تونس – «القدس العربي»: قال حسام الحامّي، المنسق العام لائتلاف صمود (تكتل تونسي واسع يضم منظمات مدنية وشخصيات حقوقية وسياسية) إن البرلمان التونسي لا يستطيع المصادقة على مشروع قانون تجريم التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي لأن الرئيس قيس سعيد يعارض هذا الأمر، على اعتبار أنه سيؤثر سلباً على الأمن الخارجي لتونس، لكنه طالب التونسيين بالتظاهر للضغط على السلطات ودفعها للمصادقة على المشروع.
وأضاف، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “كان من المفترض أن يصدر قانون يجرم التطبيع، ولكن رئيس البرلمان قال إن الرئيس قيس سعيد لا يريد هذا القانون، ويعتبر أنه يمس الأمن الخارجي لتونس”.
وأشار إلى أن هذا الأمر تسبب بإحباط كبير لدى الشارع التونسي، فـ”البرلمان لا قدرة له أن يواصل في مشاريع قوانين لا تحظى برضى السلطة التنفيذية”.
نفاق غربي
واستدرك بالقول: “ولكن على الشعب التونسي أن يقوم بعملية الضغط، ونحن كعضو في اللجنة الوطنية لدعم المقاومة الفلسطينية، قمنا مع عدد من المنظمات والأحزاب بمحاولات عدة لتنظيم تظاهرات (للمطالبة بتجريم التطبيع)، ولكننا وجدنا (لدى الرأي العام) نوعاً من التطبيع مع ما يحدث في فلسطين، وهذا محبط جداً، ونتمنى أن يعود الشعب التونسي للشارع للتظاهر والضغط على السلطات، وخاصة أننا نشاهد مظاهرات بعشرات الآلاف في عواصم غربية، وننتظر من الشعب التونسي والشعوب العربية أن تتحرك”.
وفيما يتعلق بتقييمه لعملية طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على غزة، قال الحامي: “لا نستطيع إلا أن نثني على هذا العمل العظيم (طوفان الأقصى) والذي كشف الكثير من الحقائق في العالم، من بينها عدم التناسق في الدول الغربية بين المبادئ التي يتشدقون بها، على غرار الديمقراطية وحقوق الإنسان، ودعمهم للكيان الصهيوني. وكأن المبادئ التي ذكرناها تنطبق فقط على فئة من البشر وخاصة مَن ينتمون لثقافتهم، أما بقية شعوب العالم فهي غير معنية بها!”.
واعتبر الحامي أن المقاومة الفلسطينية “نجحت في كسر “الغول” الذي يمثله جيش الاحتلال الإسرائيلي الممول مباشرة من عدة دول غربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة، فرغم أنه جيش مزود بأحدث الأسلحة ولديه مئات الآلاف من الجنود، إلا أن المقاومة استطاعت بتقنية بسيطة وبعدد غير كبير من المقاتلين، من هزيمة الكيان الصهيوني وحرمانه من تحقيق أي هدف في هذه الحرب، باستثناء قتل الفلسطينيين والتدمير الممنهج لقطاع غزة”.
كما أشار إلى أن التغطية الإعلامية المكثفة للعدوان على غزة ساهمت في تغيير وجهة نظر الرأي العام العالمي الذي “كان مسانداً للكيان الصهيوني، ولكن سرعان ما اكتشف حقيقة هذا الكيان، ككيان غاصب يقتل الأبرياء والأطفال بطريقة مجانية”.
وأضاف: “المقاومة اليوم تحظى بتأييد أغلب شعوب العالم، باستثناء التيارات العنصرية. كما أنها تمكنت خلال عملية الأقصى من إحراج الدول العربية التي وقعت اتفاقيات تطبيع مع الكيان الصهيوني”.
وفيما يتعلق بحديث البعض عن “تلقي” المقاومة الفلسطينية لدعم من إيران وروسيا، علّق الحامي بقوله: “نحن ندعم كل أطياف المقاومة الفلسطينية، وهذه تعتبر ثانوية في هذه الفترة بالنسبة لنا، والأهم هو أن إسرائيل هي العدو الأساسي، وبالتالي نحن ندعم هذه المقاومة وما تقوم به لتغيير الواقع الفلسطيني، وندعو كل أحرار العالم من أنظمة وشعوب للالتفاف حول مطالب الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة عاصمتها القدس، ودعم المقاومة مادياً ولوجستياً”.
وأضاف: “كما ندعم حل الدولتين، ولكن في ظل توازن بين القوى، لأننا نعرف أنه تم استعمال هذا القرار من مجلس الأمن من قبل الكيان الصهيوني لممارسة المزيد من الاستيطان واستنزاف الأرض الفلسطينية، وبالتالي حل الدولتين يمكن الحديث عنه، عندما يكون هناك ميزان قوى متكافئ.
واعتبر الحامي أن نسبة المشاركة المتواضعة في انتخابات المجالس المحلية في تونس “كانت منتظرة، لأنه سبقتها نسب منخفضة جداً في الانتخابات التشريعية والاستشارة الوطنية والاستفتاء، وبالتالي من الواضح جداً أن الشعب التونسي لا يتفاعل إيجابياً مع المشروع السياسي للسلطة الحالية التي تريد تأسيس ما تسميه “بناء قاعدياً”، والحقيقة أنه بناء هرمي يحاول أن يركز السلطة في يد رئيس الجمهورية، وذلك عبر تشتيت السلطات الأخرى وإضعافها، وإظهارها على أنها مجرد وظائف”.
مجالس لا نعلم دورها
وأكد أن التونسيين “ذهبوا لانتخاب مجالس محلية، لا يعلمون دورها بالضبط، بما أنه ليس هناك قانون أساسي ينظم هذه المجالس، وهذا يشمل أيضاً المجالس الجهوية والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. فنحن أمام مشروع مُسقط على المنظومة السياسية ويتم تكريسه دون أن تضطر السلطة لتفسيره، وخاصة أنه لدينا في النظام السياسي التونسي مجالس بلدية منتخبة ومحلية، وبالتالي ما الفائدة من تشكيل مجلسين منتخبين محليين”.
وأضاف الحامي: “السلطة تتحدث عن الدور التنموي الذي ستمارسه المجالس المحلية، رغم أن هذه المهمة كان يمكن ببساطة تكليف المجالس البلدية بها، وهذا سيوفر على المجموعة الوطنية المزيد من المصاريف الزائدة، ويقلل من طفرة الانتخابات، لأن التونسي كل عدة أشهر يذهب للانتخابات، كما أن هناك عزوفاً وعدم اهتمام لدى التونسيين”.
وتابع بالقول: “ثم إن التنمية تحتاج إلى موارد وإمكانيات، ونحن نعرف أن الدولة اليوم تسعى لتأمين موارد مالية من الداخل والخارجية وبالتالي إمكانياتها محدودة، كما أن النسبة التي تم رصدها للاستثمار لا تشكل سوى 6 في المئة من ميزانية تونس وهي منخفضة جداً، وكان من الأجدى إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية الفاشلة كي تتمكن السلطة من خلق مناخ يساعد المستثمر التونسي والأجنبي وأصحاب الشهادات الجامعية على المساهمة في خلق الثروة عن طريق مشاريع تنموية، في مجال اقتصاد المعرفة والاقتصاد الأخضر والأزرق وغيرها”.
ويرى مراقبون أن نتيجة الانتخابات المحلية الأخيرة تؤكد أن مسار الرئيس قيس سعيد وصل إلى نهايته بعد “رفضه” من قبل حوالي 90 في المئة من التونسيين.
وعلق الحامي بقوله: “هذا المسار لم ينتهِ، على اعتبار أن السلطة ما زالت قائمة، ولكن على الأقل المشروع السياسي (لسعيد) انتهى بالنسبة لنا، لأن التونسي قال كلمته: لا نريد بناء قاعدياً ولا بناء سلطوياً، ولا نريد هذه المجالس المحلية والجهوية ولا مجلس جهات وأقاليم (الغرفة الثانية في البرلمان)”.
تشتت اتخاذ القرار
وأضاف: “نحن أصلاً نعاني من الغرفة الأولى (مجلس النواب)، كما أن وجود مجلس ثانٍ سيشتت اتخاذ القرار داخل البرلمان، وهذا سيخلق منافسة سياسية بين المجلسين ويعطل المشاريع التنموية. يعني سيكون لدينا مجلسان في البرلمان ومجلسان محليان، وهذا سيساهم في تشتيت السلطات وإضعافها، وخلق سلطة مركزية قوية جداً ومهيمنة”.
وتابع بالقول: “ذهبنا من تشتيت السلطة إلى تركيزها، في ظل سعي المنظومة السياسية لتأبيد نفسها في الحكم، وهذا أمر خطير جداً، وخاصة عندما نرى مناخ الحريات الاعتقالات السياسية ومنع السفر والمضايقات العديدة للإعلاميين والنشطاء والنقابيين، ووضع السياسيين والنشطاء في السجن”.
واستدرك بالقول: “في دول أخرى قد يتم فرض المنظومات السياسية ويقبلها المواطنون، حتى لو كانوا غير متحمسين، ولكن في ظل نجاح اقتصادي واجتماعي نسبي، وهذا (النجاح) لا نجده حالياً في تونس، وبالتالي هذه المنظومة لن تدوم طويلاً لأنها لا تستجيب لصاحب السلطة الأصلي وهو الشعب التونسي”.
إذا كان قيس سعيد حقا لا يريد إصدار قانون تجريم التطبيع مع إسراءيل وهو القاءل بالمس حسب الخبر المنشور يا أحرار العالم اتحدوا ضد الإستبداد والصهيونية، فاولى به اولاً ان يتحد مع نفسه.