لندن- “القدس العربي”: شدد حقوقيون ومسؤولون دوليون ونشطاء على ضرورة تحرك الحكومات الغربية، والمنظمات الأممية المعنية بحقوق الإنسان، لاتخاذ مواقف حازمة تجاه السلطات البحرينية، ووضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان.
وتأتي التحركات على خلفية تعقّد أحوال عدد من المعتقلين والسجناء في البحرين، وتزايد حدة القمع الذي تمارسه سلطات المنامة.
وشارك حقوقيون ونشطاء في ندوة نظمها المركز الأوروبي للحقوق والديمقراطية، حول مشروع قانون مستمر لتنفيذ عقوبات الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان ضد الجناة البحرينيين المعروفين على غرار قانون ماغنتسكي.
وقالت المحامية أناهيتا مرادي خلال الفعالية إنه “هناك إخفاق تام في التحقيق في مزاعم التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء للسجناء في البحرين”. وأضافت: “هذا الإفلات من العقاب لمسؤولي الدولة يساهم في المزيد من سيطرة الأسرة الحاكمة وحكومتها على الشعب”.
من جانبه، كشف المحامي مايكل بولاك في الندوة التي شارك فيها عشرات الحقوقيين الدوليين أن “أنظمة عقوبات الاتحاد الأوروبي أوسع من المملكة المتحدة، وستلعب دوراً رئيسياً خاصة في الأماكن التي لا تستطيع الذهاب فيها إلى المحكمة، وكل حظر للسفر سيكون في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، وسوف تجمّد أموال المودعين، تلك هي العقوبات الأكثر فعالية”.
ووجهت انتقادات للسلطات البريطانية والحكومات الغربية، لعدم تحركها واتخاذ مواقف حازمة تجاه المنامة.
حيث أكد الناشط البحريني ونجل قائد المعارضة السياسية حسن مشيمع، خلال الندوة أنه “للأسف لا تزال الحكومة البريطانية تقف موقف الانحياز لصالح نظام آل خليفة بالرغم من المطالبة بتطبيق قوانين حقوق الإنسان”.
وقال مارك جونس، الأستاذ المساعد في جامعة حمد بن خليفة خلال الندوة إنه “منذ عام 2011، شهدنا تفاقم القمع السياسي في البحرين، لأن النظام استطاع ارتكاب هذه الأنواع من الانتهاكات دون مساءلة وعلى مرأى ومسمع من المسؤولين البريطانيين”.
وأضاف: “إذا تم تبني العقوبات، فسيتعين على المراسلين في البحرين ذكر العديد من المسؤولين رفيعي المستوى المستهدفين بالعقوبات، بسبب دورهم في انتهاكات حقوق الإنسان، مما يجعل من الصعب على البحرين استخدام الإعلام الغربي لتصوير نفسها على أنها نظام حديث وليبرالي”.
وأبدت منظمات حقوقية قلقها حول استمرار استدعاء عشرات الأشخاص على خلفية مشاركتهم في تشييع السجين حسين بركات، الذي راح ضحية وباء كورونا المتفشي في السجن، رافضة الادعاءات الواردة في بيان وزارة الداخلية، حول اعتبار أن هذا التجمع في التشييع هو غير قانوني.
وأعلن فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، أن محاكمة حسين لم تكن عادلة، بل شهدت انتهاكات فادحة جدا، لدرجة أنها تشكل حرمانا تعسفيا من الحرية.
وقال حسين عبد الله، المدير التنفيذي لمنظمة “أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان” في البحرين، إن لجنة الاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة أكدت منذ عامين أن اعترافات حسن انتزعت تحت التعذيب.
وطيلة فترة الاختفاء القسري، كان حسن في دائرة التحقيقات الجنائية، حيث استجوبه الضباط من دون وجود محام، وعذبوه لانتزاع اعترافات منه، وضربوه وركلوه وشتموه وهاجموا طائفته، وعلّقوه من رجليه ونزعوا ظفرا من إصبعه.
وأُدين حسن بقضيّتين، في 4 مارس/ آذار 2014، تمّت إدانته بحرق سيارة في مدينة حمد، وحُكم عليه بالسجن لمدّة 5 سنوات، وفي 25 مارس/ آذار 2014، تمت إدانته بتفجير أسطوانة غاز وحُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، ليصبح إجمالي عقوبته 15 عاما في سجن جو.
ومنذ وصوله إلى سجن جو، تعرّض حسن لسوء المعاملة والإذلال على أيدي سلطات السجن، وتمّ منع السجناء من الصلاة ومن الذهاب إلى دورة المياه. ونتيجة الإهمال والمعاملة اللاإنسانية، عانى حسن من ألم في أسنانه وضرر في لثته، وتحطمت نظاراته وزاد ضعف بصره.
وتشهد البحرين ارتفاعا غير مسبوق في حالات الإصابة بفيروس كورونا، وصنفت صحيفة نيويورك تايمز البحرين، في المرتبة الثالثة لأعلى ارتفاع في حالات الفيروس في الأسبوع الماضي.
وأصيب ما يقارب 60% من السجناء السياسيين في المبنى 12 في سجن جو، منذ بدء التفشي الثاني لفيروس كورونا، وأصيب ما لا يقل عن 140 سجينا خلال التفشي السابق، وفق الأرقام التي حصلت عليها منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية في البحرين.
وأكد المدير التنفيذي للمنظمة حسين عبدالله، أن البحرين تعيش ثورة سياسية عارمة وتشهد انتهاكات حقوقية وعدم استقرار سياسي أو اقتصادي منذ عشر سنوات.
وأضاف أن “الشعب البحريني ضاق صدره من القبضة الحديدية المفروضة عليه منذ تولي الملك الحالي زمام الحكم، وأن الشعب يريد الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والتغيير الجذري للسياسات التي تحكمه”.
واعتبر عبد الله أن “حسين بركات لن يكون الضحية الأخيرة إن لم يُمارس ضغط حقيقي على السلطة، وإن استمر الدعم البريطاني والأمريكي للبحرين من دون السعي إلى حلحلة الملف السياسي والحقوقي في البحرين.