دمشق: أغان ٍوهتافات للثورة في ساحة الأمويين ومحيط الجامع الأموي

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق ـ «القدس العربي»: عمّت المظاهر الاحتفالية كلّ المدن والمحافظات على امتداد سوريا، يهتفون لحريتهم دون خوف أو قيود، مكرّرين شعارات الثورة السورية التي اندلعت قبل ثلاثة عشر عاماً. وفي «جمعة النصر» كما أطلق عليها السوريون، نزلت حشود غفيرة إلى ساحة الأمويين وسط العاصمة دمشق.
وحاول المتظاهرون منذ بداية الثورة الوصول إلى ساحة الأمويين المحصّنة بوزارة الدفاع وقيادة الأركان العامة وأكاديمية الطيران وغيرها من الثكنات الأمنية والعسكرية، لكنهم أخيراً وصلوا بعد ثلاثة عشر عاماً مردّدين «الشعب يريد إعدامك بشار» بينما كانت تقتصر المظاهر الاحتفالية هناك على المسيرات المؤيّدة لبشار الأسد وشعارات إلى الأبد.
وامتّد أكبر حشدٍ جماهيري من ساحة المسكية أمام الجامع الأموي الشهير في دمشق لمسافة تزيد على أربع كيلومترات عقب انتهاء صلاة الجمعة.
كما وصل إلى الساحة مئاتُ الآلاف من عموم مناطق العاصمة دمشق وريفها وغصّ أوتوستراد المزّة على رحابته بآلاف السيارات التي قدمت من مناطق أرياف دمشق الغربية والجنوبية ومناطق محافظة القنيطرة.
وأدى رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال، محمد البشير، صلاة الجمعة في الجامع، وخطب من على منبره. وقال أحمد صلاح، وهو من حي القدم جنوب العاصمة دمشق، وهو في العقد الخامس من عمره ويعمل موظفاً في مؤسسة حكومية « لأول مرة أشارك في مسيرة أو احتفال وطن، كنا نُساق إلى تلك المسيرات التي يدفعنا إليها النظام منذ كنت طفلاً في المدرسة حتى عملي الوظيفي الذي يمتد لأكثر من 30 عاما».
وأضاف لوكالة الانباء الالمانية «الجميع يشارك بالاحتفال الذي أقيم اليوم في دمشق بقناعة تامة ويهتفون لبناء سوريا الجديدة».
ويُردّد محمد الحريري من محافظة درعا خلال وجوده في ساحة الأمويين عبر مكبّرٍ للصوت يحمله بيده أغاني لأول مرة تُردّد في ساحة الامويين «ارفع رأسك فوق أنت سوري حرّ – ندوسهم ندوسهم بيت الأسد ندوسهم يا ماهر النعيمي بسيفك اقطع رؤوسهم – سوريا حرّة حرّة والأسد هرب برااا (إلى الخارج)». وقال الحريري « كنّا على قناعة بأننا سوف نصل إلى ساحة الامويين يوماً ما، قدّمنا آلاف الشهداء حتى وصلنا إلى هذه الساحة وطرد الأسد وعصابته «.
وشهدت ساحة الأمويين وصولَ فرق الأغاني الشعبية من مناطق محيط بالعاصمة دمشق ودرعا والسويداء والقنيطرة وباقي المحافظات السورية.
في باحة الجامع الأموي الفسيحة في دمشق القديمة، وتحت راية علم الثورة السورية ذي النجوم الثلاث، صدحَت حناجرُ آلاف السوريين الجمعة «واحد، واحد، واحد، الشعب السوري واحد» في مشهدٍ لم يكن أحد ليتوقّعه حتى الأمس القريب. وإلى باحة المسجد، قدمت نور ذي الغنى (38 عاما) من حي الميدان الدمشقي. وقالت بفرح عارم «نحن في الجامع الأموي في دمشق، نجتمع فرحين بتحرير سوريا، فرحين بتحريرنا من السجن الذي كنا نعيش فيه».
وأضافت السيدة المجازة في الاقتصاد بحماسة لـ«فرنس برس»: «هذه أولُ مرة نجتمع فيها بهذه الأعداد في مكان واحد، وأول مرة نشهد حدثاً مماثلاً.. لم نتوقع أن يأتي مثل هذا اليوم».
ورفع شبان شاراتِ النّصر أمام عدسات عشرات وسائل الإعلام العربية والدولية.
وردّد المشاركون وبينهم نساء ورجال وأطفال، شعارات عدة داعية الى وحدة السوريين ومناوئة للأسد.
في محيط الجامع، تجمّع عشرات باعة الأعلام الجديدة التي لم يكن أحد يجرؤ على حملها في دمشق أو مناطق أخرى تحت حكم الأسد. وعلى جدرانه الخارجية، عُلّقت عشرات الصور لمفقودين ومعتقلين في سجون الأسد مع أرقام هواتف، لمن يعلم عنهم شيئاً، مع إعلان السلطات الجديدة إخراجها آلاف المعتقلين من السجون السّيئة السُمعة في أنحاء البلاد.
ومن محافظة إدلب شمال غرب سوريا، وصل عمر الخالد البالغ 23 عاماً الى دمشق، للمرة الأولى في حياته.
وقال الشاب الذي يعمل خياطاً لـ«فرانس برس» «كان حُلمي أن آتي الى دمشق، وهذه أول مرة أزورها في حياتي». وتابع «لا يمكن وصف شعورنا، معنوياتنا عالية جداً ونأمل أن تتجه سوريا إلى مستقبل أفضل» مضيفاً «كان الشعب مخنوقاً.. لكن الآن فُتحت الأبواب لنا».
وتعهّدت السلطة الجديدة في سوريا الخميس إقامةَ «دولة قانون» بعد انتهاء المرحلة الانتقالية التي ستمتد لثلاثة أشهر ويتخلّلها تجميد الدستور والبرلمان، فضلاً عن تشكيل «لجنة قانونية وحقوقية من أجل النظر في الدستور وإجراء التعديلات» وفق ما قال متحدث باسمها.
وقالت أماني زنهور (42 عاماً) وهي مدرّسة ومهندسة كمبيوتر «لا شيء أسوأ مما كان. لا يمكننا أن نشعر بالخوف» من المستقبل، مبديةً تأييدها لإرساء دولة مرتكزة على تعاليم الإسلام، تحترم في الوقت ذاته تقاليد المكونات الأخرى في سوريا، حيث تعيش أقليات عدة بينها المسيحية والكردية. فور انتهاء صلاة الجمعة، تدفق الآلاف من الجامع الأموي ومساجد أخرى في دمشق في اتجاه الساحات الرئيسية لا سيما ساحة الأمويين الشهيرة، وغصّت شوارع المدينة بمئات السيارات التي رفعت أعلام «الثورة».
في سوق باب سريجة الشعبي وسط العاصمة، تحلّق عدد من الشباب بشكل دائري وتعانقوا وهم يغنون ويحتفلون «بانتصار الثورة» بينهم نجيب عرّاج (40 عاماً) الذي قال لـ«فرانس برس» «جئت من إدلب إلى دمشق لأحتفل مع أهل الشام بهذا النصر العظيم».
وفي ساحة الأمويين، رفع المتظاهرون علماً كبيراً على نصب السيف الدمشقي الضخم، قرب مبنى الأركان العسكرية سابقاً، ومبنى دار الأوبرا.
على بعد أمتار، صرّحت أمينة معراوي (42 سنة) وهي داعية إسلامية «دعونا لا نتحدث في تفاصيل قد تفرقنا، ونتحدث فقط عمّا يجمعنا» مضيفةً «ما يجمعنا اليوم هو كرهنا لبشار الأسد».
وبدت البهجة واضحة على وجه محمّد سعد (32 عاماً) الناشط سياسيا في صفوف «هيئة تحرير الشام» وقال «انتظرنا هذه اللحظة منذ 13 عاماً».
وكان قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع، دعا في بيان السوريين إلى الخروج إلى الساحات للاحتفال بانتصار الثورة وبدء مرحلة بناء سوريا، حيث ظهر لأول مرة بلباس مدنس.
وقال في مقطع قصير مصور، نشرته المعرفات الرسمية: «أود أن أبارك للشعب السوري انتصار ثورته، وأدعوه للنزول إلى الميادين للتعبير عن فرحته دون إطلاق الرصاص وترويع الناس ثم بعد ذلك نتجه إلى بناء هذا البلد».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية