حملة رئاسيات الجزائر: هل يعاد إنتاج نظام بوتفليقة؟

حجم الخط
33

انطلقت يوم الأحد الماضي الحملات الرسمية للانتخابات الرئاسية في الجزائر، المزمع إجراؤها في 12 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، وينوي التنافس فيها خمسة مرشحين. وهؤلاء التزموا بما سُمي «ميثاق أخلاقيات الممارسة الانتخابية»، وتضمن سلسلة مبادئ عامة حول رفض التحريض على الكراهية والعنف والتمييز، وعدم استغلال أماكن العبادة والإدارات العمومية والمؤسسات التربوية لخدمة الحملة.
ورغم أن الإعلان عن إجراء الانتخابات الرئاسية صدر عن الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح، فإن القرار الفعلي تم بضغط من القيادة العليا للجيش الجزائري التي دعت المواطنين إلى إنجاح الانتخابات، وتعهدت بتوفير الظروف المناسبة لسير العملية الانتخابية، وحذرت بلسان قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح من يقف في طريقها من «العصابة وأذنابها». ولقد بات معروفاً أن المؤسسة العسكرية هي اليوم مركز القوة الأعلى في البلاد، وهي المستفيدة الأولى من ترتيب منصب الرئاسة على النحو الذي يضمن استمرار موقع الجيش في السلطة.
وتجدر الإشارة أولاً إلى انقسام الشارع الشعبي الجزائري حول هذه الانتخابات، بين رافض لإجرائها في هذه الفترة قبل استكمال التدابير الإصلاحية وتطهير الدولة من رموز النظام وجيوبه التي ما زالت حاضرة وفاعلة، وبين مؤيد لها لأنها الحل الوحيد المتاح حالياً للخروج من المآزق الدستورية الناجمة عن الفراغ في موقع الرئاسة. وهذا الانقسام لم يعد مقتصراً على اختلاف الآراء وتباين المواقف على صعيد السجالات العامة فحسب، بل انتقل إلى الشارع مباشرة بين مظاهرات رافضة وأخرى مؤيدة، وأخذ بالتالي يهدد وحدة الحراك ذاته.
يشار كذلك إلى أن جميع المرشحين الخمسة كانوا على صلة بنظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، ويمكن اعتبار بعضهم جزءاً من «بقايا النظام» ورموزه الذين يرفض الحراك الشعبي إعادة إنتاجهم أو تلميعهم تحت ستار الانتخابات الرئاسية. هناك مرشحان شغلا منصب رئاسة الحكومة، وثالث كان وزيراً للثقافة طوال سنوات، ورابع كان نائباً في حزب السلطة السابقة، وخامس يترأس حزباً إسلامياً معتدلاً لكنه بدوره كان مقرباً من النظام السابق. ومن الإنصاف الإقرار بأن اعتراض الجماهير على ماضي هؤلاء المرشحين مشروع تماماً، ويطرح أسئلة جدية حول فاعلية أي منهم في حال نجاحه وتوليه منصب الرئيس بالقياس إلى سطوة الجيش وتربص الدولة العميقة.
ومما يثير القلق في الأوساط الشعبية أن الإصرار على إجراء الانتخابات الرئاسية يقترن بعدد من الاجراءات القمعية غير المسبوقة منذ اندلاع الاحتجاجات والتظاهرات والاعتصامات أواخر شباط/ فبراير الماضي واستقالة بوتفليقة لاحقاً. هنالك اعتقالات في صفوف النشطاء والصحافيين والنقابيين، وتضييق على وسائل الإعلام ذات الطابع المستقل بلغ ذروته في توقيف بثّ قناة «حراك تيفي» وقناة «المغاربية»، وذلك تحت تهمة «إضعاف الروح المعنوية للجيش». ليست أقل خطورة حركة المناقلات الأخيرة التي طالت قرابة 3000 من القضاة الذين سوف توكل إليهم مهامّ مراقبة الانتخابات، فضلاً عن اعتقال بعضهم من النقابيين خاصة.
وليس مبكراً في الواقع التحذير من إجراء انتخابات تنطوي على الكثير من المخاطر الوطنية والسياسية والأمنية، ويمكن أن تقود إلى مرحلة من المواجهات الأهلية العنيفة التي حرص الحراك الشعبي على تفاديها طوال 40 أسبوعاً من عمر الانتفاضة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ايمن:

    أخونا المغاربة نازلين تعليقات حول الجزائر و كأنهم يعيشون في المملكة الفاضلة.و كل شئ عندهم تمام التمام ….!!!؟؟؟؟؟؟

  2. يقول علي ولد حمو .. المغرب .:

    في حالة خفت أصوات الشعب الجزائري و إخلاء الشوارع و إخماد ثورته فإن النظام العسكري سيستمرُّ في التحكُّم في أمور البلد و يضمن لنفسه البقاء على ” سُدّة الحكم ” إلى أجل غير مُسمّىً و سيعود الشعب الجزائري إلى حالته الاجتماعية المزرية التي عاشها و يعيشها لعقود عديدة، و في حالة استمراره في ثورته المشروعة التي تقتضي الصبر أولاً فإن النظام سيستجيب لمطالب الشعب رغماً عن أنفه و على الشعب ثانياً أخذ الحيطة والحذر من أتباع النظام في الداخل و في الخارج حتى لا تفشل جهوده و تذهب هباءً لكون الدول ( العظمى ) لا ترغب في نشوء ديمقراطية حقيقية تتداول فيها السلطة لأن ضمان مصالحها يكمن في الأنظمة الشمولية و لا مصلحة لها في أية ديمقراطية في المنطقة و لهذا فهي تقف حجر عثرة أمام نشوء أي نظام ديمقراطي تعددي في المنطقة، علماً أن عدوى الديمقراطية ستنتقل إلى جميع بلدان المنطقة في حالة نجاحها في الجزائر .

1 2 3

اشترك في قائمتنا البريدية