خالد البلشي نقيب الصحافيين المصريين: شهدنا ردة في ملف الصحافيين المحبوسين خلال الشهور الأخيرة

حاوره: تامر هنداوي
حجم الخط
0

تعقد نقابة الصحافيين المصريين مؤتمرها الذي يحمل اسم فلسطين في نسخته السادسة في الرابع عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري وعلى مدار ثلاثة أيام، في وقت تواجه المهنة أزمات عديدة تتعلق بمساحة الحرية والقوانين المقيدة للعمل الصحافي ملف الصحافيين السجناء، والأزمات الاقتصادية التي تواجهها صناعة الصحافة في مصر وما يتبعه من أزمات تتعلق بالظروف الاقتصادية للصحافيين.
خالد البلشي نقيب الصحافيين المصريين قال لـ«القدس العربي» إن الأشهر الماضية شهدت انتكاسة في ملف الصحافيين المحبوسين بعد الانفراجة النسبية التي شهدها بداية توليه منصبه بعد فوزه في الانتخابات في 2023، لافتا إلى أن ما يشهده هذا الملف يشير إلى وجود إرادتين داخل الدولة أحدهما تريد حل الأزمة والأخرى تريد استمرارها.
وفي ما يأتي نص الحوار.
○ ما أهم القضايا المطروحة على أجندة المؤتمر السادس، وماذا تأمل منه؟
• المؤتمر سيناقش كل القضايا المتعلقة بمهنة الصحافة، ولدينا ثلاثة محاور، الأول يتعلق بالقوانين والتشريعات، والثاني خاص باقتصاديات الصحافة والأوضاع الاقتصادية للصحافيين، والثالث خاص بمستقبل المهنة والصحافة الورقية والإلكترونية في ظل التطورات التكنولوجية، وكل محور مخصص لمجموعة جلسات، ولدينا يوميا عدد كبير من الجلسات المتوازية، تصل إلى 20 جلسة، تناقش قضايا الصحف المتوقفة والمغلقة، وأوضاع الأجور بشكل عام في المؤسسات، والتطورات التكنولوجية، وكل التشريعات الحاكمة للمهنة، ونأمل بالخروج من المؤتمر بمشروعات قوانين لمنع الحبس في قضايا النشر، وآخر لحرية تداول المعلومات.
الأهم أن ذلك سيخرج نتاج اجتماع الصحافيين وكتابة برنامج عمل للمرحلة المقبلة، ومع كل مؤتمر عام يصادفني البعض يطلقون سؤالا غريبا، ما هو فائدة الكلام؟ نحن مهنة كلام، مجرد أن نجتمع ونعلن موقفا ونطلق صرخة عن معاناة المهنة، من خلال متخصصين ومن خلال الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين، ولا يقتصر الأمر على إطلاق الصرخة بل تقديم برنامج للحل، والحقيقة أن مع كل مؤتمر للنقابة كان يتم حل أجزاء من الأزمة، ربما جاء المؤتمر الخامس في وضع صعب لأنه تزامن مع أزمة اقتحام النقابة، ورغم ذلك كان جزء منه صياغة قانون مشروع قانون موحد للصحافة والإعلام، لم يتم اتخاذ المشروع بالكامل لكن كثيرا من المواد التي تمت صياغتها في المؤتمر تضمنها مشروع القانون الذي أقر، ونحن الآن نرى أن هذا القانون يتضمن عيوبا كثيرة، والقوانين الحاكمة بها عيوب كثيرة، ولابد أن ننظر للأوضاع الاقتصادية للصحافيين، ولدينا استطلاع مهم، وتقديري أن تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وعلى مستوى الحريات لم توثق منذ فترة طويلة، وأن نتائج هذا الاستبيان الذي تجاوز حتى الآن 800 مشارك ونأمل أن نصل لعدد أكبر، ستحمل مفاجآت في تقديري يتعلق بالبطالة والصحافيين الذين لا يحصلون على أجر، وأن الكثيرين لا يحصلون على الحد الأدنى للأجور، وهذا جزء من توضيح الصورة.
○ فيما يخص قانون النقابة، هناك وجهتا نظر، الأولى تطالب بتعديل بعض مواد القانون، وأخرى تخشى من فتح باب التعديل في ظل الظروف الراهنة؟ إلى أي منهما تنحاز؟
• تغيرت وجهة نظري مع الوقت، طوال الوقت أرى أنه لابد أن نطرق باب التعديل، ونحمي هذا التعديل بالجمعية العمومية التي تنص على تعديلات محددة في مواد محددة، وأن يجمع الصحافيين على هذا الأمر ورفعه للبرلمان سيمثل حماية بشكل أو آخر للنصوص، وعندما أثيرت مثل هذه المخاوف، كان موقفي أن نؤدي واجبنا ودورنا، من خلال طرح رؤيتنا للتعديل، حتى جاءت أزمة قانون الإجراءات الجنائية، وذكرتني بأزمة القانون الموحد للصحافة والإعلام، وهما مستويان من الأزمات جعلتاني أخشى من تقديم مشروع قانون للبرلمان ربما يخرج منه بطرقة مختلفة جدا، وممكن أطالب بتعديلات فيفتح الأمر لي بنودا أخرى، والحقيقة أننا لا نحتاج إلى تعديلات كثيرة في القانون، لأنه عندما وضع كانت رؤيته العامة منفتحة جدا على فكرة عمل الصحافي، ما نحتاجه الآن هو بند يتعلق بحق أصحاب المعاشات في التصويت في الانتخابات، وآخر يتعلق بقيد الصحافة الإلكترونية، وإعادة النظر في عدد أعضاء مجلس النقابة، ولكن هل كل هذا يوازي المخاطر التي يمكن أن ندفعها جميعا، وأخشى أن بعض من يدفع إلى التغيير من أجل أمور أخرى والبعض لا يعي المخاوف، لأن الفلسفة العامة الموجودة في البرلمان لا تطمئن لخوض جولة تعديل قانون النقابة.
○ أعدت نقابة الصحافيين إلى دورها ومكانتها، لكن ما المدى التي يمكن أن تصل إليه حرية النقابة وهي تعتمد بشكل كبير على دعم مادي من الدولة؟
• هذا وضع لابد من إعادة النظر فيه بشكل كبير، ولابد أن نناقش الأمر في المؤتمر، 80 في المئة من ميزانية النقابة من الحكومة، وبدل التدريب والتكنولوجيا الذي يحصل عليه الصحافيون من الحكومة، وسيظل ذلك ورقة تفاوض، وقوة النقابة في حضور جمعيتها العمومية، لكن البحث عن موارد صار ضروريا جدا، وأزمة الميزانية تعطي البعض الفرصة لتعطيل الأمور لو أراد التعطيل، والأمر كيف تتفاوض ونحقق المصالح المتبادلة وفي النهاية لابد من البحث عن وسائل للاستقلال بمواردنا.
○ في البداية حدثت انفراجة نسبية في ملف الصحافيين المحبوسين، ثم فوجئنا بتراجع في الأمر، ما أسبابه؟
• هذا الملف شهد انتكاسة خلال الفترة الماضية، توليت المسؤولية وهناك 30 صحافيا داخل السجون، وانخفض العدد بعد فترة إلى 19 صحافيا سجينا، رغم أننا نحتاج إلى تبييض السجون من كل سجناء الرأي ومنهم الصحافيون، ورغم أننا لدينا طابور طويل من الزملاء يتجاوزوا الـ 15 زميلا، محبوسين لفترات تتجاوز الحد الأقصى للحبس الاحتياطي، لكن كان هناك مسار يشير أننا حتى لو أخذنا وقتا نتجه لحل الأزمة، ما حدث منذ نيسان/ابريل الماضي، ردة على هذا المسار، وبدل من خروج الزملاء يتم حبس عدد آخر، ونتفاوض للإفراج عن الزملاء، ولا أحد يخبرنا عن سبب هذه الردة، هذا مؤشر شديد السلبية، ويعطي صورة عن وجود إرادتين داخل الدولة، إرادة ترغب في حل الأزمة وأخرى تريد استمرارها، ونتمنى أن يتم إغلاق هذا الملف، والبعض ينزعج من أي شيء حتى تنظيم مؤتمر للصحافيين المحبوسين، وهو لا يدرك عمق الأزمة، فالأمر ليس فقط مجرد أرقام، فهناك أسر تدفع الثمن، وجزء من خطواتنا هو إصلاح جزء من الأوضاع المادية للزملاء المحبوسين أو من خرجوا من السجن، وهذا مؤشر على ماذا تريد الدولة من مهنة الصحافة، ويمثل إشارات متضاربة تأثيرها شديد الخطورة وهذه رسالة يجب أن ترسل إلى جميع الأطراف، وهذه الرسالة ليست رسالة خالد البلشي، أحيانا يشعرون أن خالد البلشي هو رجل يزيد من الحديث في هذا الأمر، هذه رسالة رأيناها في الانتخابات الماضية، ومفادها أن عليك أن تبصر الأزمة وتأخذ قرارات في هذه الملفات، وسمعنا تصريحات رسمية في هذا الأمر، وكلام مهم في الحوار الوطني، لكن الفعل في النهاية ينفي الكلام، وهذا مؤشر خطر، وطوال الوقت نقدم بلاغات للنائب العام، ونعقد ندوات حول الأمر، وأخشى أن يأتي ما هو أكثر من ذلك.
○ كيف ترى مستقبل الصحافة الورقية؟
• مهنة الصحافة هي محتوى، وطوال الوقت تتجاوب مع التطور التكنولوجي، وطوال الوقت هناك وسيط يأخذ مساحة أكبر من وسيط آخر، ولدينا وسيط يتمثل في الصحافة الإلكترونية محتواه هو الصحافة، ولابد أن تتعامل مع كل الاحتمالات الواردة، وحتى الآن أرى أن الصحافة الورقية يمكن أن تحافظ على مساحة ما، وهذا لا ينفي أن الصحافة الإلكترونية أسهل لأنها أقل تكلفة بدون طباعة، وما زالت هناك رغبة في القراءة الورقية ملامحها واضحة في قراءة الكتب، وفي عادات قديمة ما زالت موجودة، الأهم أن تلبي طموحات القارئ ولا تنتج محتوى متشابها يخاصم الواقع ويتحدث عن عدم وجود غلاء في الأسعار وجيب المواطن موجوع من غلاء الأسعار وتنتظر أن تبيع للقراءة، فأنت تكذب فلماذا يشتريك المواطن، وأنت لا تلبي احتياجاته ولا يمثل فيه كل الأطراف، وبما تكون هناك أزمة في الصحافة الورقية في العالم كله، لكننا في مصر وصلنا لحالة شديدة الصعوبة نتيجة أننا لا ننتج محتوى يليق باحتياجات المواطن، وأرى أن الصحافة الورقية يمكن أن تعيش لفترة زمنية أخرى، لكنها لن تعيش أبدا بسبب تكاليفها المرتفعة إلا من خلال حرية وقدرة على تلبية احتياجات القارئ، ويمثل فيها جميع الأطراف، وليست صحافة غائب عنها الحرية ولديها سقف شديد الانخفاض، وستبقى الصحافة الإلكترونية المعتمدة على «التريند» بعيدا عن القضايا الحقيقية، وكما قلت سادت صحافة الجنازات عندما منعنا من العمل على صحافة الحياة.
○ طرح انتساب الصحافيين الإلكترونيين إلى نقابة الصحافيين أثار جدلا واسعا، فكيف ترى ذلك؟
• نحن تحدثنا في هذا الموضوع عن أمرين، الأول، طرحنا نص الانتساب المعطل داخل القانون، وهذا الانتساب سيشمل كل من يعمل في هذه المهنة وغير محمي نقابيا، ونحن نسعى لمد الحماية النقابية لكل من يمارس المهنة، وهذا جزء منه قدرتنا على محاسبة المخالف ومن يشوه صورة الصحافة وتغطية الجنازات وهم ليسوا صحافيين، وقولنا إن هذا التفعيل لابد أن يرتبط بضوابط تمرر من خلال الجمعية العمومية، لكن كانت هناك محاولة لافتعال أزمة، واعتقد أن جزءا مرتبطا بمخاوف اقتصادية غير صحيحة، ومستقبل النقابة مرتبط بقدرتها على حماية المهنة وحماية كل من يمارس هذه المهنة في هذا المجتمع، ولو لم تفعل ذلك سيكون مستقبلها مهددا، وبالمناسبة ستكون أقدر على الحفاظ على الحقوق التي يخشى البعض ضياعها، والحقيقة في لحظة من اللحظات خسرنا الراتب والأجر والمهنة ونتعامل مع العون الذي مثل بابا خلفيا للالتحاق بالنقابة، يجعل من البعض يدفع أموالا لإحدى الصحف ويستوفي الشروط المطلوبة بنشر عدد من الموضوعات ويلتحق بالنقابة، وبعد دخوله مباشرة ينضم لطابور العاطلين ويطلب بدل بطالة ويكون عبئا على المهنة، لذا نقول كل من يمارس المهنة بضوابط يكون تحت حماية ومحاسبة.
○ مثلت النقابة نقطة مضيئة وحيدة في التضامن مع القضية الفلسطينية، فهل مورست ضغوط على النقابة لوقف التضامن كما يتردد؟
• كيف يمكن أن تكون هناك ضغوط ونحن لم نوقف التضامن، طوال الوقت كان هناك تفاوض مستمر مع أطراف مختلفة، طرف يرى أن سلم نقابة الصحافيين خطر، وأنت ترى أنك لابد أن تحافظ على حقك، وهذا يمر بمفاوضات كثيرة، ترتبط أحيانا ببعض الممارسات قد تزعج البعض، وهذا ظهر عندما تم القبض على عدد من المواطنين من على سلم نقابة الصحافيين، وهذه مثلت رسالة، ومع ذلك دخلنا في تفاوض للإفراج عنهم ونجحنا، ولم يكونوا صحافيين، كانوا مواطنين لجأوا للنقابة، ولذلك نحن حريصون على الحفاظ على هذا السلم، وجزء من حركتنا أننا ندرك ان نأخذ خطوات وعلينا الحفاظ على هذه الخطوات، وإدراكا بوجود أطراف عديدة في هذا المجتمع، وقدرتنا في التفاوض على أخذ مساحات والحفاظ عليها، وأن النقابة تظل تعبر عن الضمير العام لجميع الصحافيين بأوسع مساحة ممكنة من دون خسائر كبيرة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية