دوفيلبان يراهن على زيارة تبون لباريس ويتحدث عن واجب اعتذار فرنسا للجزائر

حجم الخط
29

الجزائر- “القدس العربي”:

أكد رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دوفيلبان، أن الزيارة التي ستقود الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لفرنسا خريف هذا العام، هي موعد كبير بالنسبة للبلدين اللذين لا يزالان يواجهان عقبات الذاكرة الأليمة في الانطلاق نحو المستقبل.

وأحدث كلام دوفيلبان في محاضرته التي ألقاها بمعهد الصحافة في الجزائر العاصمة، ضجة في مواقع التواصل، كونه تحدث عن زيارة الرئيس تبون إلى فرنسا، في حين ستجرى الانتخابات الرئاسية قبل موعد الزيارة، وهو ما جعل البعض يعلقون بأن المسؤول الفرنسي السابق قد جزم بفوز تبون حتى قبل إعلان الأخير عن ترشحه.

وأكد دوفيلبان أن هذه الزيارة المنتظرة “موعد كبير يُعدّ فرصة ليس على المستوى السياسي فقط، ولكن بالنسبة للشعبين”، خاصة في ظل التحديات التي تواجه البلدين معا سواء في شق العلاقات الثنائية في المحيط الإقليمي الذي يجمعهما.

ولم يتخلّف دوفيلبان مسلّحا بالتقدير الذي يحظى به بسبب مواقفه بشأن غزة، عن الخوض في ملف الذاكرة الشائك ومن على أرض الجزائر. وأكد بشجاعة رجل ينتمي لمعسكر اليمين، أنه “من الضروري أن تطلب فرنسا الاعتذار من الجزائر عن الجرائم التي ارتكبت خلال 132 عاما من الاستعمار”. لكن في رأيه يتطلب الوصول إلى هذه المرحلة مزيدا من الصبر، لأنه “حتى رئيس الجمهورية في فرنسا اليوم، لا يمتلك هذا السلطة للتعبير عن هذا الاعتذار”.

وفي تقدير دوفيلبان “لا يمكن فرض كلمة أو تعبير (الاعتذار).. ويجب التقدم معا شعوبا وقادة للوصول إلى ذلك”. وتابع يقول: “أعرف هذا الموضوع جيدا، فقد كنت الأمين العام في الإليزيه تحت رئاسة جاك شيراك. وأعلم أيضا أن هناك عقبات، أحيانا تكون صعبة، مثل العمل على الذاكرة. لكن في كل مرحلة نتقدم”.

وأشار في نفس سياق فكرته، إلى اعتراف فرنسا بالجرائم التي ارتكبت بحق موريس أودان، والمحامي علي بومنجل خلال الثورة الجزائرية، مبرزا أن “الرئيس إيمانويل ماكرون قد أشار إلى عدد من المواقف”. وأردف مواصلا شرح رؤيته: “الجرائم الاستعمارية لا يمكن محوها، ويجب علينا جميعا الاعتراف بها. لكن، أحيانا، يتطلب الأمر سنوات لإثبات صحة بعض المواقف وبعض الحقائق”.

وتحدث دوفيلبان في نفس السياق إلى العلاقة الخاصة بين بلاده والجزائر، مؤكدا أن “الجزائر وفرنسا لديهما هذا الامتياز بوجود تكامل في علاقاتهما الشاملة والتاريخية. بالنسبة لي، هي علاقة دولة بدولة وشعب بشعب”. ولفت إلى أن الوقت قد حان “لتخفيف التوترات، مثل الكراهية، بتحويل الخلافات إلى حوار سياسي”، مشددا على أن “الجزائر وفرنسا يجب أن تطورا رؤية مشتركة، تعتمد بشكل خاص على التعددية وقبول ماضينا بكل تعقيداته وتعزيز قدرتنا على بناء مستقبل أفضل معا”.

وفي الموضوع الذي تميز به هذا السياسي بمواقف مشرفة مؤخرا، أوضح رئيس الوزراء الفرنسي السابق أن إسرائيل استعملت سلاح التضليل الإعلامي خلال اعتدائها على غزة، بادعائها حدوث عمليات اغتصاب وكذا اغتيالات مزعومة طالت حديثي الولادة من قبل المقاومين الفلسطينيين، وهي الاتهامات التي تأكد بطلانها، ما يتطلب -حسبه – تدخل المؤسسات الدولية. وأكد أنه في مثل هذه الحالات “نحتاج مؤسسات تمكننا من قول الحقيقة. توجد العدالة الدولية عندما يغض الإعلام الطرف عن نقل الحقائق، وكذا قدرة الدول على القيام بتحقيقات دولية من شأنها تصويب الحقائق”.

وفي اعتقاد صاحب الخطاب الشهير بالأمم المتحدة قبل الهجوم الأمريكي على العراق سنة 2003، فإنه يجب بذل جهود من أجل ضمان تطبيق القانون الدولي، وهو الهدف الذي يبدو صعب المنال لأن عالم اليوم يتميز برغبة دائمة في حمل السلاح والذهاب نحو التطرف.

وتحدث دوفيلبان بإعجاب عن جهود الجزائر في مجلس الأمن، مبرزا وجود تحولات عميقة، مثل ما يحدث في  الجامعات الأمريكية، وهو ما وصفه بالواقع الجديد. كما أعرب عن ارتياحه لأن “العديد من الدول تعترف بالدولة الفلسطينية”. ومع ذلك، أعرب الرجل عن قلقه من اليوم التالي للحرب، “لأنه سيكون من الضروري معرفة كيفية إدارة الأراضي الفلسطينية، مع العلم أن إسرائيل تريد الاحتفاظ بالسيطرة عليها”، وفق ما قال.

كما أشار المسؤول الفرنسي السابق إلى الدور الذي يجب أن تلعبه أفريقيا في مواجهة صعود كتل جديدة في العالم، منتقدا وجود “نوع من العزلة بين دول القارة”. ولفت إلى أن الدول الأفريقية ستكسب كثيرا إذا رفعت الحواجز وشاركت البنية التحتية ووسعت قواعد التبادل وطرق الاستهلاك. وحثّ في هذا الإطار على إنشاء منظمات إقليمية أفريقية جديدة، حتى ولو على نطاق ضيق، بين بلدين أو ثلاثة، من أجل إزالة الحواجز القائمة بين بلدان قارة تزخر “بثروات هائلة لا نعرف إلا جزءا منها”.

وحظيت محاضرة دوفيلبان باهتمام كبير، فقد شهدت مشاركة مجموعة من الشخصيات السياسية والعلمية، مثل وزير التعليم العالي والبحث العلمي كمال بداري، ومستشارين في رئاسة الجمهورية، ورؤساء لجان من المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، ومديري الجامعات والمدارس العليا، ومحامين وقضاة، وطلاب، بالإضافة إلى سفير فرنسا في الجزائر، ستيفان روماتي، وسفير الجزائر في فرنسا، سعيد موسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول كريم المغربي:

    الغريب أن رئيس الحكومة الفرنسية يستعد خلال هذه الأيام لزيارة مهمة للمغرب استعدادا لزيارة الرئيس الفرنسي للمغرب في خريف هذه السنة والتي ينتظر منها الإعتراف الصريح من ماكرون بمغربية الصحراء وتدشين مشاريع عملاقة بما في ذلك المناطق الصحراوية المغربية

    1. يقول تغريد_جيرونا:

      عشم إبليس في الجنة … فرنسا خبيثة و لا تؤتمن و تستغل الظرف لانتزاع مكاسب هارجية لمواجهة ااجبهة الداخلية فقط. هذه 40 سنة و لم ير النغرب شيئا على أرض الواقع

    2. يقول مراد:

      لماذا الامر غريب ؟

    3. يقول لاعق اليد:

      لولا مساعدة فرنسا عسكريا و سياسيا في المحافل الدولية للمغرب لإستقلت الصحراء الغربية منذ زمان.

  2. يقول Ali:

    رجل شريف

    1. يقول عبد الرحيم المغربي.:

      ولكن الحماية لم تطلب ولكن فرضت بالحديد والنار..كما حصل لليابان والمانيا بعد الحرب العالمية الثانية..وهو نظام يفرض لمعاقبة الدول التي حاربت الدول الإستعمارية الكبرى..والثورات التي قامت ضد الاحتلال أو الحماية الفرنسية والاسبانية لم تحصل في غيرها…ويمكن الرجوع إلى سيرة الريسوني وماء العينين والخطابي وباسلام والزياني والزرقطوني والفطواكي وايت يدر وغيرهم…ومعارك أنوال وبوغافر والاطلس وشفشاون وايفني واجدير والساقية وغيرها…

  3. يقول المستقل:

    فرنسا جرائمها في كل من تونس والجزائر وموريتانيا والمغرب ولماذا فقط الجزائر تريد من فرنسا بالإستعراف بجرائمها والبقيه لأ

    1. يقول يوسف:

      لأن الدول التي ذكرتها كانت تحت الحماية الفرنسية وليس استعمار مثل الجزائر لكن الدول التي طلبت الحماية من من الله أعلم ربما من شعوبها

  4. يقول متابع:

    هناك صفقة تلوح في الافق ، اعتراف فرنسا بجرائمها في الجزائر و اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه ، مكاسب في الجزائر و أخرى في الرباط .

    1. يقول الحقيقة الساطعة:

      أمران لا يستقيمان….الجزاءر لا تساوم على مبادئها

  5. يقول القاضي دربالة:

    من خلال متابعتي لمواقف وتصريحات ومراحل تنشئة هذا الرجل دومينيك دوفيلبان رئيس الوزراء الأسبق الفرنسي وخاصة فيما تعلق بملف الذاكرة وجرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر أستطيع أن أجزم أنه يصلح ليكون الرئيس القادم لفرنسا وأعتقد أن له الشجاعة الكافية لمواجهة تاريخ فرنسا الاستعمارية وإحداث الفرق في العلاقات الثنائية مع الجزائر بالاعتذار عن جرائم الاحتلال الفرنسي من جهة وبناء جسور ثقة بين البلدين وعلاقات على أساس احترام السيادة والمصالح المشتركة من باب رابح رابح دون عقدة الاحتلال بالأمس وإملاءات الحنين لدولة المتروبول الكولونيالية البائدة ..

  6. يقول هيثم:

    كيف يمكن تفسير تصريحات السيد دو فيلبان الرجل المثقف و السياسي الذي شغل مناصب رئيسية في قمة السلطة الفرنسية على عهد الرئيس شيراك ؟ هل يوظف الرجل هذه التصريحات في أفق ترشحه الممكن و المستبعد أيضا للاستحقاقات الانتخابية في فرنسا سنة 2027 ؟ الاعتذار لجرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر ألا يواكبه نفس الاعتذار لباقي البلدان التي استعمرتها فرنسا في أفريقيا و آسيا و أمريكا و في كاليدونيا الجديدة التي تشهد حاليا انتفاضة الكاناك السكان الأصليين ؟ مؤكد أن الرجل بهذه التصريحات لا يسعى إللى ذغذغة العواطف في الجزائر . هل لهذه التصريحات خلفيات و أهداف غير معلنة أم أن دو فيلبان يتخذ موقفا موضوعيا من التوتر المتواتر الذي يشوب العلاقات الفرنسية الجزائرية حول الماضي الاستعماري و الذاكرة و الصفقات الاقتصادية و شؤون الهجرة و التأشيرات و الأمن و التجنيس و معاهدة 1968 ؟

    1. يقول غزاوي:

      إلى هيثم
      كما كان الفضل لثورة الجزائر في استقلال عديد الدول، وكان لها الفضل أن حراكها هو أول من رفع شعار”LA France DEGAGE”، سيكون لها الفضل أن تعترف فرنسا بجرائمها في باقي مستعمراتها.
      لذلك وجب علينا أن نقول مليون ونصف مليون شكر للجزائر والجزائريين.

    2. يقول غـزاوي:

      إلى هيثم
      كما كان الفضل لثورة الجزائر في استقلال عديد الدول، وكان لها الفضل أن حراكها هو أول من رفع شعار”LA France DEGAGE”، سيكون لها الفضل أن تعترف فرنسا بجرائمها في باقي مستعمراتها.
      لذلك وجب علينا أن نقول مليون ونصف مليون شكر للجزائر والجزائريين.

    3. يقول متابع غير محايد:

      الى غزاوي
      كان عليك على الأقل أن تضيف أن الجزائر استقلت ايضا بفضل مساعدة الاخوة الاشقاء و الجيران شرقا و غربا … من لا يشكر الناس لا يشكر الله .

    4. يقول غزاوي:

      …/…تتمة
      في مقال نشرته جريدة “الخبر” الجزائرية يوم: 22/05/2024، تحت عنوان:” المؤرخ ستورا يحسم الجدل حول أغراض الأمير”، جاء فيه ما نصه:
      في المقابلة الصحفية (مع الإذاعة الجزائرية)، تطرق ستورا الذي قضى فترة من شبابه في قسنطينة، إلى موضوع رقمنة 02 مليون وثيقة أرشيفية، الذي تم الاتفاق عليه في آخر اجتماع لـ “لجنة الذاكرة”، عقد في فرنسا. مشيرا إلى أنه “شهد تطورا ملحوظا، ومع ذلك فإن المسألة الشائكة المتمثلة في إعادة الوثائق الاصلية، تتطلب حلا. لهذا السبب نحتاج في فرنسا إلى قانون توافق عليه الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ”. وأعلن ستورا عن الاعداد لمشروع قانون يسمح بتسليم هذا الحجم من الأرشيف الخاص بالاستعمار، ولا يخص ذلك الجزائر، حسبه، وإنما مستعمرات إفريقية سابقة أخرى أيضا” انتهى الاقتباس
      وهذا فضل الجزائر على إفريقيا بدون مَن.

    5. يقول غزاوي:

      إلى متابع غير محايد
      أبدا، الجزائر لم تتنكر لإصداقاء ثورتها، دولا أو شخصيات، بل كرمتهم واعترفت بجميلهم، وأسدت لهم الأوسمة، وخلدتهم بتسمية شوارع ومؤسسات بأسمائهم.
      بدليل أن احد أجمل شوارع مركز الجزائر العاصمة يحمل اسم محمد الخامس.
      لكن ليس المساعدات من حرر الجزائر، إنما تضحيات أبطالها البواسل في ربوع الجزائر كلها، بل نقلوا الحرب إلى فرنسا نفسه وأطاحوا بجمهورياتها الرابعة.
      بدليل أن ديغول صرح يوم: 04/06/1954 من باريس قائلا ما نصه:
      “فرنسا تعتبر أن في كل الجزائر لا يوجد سوى فئة واحدة من السكان، لا يوجد إلا فرنسيين”.
      وانتهى به المطاف وصرح يوم: 05/09/1960، اقائلا ما نصه: ” هناك جزائر، هناك كيان جزائري، هناك شخصية جزائرية”.
      بل أن الجزائر زلزلت أركان “الإمبراطورية الفرنسية”، وشهد بذلك المجرم “راؤول صلان” القائد العام على القوات الفرنسية في الجزائر، الذي سمّى مذكراته بـ “نهاية إمبراطورية (La fin d’un empire)”.

  7. يقول أبو صهيب:

    الرأسمالية الغربية تقريبا في حالة انهيار تام نسبة النمو مثلا في منطقة اليورو تقريبا 0% او 0.4% على اكثر تقدير معناه المجتمع يشيخ ويسير نحو الإنقراض الإقتصاد لا ينمو لا مصانع تبنى ولا استثمارات …بعد جيل او جيلين سينتهى ما يسما الغرب …. في المقابل نجد نسبة النمو في الجزائر كمثال أكثر من 4% 75%شباب ..بمعنى أن فرنسا انتهى عهدها التحالف اليوم مع الصين وتركيا و روسيا ومهم جدا جوارك الأصيل ليبيا وتونس لبناء منطقة مزدهرة

  8. يقول زكرياء:

    دو فيلبان من مواليد المغرب وكأغلبية اليمين هو مع الاعتراف بمغربية الصحراء ، ربما يقترح حلا ، وهو اعتذار رسمي للجزائر عن جرائم فرنسا الءي طالما طالبت به الجزائر ، واعتراف صريح كذلك بمغربية الصحراء وانهاء المشكل الناتج كذلك عن تقطيع فرنسي/اسباني .. ارى ان دوفيلبان المعروف بدفاعه عن قضية فلسطين وعن موقفه الشهير ضد غزو العراق يستحق ان يكون في منصب الرئاسة الفرنسية

  9. يقول نجمة:

    رجل مثقف متزن يعلم ماذا يقول يتمتع بكارزما ملم بالقوانين لا يطمح الى الرجوع للسياسة و زيادة على هذا يحسب له دفاعه لمنع الغزو الامريكي للعراق و الان دفاعه عن حق الفلسطينيين لتقرير مصيرهم و ايقاف الحرب الهمجية الاسراءلية ضدهم رغم المضايقات التي تحيط به ترفع له القبعة

  10. يقول عادل:

    فرنسا لن تعترف بمغربية الصحراء مهما كانت الضغوطات

    1. يقول Nabil Bahij:

      لكنها اول دولة تعترف بالحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية وهاذا اعتراف بمغربية الصحراء

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية