طرابلس ـ «القدس العربي»: اندلع خلاف وجدال بين أعضاء المجلس الأعلى للدولة، الثلاثاء، حول صحة التصويت من عدمه بعد انتخاب خالد المشري رئيساً للمجلس خلفاً لمحمد تكالة خلال جلسة عامة.
وتحصلّ خالد المشري على 69 صوتاً مقابل 68 لمحمد تكالة، بعد أن انحصرت المنافسة بينهما في الجولة الثانية من التصويت.
ورغم إعلان وسائل إعلام محلية عن فوز المشري إلا أن أخرى قالت إن المجلس الأعلى للدولة عاش حالة من الجدل بعد جولة الإعادة في انتخاب رئيس المجلس بين الرئيس الحالي محمد تكالة، والرئيس السابق خالد المشري.
وأعلن مقرر الجلسة حصول تكالة على 68 صوتاً مقابل 69 صوتاً للمشري، ثم دار نقاش حول قانونية تصويت أحد الأعضاء لـ”تكالة” بسبب إشارة في ورقته.
بذلك لم تحسم الجولة الثانية، إذ اقترح بعض الأعضاء عرض الأمر على لجنة قانونية، بينما دعا آخرون إلى الذهاب لجولة ثالثة.
وطلب تكالة وقف البث في ظل مشاحنات بين أعضاء واعتراضات على مقترح خوض جولة ثالثة.
وفي وقت سابق، قالت عضو المجلس نعيمة الحامي إن المرشحين لرئاسة المجلس هم الرئيس الحالي محمد تكالة، والرئيس السابق خالد المشري، إضافة إلى عضو المجلس عادل كرموس.
وأضافت أن المرشحين لمنصب النائب الأول هم ناجي مختار، ومسعود عبيد، وعبد المطلب بقص، ومحمد إبكدا، وشكري المغيربي، فيما تقدم لمنصب النائب الثاني كل من، عمر خالد، وموسى فرج، وخالد الناظوري، وتوفيق العبيدي.
ويقول جبريل أوحيدة، عضو مجلس النواب، إن مجلس الدولة يمثل عقبة رئيسية أمام أي تحركات تفضي إلى إجراء الانتخابات، مشدداً على أن ردة فعل المجلس السلبيّة بعد كل توافق أو تقارب مع النواب تدل على عدم وجود أمل في تحقيق شيء يقربنا من الانتخابات المنشودة.
أوحيدة، في تصريحات تلفزيونية أشار إلى أهمية انتظار انتخابات مجلس الدولة المقبلة. وإذا ما استمرت الرئاسة نفسها، فإنه يرى ضرورة أن يعيد النواب النظر في كل ما تم التوافق عليه مع مجلس الدولة. وأوضح أن الاستمرار في النهج الحالي أصبح عبثياً، مطالباً مجلس النواب بالنظر في رؤية جديدة قد تكون هي المنقذة للبلاد من أزمتها الحالية.
واستطرد أوحيدة موضحاً أن الأمل الضئيل معقود على قدوم رئاسة جديدة تدعم التوافق وتسعى لتحقيق وتنفيذ قوانين الانتخابات وقبول نتائجها. لكنه أبدى تشاؤمه من هذا الاحتمال، مشيراً إلى أن الدعم المطلوب من الدول المتغلغلة في الأزمة الليبية بعيد عن التحقق.
وتابع أوحيدة: “مجلس النواب فعل ما عليه وتنازل كثيراً في سبيل تحقيق الاستقرار، ولكن في كل محطة نجد أن العرقلة تأتي من مجلس الدولة ومن خلفه من أطراف داخلية وخارجية”، يقول أوحيدة، بنبرة تحمل في طياتها الإحباط من الوضع الراهن: “هذه الأطراف التي تعمل في الظل وتعرقل أي تقدم نحو الانتخابات تعكس مدى التعقيد الذي يعيشه المشهد السياسي الليبي”.
ويقول رئيس حزب صوت الشعب، فتحي الشبلي، إن كل الأطراف الموجودة في المشهد، والبعثة الأممية، لا يريدون إجراء الانتخابات في ليبيا.
وقال في مقابلة صحافية إن الجميع يسعى لإدارة الأزمة وإطالتها، واستمرار الوضع كما هو عليه، وكل المبعوثين لا يريدون إلا إطالة أمد الأزمة، ووصف المبعوثين الأمميين بأنهم مجرد مرتزقة مال، وحولوا البعثة من بعثة للدعم إلى بعثة تتحكم في كل شيء داخل ليبيا.
وشدد الشبلي على ضرورة تغيير مسار الأمم المتحدة في اختيار المبعوثين، ولا بد أن يتدخل الشعب الليبي ويفرض رأيه في شخصية هذا المبعوث، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة تمتلك صلاحية وضع جدول زمني لإجراء الانتخابات، ولكن كل المندوبين السابقين لم يقوموا بهذا العمل، لأنه راق لهم الرواتب الكبير ومعاملتهم كرئيس دولة.
واستكمل: “لن يكون هناك حل في ليبيا إلا من خلال الأمم المتحدة ومجلس الأمن، طالما نحن تحت الفصل السابع”.
وكان أعضاءٌ في مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين قد اجتمعوا في العاصمة المصرية القاهرة قبل أيام للاتفاق على خريطة طريق تفضي لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، بالإضافة للاتفاق على ضرورة تشكيل سلطة تنفيذية جديدة تتولى الإشرافَ على العملية الانتخابية.
ونقلت منصات محلية عن مصادر برلمانية ليبية تأكيدها بتعثر ملف تشكيل سلطة تنفيذية جديدة في البلاد، نتيجة عدم توفر الدعم الأممي والدولي لهذا التحرك الذي قاده بعض نواب البرلمان الليبي والمجلس الأعلى للدولة خلال الأيام الماضية.
وأوضحت المصادر أن رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، يقود تحركات إقليمية بهدف دعم مخرجات اجتماع بعض أعضاء البرلمان ونظرائهم في المجلس الأعلى للدولة، مشيرةً إلى وجود تحفظ لدى الدول الفاعلة والمنخرطة في المشهد الليبي إزاء غياب وجود توافق شبه كامل على تشكيل سلطة تنفيذية جديدة.
ولفتت المصادر إلى أن الأمم المتحدة تخشى أن يتم تشكيل حكومة جديدة في ظل وجود حكومتين في البلاد، مما قد يتسبب في حالة من الفوضى التشريعية والتنفيذية، مؤكدةً ضرورة عمل الأمم المتحدة على جمع كافة الأطراف الليبية على طاولة واحدة للاتفاق على خريطة طريق وفق جدول زمني محدد للدفع نحو إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
التوافق على تشكيل حكومة موحدة في القاهرة جاء في وقت يصعد فيه رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، في مواجهة المجلس الأعلى للدولة، الذي يرأسه محمد تكالة، بعد خلافهم حول مشروع الميزانية حيث يقول الأول إن البرلمان هو صاحب الاختصاص في إقرار مشروع قانون الموازنة العامة للدولة دون غيره من المجالس الأخرى.
فيما اعتذر بوقت سابق رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة عن عدم تلبية الدعوة التي تلقاها لحضور الجولة الثانية من المشاورات، بحضور رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، قائلاً إنه “لا جدوى من حضور مثل هذه اللقاءات لعدم رغبة بعض أطرافها في تحقيق أي تقدم على طريق حلحلة الأزمة بل سعيه لاستخدامها للمناورة واستهلاك الوقت.”