خطوة نحو عودة العافية للجامعة العربية

ها أن الموضوع السوري يخطو خطوة متواضعة وغامضة نحو الحل، ولكن تقييم تلك الخطوة ستخضع لدوامة الخلافات والمماحكات السياسية العبثية العربية المعهودة، ومع ذلك دعنا نحاول النظر إلى أساسيات ما يجري بموضوعية واتزان.
أولاً، إن الذي يعود إلى مكانه الطبيعي في الجامعة العربية هو سوريا، شعب مهم وغالٍ من شعوب الأمة العربية، وكيان جغرافي مفصلي من كيان الوطن العربي الكبير، ورمز عروبي ساطع في التاريخ الحضاري العربي، وفي قلب النضالات الوطنية والقومية، من أجل الاستقلال والحرية والكرامة والتقدم لأمته العربية.
ولذلك فالعودة ليست انتصاراً لهذه القوة السياسية السورية أو تلك، ولا هزيمة لهذه الجهة السياسية السورية أو تلك. إنها عودة لهم جميعاً، وإنها تصحيح لخطأ مبدئي ارتكب، إذ لو طبق على الكثير من الأقطار العربية الأخرى لما بقي في الجامعة العربية إلا القليل القليل.

عودة سوريا الشقيقة يمكن أن يكون منطلقا إلى كل جزء من أرض العرب المستباحة المدمرة لتقف في وجه الخارج الاستعماري والصهيوني

ثانياً، إن اتخاذ ذلك القرار يبشر بإمكانية عودة العافية للجامعة العربية، إذ انتصرت وجهة نظر الأكثرية القومية على اعتراضات الأقلية المترددة، وشكّل القرار رفضاً، ولو متواضعاً، للتدخل الاستعماري الأمريكي والصهيوني الوقح في الشؤون الداخلية العربية. لكن تلك الخطوة يجب أن لا تتوقف عند تحقق تلك الجوانب الرمزية، على الرغم من أهميتها ووعودها المستقبلية، فالمطلوب أن تقوم الجامعة بخطوات مكملة أخرى، إذا كانت تريد استعادة احترام الشعوب العربية لها ولوظائفها المفصلية في الحياة العربية كلها. فأولاً يجب على الجامعة العربية اتخاذ قرار بالبدء بكسر الحصار الاقتصادي الجائر على أرض وثروات سوريا وشعبها، سواء كسره من قبل العرب في الحال، أو بمطالبة دول التجمعات الإسلامية والعالم الثالث والمجتمع الدولي لأن لا تنصاع لإملاءات الدولة الاستعمارية الأمريكية. إن تلك الخطوة بالغة الأهمية بالنسبة للملايين من الشعب السوري المظلوم. إن الإدخال الأمريكي الجائر للشعب السوري في جحيم الفقر والجوع والمرض والجهل، يجب أن يتوقف في الحال، خصوصاً إذا كنا سنتكلم عن عودة ملايين المهجرين، إلى قراهم ومدنهم لبناء حياتهم من جديد، وإذا كنا سنناقش إعادة بناء سوريا الخراب واليباب، وإلى عودة كل شبر من الأرض السورية إلى السيادة الوطنية للقطر السوري المستباح من قبل جهات كثيرة تحت ألف راية وراية، ملفقة وباسم شعارات مزيفة كاذبة. وثانياً، ستحتاج الجامعة إلى أن تعض بأسنانها على موضوع المصالحة الداخلية الوطنية الديمقراطية العادلة، ولا تترك الموضوع إلى أن توصله إلى بر الأمان المعقول. إن ذلك سيحتاج إلى تكوين آلية جهة عربية تتابع الموضوع وتقرب وجهات النظر، ولكن أيضاً تحافظ على الثوابت الوطنية والقومية والوحدوية لسوريا العروبة والمقاومة والتاريخ المشهود. وإذا نجحت في تحقيق هذه الخطوة المهمة بالنسبة لسوريا، وأبعدت أي تدخل أمريكي كاذب وطامع وغير حقوقي في الشأن السوري، أو أي تدخل تلاعبي مظهري خاضع لشتى الضغوط من قبل بعض جهات الأمم المتحدة، فإنها ستعد نفسها لتلعب الدور القومي التصالحي نفسه في ساحات أقطار أخرى مثل، ليبيا والسودان واليمن وتونس والعراق ولبنان وغيرها الكثير.
ليس ما يطالب به الكثيرون من اتخاذ مثل تلك الخطوات الجريئة، وعودة الحيوية إلى الجامعة العربية، وإبعاد التدخلات الأمريكية والصهيونية القبيحة المتآمرة على الحياة العربية، ليس ذلك بالأمنيات الخيالية الحالمة، إنها ممكنة التحقق إذا توفرت إرادة سياسية عربية، عروبية الهوى، تضامنية وتوحيدية المنهج، ومستمعة إلى همسات الملايين من أبناء الأمة العربية، وعلى الأخص شبابها وشاباتها. موضوع عودة سوريا الشقيقة العزيزة يمكن أن يكون منطلقاً إلى أبعد من سوريا.. إلى كل جزء من أرض العرب المستباحة المدمرة لتقف في وجه الخارج الاستعماري والصهيوني، والإرهاب الجهادي المجنون، وأصحاب المصالح الأنانية في الداخل، وكل قوى التخلف الحضاري.
كاتب بحريني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Dr Arabi:

    مقال نابع من قلب عربي ينبض بالعروبة ووحدة الصف العربي،حبذالو يقرأه امين عام الجامعة العربية وكل انسان مهتم بالشأن السوري .

  2. يقول علي:

    ان قبول الرجوع الى حضن الجامعة العربية هو تبييض لجراءم بشار الأسد ضد شعبه الذي قتله بالبراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية وهجره الى مختلف بقاع العالم ليصبح هذا الشعب متسولا عند أبواب الجوامع في كثير من البلدان وليتحمل الفضاءع في بلدان أخرى أما الأسد فبقي في قصره وليذهب الكل الى الجحيم تحميه روسيا وإيران ومريديها والتطبيع وقع مع بشار وليس مع الشعب السوري وهذا التطبيع لن يفيده في شيء ولم يطلب من احد الصلح معه

  3. يقول قلم حر في زمن مر:

    ما لم تتحرر فلسطين لا معنى للجامعة العربية وليبيا والسودان و الصومال واليمن تمزقها الحروب والكروب 🤔☹️

  4. يقول abuelabed:

    الجامعة العربية تابع لانظمة دمرت الامة وكل ما يهمهم هو الكرسي ونهب مدخرات الشعوب. فالخراب موجود ومتاصل بالأفراد. لقد تبنوا كثير من القرارات ولكن لم يعملوا بأي منها وخاصة لأت السوادن. لاتطبيع لاسلام الخ. شئ أوجدته إنجلترا لا خير فيه. وأخيرا …لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين فالامة لدغت ولدغت ولدغت. بالاضافة فإن أمين العام هو من المطبعين الأوائل فلا تتوقع خير من هذا الشخص. وأخيرا وليس أخرا هذه منظمة عفنة لا حول لها ولا قوة تأتيها الأوامر من البنتاجون ومن لندن.

    1. يقول قلم حر في زمن مر:

      صحيح جدا جدا ✅✅✅

اشترك في قائمتنا البريدية