باريس- “القدس العربي”:
وسط سياق جيوستراتيجي حساس، ينطلق اليوم الثلاثاء منتدى باريس للدفاع والاستراتيجية الذي تنظمه للعام الثاني توالياً أكاديمية الدفاع التابعة للمدرسة العسكرية في العاصمة الفرنسية، وعلى مدى ثلاثة أيام.
من المقرر أن يشارك رؤساء أركان جيوش فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وتركيا و كندا وأستراليا، وهي الدول التي “أظهرت استعداداً لضمان السلام المستقبلي في أوكرانيا”. كما سيحضر الرئيس الفرنسي، من خلال كلمه يفترض أن يلقيها عصر اليوم أمام المشاركين في الحدث، والذي يبقى من غير المعروف ما إذا كان، بأكمله أو جزء منه، سيكون علنيا أو خلف أبواب مغلقة.
يأتي المنتدى هذا العام في ظل سياق جيوستراتيجي يبدو حاسماً بالنسبة للأوروبيين، الذين يسعون إلى تعويض التراجع الأمريكي في الدعم لكييف، ويفكرون على نطاق أوسع في تعزيز دفاع القارة، في وقت تهدد فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب بشكل متزايد بالانسحاب عسكريا من القارة.
وكان ماكرون أعلن عن اللقاء يوم الأربعاء الماضي خلال الخطاب الذي وجهه للشعب الفرنسي، والذي اعتبر فيه أن “السلام في أوكرانيا ربما يستلزم أيضا نشر قوات أوروبية، مشيراً إلى أن هذه القوات لن تذهب للقتال اليوم، ولن تذهب للقتال على الخطوط الأمامية، ولكنها ستكون هناك بمجرد توقيع السلام، لضمان احترامه الكامل”. وقال يومها: “اعتبارا من الأسبوع المقبل، سنجمع في باريس رؤساء أركان الدول التي ترغب في تحمل مسؤولياتها في هذا الصدد”.
يهدف الاجتماع إلى مناقشة نشر محتمل للقوات في أوكرانيا، وتقييم التهديد الروسي في أوروبا، ومواصلة وضع الخطوط العريضة للدفاع الأوروبي المشترك، بعد توقيع خطة بقيمة 800 مليار يورو الأسبوع الماضي. ويحاول ماكرون، إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، بالتنسيق مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعدد من الزعماء الأوروبيين الآخرين، وضع خطة سلام لمنع المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا من أن تؤدي إلى “وقف لإطلاق النار يتم التفاوض عليه على عجل، دون أي ضمانات”. وكان الرئيس الفرنسي قد أشار يوم الخميس الماضي في بروكسل إلى أن الاجتماع سيهدف إلى إجراء “مناقشات استكشافية أولية” حول “مجموعة الخيارات” بأكملها قيد الدراسة لتوفير هذه “الضمانات الأمنية”.
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أوضح السبت في مقال بصحيفة لو باريزيان “أن الأمر يتعلق بمشاركة التشخيصات والتحليلات لجعلها متقاربة”، مضيفاً أن “ التحدي هو تحديد الوسائل اللازمة لدعم الجيش الأوكراني على المدى الطويل والقدرات التي يتعين نشرها لضمان السلام”.
الحكومة البريطانية، كانت قد أعلنت في وقت سابق أنها أجرت مناقشات مع نحو عشرين دولة “مهتمة” بالمساهمة في حفظ السلام في أوكرانيا كجزء من اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار مع روسيا، وفق ما أعلن مسؤول بريطاني، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته. وأضاف المصدر أن هذه الدول هي في الغالب دول أوروبية وأعضاء في الكومنولث، لكن لم يتم توضيح كيفية مساهمتها في أي عملية محتملة لحفظ السلام.
يأتي هذا الاجتماع العسكري في باريس بالتزامن مع دخول أوكرانيا، تحت ضغط من الإدارة الأمريكية، أسبوعاً دبلوماسياً جديداً مليئاً بالتحديات، حيث سيجتمع اليوم الثلاثاء في السعودية وفدان دبلوماسييْن من الولايات المتحدة وأوكرانيا، في وقت يواصل دونالد ترامب تشديد لهجته ضد كييف، حيث علق المساعدات العسكرية الأمريكية الممنوحة إليها.