ختام مؤتمر ميونخ الأمني: شولتس يدعو لنهج أوروبي موحد لمواجهة التحديات الأمنية

علاء جمعة
حجم الخط
0

برلين ـ “القدس العربي”:

في ختام مؤتمر ميونخ الأمني، شدد المستشار الألماني أولاف شولتس على ضرورة تبني أوروبا نهجًا موحدًا لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة، محذرًا من تداعيات الانقسامات السياسية على استقرار القارة.

وعلى وقع التوترات الجيوسياسية المتزايدة والتحديات الأمنية المتنامية، اختتم مؤتمر ميونخ الأمني أعماله وسط نقاشات حادة حول مستقبل الأمن الأوروبي والعالمي. في قاعة امتلأت بصناع القرار وقادة الدول والخبراء الأمنيين، ارتفعت وتيرة النقاشات حول دور أوروبا في ظل التغيرات الدولية المتسارعة.

اختتم مؤتمر ميونخ الأمني أعماله وسط نقاشات حادة حول مستقبل الأمن الأوروبي والعالمي

المستشار الألماني أولاف شولتس، وفي كلمة ختامية لاقت اهتمامًا واسعًا، شدد على ضرورة توحيد الجهود الأوروبية لمواجهة التحديات الأمنية الراهنة، محذرًا من أن أي انقسامات داخلية قد تعرض القارة لمخاطر غير محسوبة. وأكد أن التهديدات لم تعد مقتصرة على المخاطر التقليدية، بل تشمل الهجمات السيبرانية والحروب الاقتصادية، مما يستدعي استجابة موحدة وسريعة.

دعوة لتعزيز التعاون الدفاعي

شولتس دعا إلى تعزيز التعاون الدفاعي بين دول الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أن الاعتماد المفرط على حلف شمال الأطلسي (الناتو) لم يعد كافيًا لضمان الأمن الأوروبي. وأضاف أن الوقت قد حان لتطوير استراتيجية أمنية مشتركة تستند إلى القدرات الذاتية للدول الأوروبية، مشيرًا إلى أهمية إنشاء قوة دفاعية أوروبية أكثر استقلالية.

وفي هذا السياق، شدد شولتس على ضرورة زيادة الاستثمارات في قطاع الدفاع والتكنولوجيا العسكرية، موضحًا أن التهديدات الأمنية الحديثة تتطلب أساليب ردع متطورة. وأكد أن الأمن الأوروبي لن يتحقق دون تحمل الدول مسؤولياتها العسكرية والاقتصادية.

قلق من تزايد الأزمات العالمية

ولم يكن الملف الأوكراني غائبًا عن النقاشات، حيث أكد شولتس على استمرار دعم أوكرانيا في مواجهة الهجمات التي تتعرض لها، محذرًا من أن أي تراجع في الدعم قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها. كما شدد على ضرورة البحث عن حلول دبلوماسية لتخفيف التوترات بين القوى الكبرى، محذرًا من تداعيات تصاعد التنافس بين الغرب وروسيا والصين.

وفيما يتعلق بالشرق الأوسط، أعرب شولتس عن قلقه إزاء تزايد الأزمات في المنطقة، مؤكدًا أن الاستقرار هناك ينعكس بشكل مباشر على الأمن الأوروبي. ودعا إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية لحل النزاعات وتعزيز الاستقرار الإقليمي. وأكد المؤتمر على تمسك ألمانيا بالجوانب السلمية والحوار من أجل حل مشكلة الشرق الأوسط داعيا إلى بذل المزيد من الجهود في هذا الصدد، كما أكد المؤتمر على ضرورة متابعة الوضع السياسي والأمني في سوريا من أجل وضع سياسات أوروبية تتوافق مع المرحلة الجديدة.

أوروبا أمام مفترق طرق

مع انتهاء مؤتمر ميونخ الأمني، بات واضحًا أن أوروبا تقف أمام مفترق طرق حاسم في سياساتها الأمنية. فإما أن تختار تعزيز تعاونها ووحدتها لمواجهة التحديات المتزايدة، أو أن تبقى أسيرة الخلافات الداخلية التي قد تهدد استقرارها في المستقبل. في ظل عالم متغير، تبقى الخيارات محدودة، لكن الرسالة الأهم التي خرج بها المؤتمر هي أن الوقت قد حان لاتخاذ قرارات جريئة تضمن مستقبلًا أكثر أمنًا واستقرارًا للقارة العجوز.

أوروبا والموقف الهندي

مع اندلاع الحرب، أعربت العواصم الأوروبية عن قلقها من الموقف الهندي الذي رفض إدانة موسكو في الأمم المتحدة وزاد من وارداته من النفط الروسي بأسعار مخفضة. في المقابل، رأت نيودلهي أن الأوروبيين يتعاملون بازدواجية عندما يتوقعون دعم الهند لهم، بينما يتجاهلون التهديدات التي تواجهها من الصين وباكستان. هذا الشعور بعدم التوازن عبر عنه وزير الخارجية الهندي، سوبرامانيام جايشانكار، بقوله: “على أوروبا أن تتخلص من عقلية أن مشكلاتها هي مشكلات العالم، بينما مشكلات العالم ليست مشكلاتها”.

على أوروبا أن تتخلص من عقلية أن مشكلاتها هي مشكلات العالم، بينما مشكلات العالم ليست مشكلاتها

كما تخشى أوروبا من تهديدات روسيا، وتواجه الهند تصعيدًا مستمرًا من الصين، ما يجعل الأمن القومي أولوية قصوى لكلا الطرفين.

لذلك أوصى المؤتمر بتقليل الاعتماد على الخصوم: أدركت أوروبا خطورة التبعية الاقتصادية للصين، كما تسعى الهند إلى تقليص اعتمادها العسكري على روسيا، مما يفتح الباب أمام تعاون اقتصادي ودفاعي أعمق. كذلك جاءت التوصيات بتعزيز الاستقلالية الاستراتيجية: يسعى الطرفان إلى تقوية قرارهما السيادي بعيدًا عن نفوذ القوى الكبرى، مما يعزز فرص التعاون في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة.

تغيير رئاسة المؤتمر

وبعد ثلاث سنوات قضاها على رأس مؤتمر ميونخ للأمن، تم توديع كريستوف هويسغن وسط تصفيق حار.

وخلال خطاب الوداع الذي ألقاه في فندق “بايريشر هوف” في العاصمة البافارية ميونخ اليوم الأحد، نزلت الدموع من عيني الدبلوماسي الألماني المخضرم البالغ من العمر 69 عاما، والذي شغل سابقا منصب مستشار المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل.

وبدوره، قال خليفته ينس ستولتنبرج إن هويسجن جعل أهم لقاء عالمي لخبراء السياسة الأمنية “أقوى وأوسع وأفضل”، مشيرا إلى أنه بات من السهل عليه الآن البناء على هذا “العمل الممتاز”.

وسيتولى الدبلوماسي ستولتنبرغ، الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي “ناتو”، قيادة مؤتمر ميونخ للأمن بشكل فوري، لكنه سيعلق نشاطه في هذا المنصب لمدة ستة أشهر نظرا لتعيينه وزيرا للمالية في حكومة انتقالية في بلاده في النرويج. ومع ذلك، سيقوم ستولتنبرغ البالغ من العمر 65 عاما بتنظيم ورئاسة النسخة التالية من مؤتمر ميونخ المزمع عقدها في فبراير/شباط 2026.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية