تزايدت وتيرة التطبيع مع دولة الاحتلال في الآونة الأخيرة، الأمر الذي دفع بالمُطبّلين والمزمّرين إلى تقديمها على أنها دولة أساسية في الإقليم، وأنّ الدول العربية التي تقيم علاقاتٍ ما مع دولة الاحتلال ستكون دولاً رائدةً على كافة الصُّعُد، في حين ستُحاصَر وتنهار بقية الدول التي تحاول تهميشَها وإقناعَ مواطنيها أنّ دولة الاحتلال ماتزال هي العدو الحقيقي للشعوب العربية لاسيما الشعب الفلسطيني الذي دفع الفاتورة الأكبر في هذا الصراع.
الدوائر الأمنية
هذه النظرة سيطرت على عقول الكثيرين في الآونة الأخيرة، ولكنْ هلمّ بنا نستعرض على عَجَل، نظرة بعض الكُتّاب والمُحلّلين السياسيين لدى الاحتلال بخصوص هذا الأمر، فأهلُ مكّةَ أدرى بشعابها، ولهذا فإنّ شريحةً لابأس بها من هؤلاء أكدوا على النقاط التالية:
أولاً: إنّ هناك مخاوف دائمة لدى الدوائر الأمنية الإسرائيلية من جنوح الفلسطينيين نحو العمل المسلح ضد دولة الاحتلال، كبديل استراتيجي لعملية المفاوضات التي لم تحرر شبراً من الأراضي المحتلة، ولم تتمكن من لجم الاحتلال عن ممارساته العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، وهذا ما أوردته مؤخراً صحيفة «زمان إسرائيل» نقلاً عن الكاتب آوري بارزيل، وهو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية، والذي عبّر عن قلق بلاده من اندلاع انتفاضة ثالثة تهدد كيان دولته.
كما أكد الكاتب على رغبة الفلسطينيين في التحلل من كافة الاتفاقيات والمعاهدات الموقّعة مع دولته، وصولاً إلى مرادهم المتمثل في مواجهة دولة الاحتلال، على اعتبار أنّ مثل هذه الاتفاقيات، كاتفاقية أوسلو مثلاً، من شأنها أن تحدّ من شراسة المواجهة، كما بيّن أيضاً أنّ نسبة كبيرة من الفلسطينيين يؤمنون بفساد سلطتهم وبأنهم يحتاجون البديل المناسب للقيام بدوره على أكمل وجه.
فدولة الاحتلال الإسرائيلي التي يتهافت عليها المطبعون الجُدد من كل حدبٍ وصوب، هي ذاتُها التي تتآكل من الداخل، وترتعد من احتمال حدوث هبّة فلسطينية واسعة النطاق، تخرج عن السيطرة ولا تستطيع دولة الاحتلال ولا جهاز التنسيق الأمني في السلطة الفلسطينية من إيقافها، خاصّةً بعدما بدأت صفقة القرن تطفو على السطح، وتستهدف الحقوق والثوابت الفلسطينية وفي مقدمتها حق العودة المقدّس الذي لم ولن يسقط بالتقادم.
ثانياً: يحاول بعض الخبراء الإسرائيليين الانتقاص من شأن الإنجازات الفلسطينية، ليتمّ تقديمها في أوساطهم على أنها ليست منقصة من دولة الاحتلال، ولا ورقة قوة بيد الفلسطينيين، بل هي مجرد مصلحة شخصية للفصيل الفلسطيني الذي يضغط على دولتهم، ويُجبرُها على المثول لإرادته، فقد أشار الخبير الإسرائيلي في شؤون الحرب والأمن القومي كوبي ميخائيل، أنّ عملية تبادل الأسرى المزمع عقدُها بين حركة حماس ودولة الاحتلال، ليست انتصاراً للمقاومة أبداً، وليست مدعاةً للقلق في دولته، طالما أنّ حماس تهدف من خلال هذه الصفقة على حد قوله، إلى التخفيف من القلق بشأن فيروس كورونا، وإرسال إشارة تفيد أنها ماتزال تسيطر على الوضع الميداني وتعزز ثقة الجماهير بها، في حين تعلم دولة الاحتلال يقيناً أنّ هذه العملية ستكون بمثابة ورقة رابحة وعامل ضغط قوي بيد حماس، لكنها تريد من خلال هذا التزوير أن تتمالك نفسها أمام جمهورها ومُنَاصريها، ولهذا راحت تسخّر بعض المُحلّلين أمثال إيدي كوهين ومن لف لفيفه، لتنصيع صفحتها والتقليل من الدول العربية لاسيما دول الطوق التي تشكل مصدرَ قلقٍ للاحتلال.
تعددت الأسباب لكنّ الفاعل واحد
ثالثاً: يُقِرّ بعض الكُتّاب الإسرائيليين عدم جدوى كافة الأساليب الوضيعة التي تنتهجها دولة الاحتلال في تخريب بعض الدول العربية، سواءً أكان هذا التخريب في الماضي أم في الزمن الحاضر، إذ أنّ الأسباب تعددت لكنّ فاعلها واحد، ألا وهو الاحتلال الإسرائيلي.
فالمؤلف الإسرائيلي يوسي ميلمان، صاحب كتاب «الجواسيس فشلة»، كان قد سلط الضوء على فشل الجواسيس المصريين الذين كانوا يعملون لصالح دولة الاحتلال في زمن جمال عبدالناصر، وهذا الفشل هو الذي أدى آنذاك إلى استقالة وزير الدفاع، بعدما فُضِحت أساليب الاستخبارات الإسرائيلية المتمثلة في تسميم الآبار وتزوير النقود وترويج المخدرات والاغتيال السياسي والتجسس على عدد من الدول العربية، وتجنيد العملاء لتنفيذ أعمال التخريب والعمليات الخاصة.
و في منطق الدولة، إنّ أي مؤسسة تقوم على مثل هذا النوع من الفساد مصيرُها السقوط في الهوة التي حفرتها بيدها، فكيف هو الحال إذاً بدولة كاملة قائمة على مثل هذا النوع من الأخلاقيات التي تُنْبِئ بنسبة الخراب الكبيرة التي قامت على أنقاضها دولة الاحتلال، وذلك على حساب الشعب الفلسطيني صاحب التاريخ الأصيل والحضارة العريقة.
رابعاً: البُشرى الأهم في هذا الموضوع ليست حديثة العهد بل هي قديمة ولكنها تتجدد، فزوال دولة الاحتلال أمرٌ يقلق أصحاب النظرة الموضوعية عند الاحتلال الإسرائيلي، الذين ينظرون إلى دولتهم نظرة عادلة من كافة الجهات، ليجدوا أنّ دولتهم قائمة على سلب الحقوق ونهب الثروات الفلسطينية، وما بُنِيَ على باطل فهو باطل، فالكاتب الإسرائيلي آري شبيط كان قد كتب مقالاً في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عَنوَنَهُ على الشكل التالي: دولتُنا تلفظ الأنفاس الأخيرة، وصدقَ المثل الشعبي حين قال: المكتوب واضح من عنوانه، فلا داعي لترجمة المقال وقراءته طالما أنّ العنوان يَشِي بأشياء كثيرة، لكنْ أجملُ ما فيه أنّ الكاتب الإسرائيلي بعث في نفوسنا أشياء كثيرة عندما طلب من الإسرائيليين أن يرحلوا ويبحثوا عن الوطن البديل، ويراقبوا من بعيد وبصمتٍ مُطبِق انهيارَ دولتهم على رؤوس الأشهاد.
كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
هي دولة طارئة مصيرها الزوال
نحن متأكدون من نصر الله لعباده المظلومين ولكن مع الأخذ بأسباب النصر والتمكين (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) ومع ذلك أغود وأقول في مثل هكذا مقالات حول زوال إسرائيل كأنها مقالات لتجعل منا نحن العرب والمسلمون مطمئنون تماما باعتبار أن إسرائيل منهارة حتما وبدون مقدمات لذلك فلننظر بعين متقدة ألا تدعوا مثل هذه المقالات للريبة خاصة في مثل هذا التوقيت والظروف؟؟
النصر بإذن الله قادم بنصر الله في العمل وفق سنن النصر وليس بدونها النصر بالجد والتخطيط والتواصي بالحق والتواصي بالصبر..