القاهرة- «القدس العربي»: تواصلت في مصر الأزمة الاقتصادية، وشهدت البلاد موجة جديدة من ارتفاع أسعار كافة السلع، مع اقتراب السلطات من اتخاذ قرار التعويم الثالث للجنيه، في إطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على صرف الشريحتين المؤجلتين من قرض المليارات الثلاثة، والتفاوض حول زيادة قيمة القرض.
وتواصل الحكومة المصرية بيع أصول مملوكة للدولة لتوفير النقد الأجنبي لاستيراد احتياجات البلاد الأساسية، وسداد أقساط الديون الخارجية التي ارتفعت إلى مستوى غير مسبوق. وانتقد حزب المحافظين المصري المعارض، مواصلة السلطات في مصر عمليات بيع الأصول المملوكة للدولة لتوفير العملة الأجنبية. وقال الحزب في بيان حمل عنوان “حتى لا تباع الأهرامات”، إنه تابع مع جموع الشعب المصري عملية بيع 7 فنادق بينهم 4 مدرجة كمبان تاريخية وأثرية لمجموعة رجل الأعمال طلعت مصطفى بالأمر المباشر.
ولفت الحزب إلى أن عملية البيع تضمنت 39 في المئة من الأسهم مع حق الإدارة على أن تزيد النسبة لاحقاً إلى 51 %، مقابل 800 مليون دولار.
وزاد الحزب: “أعلنت المجموعة المشترية عن زيادة رأس مالها بدخول مستثمر أجنبي لتمويل الصفقة رغم إعلان رئيس الشركة القابضة للسياحة والفنادق أنه سيتم استثناء الفنادق التاريخية والأثرية من برنامج بيع الأصول التابعة للشركة”.
وواصل الحزب: “سبق وأعلن وزير قطاع الأعمال المختص أن الفنادق الأثرية ليست مطروحة للبيع، لأنه لا يمكن إخضاعها للتقييم أو التقدير العادل لأنها تمثل قيمة لا تقدر بثمن”.
ولفت الحزب في بيانه إلى قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983، التي تنص مادته الأولى على حماية الآثار التي أنتجتها الثقافات المختلفة حتى 100 عام مضت، وإلى معاقبة القانون في المادة 42 مكرر بالسجن المشدد والغرامة المالية كل من حاز أو أحرز أو باع أثر.
بيع مبان تاريخية
وحسب بيان الحزب، تضمنت المباني التاريخية والأثرية الموجودة في الصفقة، قصر الجزيرة بالزمالك والذي أنشئ عام 1869 (فندق ماريوت القاهرة بالزمالك)، واستراحة الخديوي إسماعيل بالهرم أنشئت عام 1869 (فندق مينا هاوس)، وفندق أولد كتراكت بأسوان افتتح عام 1889، وفندق وينتر بالاس بالأقصر بدأ بناؤه 1886 وافتتح عام 1903.
وواصل الحزب: “رغم قناعة الحزب بأن الحكومة لا تصلح لإدارة الشركات إلا أن حزب المحافظين يستنكر ويدين بشدة هذه الصفقة التي أقدمت عليها الحكومة بالمخالفة لقانون حماية الآثار لبيع تراث وآثار مصر بالأمر المباشر ودون مراعاة أبسط مبادئ الشفافية والتقييم العادل”.
وأكد الحزب على أنه ينظر بعين الشك والريبة تجاه محاولات السيطرة على تراث مصر الثقافي والحضاري من جهات أجنبية. ودعا الحزب للحفاظ على الآثار المصرية ويؤكد على ضرورة المحاسبة القانونية لكل من اشترك أو وقع على تلك الصفقة المخالفة للقانون.
إلى ذلك، انتقد حزب تيار الأمل تحت التأسيس، ما وصفه بسياسات إهدار مقومات الوطن وإفقار المواطنين. وقال الحزب الذي يؤسسه المعارض أحمد الطنطاوي، إنه يتابع كل التبعات الأخيرة التي أثقلت كاهل الشعب المصري من نقص في توفر الاحتياجات الأساسية وارتفاع فج في أسعارها. وقال إن ما تشهده مصر نتيجة بديهية تترتب على المسارات التي انتهجتها السلطة الحالية وما زالت تصر عليها بنفس الفكر، بل وذات الأشخاص الذين أفقروا الشعب المصري وأساؤوا إدارة مواردنا الكثيرة والمتنوعة.
سياسة التجويع
ولفت البيان إلى الكلمة التي طالب فيها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الشعب المصري بتحمل الغلاء والنقص في السلع بالاعتبار من “المثال الحي” الذي يتجلى فيه (تجويع) أشقائنا في غزة. وأضاف الحزب: “في كلمة سابقة للسيسي، طالب المصريين أيضاً بتحمل الجوع والحرمان في سبيل التنمية والبناء”.
وزاد البيان: “نرى جميعاً كيف أن رؤية هذه السلطة للتنمية محصورة في تراكم الأبنية والمدن والقصور المشيدة في الصحاري، وغيرها من أوجه الإنفاق غير ذات العائد التنموي والتي تفتقر لدراسات الجدوى وآراء المتخصصين، ليأتي كل ذلك على حساب المواطن وحقه في الحياة الكريمة والتعليم والعمل والعلاج، وجميعها واجبات حتمية على الدول ذات السيادة تجاه مواطنيها”.
وأكد الحزب أن السلطة في مصر مصرة على حل أزمة الاقتصاد المصري بالاستمرار في الاستدانة من الخارج، أو بفرض الجباية على الداخل، بزيادة الضرائب والرسوم على المواطنين، مع تراجع مستوى الدخول بفعل التضخم الهائل، ورفع الدعم عن السلع الأساسية.
وواصل: “هذا بخلاف الإصرار على بدء واستكمال مشاريع مظهرية وكمالية لا تمت بصلة لتنمية الإنتاج أو توفير احتياجات الشعب المصري”. وزاد: “تلك السياسات والممارسات التي غابت فيها الرقابة المستقلة والحرة، أدت للانخفاض المطرد حد الانهيار لقيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، وانعدام ثقة المستثمرين المصريين والأجانب في الإدارة الحالية، خاصة مع التخفيض المستمر لمؤشر التصنيف الائتماني لمصر، وهي الأوضاع التي لن يتأتى تصحيحها ولا مواجهة تبعاتها بإقرار قانون يمنح ضباط الجيش صلاحية الضبطية القضائية، إذ ورد ضمن تفنيدات هذا القانون، السلطة القضائية في الجرائم التي تضر باحتياجات المجتمع الأساسية ومواجهة تهديد مقومات الدولة وحماية المنشآت”.
المؤسسة العسكرية
وأعلن الحزب رفضه تحميل المؤسسة العسكرية أعباء هذه الأدوار التي يفترض أن تختص بها بداهة الإدارات المدنية، مؤكداً على “ضرورة عدم تشتيت جيشنا العظيم عن دوره المقدس في حماية أمن البلاد من الخطر الخارجي، خاصة في تلك الأيام التي يهددنا فيها العدو التاريخي بالاستحواذ على محور صلاح الدين (فيلاديلفيا)، إضافة للخطر الداهم على حدود مصرنا من كافة الجهات، وكل ما يهدد الأمن القومي المصري وفي مقدمته الحفاظ على حقنا في مياه النيل”.
وتابع الحزب في بيانه: “هذه السياسات والقوانين والإجراءات التي تحاصر المواطن المصري وتفقره وتطأ ظهره، لا تعالج العطب المُزمن والمستمر في فكر وسياسة وممارسة السلطة الحالية، بل تزيد الوضع تردياً”.
وطالب الحزب، السلطة بامتلاك الشجاعة الأدبية والتحلي بالمسؤولية الوطنية تجاه كل هذا الفشل الاقتصادي والتردي الاجتماعي والتفريط في كثير من الثوابت التي تهدر وتهدد مصالح الوطن الحيوية والاستراتيجية، والبدء فوراً في تصحيح المسار الذي أدى إلى كل ذلك بشكل جذري.
وكان مجلس النواب المصري وافق على مشروع قانون جديد بشأن تأمين وحماية مرافق الدولة العامة والحيوية، وهو القانون الذي لاقى انتقادات واسعة من منظمات حقوقية.
وقال مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إن توقيت إصدار هذا التشريع، وما يتضمنه من صلاحيات أمنية واسعة للجيش، يعكس بشكل واضح سعي السلطات المصرية لتحويل قوات الجيش إلى قوات شرطية، تتولى قمع الاحتجاج المحتمل داخل البلاد، لا سيما في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، وذلك من خلال توسيع نطاق صلاحيات الجيش في اعتقال المدنيين وإحالتهم للمحاكم العسكرية.