حسام شكارنة… كان يستعد للتخرّج فاختطفوه من حضن أمه

 يافا ذيب
حجم الخط
0

الضفة الغربية ـ «القدس العربي»: في صباح أيام عيد الأضحى المبارك، جلست الأستاذة عزيزة شكارنة في منزلها الكائن في بلدة نحالين جنوب غرب بيت لحم، تحاول أن تتماسك أمام ضيوف العيد.
لكن الغصة لم تفارق صوتها وهي تتحدث عن نجلها الأسير حسام شكارنة.
تقول لـ”القدس العربي” في حُزٍن يملأُ صوتها “كان دائماً يرافقني في هذا اليوم، لا يذهب مع إخوته لزيارة الأقارب، بل يبقى بجانبي ليستقبل الضيوف يساندني دائماً.. أما اليوم هو غائبٌ عني ولا أعلم عنهُ شيئا”.
قبل يومين فقط من موعد تقديم “السيمينار” النهائي لنيل درجة البكالوريوس في علم الكمبيوتر من جامعة القدس في أبو ديس، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل العائلة واعتقلت حسام (23 عاماً)، دون أن توجه له أي تُهمة حتى الآن.
فبعد أن استعد لتقديم مشروع تخرجه وجهز ما سيرتدي أمام والدته التي كانت فرحتها لا تسع الدنيا، حرمه الاحتلال من أبسط حقوقه، تقول والدته: “حُرِمَ من التخرج، من أبسط حقوقه، ومن أحلامه اللي سهِر الليالي لأجلها “.
اعتقل الشاب فجر الأول من حزيران/يونيو 2023، ومنذ ذلك الحين يقبع حسام في سجن “ريمون” الصحراوي، دون محاكمة، في مشهد يتكرر مع آلاف الأسرى الفلسطينيين ممن يُحتجزون”. “لا أعرف شيئاً عنه، هل يأكل؟ هل يشرب؟ هل هو مريض؟ لا أحد يجيب”، تقول والدته، قبل أن تضيف: “أخشى عليه من مرض السكابيوس المنتشر في السجون، لا زيارات، لا مكالمات… فقط الصمت والخوف”.
حسام، الذي عرف بين زملائه في الجامعة بأخلاقه العالية وحبه لمساعدة الآخرين، كان على أعتاب التخرج بعد أربع سنوات من الدراسة الشاقة، “كان يحلم أن يعمل مبرمجاً”.
شابٌ محبوب بين أهله وأصدقائه وعائلته، لديه أحلامٌ كثيرة وأملٌ في الحرية والتخرج.
لكن الاحتلال، الذي يفرض قبضته الحديدية على الحياة الفلسطينية في كل تفاصيلها، لم يسمح لحسام بأن يقطف ثمار جهده.
وليس وحده، فحسام واحد مئات من طلاب المدارس والجامعات الذين يقبعون حالياً في سجون الاحتلال، بعضهم دون محاكمة، وآخرون حُكم عليهم بسنوات طويلة بتهم مرتبطة بنشاطهم الطلابي أو آرائهم السياسية.
وطبقا لمؤسسات الأسرى الفلسطينية، يعتقل الاحتلال في سجونه أكثر من 9900 فلسطيني وفلسطينية في 27 سجنا ومركز تحقيق أو توقيف، تضاف إليهم آلاف أخرى لأسرى من قطاع غزة.
وتأتي سياسة استهداف الطلبة في الجامعات الفلسطينية ضمن استراتيجية إسرائيلية لإضعاف البنية المجتمعية والثقافية الفلسطينية، فالاحتلال لا يستهدف فقط المقاومين، بل المعرفة، الفكر، والقيادة المستقبلية، وفق بيان صادر عن المؤسسة الضمير التي تعنى بأمور الأسرى الفلسطينيين.
وتقول والدة حسام ” لا تزال طاولة العيد ممدودة، ولكنها تفتقد وجه حسام وضحكته، هو فلذة كبدي، كل أم تعرف كيف يكون ولدها، لكن حسام بالذات كان سندي، يدي اليمين، لا أريد شيئاً إلا أن أسمع صوته… أن أعرف أنه بخير”.
وعزيزة، التي تعمل معلمة منذ أكثر من عقدين، تقول إن الاحتلال لم يترك جانباً من حياتهم إلا وعبث فيه: “نُمنع من الوصول بحرية إلى أماكن العبادة، يُغلق علينا الشوارع، واليوم يحرم ابني من تخرجه، ومن فرحة كانت ستغيّر مجرى حياته، لماذا؟ فقط لأنه فلسطيني؟”
ورغم الألم، تحتفظ الأم برباطة جأش وشعلة أمل قائلةً “إن شاء الله يفرج الله كربه، وتفرج سجون الاحتلال على جميع الأسرى والأسيرات الفلسطينيات، ويرجع حسام إلينا ويكمل حلمه بالتخرج ومشاركته أفراحنا في المنزل “.
وكان تقرير حقوقي صادر عن “منظمة القانون من أجل فلسطين” قبل عامين ذكر ان اعتقال الطلبة الجامعيين هو “أداة لتقويض الهوية الوطنية الفلسطينية وترسيخ الاستعمار الإسرائيلي”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية