرض.
وأضاف: “سبب ذهابنا إلى هناك (سوريا)، هو محاربة تنظيم الدولة الذي لا يشكل مصدر تهديد لسوريا وتركيا والعراق فقط، بل للمنطقة بأكملها بما في ذلك أوروبا. شريكنا الوحيد في محاربة التنظيم على الأرض كان ي ب ك”.
وأفاد جيفري أن الولايات المتحدة كانت على اتصال دائم مع تركيا خلال عملية مكافحة التنظيم، إلا أن المناقشات المختلفة بين واشنطن وأنقرة حول كيفية ضمان الأمن في المنطقة لم تخرج بنتائج مرضية بالنسبة للأخيرة.
لم نقطع وعوداً سياسية
وحول مسألة ما إذا كانت الولايات المتحدة قدمت وعودا لتنظيم “ي ب ك/ بي كا كا” بإقامة دولة في المنطقة، أجاب جيفري: “لا، لم نفعل ذلك أبدا. قلنا لهم هذا في كل مرة. حتى أننا كنا حذرين عند التواصل مع الإدارة الذاتية التي أسسوها”.
وأضاف: “بالنسبة لكل ما يتعلق بسوريا، لا بد وأن يمر بعملية سياسية تجري برعاية الأمم المتحدة بما في ذلك صياغة دستور جديد للبلاد والاستفتاء والانتخابات الديمقراطية وما إلى ذلك”.
وأكد أن التواجد الروسي والإيراني في سوريا، يمس الأمن القومي لكل من الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل.
وزاد: “إن الوجود العسكري لهذه الدول الثلاث (الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل) في سوريا ساهم في خلق وقف إطلاق نار غير رسمي في البلاد وتعزيز حالة “اللامنتصر” على الأرض. باستثناء بعض الحوادث الطفيفة في إدلب، لم يطرأ أي تغيير جدي على مناطق النفوذ العسكري في سوريا منذ 3 سنوات”.
وأشار إلى أن هذا الوضع خلق ضغوطا على نظام الأسد وأجبر كلا من روسيا وإيران على التفاوض في بعض القضايا.
تركيا والولايات المتحدة شريكتان في سوريا
وأكد جيفري أنه واقعي في قضية صعبة للغاية مثل القضية السورية، وأن من الضروري قراءة الحقائق الجديدة جيدا واتخاذ الموقف وفقاً لذلك، في حال عدم وجود حل كامل.
وأعطى جيفري مثالا عن هذا الوضع انطلاقا من أوكرانيا قائلا: “فرضت الولايات المتحدة والحلفاء الغربيون ضغوطا وعقوبات على روسيا منذ عام 2014، لكن هذا لم يكفِ لإخراج روسيا من شبه جزيرة القرم”.
وتساءل: “هل تمكنا من إخراج روسيا من شبه جزيرة القرم؟ لا. لكن (بفضل الضغوط) يوجد الآن وقف فعلي لإطلاق النار في المنطقة”.
كما لفت جيفري إلى أن تركيا والولايات المتحدة، شريكان مقربان للغاية في سوريا، ويمكنهما العمل معا في هذا البلد.
وحول قضية شراء تركيا منظومة صواريخ “إس 400” روسية الصنع، قال جيفري إن هذه القضية تعتبر من أهم الموضوعات التي عكرت العلاقات الثنائية في السنوات الأخيرة.
واستبعد احتمال تقديم كل من واشنطن وأنقرة تنازلات في هذا الملف، مشددا أن حل هذه القضية لن يكون سهلا من الناحية العملية.
وتابع: “هذا قرار سيادي بالكامل بالنسبة لوجهة النظر التركية. لماذا دولة ذات سيادة لا تستطيع شراء أسلحة من دولة أخرى؟ لكن بموجب قانون الولايات المتحدة، يعد هذا الوضع انتهاكا لقانون “مكافحة أعداء الولايات المتحدة من خلال العقوبات” (CAATSA). فضلا عن أن هذه الصفقة تشكل تهديدا لأحد أهم البرامج العسكرية والدبلوماسية لبلدنا”.
وأضاف: “لذلك أعتقد أن أفضل شيء يمكن القيام به الآن هو الحد من أضرار هذا الوضع من خلال احتفاظ تركيا بمنظومة الصواريخ دون الحصول على مزيد من الأسلحة الروسية؛ فيما تحافظ الولايات المتحدة على العقوبات المفروضة والتي لم يكن لها فعليا تأثير خطير على الاقتصاد التركي”.
وفي تقييمه للمسار المحتمل للعلاقات بين الرئيس أردوغان ونظيره الأمريكي جو بايدن، قال الدبلوماسي الأمريكي إن أولوية بايدن في الوقت الحالي هي مكافحة جائحة كورونا والتوازنات السياسية المحلية والمنافسة مع الصين وتغير المناخ.
وذكر جيفري أن الولايات المتحدة لا تريد تخصيص أموال وموارد عسكرية كثيرة للشرق الأوسط في الفترة الجديدة، لذلك ستعمل مع شركاء إقليميين في المنطقة، مشيرا إلى أن واشنطن تعمل بالتنسيق مع تركيا في ملفين مهمين في المنطقة هما إدلب وطرابلس (ليبيا).
كما أشار جيفري إلى أنه اقترح على إدارة بايدن الاستمرار في سياسات “واقعية” و”كيسينجرية”، كتلك التي اتبعتها الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
(الأناضول)