حزب جزائري موالٍ للرئيس يتهم ماكرون بالضلوع في حملة اليمين المسيئة لبلاده على خلفية قضية صنصال

حجم الخط
5

الجزائر- “القدس العربي”:

لا تزال قضية اعتقال الكاتب الفرنكو جزائري بوعلام صنصال تشعل نيران الجدل بين الجزائر وفرنسا، في ملف يتوقع أن يعمق الأزمة الدبلوماسية القائمة أصلا بين البلدين منذ أشهر، بسبب الموقف الفرنسي الجديد من قضية الصحراء الغربية، والذي سحبت الجزائر على إثره سفيرها من باريس.

وأمام الهجمة غير المسبوقة لرموز اليمين المتطرف ضد الجزائر، اتهم مصطفى ياحي، الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، ثاني أكبر أحزاب الموالاة، الرئيس الفرنسي بشكل مباشر بالتورط في هذه القضية، معتبرًا أن هذه الحملة العدائية ليست مجرد تحركات معزولة، بل تعكس ضلوعًا رسميًا من الحكومة الفرنسية.

وأوضح ياحي في خطاب له، أن الجزائر تفاجأت بحملة إعلامية “خبيثة” شنتها بعض الأوساط السياسية المتطرفة ووسائل الإعلام الفرنسية، والتي تقف خلفها لوبيات معروفة بعدائها التاريخي للجزائر، على غرار “شخصيات يمينية متطرفة، ولوبيات صهيونية وجهات مخزنية”. هذه الأطراف تبرر، حسبه، هجومها بحجة الدفاع عن الكتاب والأدباء وحرية الرأي، في حين أنها “تسعى في الواقع إلى إثارة الفتنة وزعزعة استقرار الجزائر”.

وأكد مسؤول الحزب أن الجزائر دولة مستقلة ذات مؤسسات دستورية وقضائية، ملتزمة باحترام القوانين والحريات، مشددًا على أن “المحاولات التي تقوم بها هذه اللوبيات للضغط على الجزائر لثنيها عن تطبيق قوانينها الداخلية لن تنجح، حيث إن ذلك العهد قد ولى إلى غير رجعة”. وأضاف أن الأطراف التي تقف وراء هذه الحملة تعتقد أن بإمكانها التدخل في الشؤون الداخلية الجزائرية، إلا أن الجزائر اليوم تتبنى سياسة ندّية، بعيدة عن الوصاية الخارجية.

وفي هذا السياق، وصف ياحي الكاتب الذي أثار الجدل بأنه “قلم مأجور”، يحمل الجنسية الجزائرية، مؤكدًا أن للجزائر الحق القانوني في مساءلته عن تصريحاته “الخطيرة” التي تمس بالوحدة الترابية وأمن البلاد القومي. وأشار إلى أن هذه التصريحات التي أدلى بها الكاتب لوسائل إعلام فرنسية ليست سوى جزء من مؤامرة أوسع، تقف وراءها جهات معروفة.

أشار الحزب إلى أن تبني الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته لهذه الحملة الإعلامية ضد الجزائر، يؤكد ضلوع الحكومة الفرنسية الرسمية في هذه الهجمة

وأشار الأمين العام للحزب إلى أن تبني الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته لهذه الحملة الإعلامية ضد الجزائر، يؤكد ضلوع الحكومة الفرنسية الرسمية في هذه الهجمة. وأضاف أن الأطراف التي تقود هذه الحملة تنتمي إلى لوبيات لها تاريخ طويل من العداء للجزائر، وتعمل بشكل ممنهج على استهداف استقرارها.

وبحسب ياحي، فإن هذه الحملة ليست سوى امتداد لمحاولات قديمة لإحياء أطروحات استعمارية، معتبرًا أن الأشخاص المتورطين في هذه الحملة أصبحوا عملاء ومرتزقة، يسعون لبث الفرقة بين الجزائريين عبر كتابات “مأجورة ومسمومة”. وأكد أن هذه اللوبيات لا تزال تعاني من “ألم” خسارة الجزائر كمستعمرة، وتحاول بشتى الطرق زعزعة استقرارها.

كما شدد السياسي على أن حزبه لن يقبل بأي مساومة تمس بالثوابت الوطنية، معتبرا أن كل من يعتدي على أمن الجزائر أو وحدتها هو “خائن” و”عميل”، ويجب أن يواجه عقوبات قانونية صارمة. كما دعا الدولة الجزائرية إلى التصدي بقوة لكل هذه المحاولات، مشيرًا إلى أن على فرنسا أن تدرك أن زمن الوصاية قد انتهى، وأن الجزائر اليوم هي دولة مستقلة، تعتمد على سياسة المصالح المشتركة.

وختم ياحي بدعوة جميع القوى الوطنية، من أحزاب سياسية، وجمعيات مدنية، ووسائل الإعلام، إلى الوقوف صفًا واحدًا لمواجهة هذه المؤامرات، والتصدي لمحاولات تشويه صورة الجزائر في الخارج، مؤكدًا أن اللوبيات الفرنسية التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، عليها أن تلتفت إلى مشاكلها الداخلية، بدلًا من إعطاء الجزائر دروسًا في الحرية والديمقراطية.

وكان سياسيون فرنسيون ينتمون لليمين واليمين المتطرف وحتى الحزب الاشتراكي، قد شددوا اللهجة ضد الجزائر، على خلفية اعتقال الكاتب بوعلام صنصال بتهم تتعلق بتصريحاته المشككة في الحدود الجزائرية. ووصل الحد بحفيدة جون ماري لوبان الشهير بممارسة التعذيب في الثورة الجزائرية، لحد وصف الجزائر بأنها تتصرف “كدولة مارقة”.

وذهبت ماريون ماريشال لوبان من على منبر البرلمان الأوروبي إلى حدّ المطالبة بإجراء تبادل للأسرى، حيث اقترحت ترحيل “3500 مجرم جزائري” محتجزين في السجون الفرنسية مقابل الإفراج عن الكاتب. وزعمت ماريون ماريشان أن صنصال مسجون لأنه “تجرأ على انتقاد النظام الجزائري والإسلاموية في فرنسا وأوروبا”. كما اتهمت النخبة الجزائرية بالنفاق، حيث يرسلون حسبها “أبناءهم للدراسة في فرنسا ويتلقون العلاج في مستشفياتها، بينما يمارسون ضغوطًا دبلوماسية على باريس”.

شبه النائب الاشتراكي رافائيل غلوكسمان، النظام الجزائري بالديكتاتوريات التي اضطهدت المثقفين، مشيرًا إلى أن “صنصال هو ضحية نظام قمعي يخشى الكلمة الحرة”

ولم يختلف كثيرا موقف نواب اليمين الفرنسيين في البرلمان الأوروبي وفي مقدمتهم فرانسوا كزافييه بيلامي، الذي دعا لمراجعة الاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، معتبرًا أن اعتقال صنصال هو “دليل على نفاق النظام الجزائري”. أما النائب الاشتراكي رافائيل غلوكسمان، فقد شبّه النظام الجزائري بالديكتاتوريات التي اضطهدت المثقفين، مشيرًا إلى أن “صنصال هو ضحية نظام قمعي يخشى الكلمة الحرة”.

وفي 16 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، اعتُقل الكاتب الفرنكو الجزائري بوعلام صنصال بتهم تتعلق بـ”المساس بأمن الدولة”. وفي بيان له، ذكر المحامي فرانسوا زيميراي أن موكله مثل الثلاثاء أمام قسم مكافحة الإرهاب بالنيابة العامة في الجزائر العاصمة وتم وضعه رهن الحبس الاحتياطي. وأكد أن صنصال سيتابع بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، والتي تعاقب على “الأفعال التي تهدد أمن الدولة” وتعتبرها “أعمالا إرهابية”.

وفي الجزائر، تنظر الغالبية الساحقة من الفاعلين السياسيين والمتابعين بعين الإدانة، لتصريحات بوعلام صنصال التي أدلى بها لقناة إلكترونية محسوبة على اليمين المتطرف في فرنسا والتي زعم فيها أن كل الغرب الجزائري يعود تاريخيا للمغرب، وهو اعتبر جهلا فادحا بالتاريخ الجزائري الذي كانت فيه هذه المنطقة في بداية الغزو الفرنسي في طليعة المقاومة، من خلال الأمير عبد القادر الجزائري، المعروف بأنه مؤسس الدولة الجزائرية في شكلها الحديث.

ويقدم صنصال في الإعلام الفرنسي على أنه معارض للنظام في وقت كان يشغل منصبا حكوميا رفيعا في البلاد بداية سنوات الألفين (مدير الصناعة). وعرف الرجل بمواقفه الصادمة والتي صنفت لدى البعض ضمن دائرة “الخيانة”، حيث لم يتورع عن وصف الثوار الجزائريين الرموز بالإرهاب، ناهيك عن تبنيه أكثر الأطروحات تطرفا عن الإسلام تحت غطاء محاربة الإسلاماوية. واشتهر هذا الكاتب بدفاعه الشرس عن إسرائيل التي يزورها باستمرار، وهو ما برز بشكل أوضح بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 من خلال كتاباته وتصريحاته المتكررة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول متتبع مغاربي:

    الحقيقة ضائعة بين خطابات التخوين والتكفير الجاهزة للتصدي لكل خطاب معادي للنظام عن حق او عن باطل.
    ولاحول ولاقوة الا بالله العظيم.

  2. يقول Warga said:

    دولة تدعي انها قوة ضاربة كلمة من كاتب تحولة إلى حكاية الأمن القومي،… مؤكدًا أن للجزائر الحق القانوني في مساءلته عن تصريحاته “الخطيرة” التي تمس بالوحدة الترابية وأمن البلاد القومي… ما قاله الكاتب صحيح سواء اختلفت أو اتفقة معه، ما قاله الكاتب مجرد رأى، لايستحق الرد الفعل الذي وقع، بل العكس ما قاله الكاتب أصبح حديت كل وسائل الإعلام العالمية، مشكل الحدود بين المغرب والجزائر انتهى بتفاقية افران بين المغرب والجزائر، لكن ما قاله الكاتب حقيقة تاريخية بشار تندوف والقادسية هذه مناطق مغربية ضمتها فرنسا لما يعرف بالجزائر الفرنسية

    1. يقول بابا الصحراء الغربية:

      اسم المغرب للدولة المملكة ظهر في منتصف القرن العشرين والمغرب لغه يعني الاتجاه نحو الغرب.وفي الجغرافيا يقال المغرب الأقصى والمعنى هنا ما كان يعرف بمراكش السلطنة أو فاس الإمارة

    2. يقول يوغرطا:

      الجزائر قوة ضاربة اليوم وغدا وكل من تسول له نفسه المساس باراضيها المسقية بدماء شهادئنا او التنكر لملاين الشهداء سينال عقابه حتى لو تدخلت فرنسا وحلف النانو الجزائر لن تتراحع عن معاقبة هذا المفتري ولن يسامحه الشعب الجزائري .

  3. يقول زيان:

    صنصال هو جزائري الاصل ويحمل جنسية فرنسية له مواقف تعارض النظام الحاكم بالجزائر

اشترك في قائمتنا البريدية