خطة ترامب ترمي لاصطياد عصفورين بحجر واحد في الجانبين العربي-الفلسطيني والإسرائيلي

وديع عواودة
حجم الخط
2

الناصرة ـ «القدس العربي»: كشفت مصادر أمريكية أن الرئيس ترامب لم يعقد أي اجتماعات لمناقشة مقترحه بتهجير الغزيين من ديارهم، فيما نقلت مصادر صحافية عن جهات إسرائيلية تلميحها الغليظ بأن «الخطة» التي توافق عليها أغلبية ساحقة من الإسرائيليين قد أعدت بمشاركة حكومة الاحتلال. وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» في هذا المضمار إن ترامب لم يعقد أيّ اجتماعات، ولم يقم بإجراء أيّ مناقشات، أو باستكشاف أيٍّ من الجوانب العملية، أو القانونية، لاقتراحه بشأن تولّي ملكية قطاع غزة ونقل مليونَي نسمة من سكانه، قبل إعلانه في مؤتمر صحافي مشترك مع نتنياهو. وكان ترامب قد طرح مراراً وتكراراً، فكرة أن تستقبل مصر والأردن بعض اللاجئين من غزة أثناء إعادة إعمار القطاع، وهي الفكرة التي رفضها البلدان. لكن ترامب ذهب إلى أبعد من ذلك خلال الإدلاء ببيان لوسائل الإعلام في البيت الأبيض إلى جانب نتنياهو، عندما اقترح أن تتولى الولايات المتحدة غزة، ونقل سكان القطاع إلى بلاد أُخرى، وما لبث أن أكد أنها ستستلمها من إسرائيل بدون إرسال قوات إليها، ثم قال مساء الجمعة إن موضوع خطته ليس مستعجلا ضمن محاولات تراجع خطوة أو خطوتين عنها. وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز»، فإن إدارة ترامب لم تقم، قبل هذا الإعلان، حتى بالتخطيط الأساسي لفحص إمكانات تنفيذ مثل هذا المقترح والقدر المحتمل لانخراط الولايات المتحدة فيه. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين لم تكشف عن أسمائهم أنه لم يكن هناك اجتماعات مع البنتاغون، أو وزارة الخارجية، لمناقشة مثل هذا المقترح، فضلاً عن عدم وجود تقديرات لأعداد القوات المطلوبة، أو تقديرات التكلفة، أو حتى مخطط كيفية عملها.
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين للصحيفة إن ترامب لم يذكر قط مشاركة القوات الأمريكية في غزة، قبل إعلانه «الخطة» وقال مسؤولون آخرون إنهم يتوقعون أن تتلاشى فكرة ملكية غزة بهدوء، عندما يصبح من الواضح لترامب أنها غير قابلة للتطبيق. وعندما سُئل في المؤتمر الصحافي يوم الثلاثاء، عن الإجراءات التي من شأنها تمكين الولايات المتحدة من السيطرة على أرض أجنبية، قال ترامب فقط إن هذا القرار لم يُتخذ باستخفاف، وأكد أن كل مَن تحدث إليهم أحبّوا فكرة امتلاك الولايات المتحدة تلك القطعة من الأرض. في موازاة ذلك، قال نتنياهو خلال مقابلة أجرتها معه قناة التلفزة الأمريكية «فوكس نيوز»: «لا أعتقد أن ترامب تحدث عن إرسال قوات أمريكية لإكمال مهمة تدمير حماس فهذا هو التزامنا، وهذه هي وظيفتنا، ولا أعتقد أيضاً أنه قال إنه سيمول ذلك. لقد قال إن الدول المجاورة، الدول الغنية، ستفعل ذلك». في المقابل يرى محلل إسرائيلي للشؤون الدولية، أورن نهاري، أن «خطة ترامب» تدلل على تغيّر قيم عالمية، منوها أن ترامب بتصريحه هذا قام بتطبيع فكرة التطهير العرقي التي كانت منذ الحرب العالمية تعتبر جريمة حرب.

«ريفييرا» الشرق الأوسط

وذكر تقرير نُشر في موقع «زمان يسرائيل» الإلكتروني العبري أن الخطوط العريضة لمقترح ترامب طرحها جوزف بيلزمان، أستاذ في جامعة جورج واشنطن الأمريكية، ضمن مقال نشره في تموز/يوليو 2024 بعنوان «خطة اقتصادية لإعادة بناء غزة». ويحدّد المقال خطة لدول وشخصيات خارجية للاستثمار في إعادة بناء غزة، بموجب عقد إيجار مدته 50 عاماً، وبعد ذلك، يتم تناول مسألة منح السيادة للسكان. ووفقاً للخطة، فإن التركيز الأساسي لإعادة الإعمار سيكون على قطاع السياحة، بما في ذلك بناء الفنادق على شاطئ البحر. وقال بيلزمان في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في آب/أغسطس 2024، إن مقاله ذهب إلى مؤيدي ترامب لأنهم كانوا أول مَن اهتم به، وكان على رأسهم صهر ترامب، جاريد كوشنر، الذي أكد بيلزمان أنه يريد استثمار أمواله في الخطة. وأضاف بيلزمان أنه بموجب خطته، سيتم إخلاء قطاع غزة بالكامل، وأشار إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تضغط على مصر لقبول اللاجئين من غزة، لأن مصر دولة مفلسة، وعليها ديون كبيرة للولايات المتحدة. وكان كوشنر، الذي عمل مستشاراً كبيراً في إدارة ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى، ما زال حتى الآن خلف كواليس إدارة الولاية الرئاسية الثانية، أكد في شباط/فبراير 2024 أن العقارات الواقعة على الواجهة البحرية في غزة قد تكون ذات قيمة كبيرة. وتم انتقاد تصريحات كوشنر على نطاق واسع في ذلك الوقت، وأكد بعض المنتقدين أن كوشنر يريد طرد السكان الفلسطينيين وتطوير الأرض بشكل خاص من دون سكانها، وردّ هذا الأخير على تلك الانتقادات، مشيراً إلى أنه قصد فقط الكلام عن قيام حركة «حماس» ببناء أنفاق تحت الأرض وإقامة بنى تحتية هجومية، بدلاً من تعزيز الاقتصاد السلمي.
وذكرت وسائل الإعلام الأمريكية أن فكرة تهجير الغزيين موجودة لدى ترامب فقط ولم تجر أي مداولات حولها في إدارته ولم يتحمل المسؤولية عن فكرة التهجير أي مسؤول أمريكي. كما أن المتحدثة باسم ترامب سارعت إلى إطلاق تصريح مناقض لأقوال رئيسها، وقالت إن الجنود الأمريكيين لن يدخلوا إلى غزة، وأن الولايات المتحدة لن تمول إعادة إعمارها. والأهم أن مستشار ترامب للأمن القومي قال إن ما طرحه ترامب ليس خطة وإنما فكرة لحثّ جهات إقليمية لتحرك وطرح أفكار لمواجهة المشكلة، ويبدو أنه ينطلق من ذات منطلقات ترامب ونتنياهو وهي محاولة إبعاد حماس عن واجهة الحكم داخل القطاع ونزع سلاحها. وتعتمد «الخطة» الضغط عبر «الصدمة والترويع» بمثل هذه التصريحات التي زعمت بعض الجهات ذات المصلحة أنها «خارج الصندوق» علاوة على مساعدة نتنياهو في تثبيت إئتلافه الحاكم تمهيدا للذهاب لصفقة سياسية أوسع عمادها التطبيع مع السعودية، أي عصفورين بحجر واحد. ويؤكد استطلاع القناة 13 العبرية أن 73 في المئة من الإسرائيليين يؤيدّون فكرة تهجير أهالي غزة فيما يعتبر 47 في المئة منهم في استطلاع آخر أن خطة ترامب لتهجير الغزيين ستنفذ. وطبقا لاستطلاع صحيفة «معاريف» قال 38 في المئة منهم إنهم غير مقتنعين بأنه يمكن أن تخرج إلى حيز التنفيذ. يشار أن رئيس حزب الصهيونية الدينية، باتسلئيل سموتريتش، وأنصاره يواصلون الاحتفال والابتهاج بفكرة ترامب بتهجير الغزيين، كونها نابعة من أن الحرب بنظرهم ليست ضد منظمات فلسطينية أو إيران أو أعداء إسرائيل، وإنما «الحرب هي ضد مجرد وجود كيان قومي آخر بين النهر والبحر». وقد كتب سموتريتش ذلك بنفسه عام 2017 ضمن خطة لحسم الصراع مع الفلسطينيين بالحديد والنار.

«توبيخ» رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية

وأوعز وزير الأمن في حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس، لرئيس أركان الجيش الإسرائيليّ، هرتسي هليفي، «بتوبيخ رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، شلومي بايندر، على خلفية تصريحات نسبت له ضد خطة ترامب بشأن غزة»، فيما أكّد المسؤول العسكريّ، لاحقا، أنه أوضح للوزير، أنه لم يعبّر عن موقف يناقض خطة الملياردير الأمريكي. ونقل بيان عن قوله إنه «لن يكون هناك واقع يتحدّث فيه ضباط الجيش الإسرائيلي، ضدّ خطة الرئيس الأمريكي ترامب المهمة بشأن غزة، وضد توجيهات المستوى السياسي». كذلك قالت وزارة الأمن الإسرائيلية، إن كاتس «أجرى تقييما للوضع الأمنيّ، ناقش خطة للسماح لسكان غزة بالمغادرة طواعية»؛ بعد تصريحات أدلى بها ضمن سلسلة من المواقف الإسرائيلية التي تدفع باتجاه تهجير سكان القطاع، مستغلة المقترح الذي يروج له الرئيس الأمريكي. لكن جهات إسرائييلة غير رسمية تشكك بدوافع كاتس وبجدية تصريحاته وترى فيها محاولة شعبوية لكسب النقاط ومخاطبة جمهور الهدف الصهيوني اليميني والمشاركة في الضغط على الغزيين وعلى حماس وعلى العرب لدفعهم للضغط بدورهم من أجل تنحي حماس عن الحكم وهو جوهر أطماع واشنطن وتل أبيب في هذا المضمار.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    وعزة الله وجلاله إن مكر عص الحلف الصهيو صليبي يا حبيبي سوف يبور، وعد رب العالمين وكان وعد الله مفعولا ✌️🇵🇸😎☝️🚀🐒🔥

  2. يقول alaa:

    يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين–كم من فئة قليله غلبت فئة كثيرة — واخواننا في غزه ضربوا لنا مثل في ذلك ولذلك منصورين

اشترك في قائمتنا البريدية