خبير: الحرس الثوري الإيراني سيقرر “على الأرجح” من سيخلف خامنئي عند وفاته أو تنحيه

سمير ناصيف
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: أوضح علي أنصاري، مدير “مركز الدراسات الإيرانية في بريطانيا، الأستاذ في جامعة سانت أندروز الإسكتلندية، أن الحرس الثوري الإيراني- على الأرجح- ستكون له كلمة الفصل في هوية من سيخلف المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، بعد وفاته أو تنحيه بسبب المرض.

وأشار أنصاري إلى أن كثيرين من الخبراء في الشأن الإيراني يعتقدون بأن رئيس الجمهورية الحالي حسن روحاني، هو المرجح للحلول في هذا المنصب بعد خامنئي، ولكن المشكلة- برأيه- ليست في هوية المرشد الأعلى المقبل، بل في أن نخبة من كبار الشخصيات الدينية هي التي تقوم بهذا الاختيار، عبر مجالس تشخيص وتدقيق باسم الشعب الإيراني، وبالتالي قد لا تفضل احتلال روحاني، ذي الشعبية الكبيرة، لهذا المنصب.

وكان أنصاري يتحدث، مساء الثلاثاء، في “المعهد الملكي للشؤون الدولية” (تشاتهام هاوس)، مقدمًا الطبعة الثالثة من كتابه بعنوان “إيران، الإسلام والديمقراطية”، الذي صدرت طبعته الأولى عام 2000، ثم أعيد نشره وإضافة المعلومات إليه عام 2006، ثم هذا العام. وقدمته إلى الحاضرين الباحثة الإيرانية في معهد “تشاتهام هاوس”، سنام الوكيل، وكان عنوان المحاضرة “سياسة إدارة التغيير بعد عشرين عامًا في إيران”.

وقال أنصاري لا شك في أن الضغوط الأمريكية الاقتصادية والتهديدات العسكرية الصادرة عن نظام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد إيران لعبت دورًا في تعزيز الحرس الثوري والجهات المتشددة في إيران، خصوصًا بعد إلغاء ترامب للاتفاقية النووية بين إيران والدول الغربية (دول P5+1 )، ولكنها لم تكن السبب المؤثر الوحيد. الأمر الأهم برأيه هو طبيعة النظام السياسي الإيراني الهشة وغير الصلبة سياسيًا.

وأضاف أن هذا الأمر لم ينطبق فقط على النظام الإيراني الحالي، بل على الأنظمة في العهود السابقة، بما في ذلك عهد الشاه وعهد محمد مصدق، فهناك دائمًا جهة في الشعب وبين السياسين الإيرانيين مستعدة للتعاون مع جهات خارجية تريد تغيير النظام؛ لاعتقادها بحاجته إلى مزيد من الديمقراطية الحقيقية. فصحيح أن الثورة الإسلامية بقيادة آية الله الخميني رجحت الأيديولوجيا على حساب شؤون أخرى، أكثر مما فعلته الأنظمة السابقة، ولكن المطلوب هو تركيز وتحليل أعمق لما حدث تحت سلطة القادة الإيرانيين السابقين، قبل وبعد الثورة الإيرانية الإسلامية. وهذا يشمل ما حدث في فترة قيادة الهاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد، ومن أتى قبلهم. السؤال الأهم كان دائمًا: هل بالإمكان تحقيق الديمقراطية والعلاقات الجيدة مع الجيران والعالم في نظام إيراني يدمج الأيديولوجيا الدينية بالأيديولوجية السياسية وعملية بناء الدولة الحديثة؟

ولدى سؤاله عما إذا كانت طبيعة النظام الإيراني الحالي أصبحت تشبه إلى حد ما (في الفترة الأخيرة) النظام التركي بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، ما يفسر سبب التقارب مؤخرًا بينهما، قال أنصاري: “الدور الروسي في المنطقة كان الأهم في التقارب الإيراني التركي مؤخرًا، ولكن هناك قومية إيرانية قوية، بالإضافة إلى انتماء ديني قوي في إيران، كما في تركيا-أردوغان، وكانت علاقة بعض رموز الثورة الإيرانية -كآية الله الخميني- علاقة حوارية مع قيادات “الإخوان المسلمين” المؤسسين، ومنفتحة نحو الأقليات الدينية والإثنية (كالأرمن وغيرهم) في الوقت عينه، ولكن التقارب الإيراني مع تركيا مؤخرًا كان سياسيًا ومرتبطًا بالدور الروسي في سوريا.

وعن موقف الحرس الثوري إزاء الرئيس حسن الروحاني، قال أنصاري إن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف متهمان بالضعف السياسي؛ لأنهما يعتبران قد فشلا في عملية الاتفاق النووي (P5+1) من الغرب، وفي تحقيق إزالة العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن إيران، ولكن قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، لم يظهر في الساحة الإيرانية مؤخرًا بعد فشل الاتفاق الإيراني مع الغرب فحسب، بل تواجد في المنطقة منذ زمن، ولعب دورًا في حماية المصالح الإيرانية عسكريًا في دول الجوار منذ سنوات.

وأضاف: “الأهم أمنيًا بالنسبة لإيران عدم معاودة الخلاف والمواجهة العسكرية مع العراق التي حدثت في ثمانينيات القرن الماضي، وحسم الموضوع بالنسبة إلى الوجود العسكري الإيراني في سوريا، إذ إن إيران ليست بحاجة إلى موطئ قدم على البحر الأبيض المتوسط، لإنشاء قواعد في سوريا، ولكن تهمها جدًا القضية الفلسطينية والحلول العادلة لهذه القضية، وضبط تجاوزات إسرائيل (وحلفاء إسرائيل) في فلسطين والمنطقة عمومًا”. أما بالنسبة إلى عمق وحنكة التصريحات والمواقف الأمريكية والبريطانية العلنية الرسمية في التعامل مع إيران، فقال أنصاري إن عدم وجود سفارات لهذين البلدين في إيران، والافتقاد إلى الخبراء المتعمقين في الشأن الإيراني الضالعين باللغة الإيرانية والحضارة الفارسية، والتطورات على الأرض، كلها تساهم في صدور المواقف والتصريحات غير العميقة، بالإضافة إلى الأسباب الأخرى المتعلقة بدوافع انتخابية محلية في البلدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية