منذ شهر أكتوبر الماضي يتنقل عدد طويل من الوسطاء بين القدس وبيروت ودول أخرى في الغرب، في محاولة حثيثة لمنع اتساع المواجهة الحالية بين إسرائيل وحزب الله إلى حرب شاملة تتسع لحرب إقليمية.
بين الوسطاء وزير الخارجية البريطاني، ووزيرا الخارجية والدفاع، ورئيس الاستخبارات الفرنسية، ومبعوث شخصي للرئيس إيمانويل ماكرون. أنشط الوسطاء هو عاموس هوكشتاين، ممثل الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي توسط بين إسرائيل ولبنان في مسألة الحدود البحرية. فقد زارنا هذا الأسبوع والتقى أصحاب القرار وسيعود إلى بيروت.
في خطوط عامة، يقترح الوسطاء اتفاقاً يقضي بوقف نار بين الطرفين، وبعده – انسحاب نشطاء حزب الله، بمن فيهم وحدات النخبة من “قوة الرضوان”، شمالاً، إلى مسافة 10 – 12 كيلومتراً عن الحدود، وتعزيز قوة اليونيفيل والجيش اللبناني في الجنوب. وبكلمات أخرى: إعادة تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 الذي اتخذ في 2006 بعد حرب لبنان الثانية.
بالمقابل، توافق إسرائيل على تعديلات على الحدود، طفيفة نسبياً، في نحو 12 نقطة موضع خلاف على طول الحدود المشتركة في الشمال الأكثر تعقيداً، وهي في منطقة “هار دوف” التي تسمى مزارع شبعا، وقرية الغجر التي كانت منقسمة ومؤخراً وحدت تحت سيطرة إسرائيلية كاملة.
مثلما في غزة، لم يجر في لبنان مفاوضات مباشرة مع منظمة الإرهاب. لبنان، بخلاف غزة، وإن كان دولة سياسية ظاهراً، لكنه ظاهراً فقط. الحكومة الانتقالية، تماماً مثل حكومة قطر، تنقل الاقتراحات إلى حزب الله، الذي هو رب البيت الحقيقي وتنتظر ما تنبس به شفتاه.
لقد أعلن نصر الله بعدم موافقته على وقف النار قبل وقف القتال في غزة (من الخير أنه لم يطالب بانسحاب الجيش الإسرائيلي ورفع الحصار)، لكنه أشار إلى أنه منفتح ومنصت لكل اقتراح باتفاق سياسي يوقف المناوشات على الحدود الشمالية ويمنع حرباً شاملة.
ولهذا الكثير من الأسباب؛ أهمها أن حزب الله أقامته إيران (شيعية) للدفاع عن مصالحها وليكون استحكاماً متقدماً لحالة تعرضها للهجوم، لكن ليكي يباد في حرب لإنقاذ منظمة فلسطينية (سُنية). مسموح التضحية ببضع مئات من النشطاء من أجل فلسطين، لكن لا حاجة للانتحار.
إن استعداد حزب الله “للإنصات” للوسطاء يرتبط بحقيقة أن الحرب المحدودة التي تخوضها المنظمة حيال إسرائيل وإن أدت إلى إخلاء بلدات الشمال وأضرار كثيرة، لكنها أجبرت أكثر من 100 ألف من السكان، معظمهم شيعة، على ترك بيوتهم في جنوب لبنان.
مطلوب اعداد أساسي
ثمة سبب آخر يحرك حزب الله لعدم إغلاق الباب في وجه تسوية سياسية حسب الخطوط المعروضة، وهو أنه سيخرج منها الرابح الأكبر في كل وضع.
مثال واحد: تتعهد إسرائيل بإجراء تعديلات حدودية، وربما حتى انسحابات طفيفة في المنطقة، لكن قدرة حزب الله على شن حرب ضد إسرائيل في كل لحظة لا تتضرر؛ فمعظم الصواريخ التي تحت تصرفه قد يطلقها من خلف الليطاني، ولا يمكن لأي قوة في العالم – ولا اليونيفيل المعزز أو الجيش اللبناني – منع عودة نشطاء قوة الرضوان إلى الجنوب، الذين كثير منهم من سكان قرى المنطقة.
ألهذا السبب ينبغي لإسرائيل رفض فكرة التسوية السياسية والإصرار على شن حرب أخرى في الشمال؟ الجواب لا. ليس بعد. فحرب في الشمال، في مرحلة ما، لأجل إزالة تهديد حزب الله أمر محتم، وربما لا مفر منها في الوقت القريب، إذا ما حاول حزب الله تشديد شروط التسوية المقترحة وطالب مثلاً بوقف طلعات سلاح الجو في سماء لبنان.
لكن لشن حرب في لبنان تنزع سلاح حزب الله، ثمة حاجة للوقت، ليس لتلطيف حدة المعارضة الأمريكية فحسب، بل استعداداً لحرب في أكثر من جبهتين، وإنعاش القوات، وتجديد المخزونات والذخيرة، وأساساً إعداد الجبهة الإسرائيلية الداخلية لحجم من إصابات وضرر لم يشهد له مثيل.
وحتى ذلك الحين، يجدر بنا التحدث مع الأمريكيين عن إيران وعن اليوم التالي في لبنان على حد سواء – بما في ذلك رفع المقاطعة السعودية عن زعيم السُنة في لبنان سعد الحريري، الذي يقف على رأس المعسكر المعارض لحزب الله. لكن عمل هذا ليس سهلاً في وقت يغيب فيه هامش حوار مع واشنطن عن اليوم التالي في غزة.
عوديد غرانوت
إسرائيل اليوم 8/2/2024
هه الأمريكان والغرب العنصري البغيض المتغطرس الذي يكيل بمكيالين قد ضعفوا تحت ضربات الدب الروسي يا بيلوسي في أوكرانيا و صاروا كالذئاب التائهة 😁🤒🔥