“حكومتك بلطجية”.. رسالة شديدة اللهجة من المستشارة القانونية: الحكي له واسمعي يا إسرائيل

حجم الخط
0

في الأسابيع الأولى بعد 7 تشرين الأول، كان كثيرون في المعسكر الديمقراطي – الليبرالي في إسرائيل على قناعة بأنها مسألة وقت إلى أن يضطر المبادر للانقلاب النظامي في 4 كانون الثاني 2023 إلى الاستقالة من منصبه مع عار يلاحقه. إذ إنه أمام الكارثة الأمنية الأكبر في تاريخ إسرائيل، لا يمكن لرجل الدعاية المخادع والأكثر خبرة في سياسة إسرائيل أن يبقى على قيد الحياة، ولن يتمكن من تنظيف نفسه أبداً من دماء الـ 1200 قتيل ومئات المخطوفين والجنود الذين قتلوا في غزة. لقد انتهى.

لكن كانت لنتنياهو خطط أخرى. فقد فهم أنه حتى من 7 تشرين الأول يمكنه إنتاج المزيد من الكوكتيل المدهش الذي أبقاه في الحكم في السنوات الأخيرة، “الفوضى، الخوف، الأكاذيب، السم والاستقطاب”. في البداية، استخدم كل ذلك من أجل البقاء، يوماً بعد يوم وأسبوعاً بعد آخر. والآن زاد السرعة ويستخدمها ليخرج الانقلاب إلى حيز التنفيذ، الذي فشل في تمريره في السنة الماضية بسبب معارضة غير متوقعة من المجتمع المدني.

الانقلاب النظامي يحدث تحت أنوفنا منذ بضعة أشهر. هذه عملية ممنهجة وسريعة لا أحد يتنبه لها لسببين: الأول هو صدمة المعسكر الليبرالي، الغارق في الخوف من التهديدات الأمنية. والثاني ماكينة الدعاية التي تديرها سلطة الدمى ويحركها نتنياهو ويعززها في الأستوديوهات والشبكات الاجتماعية، وهي تغرق وعي الإسرائيليين بأكوام القمامة وحرف الانتباه، التي طمست أي قدرة على التركيز وفهم الواقع.

أمس، حاولت المستشارة القانونية للحكومة بمحاولة قد تبدو الأخيرة في نوعها، إيقاظ الجمهور الليبرالي لتشرح له بكلمات واضحة: نتنياهو يترأس حكومة بلطجية لا تمتثل للقانون. إذا كان خرق القانون غير متواتر، ولم يحصل البلطجية على دعم الجمهور محرض ووسائل إعلام مركزية، فثمة احتمالية جيدة بأن يخضع جميعهم لتحقيقات جنائية جديدة الآن.

       إقالات فعلية 

أرسلت بهراف ميارا رسالة موجهة كما يبدو لرئيس الحكومة نتنياهو، لكن العنوان الحقيقي هو الجمهور الليبرالي. فقد أدركت منذ زمن بأن نتنياهو معني بحل سلطة القانون في إسرائيل تمهيداً لتحطيم الديمقراطية وتأسيس سلطة دكتاتورية وإلغاء محاكمته الجنائية.

هاكم ما كتبته في الرسالة: “منذ فترة طويلة، والقرارات المهمة للحكومة تُتخذ بإجراءات عمل مشوشة، هذا بدون أن يسبقها عمل لفريق مهني، مع تمريرها لأخذ رأي الجهات ذات الصلة في وقت قريب من جلسات الحكومة أو خلالها، بصورة لا تمكن الجهات المهنية والوزراء من أداء دورهم وواجبهم؛ حتى بالاستناد إلى رأي قانوني لمن هو غير مخول بذلك سواء كانت جهة خاصة أو سكرتير الحكومة. والنتيجة خرق للقانون ومس بالجمهور”.

الترجمة: حكومتك حكومة بلطجية، تشوش إجراءات اتخاذ القرارات كل يوم.

وواصلت المستشارة القانونية: “حذرنا في السابق من استخدام إجراءات العمل في الحكومة، ومن خرق القواعد التي تنظم عمل الحكومة. مؤخراً، وصلت الأمور إلى مكان بعيد. مثلاً، اتخذت الحكومة قراراً يخالف القانون، هدف إلى منع المستشار القانوني للحكومة من التأكد بأن خطوات الحكومة حول تجنيد طلاب المدارس الدينية وتمويلهم أمر قانوني. المحكمة العليا ألغت هذا القرار. وثمة مثال آخر خطير، وهو رسالة سكرتير الحكومة في 31 تموز التي قدم فيها رأياً قانونياً له تداعيات ثقيلة في مجال الأمن. هذا الرأي تم تقديمه مع تجاوز الصلاحيات”.

الترجمة: أنتم بلطجية. مخالفاتكم غير مقتصرة على الوظائف والتعيينات الفاشلة وتضخيم نفقات مقرات رئيس الحكومة والنفقات الصغيرة، بل هي خرق للقانون في مواضيع مهمة جداً تطال الأمن العسكري والأمن الاقتصادي لإسرائيل.

وصاغت بهراف ميارا أقوالها بلغة قانونية جافة، لكن محظور علينا التشوش. ليس هناك سابقة في تاريخ دولة إسرائيل، وجهت فيها المستشارة القانونية للحكومة لرئيس الحكومة مرة تلو الأخرى تشير إلى تجاهل وإخفاء وعدم تطبيق الإجراءات الأساسية في عمل الحكومة.

في حين أن دمى نتنياهو ومن يخدمونه يصرخون في كل أستوديو وشبكة ومنها “اكس” بوجوب إقالة المستشارة القانونية، فإن المستشارة القانونية نفسها اضطرت في نهاية المطاف للاعتراف ضمنياً أنها أقيلت فعلياً؛ فالحكومة لم تطبق بشكل منهجي توجيهاتها عندما حذرت من خرق القانون.

رئيس الحكومة، بواسطة خادمه الأمين سكرتير الحكومة يوسي فوكس، استغل نشر الرسالة لمواصلة خط الدعاية الثابت: محاولة خلق واقع وكأن المستشارة القانونية هي التي تزعج الحكومة. الحقيقة معاكسة: المستشارة القانونية أيدت 99 في المئة من قرارات الحكومة في الحرب وفي حالة الطوارئ، والحكومة تطرح مبادرات غير قانونية، وبعد ذلك تتهم المستشارة بأنها تصد هذه المبادرات.

       العجز 

في طريقة الحكم داخل إسرائيل، خلافاً لمعظم الدول، لا يوجد حراس عتبة لسلطة القانون باستثناء المستشارة القانونية للحكومة؛ فهي الأخيرة في منظومة التوازن والكوابح داخل سلطة القانون في الدولة. لا يوجد جيش للمستشارة القانونية أو شرطة (التي أصبحت بالتدريج مليشيا خاصة وعنيفة لوزير الأمن الداخلي بن غفير)، ولا تملك القدرة على تنفيذ قراراتها. ليس سوى معايير السلطة التي قد تجعل رئيس الحكومة والوزراء يحترمون القرارات، لكننا منذ خمس أو سبع سنوات ونحن في عملية تفكك لمعايير السلطة في إسرائيل. والمستشارة، مثل معظم الجمهور، بدت عاجزة.

لسوء حظها، إن كل ما بقي للمستشارة القانونية هو التحدث مباشرة للجمهور وتحذيره مرة أخرى: “يجب أن تعرفوا بأن لديكم رئيس وزراء يتخذ القرارات بدون توازنات وكوابح في الفترة الأكثر أهمية في تاريخ الدولة، التي قد يكون لكل قرار فيها آثار وجودية”.

طوال كل التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة، التي أدت إلى سلسلة إشارات من الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب، يتعزز تقدير بأن الجهة الوحيدة الذي تريد الحفاظ على وضع الحرب في المنطقة، هو نتنياهو. جهات دبلوماسية دولية تعتبره زعيماً أصيب بالجنون ويمسك بأبناء شعبه كرهائن. هذه أيضاً هي الرسالة التي تظهر في رسالة بهراف ميارا. الأشخاص الذين أرسلت لهم هذه الرسالة، التي تأتي من الداخل والخارج، هم من الجمهور الديمقراطي والليبرالي في إسرائيل والمجتمع المدني ورجال الاقتصاد. أنتم تفقدون الدولة. عليكم أن تستيقظوا وتعملوا. الأخطار تزداد مع مرور كل يوم. استيقظوا الآن قبل أن يصبح الوقت متأخراً جداً.

جي رولنغ

هآرتس/ ذي ماركر 7/8/2024



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية