حجم التحديات أمام المجلس العسكري كثيرة ولا يكفي إعلانه عن حركة التحرر بقلب دمشق إمكانية استمراره فهو بحاجة إلى إثبات نفسه بمنطقة سيطرة النظام أولا حتى يحظى بدعم السوريين.
بعد مرور أسبوع على رسالة العميد مناف طلاس قائد المجلس العسكري السوري التي طرح من خلالها مبادرة جديدة للحل في سوريا، بث المجلس العسكري، الخميس، بيانا مصورا لحركة التحرر الوطني السوري المنبثقة عن المجلس فيما يبدو، وخاطب البيان الشعب السوري وظهر بالشريط المصور أربعة رجال وهم ملثمون يرتدون قمصانا بيضاء، حرصوا على تغطية شعارات القمصان التي يرتدونها لاعتبارات أمنية، وكذلك عدم إظهار أي إشارة بما فيها أيادي الجالسين الثلاثة بجوار المتحدث الوحيد.
ورافق المتحدث ظهور قصاصات ورقية مرفوعة أمام معالم حية مؤرخة ومتقاربة بين 1-15 حزيران (يونيو) 2023 في مناطق سورية مختلفة كدمشق، حيث تظهر أولى عبارات الدعم بالقرب من جسر الرئيس وفندق الفورسيزنز وقلعة دمشق وجامع خالد بن الوليد في حمص أحد أشهر مناطق انطلاق المظاهرات ضد نظام بشار الأسد عام 2011 وقلب مدينة حلب ومنطقة درعا البلد مهد انطلاق الثورة السورية، وبلدة نصيب الحدودية مع الأردن وبلدة اليادودة بريف درعا الغربي ومدينة سلمى في جبال اللاذقية. ولم يقتصر الأمر على المناطق التي يسيطر عليها النظام، بل رفعت قصاصات دعم المجلس العسكري في بلدة الشدادي في محافظة الحسكة أقصى شرق البلاد وهي الواقعة تحت النفوذ الأمريكي وتسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية «قسد» ومناطق أخرى غير محددة الموقع والتاريخ.
وجاء في البيان «أيها الشعب السوري. نحن في حركة التحرر السوري نعيش بينكم ونشعر ما يشعر به جميع أهلنا في الداخل السوري على كامل التراب السوري من آلام وأوجاع منذ 12 سنة، من أجل البقاء في السلطة جعل الحاكم المستبد وطننا مسرح عمليات لمختلف الجيوش الأجنبية وملاذا لكل الميليشيات الطائفية والمرتزقة فاستباحوا العرض والأرض، وعاملوا المواطنين كأجانب ومغتربين بل وكأسرى حرب أحيانا».
وزاد البيان «أكثر من نصف الشعب في المنفى واللجوء والمخيمات ومن بقي يعاني من سوء الأحوال المعيشية والأمنية الخانقة التي لم تعد غائبة عن جميع السوريين» وحمل النظام القائم مسؤولية تردي الأوضاع وعدم تقديم أي شكل من أشكال الحلول «سوى الحل الأمني والمزيد من العنف فضلا عن زج مئات الآلاف في السجون».
وحث البيان السوريين على أن يدركوا أن «الجرح السوري لن يشفى إلا بعلاج سوري وأياد وقلوب سورية وان تحرير بلدنا من سطوة الحكم الدموي لن يكون إلا بإرادة السوريين وعزيمتهم».
ودعت الحركة السوريين إلى العمل المباشر من أجل إنهاء المأساة من خلال «العمل المخلص والدؤوب لإحلال السلام في سوريا ومحاسبة جميع من تلوثت أياديهم بدماء السوريين» والعمل لبناء سوريا الجديدة الموحدة على أسس ومبادئ «المواطنة والديمقراطية وتجاوز جميع أشكال التمييز العرقي والمناطقي والطائفي».
واعتبرت أن أهم أولوياتها «وقف مأساة السوريين الأمنية والمعيشية والعمل على تعزيز مقومات السلم الأهلي، والحفاظ على الوئام والتسامح ونبذ جميع أشكال التطرف ومقاومة أي نزوع ثأري ومقاومة أي شكل من أشكال الارتهان الخارجي». وخلصت إلى أن حل المأساة وبناء سوريا «لن يتحقق إلا بإزالة رأس النظام القائم» والذي بدوره يحتاج إلى «التفاف وتكاتف السوريين بجميع أعراقهم وانتماءاتهم، لتحقيق تطلعاتهم بالحرية والأمن والسلام أسوة ببقية الشعوب المتحضرة».
وقال النطاق باسم البيان المصور إنه يتحدث من دمشق بتاريخ 14 حزيران (يونيو) 2023 وهو ما يعني معنويا الكثير للسوريين ويعطي دفعة معنوية للمجلس العسكري بتواجده في مناطق سيطرة النظام.
وفي وقت سابق، وجه العميد مناف طلاس رسالة إلى الشعب السوري هي الأولى من نوعها حتى بعد إعلان العمل بمشروع المجلس العسكري، وقال في الرسالة التي تلقت «القدس العربي» نسخة منها ونشرت على موقع «المجلس العسكري السوري» الذي يترأسه طلاس، وعلل غيابه عن الظهور بالمسؤولية الأخلاقية والتماهي المطلق مع قضية الشعب السوري وهو ما أوجب عليه عدم «المشاركة في العبث بتضحيات السوريين» والمغامرة بمصيرهم. مشددا على أن «الثورة بحاجة إلى كيانات وقيادات لديها الاستعداد الدائم للتضحيات والعطاء والقدرة على التماهي مع تطلعات الشعب والعمل بإخلاص على تحقيقها» وأكد على مقاومته «لجميع الضغوط الخارجية والداخلية التي حاولت ثَنْيَ إرادتنا وزجنا في المسارات والجوقات العابثة بقضيتنا».
ولفت إلى أن الانتقال من «دولة الاستبداد والتسلّط والإبادة والحاكم الأوحد، إلى دولة القانون والعدالة والديمقراطية، لن يتحقق إلّا بزوال النظام القائم والتنظيمات الإرهابية، ومحاكمتهم إزاء جميع ما ارتكبوه من جرائم بحق السوريين» وفي السياق السياسي، حث على العمل بكل إصرار على منع تعويمه وإعادة تسويقه من جديد.
ومهد طلاس في رسالته إلى إنشاء حركة التحرر الوطني، معتبرا أنها «التنفيذ الفعلي لانتزاع تمثيل السوريين والوصاية عليهم من جميع الأطراف التي وجدت باستمرار المأساة السورية المجال الرحب لتجريب مواهبها وتجسيد رغباتها ومصالحها ما دون الوطنية» حسب تعبيره.
كما أوضح قناعته بفشل أي مسعى يهدف إلى حل عادل للقضية السورية بمعزل عن إرادة السوريين. ورفض شيوع فكرة تحول القضية السورية إلى قضية بيد الدول وضعف إرادة السوريين. وأشار إلى أن الشعب السوري ما يزال هو «صاحب المبادرة الأقوى والأوراق الأكثر فاعلية» مشترطا مبادرة أبنائه المخلصين إلى طرد الوهن والركون إلى الأوهام التي تحاول التعلق بالمنقذ الخارجي».
وفي هذا السياق، تعهد طلاس بأن يبقى مشروع المجلس العسكري مشروعا وطنياً سورياً بعيداً عن أي شكل من أشكال الارتباط أو الوصاية لأية جهة، سواء أكانت دولية أو إقليمية.
وفي حوار سابق مع «القدس العربي» أكد العميد طلاس أن المجلس العسكري «جزء من الحراك السوري العام بكل تجمعاته» ويعمل مع التجمعات المدنية والسياسية والاقتصادية السورية». وحول اتهامات متوقعة لطلاس بالتشويش على مبادرة «مدنية» التي أطلقها رجل الأعمال السوري أيمن الأصفري من باريس أكد طلاس دعم الحراك المدني دون الخوض بالتفاصيل.
وفي قضية التشكيك بتجارب حكم العسكر في بلدان الربيع العربي والاستيلاء على السلطة والانقلاب على الشركاء السياسيين، أكد فشل تجارب الحكم العسكري في دول العالم الثالث بما فيها سوريا، وحصر دور المجلس العسكري بجمع السلاح «غير المنضبط وحصره بيد المؤسسة العسكرية الوطنية والمحافظة على السلم الأهلي وحماية الاستقرار في المرحلة الانتقالية والمساهمة في توفير البيئة الآمنة لمرحلة التعافي بهدف الوصول إلى حل سياسي».
ويعتبر تحرك المجلس العسكري هو الظهور الثاني خلال العام الجاري، حيث اتهم المجلس بترتيب انقلاب على المعارضة السورية الرسمية عندما قام المقدم أحمد القناطري عضو المجلس العسكري بتلاوة بيان يمنع من خلاله أعضاء الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة وأعضاء هيئة التفاوض واللجنة الدستورية من الدخول إلى الأراضي السورية. وجاء تصريح القناطري بعد الاعتداء على رئيس الائتلاف سالم المسلط في مظاهرة رافضة للتطبيع مع النظام في بلدة اعزاز بريف حلب الشمالي، وعزز دور المجلس العسكري بتلك الحادثة أن القناطري قرأ بيانا مكتوبا وليس كلمة ارتجالية.
يبقى المجلس العسكري أحد المشاريع المطروحة ولكن حجم التحديات والصعوبات أمامه كثيرة للغاية، فتوحيد البندقية التي يتحدث عنها هي خطوة شبه مستحيلة، ولا يكفي إعلانه عن حركة التحرر بقلب دمشق على إمكانية استمراره فهو بحاجة إلى إثبات نفسه بمنطقة سيطرة النظام أولا حتى يحظى بدعم السوريين وهذا يتطلب جهدا أمنيا كبيرا ضد أعمدة النظام والمسؤولين عن عذابات السوريين وقتلهم، كما أنه بحاجة إلى إثبات نفسه في الميدان ضد الميليشيات الأجنبية المدعومة من إيران، عدا عن ذلك سيبقى في إطار وسائط التواصل الاجتماعي وغرفة تطبيق «واتساب» حاله كحال الكيانات السياسية أو العسكرية التي لا تستطيع إطلاق طلقة ضد النظام إلا بموافقة تركيا في شمال سوريا أو بموافقة أمريكية كما هو حال جيش سوريا الحرة في قاعدة التنف الحدودية مع العراق.
الله يستر. يبدو ان هناك من يريد نشر الحرائق واشعال النيران. هل سنرى فرقا بريطانية وخوذا بالوان جديدة؟ مناف طلاس وما ادراك ما طلاس. هل يذكر هذا الصبي في اي بيت تربى؟ وعلى يد من؟ هل يدرك ان ابوه ايضا كان اداة في يد الجزار حافظ الاسد، وايضا في يد المجرم بشار؟ هل يعرف حجم الجرائم التي ارتكبها ابوه ضد الشعب السوري، والشعب اللبناني، والشعب الفلسطيني؟ ثم يخرج علينا ليحاضر فينا حول الحرية والتحرر ومحاربة الطغاة. فعلا صدق شوقي عندما قال:
برز الثعلب يوما في ثياب الواعظين
فمشى في الارض يهذي ويسب الماكرين
صدقت!!!
شكراً، هذا أول تعليق متوازن ومتزن أقرأه لك
ليس ثعلب ولاهم يحزنون وفي أحسن الأحوال هو ضابط منشق منذ بداية الثورة بالتوافق مع رفيق الطفولة بشارون أسدوف نفسه، وبدون مناسبة وفقط لأن أبوه طلب منه ذلك. ولهذا لم نسمع عنه الكثير ولكن يبدو أنه وجد وظيفة له الأن بعد التطبيع العربي مع النظام! اتمنى شخصيًا أن يكون له دور إيجابي للتخلص من النظام لكن ١٢سنة على الثورة علمتنا أن لانكون متفائلين كثيرًا رغم أننا لن نفقد الأمل!
بهذا المنطق الأعوج، أنت تمجّد فكرة الوراثة دون أن تدري. ماذنب الرجل إن كان أبوه من الحرس القديم ؟ هل لديك مرشح أخر مقبول سورياً ودولياً مؤهل لحقن الدماء وتحقيق الانتقال السلمي وسحب السلاح وإجراء انتخابات ديمقراطية. إذاً، تحن لاننادى بمناف طلاس رئيساً مقبلاً، بل نطمح إلى سوريا ديمقراطية يختار الشعب فيها من المرشحين من يشاء وذلك لن يحصل أبداً في عهد بشار.
لايبدو أنها ثورة جديدة لكن عسى ولعل لها أثر ودور في التخلص من هذا النظام. شخصيًا يغلب عليّ الأمل عادةً، لكن ماذا يعني أن يقود مناف طلاس (الضابط العميد المنشق عن النظام بالمناسبة) ابن وزير دفاع حافظ الأسد حركة تحرير سوريا من النظام نفسه! أعتقد أنها خطوة ليست سيئة لكن كونه يعيش في باريس يبدو أن هناك أصابع غربية مساندة بسبب معارضة الغرب للتطبيع العربي مع النظام السوري. السؤال طبعًا إلى مدى ستكون هذه الخطوة ناجحة أي أن تحقق بالفعل ماجاء في بياناتها وتصريحاتها، يعلم الله. عمومًا أي خطوة جديدة لابد أن تحظى باجماع عام، لنرى ماهو القادم!
هذا كان خادم للأسد والان يريد الإستفادة والعودة إلى أي منصب من جديد
مقال كامل شامل توضيحي ، ويجيب على تساؤلات مابعد رسالة العميد مناف ، ويصحح مفاهيم من حاولوا تأويل الكلمات بما يرضي نزعاتهم ومصالحهم الضيقة .
ويبقى لنا … العمل والأمل.
كيف أتمكن من الانضمام لهذه الحركة