لوس أنجلوس: قال علماء إن تحليلا جديدا لعناصر وراثية تم جمعها من سوق الحيوانات الحية في مدينة ووهان خلال الأسابيع الأولى من جائحة كوفيد-19 يؤكد أن تفشي المرض بدأ من هناك حينما انتقل فيروس كورونا من حيوانات مصابة إلى البشر.
وذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز نقلا عن مجلة ذا سيل العلمية أن النتائج لا تحدد أي حيوانات مصابة بعينها هي المسؤولة عن نقل فيروس سارس-كوفيد-2 إلى المدينة الصينية التي يقطنها أكثر من 11 مليون نسمة. كما لم تثبت الدراسة بشكل قاطع أن سوق هوانان لبيع المأكولات البحرية بالجملة كان مصدر الوباء الذي أدى إلى وفاة أكثر من 7 ملايين.
وقال الباحثون في الدراسة إنه مع هذا أظهرت الأدلة الوراثية أن السوق توفرت به الظروف الملائمة لإطلاق شرارة تفشي الوباء مما يصعب للغاية من مهمة شرح كيفية انتقال فيروس كورونا من مختبر أو حظيرة أو حتى إحدى الأسواق الأربعة الأخرى للحيوانات الحية في المدينة.
ويثير السبب الرئيسي لجائحة كورونا جدلا كبيرا منذ أيامه الأولى. فمدينة ووهان تحوي مختبرا حكوميا كان العلماء به يدرسون فيروسات كورونا مشابه لفيروس سارس-كوف-2 وهو ما دفع سياسيون وخبراء في المجلس الوطني ومقدمو برامج حوارية وعلماء إلى التساؤل عما إذا كان الفيروس تسرب من المختبر.
في غضون هذا، ظهرت معلومات جديدة أقنعت العلماء ذوي الخبرة في المجالات ذات الصلة بأن الفيروس المسبب لكوفيد-19 مصدره حيواني، مثله مثل الفيروسات المسؤولة عن سارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية والإنفلونزا.
واعتمدت الدراسة التي نشرت مؤخرا على بيانات وراثية من مئات العينات التي جمعها باحثون في المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها من سوق هوانان والمناطق المحيطة عقب إغلاقها بفترة قصيرة في الأول من كانون الثاني/ يناير عام 2020. وحسب تقرير الفريق الصيني العام الماضي في مجلة ناتشر فإنهم رصدوا آثار لفيروس كورونا في 74 عينة بيئية تم إجراء اختبارات عليها.
وتعمق عالم الأحياء مايكل وروبي وزملاؤه في جامعة أريزونا في دراسة تلك البيانات. وباستخدام تقنيتين مميزتين لتسلسل الجينات بحثوا عن أجزاء من فيروس سارس-كوف-2 وأحماض نووية حيوانية وبشرية.
ومن بين 585 عينة تم جمعها في مطلع كانون الثاني/ يناير عام 2020، كانت العينات التي احتوت على آثار فيروس كورونا من القطاع الجنوب غربي من السوق حيث تقع منطقة أقفاص الحيوانات البرية المعروضة للبيع.
قال الدكتور دومينيك دواير، عضو فريق التحقيق الدولي المكلف من منظمة الصحة العالمية بالبحث في أصول الوباء “إن مساحة السوق تغطى فدانين تقريبا وهذه العينات تعود إلى ركن واحد من السوق واثنين من الأكشاك.” وأضاف قائلا “إن هذا يناسب مصدر حيواني. أما إذا كانت تعود إلى مصدر بشري حيث يتجول الناس حول السوق كلها فكنا سنجد الآثار في كل مكان”.
كما تم جمع عينة أخرى من نظام الصرف الصحي في السوق في نهاية كانون الثاني/ يناير عام 2020. ووجد الباحثون أدلة وراثية على فيروس كورونا في أربعة منها، إحداها مأخوذة من أمام كشك للحيوانات البرية.
واحتوت العينات من الكشك أيضا على أثار أحماض نووية تعود لحيوانات متنوعة تشمل كلاب، وأرانب، وفئران البامبو، وحيوانات الشيهم الملاوية، وحيوانات زباد النخيل المقنعة. وكان أكثر الأحماض النووية المنتشرة تعود لكلاب الراكون وتم رصد بعض أحماضها النووية في عربة قمامة قريبة وأتت نتائجها إيجابية لفحوصات الفيروس.
وذكر الباحثون في الدراسة أنه من غير الواضح ما إذا كانت فئران البامبو أو حيوانات الشيهم الملاوية يمكن أن تصاب بفيروس سارس-كوف-2. كما لا يوجد دليل قاطع على أن حيوانات زباد النخيل المقنعة يمكن أن تلتقط الفيروس، لكن خطوط خلايا الحيوانات كانت عرضة للعدوى في التجارب المعملية.
على الجانب الآخر، فإن كلاب الراكون معروفة بالتقاط ونقل فيروس سارس-كوف-2. وهي كانت الحيوانات الأكثر تواجدا في كشك الحياة البرية.
وقال العلماء إن أدلة ثانية موازية تدعم أيضا فرضية أن الوباء لديه ما يسمى بأصل حيواني المنشأ.
فمن بين العينات التي تم جمعها في سوق هوانان في الأول من كانون الثاني/ يناير 2020، تمكن الباحثون من تحديد أربعة جينومات شبه كاملة من فيروس سارس-كوف-2. كان أحدها يعود لما يسمى بالسلالة ايه، والثلاثة الأخرى من سلالة بي المتقاربة إلى حد كبير.
وقد سمح وجود السلالتين في السوق لفريق البحث بمقارنة الجينومات الخاصة بهما وتتبع متى تباعدت السلالتان، وكيف بدا شكل سلفهما المشترك الأخير. وتوصل العلماء إلى ست نتائج مرشحة، بعضها كان أكثر قبولا من غيرها.
وقال رئيس فريق الدراسة ألكسندر كريتس كريستوف، المتخصص المستقل في علم الأحياء الحاسوبي إنه كان هناك احتمالية بنسبة 99% أن تكون إحدى النتائج الأربعة الأكثر قبولا صحيحة، وقد كان لدى الأربعة عنصر مهم مشترك: كانوا “متساويين أو متطابقين” مع أحدث سلف مشترك للوباء بشكل عام.
وقال الدكتور دومينيك دواير أحد أعضاء فريق البحث الدولي التابع لمنظمة الصحة إنه على الجانب الآخر، يزداد الأمر صعوبة فيما يتعلق بحشد أدلة كتلك في تحقيق متماسك حول دخول فيروس كورونا إلى الصين عبر الأطعمة المجمدة الواردة (كما قالت الحكومة الصينية) أو تسرب الفيروس من مختبر علم الفيروسات مع تراخي بروتوكولات الأمن البيولوجي (كما طرح بعض أعضاء وكالة الاستخبارات الأمريكية).
(د ب أ)